تعليقات على سنن الترمذي ( 94 ) حديث ( 412 )

تعليقات على سنن الترمذي ( 94 ) حديث ( 412 )

مشاهدات: 480

شرح سنن الترمذي

 

الحديث ( 412)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

بَابُ مَا جَاءَ فِي الِاجْتِهَادِ فِي الصَّلَاةِ

 

412 – حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، وَبِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى انْتَفَخَتْ قَدَمَاهُ»، فَقِيلَ لَهُ: أَتَتَكَلَّفُ هَذَا وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ: «أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا» ))

 

 [ قال ] وَفِي البَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةَ،: «حَدِيثُ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ»

 

 

صحيح

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

هذا الحديث وهو حديث المغيرة قال عنه الترمذي هنا حسن صحيح

وهو في الصحيحين البخاري ومسلم وقال ورد من حديث عائشة ، نعم ورد عند البخاري

وقال ورد من حديث أبي هريرة وهو عند النسائي

 

من فوائد هذا الحديث :

ـــــــــــــــــ

 

بيان حرصه عليه الصلاة والسلام على ما يقربه إلى ربه مع علو منزلته ورفعة درجته ومغفرة ذنوبه إلى درجة أنه كان يطيل في صلاته حتى تتفطر قدماه

قال هنا  : ” حتى انتفخت “

في رواية في صحيح البخاري ” حتى ترم قدماه ” من الورم

وورد عند النسائي من حديث أبي هريرة  : ” حتى تزلع قدماه “

وورد : ” حتى تتشقق قدماه “

 

فهل هناك تعارض ؟

 

لا تعارض لأنها إذا انتفخت القدمان هذا هو التورم تورمت يعني انتفخت انتفخت تورمت  :

فلما بلغت التورم والانتفاخ تشققت وتزلعت التشقق هو التزلع حتى تزلع قدماه

نحن في  لهجتنا العامية الواحد إذا سقط فانجرح شيء من جسمه مثلا الرجل ماذا نقول ؟

نقول انزلغت رجله بالغين

فعلى كل حال انظروا إلى حاله عليه الصلاة والسلام يطيل الصلاة والقيام حتى يحصل لقدميه ما يحصل لهما

 

وجاءت رواية بالشك ” قدماه أو ساقاه ” ولكن البخاري أثبتها بدون شك فإن أتت كلمة أو ساقاه بناء على الشك أو بناء على أنها ليست للشك وإنما تكون بمعنى الواو حتى تنتفخ قدماه وساقاه فلا تعارض   لم ؟

لأن الانتفاخ من القدم بلغ جزءا من الساق

 

ورد تتفطر  بتاءين

وورد تفطر بحذف التاء  

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــ

 

ألا يقول قائل :

 إن صنيعه عليه الصلاة والسلام حتى يبلغ منه الألم والورم في قدميه إلى هذه الدرجة ألا يكون هناك تشديد على النفس حتى يتضرر بدنه ؟

 

فلقائل أن يقول سأصنع صنيع النبي عليه الصلاة والسلام وأقتدي به وأصلي حتى تتفطر قدماي ولو أضر ذلك بالبدن ولذلك قالها بعض العلماء كابن حجر المكي يقول بهذا يقول فإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يصلي ويقينا غفر له ذنبه فكيف بمن لا يعلم بحاله يقول ولو أضر ببدنه

 

ابن حجر المصري يعلق يقول : إذا لم يكن هناك ملل ” لأنه لا يقاس بالنبي عليه الصلاة والسلام لأنه عليه الصلاة والسلام يصلي هذه الصلاة ولا يعتريه ملل وكيف يعتريه ملل وقد جاء عند النسائي قوله  جعلت قرة عيني في الصلاة “

 

والصواب :

 

أن الإنسان عليه أن يجتهد في العبادة وكل بحسبه  شريطة ألا يضرببدنه وألا يدعوه ذلك إلى السأمة والملل للأحاديث الأخرى

 ” إن الله لا يمل حتى تملوا ”

وقال : ” اكْلَفُوا من العمل ما تُطِيقون “

والمقصود من هذا النافلة أما الفريضة فإنه محتم فعلها ولا يقاس عليه الصلاة والسلام بغيره

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــ

 

أنه طرح عليه هذا السؤال كيف تصنع هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟

هذا سؤال ما ينبغي أن يطرح هم سألوا ولهم ذلك لكن هو عليه الصلاة والسلام رد على بعض الصحابة لما قالوا أنت رسول الله فماذا قال ؟

قال : ” أنا أخشاكم لله وأتقاكم له “

فلا يعني أن العمل الصالح يراد منه فقط مغفرة الذنب ، لا ، وإنما لو غفر الذنب فهناك أمر عظيم وهو أن تشكر الله جل وعلا كما صنع عليه الصلاة والسلام فقال  : ” أفلا أكون عبدا شكورا “

يقول صحيح أنه قد غفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر ولكن أفلا أكون عبدا شكرا

 

وهنا تأتي الفائدة :

 

أفلا   : همرة الاستفهام دخلت على الفاء العاطفة فتكون هناك جملة:  أأترك صلاة التهجد فلا أكون عبدا شكورا

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــ

 

أنه قال بعض العلماء كابن كثير كل حديث فيه بيان فضل لعمل من الأعمال رتب على هذا الحديث مغفرة الذنوب المتقدمة والمتأخرة فإنه  لا يصح لم ؟

لأن من غفر له ذنوبه المتقدمة والمتأخرة هو النبي عليه الصلاة والسلام كما بين جل وعلا في سورة الفتح ( ( لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ))

 

وإن كانت هناك بعض الأحاديث فيها ما فيها لكن إن جاء وقتها إن شاء الله تحدثنا عنها

 

ومن الفوائد :

ـــــــــ

 

أن الشكر أعظم ما يكون بالعمل

ولذلك قال تعالى : (( اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) ))  يعني قليل من يشكر بالعمل فدل هذا على أن الشكر كما يكون باللسان يكون أيضا بالعمل الدليل هنا هو صلى قالوا كيف وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فماذا قال ؟ ( أفلا أكون عبدا شكورا )

 

فكما أن الشكر يكون باللسان يكون بالعمل بل هو أعظم لأن القول سهل لكن العمل صعب فإذاً إذا أردت أن تلقي كلمة أو توجيها فبينت أن الشكر يكون بالعمل نحن نستدل دائما (اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) ) أضف إلى هذه الآية هذا الحديث :” أفلا أكون عبدا شكورا “

 

ومن الفوائد :

ـــــــــ

 

الرد على الصوفية الذين يعبدونه عليه الصلاة والسلام بالاستغاثة به والدعاء له كما يدخل في ذلك الرافضة كيف كيف يعبد من هذه عبادته لله

كيف يستغاث كيف يدعى من هذه عبادته لله جل وعلا

ولذلك ماذا قال ؟

( أفلا أكون عبدا شكورا ) عبدا أول ما قدم العبوية لأنها أعظم وصف يوصف به عليه الصلاة والسلام

 

ولذلك في أحاديث كثيرة كماعند البخاري : (( ” لا تطروني ـ يعني لا تمدحونني ولا تبالغون في مدحي ـ لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ))

 

فوصف بالعبودية أعظم ((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ))   في مقام الإسراء

في مقام المعراج ((فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10)  ))

في مقام الدعوة : ( (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ))

في مقام تنزيل القرآن ((تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ))

في مقام التحدي : ((وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ))

 

ومن الفوائد:

ــــــــــــــ

 

أن جمع كلمة عبدا وشكورا مع بعض تدل على ماذا  ؟

 

تدل على أن من صفات العبد الشكر وتدل على أن أعظم ما يشكر الله به أن جعلك عبدا له (( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) ))

فيه الرد على الصوفية لأنهم يقولون إذا بلغ الإنسان مرتبة من العبادة  وهي مرتبة اليقين عندهم فإن التكاليف تسقط عنه ،  سبحان الله !

لم تسقط عنه عليه الصلاة والسلام وهو أعظم منكم عبادة وقربا إلى الله عز وجل