تعليقات على سنن الترمذي ( 97 ) حديث ( 413 ) الجزء الثالث

تعليقات على سنن الترمذي ( 97 ) حديث ( 413 ) الجزء الثالث

مشاهدات: 480

شرح سنن الترمذي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحديث ( 413) الجزء الثالث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري

305 – بَابُ مَا جَاءَ أَنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ الصَّلَاةُ

 

413 – حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ  بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي قَتَادَةُ، عَنْ الحَسَنِ، عَنْ حُرَيْثِ بْنِ قَبِيصَةَ، قَالَ: قَدِمْتُ المَدِينَةَ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا صَالِحًا، قَالَ فَجَلَسْتُ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقُلْتُ: إِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِي جَلِيسًا صَالِحًا، فَحَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ،

 فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ، قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ “

 

 وَفِي البَابِ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ،: «حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الوَجْهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَدْ رَوَى بَعْضُ أَصْحَابِ الحَسَنِ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ حُرَيْثٍ، غَيْرَ هَذَا الحَدِيثِ وَالمَشْهُورُ هُوَ قَبِيصَةُ بْنُ حُرَيْثٍ»

وَرُوِي عَنْ أَنَسِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوُ هَذَا

 

قال أبو عييسى :

حديث أبي هريرة حديث حسن غريب من هذا الوجه

صحيح

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

من فوائد هذا الحديث :

ـــــــــــــــ

 

أن المحاسبة هنا محاسبة للمؤمن لأن بعض الروايات صرحت بذلك وهنا فذكر العبد المقصود منه المؤمن الذي يصلي أما الذي لا يصلي فإنه لا يسأل وإنما تحسب عليه أعماله ثم يلقى في النار

ومحاسبة المؤمن محاسبة يسيرة و لذلك لما قال عليه الصلاة والسلام :

من نوقش الحساب عذب ”  فقالت عائشة يارسول الله ألم يقل الله عز وجل عن المؤمن : ((فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) )) فقال عليه الصلاة والسلام : ذاك هو العرض

يعني لا يدقق عليه

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــ

 

أن المحاسبة أول ما تقع كما أسلفا هنا عن الصلاة وورد في الصحيحين من حديث ابن مسعود ” أول ما يقضى في الدماء “

ذكرنا توجيهات أليس كذلك ؟ بلى

 

من بينها :

 

أن أولوية المحاسبة على الصلاة لأنها من حقوق الله بينما الدماء لأنها من حقوق الآدميين

 

أيضا أن الصلاة خاصة بفعل الطاعات بينما الدماء بفعل السيئات

 

أيضا الصلاة لأنها أهم العبادات ورأس العبادات بعد التوحيد

وأما بالنسبة إلى الدماء فإنها أعظم جريمة بعد الشرك بالله

والدليل قوله تعالى في سورة الفرقان  : (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68))

 

أيضا أن الصلاة إذا تركت وهي عمود الدين فإذا تركت هدم الدين والدماء إذا استبيحت هدمت المجتمعات

 

لأن من ترك الصلاة فهو خليق بأن يستبيح كل شيء ومن بينها الدماء لأن الصلاة كما قال تعالى : (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)

 

ومما يدل على أهمية هذين الأمرين  :

 

أنه جاء في سنن النسائي  من حديث ابن مسعود الجمع بينهما أول ما يحاسب عنه العبد الصلاة وأول ما يقضى في الدماء

 

فجمع بينهما فدلالة الجمع بينهما يدل على أنه لا تعارض بينهما

 

وهنا فائدة لطيفة :

 

وهي أن قوله عليه الصلاة والسلام :

 

(( ” أول ما يقضى بين الناس في الدماء ” ))

قال بين الناس فدل هذا كما ذهب بعض أهل العلم إلى أن القضاء لا يكون إلا في الآدميين أما الدواب فلا قضاء لظاهر هذا الحديث

 

ولكن ليس فيه دلالة فإنه أثبت هنا القضاء في حقوق الآدميين ولم ينف أن يكون بعد ذلك قضاء بين الدواب والبهائم وقد جاءت النصوص الشرعية ببيان ذلك وأن القضاء حاصل بين البهائم إذا ظلم بعضها بعضا

 

هناك حديث :

 ( اتقوا البول فإنه أول ما يسأل عنه العبد في قبره )

سبحان الله !

قال المنذري في الترغيب : ”  إسناده لا بأس به وهو عند الطبراني

وكذا قال الهيثمي في مجمع الزوائد قال رجاله موثقون “

وأشار إلى تحسينه المناوي في  فيض القدير

 

سبحان الله ! كيف يكون  هذا ؟

 

قال المناوي في فيض القدير في شرح الجامع الصغير للسيوطي

قال  لماذا البول ؟

لأن التطهر من البول شرط من شروط صحة الصلاة فإنه في أول ما يفارق هذه الدنيا يحاسب عن مبدأ صحة هذه الصلاة ثم إذا بعث فإنه في قبره يسأل عن شرط صحة الصلاة ثم إذا بعث من قبره يسأل عن الصلاة ذاتها

فهو إذاً محاسب عن الصلاة وعن شرطها

 

لكن لو قال قائل :

 

الذي ثبت في النصوص أن منكر ونكير لا يسألان العبد إلا ثلاثة أسئلة  : من ربك ما ينك من نبيك ؟

 

فالجواب والجواب في الفيض :

 

الجواب :

 

أن السؤال يقع من منكر ونكير لهذه الأسئلة الثلاثة لكن لا يعني أن يكون بعدها من الملائكة من يسأله عن عدم اتقائه للبول

 

وليعلم :

أن النبي عليه الصلاة والسلام حذر من التهاون في البول :

في حديث ابن عباس  :

(( ” إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله ” ))

وقال عليه الصلاة والسلام  : ( استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه )

لكن قال الألباني في السلسلة الضعيفة قال : ”  إن قول المنذري بإسناد لا بأس به يدل على أن هناك ضعفا فيه بل إن عبارة الهيثمي رجاله موثقون “

 

ولم يقل ثقات يدل على أن هناك فيه من هو ضعيف ويقول يبدو أن هؤلاء حسنوه لما رأوا أنه من رواية إسماعيل عن أيوب قال فلربما أنهم توهموا أنه إسماعيل الذي يقال عنه ابن علية فإنه روى عن أيوب السختياني فظنوا أنه هو أن المقصود من أيوب هذا هو أيوب السختياني لكني اطلعت على سند فوجدت فيه أن إسماعيل هذا هو الترجماني من رجال النسائي ولا بأس به لكن أيوب هذا هو أيوب بن مدرك ليس بالقوي

 

فانتفى أن يكون أنه أيوب السختياني والذي رواه عنه إسماعيل بن علية وليس هذا هو المراد

 

ويقول : لن تجده إلا في هذا الموضوع ويقول وهذا يدل على أهمية تتبع طرق الحديث ، ومعرفة هوية رجاله فإنه يفيد طالب العلم ، ولذا جمهور من يعنى بهذا العلم يقول هم لا يتتبعون طرق الحديث وبالتالي وقعوا في مثل ما وقعوا فيه .

 

نصيحة لمن يشتغل في علم الحديث في هذا العصر  :

 

أنه لا  يبني على السند من حين ما يرى روى فلان عن فلان فيقول الحديث فيه كذا وفيه كذا وهذا يحتاج إلى جهد ليس بالسهولة

 

وأيضا كون الصلاة أول ما يسأل عنها لأنها آخر ما يفقد من الدين كما جاء بذلك الحديث الصحيح : ( أول ما تفقدون من دينكم الأمانة وآخرها الصلاة )

 

وإذا كان كذلك فإنه يدل على أنه من علامات الساعة أن يتهاون في الصلاة وهذا موجود في هذا العصر وخصوصا في هذه السنوات التي انفتحت وسائل التواصل أمام الناس حتى على مستوى البيوت التي بها صلاح وخير سهر بالليل إلى قبيل الفجر حتى من في المرحلة الابتدائية وإذا به ينام عند قبيل الفجر فيكف يصلي ؟

وإذا أتى إلى المدرسة أتى وهو منهك وإذا خرج من المدرسة إذا به ينام الظهر مع العصر مع المغرب مع العشاء هذا في المرحلة الابتدائية

 

إذاً من هو في المرحلة المتوسطة أعظم من هو في المرحلة الثانوية أفظع لأنه إذا لم يكن هناك سيطرة على من هو في المرحلة الابتدائية فكيف تسيطرعلى من في المرحلة الثانوية ؟ رجل أتضرب رجلا تطرد رجلا في مثل هذا الزمن ؟ فيأخذه أهل الشر

فالأمر خطير

 

ولذلك انظر آخر ما يفقد من الدين الصلاة وأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الطلاة

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــ

 

أن قوله : ( فإن صلحت فقد أفلح وأنجح ) هنا فيه فائدة وهي تحقيق نجاح وفلاح من أحسن في صلاته وأتى بها يوم القيامة وهي تامة

لكن كيف يتمها ؟

الطريقة التي بها تتم الصلاة أو السرع طريقة هو استحضار القلب الخشوع فيها

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــ

 

أن قوله ( أفلح وأنجح ) ما هو الفلاح ؟

الفلاح : هو النجاح وعرفنا الفلاح وهو حصول المطلوب وزوال المكروه فمن حصل له مطلوبه ومبتغاه وزال عنه المكروه والبلاء فهو المفلح

 

ولذا :

قال بعض العلماء : ” إن كلمة أنجح تأكيد لكلمة أفلح “

وقال بعض العلماء : إن معنى أفلح زال عنه الكروه وأنجح معناه حصل له المطلوب

 

ومن الفوائد :

ــــــــــ

 

وهذا يفيدنا في تتبع الروايات من حيث المتون والأسانيد

قال هنا ” أول ما يحاسب من عمله صلاته “ ورد عند النسائي ” أول ما يحاسب عنه العبد بصلاته ”

وهنا بدون باء فدل على أن الباء التي في كلمة صلاته التي في النسائي زائدة من حيث الإعراب لكنها مفيدة من حيث التأكيد

 

وهي قاعدة :

ـــــــــ

أي حرف يقال حرف زائد فاعلم بأنه يقوي الحكم فيدل على أن الصلاة من باب التأكيد أنها أول ما يحاسب عنه العبد

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــ

 

على المسلم أن يحرص على إصلاح صلاته لأن بها الفلاح ولذلك أتت ( إن الشرطية ) فنجاحك يوم القيامة مشروط بصلاح صلاتك فإن صلحت فقد أفلح وأنجح

الضبط في الحديث هنا بضم اللام فإن صلُحت وليس بالفتح فإن صلحت  فهناك فرق

فرق بين صلُح وصلَح

صلح : بدأ في الصلاح

صلُح يعني تم صلاحه

مثل كلمة فقه فقه فقه

فقِه

فقَه

فقُه

فقِه الرجل بكسر القاف يعني في بداية الفهم

فقَه الرجل يعني قوي فهمه

فقُه بضم القاف يعين صار الفقه سجية له

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــ

 

أن من فسدت صلاته فقد خاب وخسر

فخيبة العبد وخسرانه واقعة بفساد صلاته

 

ما معنى خاب وخسر ؟

 

خاب وخسر لماذا أتي بخاب وخسرلأنه قد يخيب الإنسان ولا يخسر قد يخيب في فعل ما لكنه لا يسخر لكن لما أتى بكلامة خسر دل على أنه لم يصل إلى ما يريد ووقع عليه ما لا يريد

فقد خاب في تحصيل مطلوبه وخسر في وقوع المركوه عليه

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــــ

 

أنه متى ما صلحت صلاته نظر في أعماله الأخرى وإذا لم تصلح هذه الصلاة فإنه ينظر في حالها

وما يكون لدى الإنسان من نافلة وتطوع

 

ومن الفوائد:

ـــــــــــــــ

 

أنه إذا فسدت صلاة العبد يقول الله تعالى للملائكة : ” انظروا هل لعبدي من تطوع ”

الله جل وعلا يسأل

 

في البلاغة  :

تعريف الاستفهام هو طلب العلم بالشيء المجهول بإحدى أداوت الاستفهام

والله عز وجل مطلع على كل شيء ، لكن الاستفهام قد يخرج عن معناه الحقيقي لأغراض هنا خرج لأن الله أعلم ومطلع ( هل لعبدي من تطوع )

الاستفهام هنا خرج عن أصله لغرض ، والأغراض  لا تحصر في أشياء معينة وإنما هي ترجع إلى ذوق من حببت إليه البلاغة وعرف النحو فيستنبط ما هو مناسب لهذا السياق

أظن أن الاستفهام هنا لتفخيم أمر التطوع قال : ( هل لعبدي من تطوع )

يدل على أن هذا الاستفهام لتعظيم أمر التطوع

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــ

 

أن كلمة  “تطوع “ جاءت في سياق الاستفهام وهي نكرة فتفيد أي تطوع قام به أي تطوع من ضحى من رواتب من قيام ليل من تحية المسجد من سنة الوضوء من ركعتي الطواف من تطوع ولو كان مطلقا

 

ولذا :

من باب التأكيد أتى بكلمة ” من الزائدة “ للتنصيص على العموم أي تطوع ونص على العموم بزيادة من وإلا فالأصل هل لعبدي تطوع ؟

فأتت هنا من الزائدة

وتعرب هكذا :

تطوع : مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجرالزائد

((هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ))

هل  : استفهام

من خالق   : من زائدة لو كان في غير القرآن هل خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض