تعليقات على سنن ( النسائي ) ـ الدرس الأربعون حديث ( 442 )

تعليقات على سنن ( النسائي ) ـ الدرس الأربعون حديث ( 442 )

مشاهدات: 450

تعليقات على سنن ( النسائي  ) ـ الدرس الأربعون

حديث ( 442 )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

فقد قال المصنف رحمه الله :

[ باب الأمر بالوضوء من النوم ]

حديث رقم – 442-

( صحيح ) أخبرنا قتيبة قال حدثنا داود عن عمرو عن كريب عن بن عباس قال :   صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقمت عن يساره فجعلني عن يمينه فصلى ثم اضطجع ورقد فجاءه المؤذن فصلى ولم يتوضأ ) مختصر .

من الفوائد :

هذا الحديث وهو حديث ابن عباس رضي الله عنهما اختصره النسائي رحمه الله ، وإلا فله أحداث لابن عباس رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة ، فاختصر النسائي رحمه الله على ما هو مقصود وهو ” هل النوم ناقض للوضوء أم لا ؟ “

ومن الفوائد :

بيان حرص الصحابة رضي الله عنهم كبيرهم وصغيرهم على فعل الخير ، فابن عباس رضي الله عنهما كان صغيرا آنذاك ، ومع ذلك لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قام فصلى معه ، ولعل الحديث الوارد عنه عليه الصلاة والسلام عند مسلم ( أفضل الصلاة صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة ) لعل من المقصود أن يتربى أهل البيت الصغير والكبير على العبادة ولاسيما الصغار ، وهذا مشاهد ومحسوس ، فإذا صلى الأب في بيته نافلة أتى الصغير الذي لم يبلغ سن التمييز فاصطف مع والده وصلى ، إضافة إلى ما يحصل من الصلاة في البيت من البركة ، وأن البيت لا يكون كالقبور ، فهناك فوائد متعددة من صلاة النافلة في البيت .

ومن الفوائد :

أن ابن عباس رضي الله عنهما أحرم بالصلاة عن يسار النبي عليه الصلاة والسلام ، فأقامه عليه الصلاة والسلام من الخلف وجعله عن يمينه ، فلو صلى إنسان عن يسار الإمام أتصح صلاته أم لا ؟

نقول : لتعلم أن الإمام مع المأمومين له  حالات، وهي مرتبة على حسب الأفضلية :

الحالة الأولى : أن يكونوا خلفه ، وهو الأفضل .

الحالة الثانية : أن يُصلى عن يمينه وعن يساره ، فإذا صُلي عن يمينه فلا جناح ولا تثريب على من صلى عن يساره ، فإذا وجد أحد عن يمينه فلا تثريب ولا تأثيم على من صلى عن يساره .

الحالة الثالثة : أن يُصلى عن يمينه مع خلو يساره .

الحالة الرابعة : لو صلى عن يسار الإمام مع خلو يمينه ؟

قال بعض العلماء : لا تصح الصلاة ، لم ؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقر ابن عباس رضي الله عنهما .

وقال بعض العلماء : إن الصلاة صحيحة ولكنه ترك الأفضل ، لم ؟ لأنه عليه الصلاة والسلام لما أحرم ابن عباس رضي الله عنهما وكبَّر تكبيرة الإحرام وتكبيرة الإحرام أعظم أركان الصلاة ، وقد وقعت لما كان ابن عباس عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم فأقره النبي صل الله عليه وسلم على إتمام صلاته ، ومعلوم أن تكبيرة الإحرام لو لم تصح لما انعقدت صلاته ، فكونه عليه الصلاة والسلام يقر ابن عباس رضي الله عنهما على المضي في الصلاة يدل على أن الصلاة عن يسار الإمام مع خلو – لابد من هذا القيد – مع خلو يمينه تكون الصلاة صحيحة لكنه ترك الأفضل .

الحالة الخامسة : لو صلى أمام الإمام ، هل تصح الصلاة ؟

ثلاثة أقوال ، قيل بصحتها مطلقا .

وقيل : بعدم صحتها مطلقا .

والصواب كما قال شيخ الإسلام رحمه الله /  إذا وجدت الضرورة فلا بأس أن يصلى قُدام الإمام .

ومن الفوائد :

أن بعض العلماء استدل به على أن صلاة المنفرد خلف الصف صحيحة ، أين مكمن الاستشهاد ؟

قالوا : لأنه عليه الصلاة والسلام أدار ابن عباس من خلفه ، فمضى وقت من الصلاة وابن عباس خلف النبي صلى الله عليه وسلم

ولكن الصواب / أن الصلاة خلف الصف لا تصح إلا إذا كان هناك عذر ، فالمسألة فيها ثلاثة أقوال :

قيل بعدم الصحة مطلقا .

وقيل : بالصحة مطلقا .

وقيل : بالصحة إذا وجد عذر وهو الأقرب ، وهو رأي شيخ الإسلام رحمه الله ، ولعل الأدلة تأتينا في بيان ذلك .

*فمن قال إن صلاة المنفرد خلف الصف جائزة من أدلته هذا الحديث ، ونحن نقول هذا الدليل ليس بدليل ، لم ؟

لأن صلاة المنفرد خلف الصف لا تصح فيما لو رفع الإمام من الركوع ولم يزل  فذَّا ، وأما هنا فالنبي عليه الصلاة والسلام ما زال قائما .

*ثم إن هذا التحول لا يصدق عليه أنه انفراد وإنما هو انتقال من حال إلى حال .

 

ومن الفوائد :

أن الحركة في الصلاة ولو زادت عن ثلاث لا تبطل الصلاة ، لأنه من المعلوم أن هذه الإقامة من النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس من يساره إلى يمينه أكثر من ثلاث حركات ، خلافا لمن أبطل الصلاة ،قال لأن أقل الجمع ثلاثة ، فإذا كانت ثلاث حركات فأكثر بطلت الصلاة .

والصواب عدم ذلك ، وهذا الحديث وغيره من الأدلة يرد عليهم .

ومن الفوائد :

أن اختلاف نية الإمام والمأموم لا تؤثر ، لم ؟ لأن النبي عليه الصلاة والسلام لما دخل الصلاة دخلها على أنه منفرد ثم بعد ذلك اختلفت النية فانتقلت نيته من الانفراد إلى الإمامة .

إذاً لو صلى شخص صلاة العصر خلف من يصلي الظهر أو العكس أو صلى المغرب خلف من يصلى العشاء فلا بأس ، فاختلاف نية الإمام مع نية المأموم لا تؤثر .

لو قال قائل : إن حديث النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين ( إنما جعل الإمام فلا تختلفوا عليه ) ؟

فيقال هذا الحديث لا يؤخذ به وحده وإنما يؤخذ بالأحاديث الأخرى منها هذا الحديث فاختلفت النية ، ثم إن حديث ( إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه ) لم يقال ( فلا تختلفوا عنه ) يعني لا تتجاوزه أبدا لا في الحركات ولا في الأقوال ولا في النية ، ولذا أتى بعدها بالأفعال ( فإذا كبَّر فكبروا ، وإذا ركع فاركعوا ، وإذا سجد فاسجدوا ) .

إذاً هذا الحديث دليل لمن قال إن اختلاف نية الإمام مع نية المأموم لا تؤثر في الصلاة وهو الصواب .

من يقول بأنها تؤثر يقول : إن النبي عليه الصلاة والسلام كان عنده علم من أن ابن عباس رضي الله عنهما كان سيدخل معه.

لكن نقول : أين الدليل ، فابن عباس صغير ، والصغير ما يدرى ما حاله .

 

 

ومن الفوائد :

أن ابن عباس رضي الله عنهما بات تلك الليلة عند النبي صلى الله عليه وسلم في بيت خالته ميمونة زوج النبي عليه الصلاة والسلام ، فالبيتوتة هنا لقرب ابن عباس من زوج النبي صلى الله عليه وسلم منه .

ومن الفوائد :

أن المميز إذا تحمل الحديث في سن التمييز صح تحمله ، أما أداؤه – يعني تبليغه للناس – لا يقبل إلا إذا بلغ ، فحدث به ابن عباس رضي الله عنهما بعد أن بلغ فقُبل ، كما هو مقرر في مصطلح الحديث .

ومن الفوائد :

أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نام قام فصلى ركعتين ، فعل ذلك ثلاثا ، فدل على أن تجزئة صلاة الليل للمسلم أمر جاء به الشرع ، فلو كان الإنسان يصلى إحدى عشرة ركعة وصلى بعد العشاء ما تيسر له ، ثم لما أراد أن ينام صلى ما تيسر له ، ثم جعل منبها ينبهه قبل أذان الفجر لكي يكمل صلاته ، فقد جاءت بذلك السنة .

ومن الفوائد :

أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ }آل عمران190 ، ورفع بصره إلى السماء ) إلى أن ختم الصورة .

فيستفاد من ذلك : أن هناك سنة قولية تقال لمن أراد أن يصلي من الليل وهي قراءة هذه الآيات .

ومن الفوائد :

أن النبي عليه الصلاة والسلام نام ثم أتاه المؤذن فقام فصلى ولم يتوضأ ، فهل النوم ناقض للوضوء أم لا ؟

المسألة مرت معنا ، والصواب أنه ناقض للوضوء إلا إذا كان يسيرا ، أما بالنسبة إلى النبي عليه الصلاة والسلام فإن من خصوصياته وخصوصيات الأنبياء قبله أن قلوبهم لا تنام ، وإنما الذي ينام أعينهم ( نحن معاشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا ) فليس كغيره عليه الصلاة والسلام