تعليقات على سنن النسائي ـ الدرس ( 67 )
بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ
شرح الحديث ( 485 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
485 – أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِى صَلاَةِ الْفَجْرِ وَصَلاَةِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِى فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ »
صحيح
ــــــــــــــــــــــــــ
من فوائد هذا الحديث :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنه عليه الصلاة والسلام قال : (( يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ )) هذا يدل على أن المعاقبة تكون بين طائفتين : طائفة تأتي وطائفة تذهب وهذا هو التعاقب مأخوذ من التفاعل
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن قوله : (( يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ )) من ؟ الملائكة هم الذين يتعاقبون لكن فيكم : إما عموم المسلمين وإما المصلين وجعلها لعموم المسلمين أولى لم ؟
لأن المصلين يدخلون في ضمن وصف المسلمين
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن على المسلم أن يحذر في ليله وفي نهاره من أن يأتي بما يغضب الله
لم ؟
لأن هناك ملائكة يتعاقبون فينا ولاسيما إذا جلعنا كلمة فيكم للمسلمين فإن هؤلاء الملائكة ينقلون إلى الله وهو سبحانه وتعالى أعلم ، ينقلون إليه ما فعله هؤلاء المسلمون فيجب أن يكون المسلم على حذر من أن يأتي بما يسخط الله أو أن يدع ما أوجبه الله
وفي المقابل على المسلم أن يفرح بفضل الله إذ جعل الملائكة يتحسسون ما يفعله من خير فيسعد بذلك وسعادته بالملائكة تجعله يحرص على ألا يفعل إلا ما يرضي الله
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال : (( يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ ))
يتعاقبون : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفع ثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والفاعل واو الجماعة ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل
إذا قلنا إن الواو واو الجماعة في (( يَتَعَاقَبُونَ )) هي الفاعل (( مَلاَئِكَةٌ )) إعرابها بدل من الواو
(( يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ )) : إن حعلناها على لغة ” أكلوني البراغيث “ جملة ” أكلوني البراغيث “ هي جملة أتت بها قبلة ( بلحارث ) أتت بهذه الجملة ( أكلوني البراغيث ) فالبراغيث فاعل الواو علامة الرفع وليست هي الفاعل كما هنا (( يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ ))
ملائكة : فاعل ، إذاً واو الجماعة ليست فاعلا وإنما هي علامة الفاعلية ولا تعرب على أنها فاعل
بعض العلماء يقول : الواو هي واو الفاعل و ( مَلاَئِكَةٌ ) بدل من الواو
وبعض العلماء يقول : ((يَتَعَاقَبُونَ )) فعل وفاعل الواو فاعل فالفعل والفاعل في ( (يَتَعَاقَبُونَ) ) خبر مقدم وملائكة مبتدأ مؤخر
والصواب في هذا الحديث :
أن الواو واو الفاعل ولكن ليست على لغة ( أكلوني البراغيث ) لغة بلحارث ، لا ، لأن هناك رواية عند البزار : (( إن لله ملائكة يتعاقبون فيكم )) ثم استأنف ( مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ )
فيتعاقبون : واو الجماعة واوا الفاعل على ماذا هنا ؟ على الملائكة في صدر الحديث كما في رواية البزار ( إن لله ملائكة يتعاقبون فيكم )
هنا أصبحت الواو في محلها على أنها فاعل واو الجماعة
ثم قال : ( ( مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ ) ) فلا تكون ملائكة بالليل فاعل لأن الفاعل واو الجماعة
قال ابن حجر : لأن من ذكر هذه الرواية رواية البزار ذكرها السيوطي في شرحه لسنن النسائي ، وكذلك السندي وتبعوا في ذلك علماء متقدمين مستدلين برواية البزار
قال ابن حجر : وعزوه إلى البزار مع أنه عند البزار يقول: قصور لم ؟
لأنه جاء عند البخاري رواية : (( لله ملائكة يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار )) فلا نحتاج إلى نعزو الحديث إلى البزار وهو في صحيح البخاري
فخلاصة القول :
يتعاقبون فيكم : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة
واو الجماعة : ضمير مبني في محل رفع فاعل
وليس على لغة أكلوني البراغيث هذا هو الحديث
لكن قوله تعالى : ( ( وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ) ) من هم الذين أسروا النجوي ؟ الذين ظلموا ، فلماذا أتى بواو الجماعة ؟ إذاً الآية على لغة أكلوني البراغيث
( ( وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ) )
أسروا : فعل ماضي مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة
واو الجماعة : علامة الرفع أين الفاعل ؟ ((الَّذِينَ ظَلَمُوا ))
وللمفسرين فيها إعرابات أخرى لكن أظهر ما فيها أنها على لغة أكلوني البراغيث
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
هؤلاء الملائكة من هم ؟
هل هم الحفظة (( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) ))
هل هم الحفظة أم أنهم ملائكة آخرون ؟
هل هم الحفظة الكتبة أم أنهم غير الملائكة الحفظة الكتبة ؟
الجمهور : يرون أنهم هم الحفظة الذين يحفظون ابن آدم لكن القرطبي رحمه الله قال : ” في كونهم الحفظة فيه نظر “
قال ابن حجر : وقوله صواب لم ؟
قال : لأنه لم يرد أن الحفظة يفارقون ابن آدم وهؤلاء يفرقونه
وأيضا لأنه لم يرد دليل على أن حفظة الليل هم غير حفظة النهار وهنا المذكور من ؟ (( مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ )) فدل هذا على أن هناك ملائكة يتعاقبون فينا بالليل وبالنهار هؤلاء الملائكة هم غير الحفظة
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
علينا أن نستبشر بقدوم الفجر وبقدوم العصر لم ؟
لأن هناك ملائكة تبحث عن المصلين وعما يكون منهم فينقلون هذا إلى الله عز وجل
ولذلك يقول ابن حجر يقول : (( “ورد أن الرزق يبارك بعد الفجر وأن العمل يبارك بعد العصر فإذا حرص المسلم على هذين الوقتين فإنه حينها يبارك له في رزقه وفي علمه ” ))
لأن أعظم ما يشغل ابن آدم ما هو ؟ ما يخص دنياه الرزق فتكون البركة حينما يحافظ على صلاة الفجر
وأعظم ما يشغل ابن آدم في آخرته : العمل فعليه أن يحرص على صلاة العصر
ولذا مر معنا : (( الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله ))
المقصود هاتين الصلاتين وما يتبع هاتين الصلاتين من زمن فاضل
يعني ما تعاقبوا فينا إلا لفضل هذين الوقتين
النوم بعد الفجر مباشرة : ابن عباس لما أتى إلى بيته فوجد أحد أبنائه نائما بعد صلاة الصبح ضربه برجله وقال : (( ” أتنام في وقت تقسم فيه الأرزاق ” ))
بعض الصحابة كما نقل ابن حجر بإسناد صحيح عنه : ” النوم أول النهار خرق “ يعني من ينام أخرق
من هو الأخرق ؟
هو الذي لا يحسن التصرف لم ؟ لأنه نام في هذا الوقت الذي تقسم فيه الأرزاق فهو أخرق
والنوم وسط النهار خلق :
وهي نوم القيلولة ويقوم الإنسان بعدها ولديه خلق جميل لأنها تصفي رأسه
والنوم آخر النهار حمق :
من ينام بعد العصر إذا قام لا يريد أن ينظر إلى أحد ولا أن يكلم أحدا
وشيخ الإسلام يقول بعد الصبح يقول : ” هي غدوتي أستعين بها على نهاري ولو تركتها لخارت قواي “
ولذا : بعد الفجر لا يحدث أحدا يظل يذكر الله عز وجل
وابن القيم ينقل عن السلف يقول : ما كانوا يدعون الجلسة التي بعد الفجر ولو أتوا من سفرإلا إذا كانوا مجهدين جهدا عظيما
ولاشك أن هذا الوقت فاضل ولكن في هذا العصر اختلف الحال على الناس باعتبار الدوامات فقد لا يتيسر للإنسان باعتبار ضيق الوقت أن يجلس وأن يمكث ، قد يكون لديه من الأولاد ما يشغلونه عن أن يبقى فهو يعلم أنه خرج من عندهم وهم على فرشهم وأيقظهم عند الأذان أو قبل الأذان فيحتاج إلى أن يعيد النظر عليهم مرة أخرى
فالناس في هذا الزمن ليسوا كالناس في ذلك الزمن ، والله المستعان
أهم شيء أنه لا ينام
ولذلك يقول ابن القيم كما في زاد المعاد : ” نومة ما بعد الصبح تورث الأسقام لأن الأطعمة تتكدس في البدن ونشاط البدن إنما يكون في أول الصبح “
يعني : إذا ذهب أول النهار فهنا لو نام من الساعة الثامنة أو التاسعة فما بعد ذلك
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن بعض الروايات أتت بذكر اجتماع الملائكة في صلاة الفجر فقط ولم تأت بذكر صلاة العصر
ومن ثم قال بعض العلماء : إن ذكر صلاة العصر هنا وهم ولاسيما أنه أتى هنا بكلمة (( بَاتُوا فِيكُمْ )) والبيتوتة إنما تكون بالليل
والجواب عن هذا :
أن بعض الرواة يمكن أنه اختصر الحديث أو نسي هذه الجملة وكونه لم تذكر في تلك الأحاديث وذكرت في أحاديث أخرى لا يدل على أنها ضعيفة
إذاً :
المتعين حسب الأدلة أن الملائكة يجتمعون في صلاتي العصر والفجر
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنه قال هنا : ( ( ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ ) ) البيتوتة إنما تكون بالليل فكأن هذه اللفظة تشير إلى أن من يصعد الملائكة الذين باتوا فيكم فيكون الصاعدون هم ملائكة الليل دون ملائكة النهار
فما هو الجواب مع أن الحديث ينص على أنهم يصعدون نص على وجه العموم
الجواب :
ذكر (( بَاتُوا فِيكُمْ )) لا يدل على الزمن وإنما قد تطلق البتويتة على وقوع الشيء في الزمن سواء كان بالليل أو بالنهار
ولذلك :
الرواح يكون بعد الزوال والغدو يكون أول النهار
النبي عليه الصلاة والسلام يقول عن فضل المبكرين لصلاة الجمعة :
(( من راح في الساعة الأولى )) يعني من أتى بعد الزوال ؟ لا ، وإنما مطلق الرواح وهذا يشمل ما قبل الزوال وما بعد الزوال
وبعضهم قال : إن التنصيص على الليل وهو طرف آخر النهار يدل بدلالة الإشارة على الطر ف الآخر وهو أول النهار فاكتفي بذكر أحدهما عن الآخر
أقول : جاء في إحدى روايات أبي الزناد عند النسائي كما قال ابن حجرقال (( فيعرج الذين كانوا فيكم )) وكان هنا لا تحصر على ملائكة الليل ولا على ملائكة النهار
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن الحنفية يرون استحباب تأخير صلاة العصر لأدلة عندهم
لكن من بين هذه الأدلة :
هذا الحديث كيف ؟
قالوا : لأن تأخير صلاة العصر الأفضل ألا تصلى في أول الوقت عندهم وإنما في أواخره قبل أن يخرج الوقت قالوا : لأن المصلين إذا فرغوا تمكنت ملائكة النهار من أن تصعد لقرب الليل
فيقال : أين الدليل على أن الملائكة من حين ما يصلون العصر أنها تصعد
ربما يبقون حتى يثبروا حال هؤلاء المصلين إلى آخر النهار
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيف يصعدون كيف يجتمعون من حيث الزمن حتى نخرج من التأويلات التي ذكرها بعض العلماء والتفصيلات التي ذكروها؟
نقول :
جاء عند ابن خزيمة في صحيحه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال :
( ( لله ملائكة يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار فيجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر فيجتمعون في صلاة الفجر فتصعد ملائكة الليل وتبيت فيكم ملائكة النهار فيجتمعون في صلاة العصر فتصعد ملائكة النهار وتبيت فيكم ملائكة الليل فيقول الله عز وجل وهو أعلم: ما تركتم عبادي ؟
قالوا : تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون
وفي آخر الحديث ــ تقول الملائكة : اللهم اغفر لهم يوم الدين ))
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن الله عز وجل يسألهم في ضمن الحديث قال : (( وهو أعلم بهم ))
هذه الجملة تسمى عند البلاغيين بالاحتراز لأنه لو لم تأت قد يظن ظان أن الله عز وجل يجهل ما يقع من عباده في هاتين الصلاتين لكن لما قال ( وهو أعلم بهم ) من باب ماذا ؟ من باب الاحتراز من أنه جل وعلا لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
بما أنه عز وجل هو أعلم بعباده لماذا يسأل الملائكة عن حالهم ؟
من باب تقرير وتأكيد أن لهؤلاء البشر من بني آدم فضلا فإن الملائكة لما قالت : ( ( أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ )) أراد عز وجل أن يظهر فضل الآدميين ، من الملائكة الذين تعجبوا من أن يجعل في الأرض خليفة
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن الله سألهم عن حالهم لما تركوهم (كيف تركتم عبادي ) لم يأت ( كيف أتيتم إلى عبادي وإنما قال : (( كيف تركتم عبادي )) لأن العبرة بالخواتيم وهذا إن دل يدل على عظم فضل من ختم له بخير
ولذا صح عنه عليه الصلاة والسلام : ( من ختم له بصيام يوم دخل الجنة ) هذا عمل من الأعمال الصالحة
إذاً لماذا سأل ( كيف تركتم عبادي ) مما يدل على أن العبرة بالخواتيم ولأمر آخر :
أنه لما تركوهم تركوهم عند صلاة العصر وبعد صلاة العصر يأتي الليل
والليل مظنة إيقاع المعصية أكثر من النهار فدل على أنهم تركوهم في أواخر نهارهم مع إقبال ليلهم وهم على عبادة
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن الملائكة أجابت قالت (تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ ) يعني من المفترض أن يجبوا على قدر السؤال كيف تر كتم عبادي ؟
هل قال كيف أتيتم وتركتم عبادي وإنما سأل عن حال كيف تركتم عبادي ؟
قالوا : ((تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ)) زادوا في الإجابة لأنهم علموا أنه عز وجل أراد بيان فضل هؤلاء فلحب الملائكة لعباد الله عز وجل المؤمنين بينوا لهم فضلا آخر من أن طرفي النهار الابتداء صلاة الفجر والانتهاء صلاة العصر هم على عبادة
ولأن قولهم : (( تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ )) ذكروا الطرفين لم ؟
لأن ما بين الفجر وما بين العصر صلاة الظهر ومعلوم أن ما بين الصلاتين كما جاءت بذلك الأحاديث تكفير للذنوب فلم يزيدوا شيئا في ثنايا اليوم ، وإنما ذكروا طرف اليوم الاول وطرف اليوم الآخر : ((تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ))
لأن ما بين هذين الوقتين فيه صلاة وما بين الصلاة والصلاة الأخرى تكفير للذنوب فيما لو وقع زلل من هؤلاء
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
انهم قالوا : (( تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ ))
يعني : قدموا الترك يعني بما أنهم سيزيدون كان من المفترض أن يقولوا : (( وأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ و تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ ))
لكن أتوا بالترك بقل الإتيان لم ؟
موافة ومطابقة للسؤال فكانت إجابتهم مطابقة لسؤال الله عز وجل
ومن الفوائد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن هذا الحديث دليل لمن قال من العلماء إن صالح البشر أفضل من الملائكة
وهذه مسألة خلافية هل الملائكة أفضل من صالحي البشر أم أن صالح البشر أفضل من الملائكة ؟
قولان لأهل العلم بعضهم قال : الملائكة أفضل : ( (لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)))
بعض العلماء قال : صالح البشر أفضل لأنهم ابتلوا بهذه النفس الميالة إلى الشر ومع ذلك حبسوا أنفسهم عن معصية الله وحبسوا أنفسهم على طاعة الله
وهناك أدلة من هاهنا ومن هاهنا لكن أفضل جواب ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية مع أن هذه المسألة لا فائدة منها سواء عرفنا أن الملائكة أفضل أو صالح البشر
هذه لا تعود علينا بزيادة عمل وأجر
وإنما المأمور به الإنسان أن يعبد الله وأن يجتهد في العبادة لكن قال شيخ الإسلام الملائكة أفضل باعتبار البداية وصالح البشر أفضل باعتبار النهاية
باعبتار البداية هم ملائكة (( لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) ))
بينما صالح البشر يقع منهم الذنب
بينما في النهاية يوم القيامة صالح البشر أفضل لم ؟
لأن الملائكة كما قال عز وجل : ((وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)))