التفسير الوجيز ـ تفسير سورة البقرة
الدرس ( 8)
من الآية ( 204 ) حتى الآية ( 232 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205) وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206)}
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ} يشهد الله على أن ما في قلبه حق {وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} شديد المجادلة لإحقاق باطله {وَإِذَا تَوَلَّى} يعني انصرف {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا} بشتى أنواع الإفساد {وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ} {الْحَرْثَ} هو الزرع {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ}.
{وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ} حملته عزة الجاهلية على اقتراف الإثم {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ} وقال هنا {بِالْإِثْمِ} لأن هناك عزة محمودة كما قال عز وجل {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}
{أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ} يعني تكفيه {جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} أي بئس الفراش له.
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (207)}
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي} لما ذكر ذلك الصنف الخبيث ذكر هذا الصنف الطيب {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي} يعني من يبيع {نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ} أي من أجل مرضات الله، كمن ينفق أمواله ابتغاء رفعة ونصرة دين الله، أو من ترك الملاذ ومتع الدنيا من أجل أن ينشر العلم الشرعي وما شابه ذلك ممن باع نفسه لله عز وجل {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ} يعني طلب {مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} يعني ما يقدمه فإن مع ما يقدمه هذا العبد فإن الله عز وجل رءوف به ورءوف بالعباد.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208) فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209)}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ} يعني في الإسلام {كَافَّةً} يعني في جميع طرق الإسلام، ولتدخلوا أيضا أنتم أيها المؤمنون جميعا في الإسلام
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} يعني طرق الشيطان {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} أي بين وظاهر العداوة.
{فَإِنْ زَلَلْتُمْ} يعني وقعتم في الذنب {فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ} يعني قوي {حَكِيمٌ} يضع الأمور في مواضعها المناسبة، ومن ذلك فاعلموا أن الله عزيز وسيحاسبكم وسيعاقبكم على هذه الزلة إن لم تتوبوا إلى الله.
{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (210)}
{هَلْ يَنْظُرُونَ} يعني هل ينتظر هؤلاء الكفار {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} {فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} هو السحاب الأبيض الرقيق {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ} وهنا إثبات صفة الإتيان لله بما يليق بجلاله وعظمته، ولا يفهم أن الغمام يظلل الله، بل كل شيء هو محتاج إلى الله عز وجل، وإنما معنى الآية كما في قوله تعالى {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (25)}
فيكون لمعنى: { هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ} يعني مع ظلل من الغمام ولا يعني أن ذلك يحيط به عز وجل {فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} يعني وتأتي الملائكة {وَقُضِيَ الْأَمْرُ} حيث أدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار {وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} فالأمور كلها الدينية والدنيوية والأخروية ترجع إلى الله عز وجل.
{سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آَتَيْنَاهُمْ مِنْ آَيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (211)}
{سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آَتَيْنَاهُمْ} سل يا محمد {بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آَتَيْنَاهُمْ} هنا استفهام ويراد منه التكثير{كَمْ آَتَيْنَاهُمْ مِنْ آَيَةٍ بَيِّنَةٍ} واضحة كالدلائل التي أعطاها موسى من العصا، وما شابه ذلك {كَمْ آَتَيْنَاهُمْ مِنْ آَيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ} أي نعمة دينية أو دنيوية يغيرها {وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} كحال بني إسرائيل أتتهم نعمة من الله، وهو هذا النبي عليه الصلاة والسلام، فلم يؤمنوا به وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.
{زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (212)}
{زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا} يستهزئون بهم، لكن ما العاقبة؟ {وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} في الدرجات العالية في الجنة، وهؤلاء في النار {وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} بغير مقدار، فهو عز وجل كثير العطاء.
{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (213)}
{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} كانوا جماعة واحدة على التوحيد من لدن آدم إلى عشرة قرون، حتى أتى قوم نوح عليه السلام، فأشركوا بالله عز وجل فبعث الله نوحا عليه السلام، {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ} يعني اختلفوا {فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ} لمن أطاع الله {وَمُنْذِرِينَ} مخوفين عذاب الله عز وجل {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ} يعني الكتب {وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ} يعني هذا الكتاب {لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ} يعني في هذا الكتاب {إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ} هذا حالهم كانوا فيما مضى متفقين كانوا متفقين، لكن لما أتاهم هذا الكتاب اختلفوا فيه، كل ذلك بسبب ماذا؟ الحسد، كما قال تعالى {مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)}
{أَمْ حَسِبْتُمْ} وهذا خطاب لأهل الإيمان ممن في عصر النبي عليه الصلاة والسلام في تلك الغزوات، وما جاء بعدها إلى قيام الساعة {أَمْ حَسِبْتُمْ} يعني أظننتم {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ} كأن السؤال ما الذي أصابهم؟ ما هو مثل ما جاء من قبلنا؟ {مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ} البؤس كالفقر {وَالضَّرَّاءُ} كالمرض {مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا} يعني حركوا وحركت قلوبهم بالشدائد والمصائب والبلايا التي عظمت {وَزُلْزِلُوا} إلى درجة أن الرسل مع قوتهم ومع ثباتهم من شدة تلك المصائب {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ} وهذا يدل على ماذا؟ على أنه متى ما اشتدت الأزمات فإن الفرج قريب {أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}.
{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215)}
{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ} يامحمد {مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ} أي خير قل، أو كثر {فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} يعني أقربائك {وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} يعني المسافر {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ} أي خير لهؤلاء المذكورين في هذه الآية، أو لغيرهم أي خير {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} وسيجازيكم على هذا الخير.
{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216)}
{كُتِبَ عَلَيْكُمُ} يعني فرض عليكم {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} وذلك لأن الحرب بها كره، كره بمعنى أن النفوس تكره ذلك {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا} ليس مخصوصا بالجهاد فقط، لا، بل أي شيء تكرهه ربما في عاقبة هذا المكروه ما هو؟ خير لكم
والعكس بالعكس {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} ما تدرون ما هي عاقبة الخير هل هي في هذا الأمر الذي تكرهونه أم في ذلك الأمر؟
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217)}
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ} كما هو سؤالهم عن القتال ولذا قال {قِتَالٍ فِيهِ} ما حكم القتال في الأشهر الحرم؟ والأشهر الحرم هي ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} هذه أشهر محرمة لا يجوز القتال فيها، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ} يا محمد لهؤلاء لما حصل ما حصل من قتال بين سرية من المسلمين، وبين الكفار قال الكفار إنكم تعتدون في الأشهر الحرم {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} يعني عظيم من حيث حرمته، ولكن ما الذي بعدها؟ {وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ} يعني بالله {وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} وصد عن المسجد الحرام {وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ} أكبر من القتال في الأشهر الحرم {وَالْفِتْنَةُ} يعني إرادة هؤلاء بكم الفتنة حتى تقعوا في الشرك {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ} يعني بطلت {أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ} {فِي الدُّنْيَا} بمعنى أنه إذا كفر لا يرث، ولا يورث، ولا يغسل، ولا يكفن، ولا يدفن مع المسلمين إلى غير ذلك من الأحكام، وما عملوه من أعمال من بر وإحسان فإنها تكون يوم القيامة باطلة {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23)}
{وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}
{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (218)}
{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ} يعني أن من رجا رحمة الله، فلابد من العمل، فهؤلاء آمنوا وهاجروا وجاهدوا، ومع ذلك يرجون رحمة الله {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219) فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (220)}
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} أي ما حكمها؟ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} وهذه الآية من أوائل ما نزل في بيان قبائح الخمر والميسر قبل أن يأتي التحريم، هذه الآية نسخت، نسخت هذه الآية بقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} ثم نسخت هذه الآية التي في سورة النساء بالتي في المائدة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)}
فقال الله عز وجل {قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} دل على أن الإثم في ذات الخمر والميسر {قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} من حيث التجارة والأرباح {وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} يعني الزائد، ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم قال (أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى) يعني أنها تبقيك غنيا {قُلِ الْعَفْوَ} يعني الزائد من مالك {قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ} يعني كما بين الآيات السابقات يبين لكم جميع الآيات {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219) فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ} تتفكرون فيما يصلح في الدنيا وفي الآخرة {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ} وذلك أنهم كانوا يتحرجون، فكانوا يصنعون لليتيم طعاما وحده، ويأكلون طعامهم لوحدهم، فكان طعام اليتيم ربما يبقى، فيفسد، فيحصل حرج، فقال الله عز وجل {قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ} يعني أصلحوا لهم خير {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} هم بمجرد الإخوان {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} من يريد أكل مال اليتيم ممن أراد مخالطته، وعدم أكل ماله {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ} لشق عليكم بمثل هذه الأمور{إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
{وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221)}
{وَلَا تَنْكِحُوا} يعني لا تتزوجوا {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ} يعني رقيقة مؤمنة {خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} من حيث جمالها، أومن حيث نسبها {وَلَا تُنْكِحُوا} يعني لا تزوجوا {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} يعني الأسباب التي تؤدي بكم إلى النار {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ} فكل شيء بأمره عز وجل {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}.
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)}
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} يعني الجماع في زمن الحيض {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} يعني الجماع في زمن الحيض في الفرج أذى {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال كما ثبت عنه (اصنعوا كل شيء إلا النكاح) يعني إلا الجماع، لكن لك أن تستمتع بزوجتك الحائض بما تشاء ما عدا القبل في حال الحيض، وما عدا الدبر في جميع الأحوال {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} بانقطاع الدم {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} يعني اغتسلن {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} وهو الفرج {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} {الْمُتَطَهِّرِينَ} من الأقذار الحسية والمتطهرين من الذنوب، وفي هذا إثبات صفة المحبة لله عز وجل بما يليق بجلاله وبعظمته.
{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)}
{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} بمثابة الزرع؛ لأن المرأة هي التي تلد فهي بمثابة الحرث ومحل النسل {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} أي كيفما شئتم من الأمام من الخلف على جنب، أهم شيء أن يكون الجماع في الفرج، وليس في الدبر، وليس معنى ذلك جواز الوطء في الدبر، لا، {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ} من الأعمال الطيبة، ومن ذلك طلب الولد {وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}.
{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224) لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225)}
{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} أي لا تجعلوا اليمين مانعة لكم من فعل الخير، كأن تقول والله لا أفعل هذا الشيء مع أن هذا الشيء خير {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا} وأيضا فيه النهي عن كثرة الحلف {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ} يعني لا تكن هذه الأيمان مانعة لكم من البر والإصلاح والتقوى، ولذا النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إني لأحلف على يمين، فأرى غيرها خيرا منها، إلا كفرت عن يميني، وأتيت الذي هو خير) {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}
{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} اللغو في اليمين لا يؤاخذ الله عليه العبد كأن يقول الإنسان: والله مثلا ما فعت كذا، والله وهو لا يريد اليمين وإنما جرت على لسانه، فهذه لا كفارة فيها، وكذلك لو أن الإنسان حلف على شيء يظنه أنه ذلك الشيء، فتبين خلافه كأن يقول: والله إن هذا القادم هو فلان؛ لأنه يرى المشية والحركة والسواد يرى أنه فلان، فلما قدم إذا به غير فلان، فإنه لا كفارة عليه على الصحيح
{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} يعني بما عقدتم عليه الأيمان، وأردتم اليمين فإن فيه ماذا؟ الكفارة، وأيضا {يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} بمعنى أن من فتح قلبه للشبهات واستمع لأهل الشبهات، فالله عز وجل يؤاخذه على ذلك {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ} يتجاوز عن الذنب {حَلِيمٌ} لا يعاجل في العقوبة إذا أذنب عبده.
{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)}
{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} يعني يحلفون من أنهم لا يطئون نساءهم أكثر من أربعة أشهر، أو أنه يحلف على أنه لا يطؤها أبدا يعني لا يجامعها {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} يعني ينتظر بهؤلاء الأزواج أربعة أشهر {فَإِنْ فَاءُوا} يعني رجعوا وجامعوا الزوجات {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} يوقف بعد أربعة الشهر، ويقال للمرأة أتريدين الطلاق أم لا؟ فإن طلبت الطلاق فالحاكم يطلقها، وإن رغبت أن تبقى معه على هذه الحال فلها ذلك.
{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228)}
{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} يعني ينتظرن {بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} يعني ثلاث حيض، وهذه هي المطلقة التي من عادتها أنها تحيض، أما إذا كانت مطلقة وهي حامل، فانقضاء عدتها بوضع الحمل {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} والتي لا تحيض لصغر سن، أو لكبر سن، فعدتها ثلاثة أشهر، لكن هنا المقصود المرأة التي تمكث ثلاث حيض، فإذا انتهت الثلاث الحيض، فإن عدتها تنتهي، ولها أن تتزج بزوج آخر، هذا في حق من؟ المرأة التي من عادتها أنها تحيض، وليست حاملا، يعني لما طلقها ليست حاملا، فإن طلقها، وهي حامل، فعدتها إذا وضعت الحمل، ولو وضعته بعد ساعة تنقضي عدتها، لو وضعته بعد سنة تنقضي عدتها.
{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ} يعني المطلقات {أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} يعني من الولد، حتى لا ينسب الولد إلى غير أبيه، وكذلك لا يحل لهن {أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} من الحيض {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ} هذا من باب التأكيد عليهن، والحث لهن {إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ} يعني الأزواج {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} يعني قبل أن تمر بهن ثلاث حيض للزوج أن يراجعها إذا كان قد طلقها مرة واحدة أو اثنتين، فقال عز وجل {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} لكن بشرط {إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} فإن أراد الزوج أنه يراجعها من أجل الإضرار بها فإن الرجعة على الصحيح لا تصح {وَلَهُنَّ} يعني للنساء {مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} لها حقوق كما أن له حقوقا {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} وذلك بمقتضى القوامة وبمقتضى الإنفاق عليها {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)}
{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} يعني الطلاق الذي يحق للرجل أن يراجع زوجته مرتان إما طلقة، وإما طلقتين {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} كانوا في الجاهلية يطلق، ثم يراجعها، ويطلق بلا عدد من أجل الإضرار بها، فقال الله عز وجل {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ} تمسك المرأة بالمعروف {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} من غير كلام قبيح، ومن غير معاداة وبغضاء، وما شابه ذلك.
{وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا} ولو قل من المهر {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} وذلك كأن تبغض المرأة الزوج تقول هذا الزوج لا أريده لا أريده، فالكراهية منها، فهنا تخالع نفسها، تدفع له المهر، ويطلقها الحاكم، لكن لو أنه كرهها وعضلها من أجل أن تعطيه المال، فهو سحت عليه لا يجوز، أو هو كرهها، وهي كرهته، فلا يجوز الخلع، بل عليه أن يطلقها، إذًا متى يجوز الخلع وأن تعطيه المال؟ إذا كانت الكراهية منها هي وحدها، فقال الله عز وجل {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ}في هذا الزواج {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} يعني لا إثم عليهما {فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} المرأة لكي تخلص نفسها {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} يعني تتجاوزوها {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230)}
{فَإِنْ طَلَّقَهَا} يعني الطلقة الثالثة؛ لأنه قال قبلها {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} يعني يحق لك أن تراجع زوجتك إذا طلقتها مرة، أو مرتين، الثالثة {فَإِنْ طَلَّقَهَا} يعني المرة الثالثة {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ} يعني حتى تتزوج زوجا آخر، وذلك الزوج الآخر تزوجها عن رغبة، وجامعها كما يجامع الرجل زوجته حتى تنكح زوجا غيره، ولذا أكد هنا قال {حَتَّى تَنْكِحَ} لابد أن يطأها، لابد أن يجامعها، وذلك لأن الرجل إذا علم بأنه إن طلقها الثالثة سيفترشها غيره، ولا يحق له أن يعيدها مرة أخرى هنا يحجم عن الطلاق {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} وما نسب إلى سعيد بن المسب من أنه أجاز ذلك قبل أن يطأها، فإن هذا إن صح لو صح عنه فإن هذا مما يدل على أن الحديث لم يبلغه؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال لامرأة رفاعة: (أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا، حتى تذوقي عسيلته، ويذوق عسيلتك) وفي حديث (العسيلة الجماع)
{حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا} يعني الزوج الثاني طلقها ليس تيسا مستعارا من أجل أن يحللها رغب عنها {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} يعني على هذه المرأة وعلى زوجها الأول {أَنْ يَتَرَاجَعَا} بمعنى بعقد جديد، وبمهر جديد {إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} قال هنا {إِنْ ظَنَّا} لأن اليقين والعلم متعذر، ولذلك هذا هو القول الصحيح خلافا لمن قال إن {ظَنَّا} بمعنى علم {إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا} يوضحها {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}.
{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231)}
{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} يعني قاربن الانتهاء من العدة؛ لأنهم كانوا في الجاهلية إذا طلقها وأوشكت عدتها أن تنتهي راجعها، وهكذا إضرارا بها، فقال الله {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ} يعني طلقوهن {بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا} كحال أهل الجاهلية {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} يعني كحالة من يستهزئ بآيات الله، مع أنهم لا يستهزئون، وذلك من يكثر من الطلاق دائما على لسانه، فإنه بمثابة من اتخذ آيات الله هزوا {وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} كل النعم التي أنعمها الله عليكم اذكروها بالشكر{وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} وأيضا {وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ} وهو القرآن {وَالْحِكْمَةِ} يعني السنة {يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (232)}
{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} معنى {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} غير المعنى السابق {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} يعني أقصى عدتهن يعني أن عدتهن قد انتهت في الآية هنا، الآية السابقة يعني قاربت عدتها أن تنتهي، هنا قال {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} يعني لا تمنعوهن {أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} وذلك أن الرجل لو أنه طلق زوجته طلقة واحدة، أو طلقتين ليست الثالثة، ثم تركها حتى حاضت ثلاث حيض، أو انتهت عدتها، فأراد أن يراجعها، فله أن يراجعها بعقد جديد، وبمهر جديد، فلا يجوز للولي أن يمنع ذلك، يقول زوجتك وإذا بك تطلقها حتى انتهت عدتها، ثم تأتي مرة أخرى، لا يجوز له ذلك، ولذا قال {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ} الحكم السابق {يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكُمْ} وأتى بصيغة الجمع للخطاب للجميع، يعني انتبهوا لهذا الحكم العظيم {ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ} تزكية وطهر، لم؟ لأنكم إذا عضلتم هذه المرأة عن زوجها الذي أراد أن يتزوج بها بعد أن انتهت عدتها ربما ماذا؟ في الخفاء تحصل بينهما علاقة، فقال عز وجل {ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ} ما ينفعكم وما يضركم {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.