تفسير سورة البقرة الدرس ( 120 ) [ قل من كان عدوا لجبريل … ] الآيتان ( 97 98 ) الجزء الأول

تفسير سورة البقرة الدرس ( 120 ) [ قل من كان عدوا لجبريل … ] الآيتان ( 97 98 ) الجزء الأول

مشاهدات: 472

تفسير سورة البقرة ــ الدرس ( 120 )

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله تعالى : { قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97) مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (98) }

تفسير سورة البقرة ( 97 ـ 98 ) / الجزء الأول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

عندنا في هذه الليلة تفسير قوله تعالى :

{قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ {97} مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ {98} }

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــ

(( أن اليهود سألوا النبي عليه الصلاة والسلام فقالوا من يأتيك بالوحي ؟

فقال النبي عليه الصلاة والسلام : جبريل فقال اليهود : ذاك عدونا يأتي بالعذاب فلو كان ميكائيل لآمنا بك فإنه يأت بالمطر والخصب ))

فأنزل الله جل وعلا آمرا نبيه عليه الصلاة والسلام أن يقول لهؤلاء اليهود { قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ }

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــ

بيان قبح وضلال اليهود ، فإنهم ما جعلوا السبب في عدواة ميكائيل ما جعلوه إلا في أمر واحد لا لغرض آخر ذلكم السبب من المفترض أن يكون داعيا اليهود إلى محبة جبريل لا إلى عداوته

كيف ؟ قال هنا : { مَنْ كَانَ }

{ مَنْ } : اسم شرط     { كَانَ } :  فعل شرط

جواب الشرط : {فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ }

يعني ليس لكم سبب وسبيل في عداوة جبريل إلا لكونه نزل القرآن على النبي عليه الصلاة والسلام

فانظر إلى فائدة اللغة العربية

{ مَنْ كَانَ عَدُوًّا } الجواب {فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ }

من المفترض :

أن يكون هذا السبب الذي هو تنزيل القرآن بواسطة جبريل على النبي عليه الصلاة والسلام يفترض أن يكون داعيا لهم إلى أن يؤمنوا به وأن يحبوه لا أن يعادوه

وهذا هو الصحيح أو الأقرب في جواب الشرط

بعض المفسرين يقول : إن جواب الشرط محذوف فيكون المعنى {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ } الجواب ” فليمت غيظا ” الجواب محذوف

لكن الأظهر والأصل أن الجواب يكون موجودا ولأن سياق الآيات يؤكد هذا

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــ

أن من البشر من يعادي الملائكة ويبغضهم كما دلت عليه هذه الآية فاليهود يبغضون بعض الملائكة كجبريل

وما هو الرابط بين هؤلاء وهؤلاء حتى تقع العداوة ؟

ليس هناك رابط

بل إن الخير يكون مع الملائكة وليس الشر لأن الملائكة إذا حضرت فإن الشياطين تبتعد ، ومع هذا فما يعادي إنسان ملكا من الملائكة إلا لخبث في دينه وخبث في قلبه ، وهذا هو حال اليهود

إذًا من باب اولى أنهم إذا عادوا جبريل من باب أولى أن يعادوا من دون جبريل  ، أن يعادوا المسلمين

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــ

أن جبريل هو الموكل بالوحي وهو أفضل الملائكة وهو الأمين  : { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ {19} ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ {20} مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ {21} }

{ مُطَاعٍ } : في الملأ الأعلى وهو { أَمِينٍ }

فقد وصف جبريل بأوصاف حميدة ومن له هذه الأوصاف كيف يعادى

 

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــــ

أن جبريل علم للملك الموكل بالوحي

وفيه في اللغة عشر لغات ينطق هذا الاسم بأكثر من لفظ لكن من بين الألفاظكما هنا جبريل ، وورد جبرائيل  ، وورد جبرين

المهم فيه عشر لغات

ميكائيل ورد ميكال وميكائيل وفيه ست لغات

 

من الفوائد : 

ــــــــــــــــــــــــــــ

أن الفاء  كما قال أهل اللغة سببية

سببية يعني { مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ } أوضحت الفاء على أن العداوة مع وقعت إلا بسبب تنزيله للقرآن على قلب النبي عليه الصلاة والسلام

 

من الفوائد : 

ــــــــــــــــــــــــــــ

أن الضمير في قوله { فَإِنَّهُ } يعود إلى جبريل { نَزَّلَهُ } القرآن

هنا { فَإِنَّهُ}يعود إلى جبريل ، جبريل مذكور فيما مضى

{ نَزَّلَهُ } ضمير يعود إلى غير مذكور الذي هو القرآن

يعود إلى غير مذكور باعتبار شرفه فمثله لا يجهل مثله لا يخفى

 

من الفوائد : 

ــــــــــــــــــــــــــــ

بيان أن القرآن منزل غير مخلوق والتنزيل من الله والواسطة هو جبريل

ونزل به جبريل على النبي عليه الصلاة والسلام

{قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ}

أصل التنزيل من الله إذًا ليس بمخلوق

عقيدة أهل السنة والجماعة أن القرآن منزل غير مخلوق هو كلام الله منه بدأ وإليه يعود وهو المكتوب في المصاحف المحفوظ في الصدور

وذكرنا هذا مرارا ورددنا على من قال إنه مخلوق

 

من الفوائد : 

ــــــــــــــــــــــــــــ

قال {فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ} من ظاهر الآية أن جبريل مباشرة أخذه من الله فألقاه في قلب النبي عليه الصلاة والسلام من غير سماع  {فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ}

أهذا مراد ؟ أم أنه أسمعه إياه ؟

أسمعه إياه

أين الدليل ؟

{لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ {16} إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ {17} فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ {18} ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ {19}}

وكما قال جل وعلا في سورة طه {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ }

إذًا {فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ} انظروا إلى فائدة التمعن والتدبر في القرآن فإن هذا الإنزال ليس مباشرة وإنما بواسطة عن طريق السمع

 

من الفوائد : 

ــــــــــــــــــــــــــــ

أنه قال هنا {فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ} لماذا خص القلب بالذكر هنا ؟

خص القلب لأنه محل الانتفاع إذا انتفع قلبك انتفعت وإن لم ينتفع قلبك لم تنتفع ، فمحل الانتفاع هو القلب

ولذلك قال تعالى : {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا } {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}

{يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ }

إلى غير ذلك من الآيات التي تدل على أن القلب هو محل الانتفاع وإذا كان القلب هو محل الانتفاع عليك أن تتعهد هذا المحل هذا القلب محل وعاء الوعاء تسكب فيه سائلا إذا كان هذا الوعاء من حيث الأصل متسخ فإن هذا الشيء الطيب الذي تضعه فيه يعدل يبدل فيه ولكن مع ما فيه من الشوائب لكن لو كان القلب نظيفا وأتى هذا السائل الطيب إذا بهذا الوعاء يحوي شيئا طيبا غير مشوب ، فاعتني بقلبك

ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال (( يدخل عليكم من هذا الفج رجل من أهل الجنة )) فتعجب الصحابة ، فعبد الله بن عمرو صاحب عبادة أراد أن يعرف حاله فجلس عنده ثلاث ليال ينظر أين صلاة الليل أين الصوم ليس هناك شيء  ، فسأله بعد حين قال إن النبي عليه الصلاة والسلام قال كذا وكذا وإني لم أرك لم أر عندك شيء  تتميز به علينا ، فقال إني أبيت وليس في قلبي على أحد من المسلمين غشا ولا حقدا ولا حسدا  ، فقال عبد الله بن عمرو : تلك التي لا نطيق “

ليس لأنهم حساد ، لا ، الصحابة ليسوا بذلك ، قلوبهم نظيفة

لكن هذا الرجل  كما قال شيخ الإسلام ظفر بهذا الأمر لأنه لا يحسد بتاتا

لا حسد زوال نعمة ولا حسد حتى غبطة

حتى الغبطة يعني ما يتمنى مثل ما للغير مع بقاء النعمة للغير

ولذلك فاق أبو بكر عمر بهذا الشيء ، أبو بكر ليس في قلبه شيء من الحسد

بينما عمر عنده حسد الغبطة وليس بمذموم ، ولكن أعلى الدرجات ألا تحسد أحدا حتى في حسد الغبطة ، ولذلك عند الترمذي لما أمر النبي عليه الصلاة والسلام بالصدقة قال عمر : ” أسبق الآن أبا بكر إن سبقته “

منافسة فهو رضي الله عنه أتى بنصف ماله  ، قال له النبي عليه الصلاة والسلام : ماذا أبقيت لأهلك ؟ قال : النصف ، أتى أبو بكر بكل ماله فقال ماذا أبقيت لهم ؟ قال : أبقيت لهم الله ورسوله  “

ما أبقى شيئا من ماله

فالشاهد من هذا :

أن المسلم ينبغي أن يخلي قلبه من الحسد لو حسد غبطة لا إشكال في ذلك ويثاب ليس مذموما ، ربما حسد الغبطة يفتح بابا آخر

 

من الفوائد : 

ــــــــــــــــــــــــــــ

أن التنزيل من جبريل على قلب النبي عليه الصلاة والسلام لعلة

ما هي تلك العلة ؟ الرسالة  ، في سورة الشعراء  :

{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ {193} عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ {194} بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ {195} }

 

من الفوائد : 

ــــــــــــــــــــــــــــ

أنه قال {فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ} الإذن من الله نوعان :

إذن كوني قدري لابد أن يقع

وإذن شرعي لا يلزم منه الوقوع