﴿بسم الله الرحمن الرحيـــــــم﴾
تفسير سورة الزمر من آية (1) إلى آية (21) الدرس (219)
لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
﴿تَنزِيلُ ٱلۡكِتَٰبِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَكِيمِ (1) إِنَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ فَٱعۡبُدِ ٱللَّهَ مُخۡلِصٗا لَّهُ ٱلدِّينَ (2) أَلَا لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلۡخَالِصُۚ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ إِنَّ ٱللَّهَ يَحۡكُمُ بَيۡنَهُمۡ فِي مَا هُمۡ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَنۡ هُوَ كَٰذِبٞ كَفَّارٞ (3) لَّوۡ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَدٗا لَّٱصۡطَفَىٰ مِمَّا يَخۡلُقُ مَا يَشَآءُۚ سُبۡحَٰنَهُۥۖ هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ (4) خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۖ يُكَوِّرُ ٱلَّيۡلَ عَلَى ٱلنَّهَارِ وَيُكَوِّرُ ٱلنَّهَارَ عَلَى ٱلَّيۡلِۖ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلّٞ يَجۡرِي لِأَجَلٖ مُّسَمًّىۗ أَلَا هُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡغَفَّٰر(5)﴾
تفسير سورة الزمر، هي من السور المكية: ﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾.
هذا القرآن تنزيلٌ من الله ﷻ، العزيز الحكيم.
ولذلك نجد أنه إذا ذكر الله ﷻ هذا التنزيل ذكر بعد ذلك شيئاً من أسمائه ﷻ، مما يدلُّ على عِظَمِ هذا القرآن، وأن تنزيله عِزَّةٌ ورحمةٌ من الله ﷻ، ويدلُّ على حكمته عز وجل.
﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ﴾ يا محمد ﴿بِالْحَقِّ﴾ نزل متلبساً بالحق
﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ﴾ نزل عليك بالحق، إذاً ما الذي يلزمك؟ ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾
﴿أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ﴾ الدين الخالص الذي لا تشوبه شائبة لله ﷻ، أما ما شابته شائبةً من العبادات فلا يقبله الله عز وجل؛ لأنه هو الغني.
﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ﴾ هؤلاء لم يُخلِصوا لله ﷻ وإنما جعلوا معه آلهة، ويقولون تلك الآلهة تشفع لنا عند الله ﷻ، والمقصود أنها تشفعُ لهم في الدنيا لقضاء حوائجهم الدنيوية لكن هم لا يُقِرون بالبعث، ولذلك يقولون لو بُعِثنا فستشفعُ لنا هذه الآلهة.
﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ﴾ يعني: يعبدونهم من دون الله يقولون ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ أي ليقربونا إلى الله قُربة، جعلناهم شُفعاء ووسطاء لنا عند الله ﷻ وهذا شركٌ بالله وكفرٌ به عز وجل.
﴿إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ فسيحكم الله ﷻ بين أهل الإيمان وبين هؤلاء الكفار فيدخل المؤمنين الجنَّة والكفار النار.
ولذلك قال بعدها ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ﴾ فهؤلاء كذَبَة، كذبوا في قولهم هذا وكفروا أيضاً؛ لأن من جعل مع الله شُفعاء يدعوهم ويستغيثُ بهم من دون الله ﷻ فهذا كفرٌ به.
ولذلك خُتِمت الآية بذكر الكفر ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ﴾ لا يوفقه للهداية، لأنه بَعُدَ عن توحيد الله ﷻ
﴿لَوْ أَرَادَ اللَّهُ﴾ هُنا ردٌّ على من قال إن لله ﷻ ولد من اليهود والنصارى، ومن كفار قريش الذين قالوا إن الملائكة بنات الله. فقال الله عز وجل: ﴿لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى﴾ أي لاختار ﴿مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ﴾ لكنه لم يُرد ذلك؛ لأن هذا لا يليقُ به ﷻ، ولذلك قال تعالى: ﴿لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ [الأنبياء-17] يعني ما كُنَّا فاعلين.
فقال الله ﷻ هُنا: ﴿سُبْحَانَهُ﴾ نزه نفسه عما لا يليق به، ومن ذلك هذا القول الذي يقولونه على الله. ﴿سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ الواحد فلا معبود معه، وهو القهَّار الذي كلٌّ تحت قهره وسيطرته وفي ملكه فكيف يتخذ من مخلوقاته ولداً!
﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ﴾ دلائل على أنه هو الواحد القهار، فكيف يعبدون من دون الله ﷻ هذه الآلهة! ﴿بِالْحَقِّ﴾ ما خلقها إلا بالحق من أجل أن يعتبر الناس وأن يوحدوا الله عز وجل.
﴿يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ﴾ يعني يُدخل هذا في هذا فينقص هذا ويزيد هذا وكل ذلك بتدبيرٍ منه عز وجل.
وانظر هُنا قال (يُكور) يدلُ على ما مرَّ معنا في قوله عز وجل: ﴿لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ [يس-40]
﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ والقمر﴾ يعني ذلل الشمس والقمر ﴿كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾ وقد مرَّ معنا ذلك موضحًا ﴿كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾ في هذه الدنيا فيما قدره الله له، في جريه بالسموات، وأيضًا إلى أن تنتهي هذه الدنيا ومن ثمَ تُكور الشمس والقمر في النار كما مرَّ معنا.
﴿أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ﴾ ألا هو العزيز القوي الذي سخر هذه الأشياء، وغفَّار فهو ﷻ الغفَّار، فهناك من يُخطئ بالليل وبالنهار فمن تعرَّض لمغفرة الله ﷻ وتاب إليه غفر الله له.
﴿خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ ثُمَّ جَعَلَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ ٱلۡأَنۡعَٰمِ ثَمَٰنِيَةَ أَزۡوَٰجٖۚ يَخۡلُقُكُمۡ فِي بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمۡ خَلۡقٗا مِّنۢ بَعۡدِ خَلۡقٖ فِي ظُلُمَٰتٖ ثَلَٰثٖۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡ لَهُ ٱلۡمُلۡكُۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ فَأَنَّىٰ تُصۡرَفُونَ (6) إِن تَكۡفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمۡۖ وَلَا يَرۡضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلۡكُفۡرَۖ وَإِن تَشۡكُرُواْ يَرۡضَهُ لَكُمۡۗ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرۡجِعُكُمۡ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ (7)﴾
﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ أيضًا تأملوا في خلقكم ﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾ [الذاريات-21] يدل على عظمة الله وعلى تفرده بالألوهية ﴿ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ كما في أول سورة النساء:
﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ [النساء-1]. ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ وفي آية أخرى ﴿وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ من أجل ماذا؟ ﴿ لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا﴾ [الأعراف-189]
﴿وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾ كما مرَّ معنا توضيحه سورة الأنعام ﴿ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ﴾ [الأنعام-143] لكن كيف أنزل الأنعام؟ أنزل الأنعام مرَّ معنا ذلك مفصلاً في قوله تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا﴾ [الأعراف-26]
بعض المفسرين يقول: أنزل الله المطر فأنبتت الأرض فهذا سبب الإنزال بالنسبة إلى الأنعام فإنها لا تحيا إلى عن طريق الماء والعُشب، وقيل: {أنزل} بمعنى خلق، لكن مرَّ معنا أنه
﴿وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾ بمعنى أن ذكور هذه الأنعام تعلوا على الإناث، فينزل المني إلى أرحام الإناث ومن ثمَ يلدن الإناث ينزلن أولادهن فهذا هو الإنزال، فالإنزال على حقيقته الإنزال المعروف، وقد مرَّ مفصلاً في أول سورة الأعراف.
﴿وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ﴾ تأملوا ﴿يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ﴾ نطفة، علقة، مضغة ﴿يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ﴾ في ظلمات البطن، في ظلمة الأرحام، في ظلمة المشيمة.
﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ إذاً هو الذي فعل تلك الأشياء هو ربكم، هو الله ربكم، وله الملك إذاً يجب عليكم أن تفردوه بالعبادة ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾ كيف تُصرفون عن الحق!
﴿إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ﴾ ولكن ﴿وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ﴾ بل يعذبهم على كفرهم ﴿وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ﴾ فهو يرضى أعمالكم ومن ذلك الشكر ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ يعني لا تحمل نفس آثمة إثم غيرها ومرَّ معنا كثيراً هذه المسألة وفصَّلناها.
﴿ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ ومن ثَمَّ إذا نبأكم سيحاسبكم ﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ بما تكنه صدوركم فاحذروه ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ﴾ [البقرة-235]
﴿۞وَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَٰنَ ضُرّٞ دَعَا رَبَّهُۥ مُنِيبًا إِلَيۡهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُۥ نِعۡمَةٗ مِّنۡهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدۡعُوٓاْ إِلَيۡهِ مِن قَبۡلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادٗا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِۦۚ قُلۡ تَمَتَّعۡ بِكُفۡرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلنَّارِ (8) أَمَّنۡ هُوَ قَٰنِتٌ ءَانَآءَ ٱلَّيۡلِ سَاجِدٗا وَقَآئِمٗا يَحۡذَرُ ٱلۡأٓخِرَةَ وَيَرۡجُواْ رَحۡمَةَ رَبِّهِۦۗ قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ (9) قُلۡ يَٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡۚ لِلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٞۗ وَأَرۡضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةٌۗ إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّٰبِرُونَ أَجۡرَهُم بِغَيۡرِ حِسَابٖ (10)﴾
﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ﴾ مع تلك الدلائل ﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ﴾ مما لا يُلائمه من مرضٍ، وفقرٍ وما شابه ذلك ﴿دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ﴾ مُقبلاً إلى الله عز وجل.
﴿ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً﴾ يعني أعطاه نعمة ﴿نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ﴾ نسي ربه الذي يدعوه، ونسي ذلكم الدعاء الذي كان يدعو الله ﷻ به، ومع هذا كله ﴿وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا﴾ أي: نُظراء وشُبُهاء ﴿لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ لِيضلَّ عن سبيل الله ﷻ ﴿قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ﴾ قُل له تمتع بكفرك، والكفر ليس فيه تمتع؛ وإنما (الباء) هُنا للظرفية، قل تمتع في مدة كفرك وإلا فالكفر عذاب ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا﴾ [طه-124]
﴿قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا﴾ يعني في هذه الدنيا ﴿إِنَّكَ﴾ المَردْ ﴿إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ﴾
﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ﴾ هذا فرق بينه وبين الصنف السابق ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ﴾ مُديم الطاعة لله ﴿آنَاءَ اللَّيْلِ﴾ في ساعات الليل، بين ﴿سَاجِدًا وَقَائِمًا﴾ يعني بين سجود وقيام ﴿يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾ وهذا هو بين الخوف والرجاء، يعني يرجو رحمة الله ويحذر عذاب الله عز وجل، وما جعله يقنتُ مُطيعًا لله إلا لأنه يُحب الله، فاجتمعت أركان العبادة الثلاثة هُنا.
﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾ كمن ليس كذلك، ولذلك قال بعدها ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ الجواب: لا يستويان، فالذي قام الليل وعبد الله ﷻ فهو العَالِمْ، وأما أُولئك فهم جُهَّال،
وكذلك لا يستوي العَالِمْ في العلم الشرعي والجاهل.
﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ أصحاب العقول النيرة هم الذين يتذكرون، لكن هؤلاء أصحاب عقول مُتَحجِرة جاهلة.
﴿قُلْ يَا عِبَادِ﴾ مُنادى وحُذفت (الياء) وهذه من أنواع المنادى إذا كان المنادى مضافًا إلى (ياء المُتكلم) تُحذف (الياء) في بعضِ صورها تحذف (الياء) كما جاء هُنا ﴿قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ﴾ -سبحان الله- عباد الله أضافهم إليه من باب التشريف هم مؤمنون ومع ذلك أُمروا بملازمة التقوى.
﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ﴾ من أحسنَ في هذه الدنيا فله حسنة، حسنة في هذه الدنيا وحسنة في الآخرة.
﴿قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ﴾ والحسنة في الدنيا شاملة ولذلك مرَّ معنا تفصيلها وتوضيحها في سورة البقرة ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً﴾ [البقرة-201]
فقال الله ﷻ هُنا: ﴿قُلْ يَا عِبَادِ﴾ آمرًا النبي ﷺ أن يأمر عباد الله ﴿قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ﴾ يعني إذا لم تتمكنوا من عبادة الله في تلك الأرض ولم تستطيعوا أن تقيموا شعائر الله فلتهاجروا، ولذلك قال تعالى: ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ﴾ [العنكبوت-56]
﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ أي: من غير عدد، ولذلك لأن من أنواع الصبر أنهم يُهاجرون ويتركون أوطانهم يحتاج إلى صبر فهُنا تسلية لهم ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ من صبر على طاعة الله، من صبر عن معصية الله، من صبر على أقدار الله المؤلمة.
﴿قُلۡ إِنِّيٓ أُمِرۡتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱللَّهَ مُخۡلِصٗا لَّهُ ٱلدِّينَ (11) وَأُمِرۡتُ لِأَنۡ أَكُونَ أَوَّلَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ (12) قُلۡ إِنِّيٓ أَخَافُ إِنۡ عَصَيۡتُ رَبِّي عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ (13) قُلِ ٱللَّهَ أَعۡبُدُ مُخۡلِصٗا لَّهُۥ دِينِي (14) فَٱعۡبُدُواْ مَا شِئۡتُم مِّن دُونِهِۦۗ قُلۡ إِنَّ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَأَهۡلِيهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ (15) لَهُم مِّن فَوۡقِهِمۡ ظُلَلٞ مِّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحۡتِهِمۡ ظُلَلٞۚ ذَٰلِكَ يُخَوِّفُ ٱللَّهُ بِهِۦ عِبَادَهُۥۚ يَٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ (16)﴾
﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ﴾ قل يا محمد لهؤلاء ﴿إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ ولذلك جاء في أول السورة ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ هُنا قال مأمورًا ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾.
﴿وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾ يعني أول من يُسلم لله ﷻ وهو أكمل الأمة إسلاماً عليه الصلاة والسلام، من أكمل الخَلق إسلاماً عليه الصلاة والسلام، وهو أول هذه الأمة إسلاماً من حيثُ الزمن.
﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾
أخاف إن عصيتُ ربي عذاب يوم عظيم لشدته وهوله.
﴿قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي﴾ قدَّم اسم الله من باب الحصر والتأكيد ﴿قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي﴾ -سبحان الله- كم مرة أُمر بالإخلاص هُنا في سياق الآيات السابقات؟ تكررت وتنوعت بأساليب مختلفة، ولذلك قال:
﴿فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ﴾ وضَّحت لكم الحق، ولذلك جاء بعدها ﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ﴾ يعني من لم يُخلِص في عبادة الله فإنه من الخاسرين ﴿قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ خسروا أنفسهم إذ عرَّضوها للنار، وخسروا أهليهم إن كانوا معهم في النار فلن يجتمعوا معهم إلا على وبال، وإن كانوا في الجنة فقد حُرِموا منهم.
﴿ألا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ﴾ الخسران المبين الواضح هو هذا، وليس غير هذا الأمر.
﴿لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ﴾ ما يُظللهم من أعلاهم ومن تحتهم، لكن لو قال قائل ﴿لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ﴾ الظلل ما تكون تحت وإنما تكون أعلى، فالجواب عن هذا: أنَّ هذا أمرٌ غيبي، وأمْر الآخرة لا ندرك كيفيته ولا كنهه، لكنه عذابٌ عظيم، ويُحتمل أيضًا: أن الظلل التي تحتهم هي عبارة عن ظلل لِمن تحتهم؛ لأن النار دركات -والله أعلمُ بحال هؤلاء، ونعوذُ بالله من حالهم- ولذلك قال تعالى: ﴿لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ﴾ [الأعراف-41]
﴿ذَلِكَ﴾ أي ذلك العذاب ﴿يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ﴾ فانتبهوا، ولذلك قال ﴿يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ﴾ ﴿قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ﴾.
﴿وَٱلَّذِينَ ٱجۡتَنَبُواْ ٱلطَّٰغُوتَ أَن يَعۡبُدُوهَا وَأَنَابُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰۚ فَبَشِّرۡ عِبَادِ (17) ٱلَّذِينَ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقَوۡلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحۡسَنَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَىٰهُمُ ٱللَّهُۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمۡ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ (18) أَفَمَنۡ حَقَّ عَلَيۡهِ كَلِمَةُ ٱلۡعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي ٱلنَّارِ (19) لَٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ لَهُمۡ غُرَفٞ مِّن فَوۡقِهَا غُرَفٞ مَّبۡنِيَّةٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَعۡدَ ٱللَّهِ لَا يُخۡلِفُ ٱللَّهُ ٱلۡمِيعَادَ (20) أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَسَلَكَهُۥ يَنَٰبِيعَ فِي ٱلۡأَرۡضِ ثُمَّ يُخۡرِجُ بِهِۦ زَرۡعٗا مُّخۡتَلِفًا أَلۡوَٰنُهُۥ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَىٰهُ مُصۡفَرّٗا ثُمَّ يَجۡعَلُهُۥ حُطَٰمًاۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكۡرَىٰ لِأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ (21)﴾
﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ﴾ من اجتنب عبادة (الطاغوت) وهو ما تجاوز به العبد حدَّه من معبودٍ، أو متبوعٍ، أو مُطاع، وقد مرَّ معنا ذلك مُفصلا في سورة البقرة.
﴿أَنْ يَعْبُدُوهَا﴾ اجتنبوا عبادتها ﴿وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ﴾ يعني أقبلوا بقلوبهم مخلصةً على الله، وعلى عبادة الله ﴿لَهُمُ الْبُشْرَى﴾ وهُنا أطلقها ﴿لَهُمُ الْبُشْرَى﴾ مما يدُّل على عِظَم هذه البُشرى لأن المُبَشِرَ هو الله، ولذلك قال بعدها ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ﴾ من هم؟
﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾ يعني يستمعون الأقوال لكن يأخذون من الأقوال ما هو أحسنها، وأحسن هذه الأقوال كتاب الله ﷻ وكلام الله.
ويُحتَمل أيضًا: أنهم إذا أُمروا في القرآن مثلاً بمجازة الظالم وبالعفو عنه أخذوا ما هو أفضل، وهو العفو ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ﴾ يستمعون القول بإنصات وبإقبال ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ﴾ وفقهم الله للهداية -هداية التوفيق والإلهام- ﴿وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ أصحاب العقول النيَّرة، ولذلك قال الله ﷻ قبلها بآيات ﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾.
﴿أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ﴾ أفمن وجب وثبت عليه عذاب الله أنه لن يؤمن، وذلك لأن الله لم يُرد به خيراً؛ لأنه أعرض عن هذا القرآن وعن طريق الحق ﴿أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ﴾ يا محمد أي تُنجي ﴿مَنْ فِي النَّارِ﴾ الجواب (لا) لأن الأمر كله لله ﴿وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ [الانفطار-19]
﴿لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ﴾ من اتقى الله ﷻ ﴿قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ﴾.
﴿لهم غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ﴾ مبنية بأحسن ما يكون، لبِنة من ذهب ولبِنة من فضة، منازل عالية في الجنة ﴿تَجْرِي﴾ من تحت الغُرَف ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ للاستمتاع والتلذذ ﴿وَعْدَ اللَّهِ﴾ وعدهم الله هذا الوعد ﴿لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ﴾ ما وعدهم فقد تحقق، ولذلك قال عز وجل:
﴿هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ﴾ [ص-53]
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ دلائل على عَظَمة الله ان أنزل المطر، وأيضاً أنزلَ المطر والمطر به حياة الأرض، أيضًا حياة القلوب بهذا القرآن، رؤية بصرية تراها.
﴿فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ﴾ أدخلَ هذا الماء الذي نزَلَ من السماء ينابيع، أدخله ينابيع يعني مجرى في باطن الأرض -سبحان الله- ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ﴾ [المؤمنون-18]
فقال الله ﷻ هُنا ﴿ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ﴾ من حيث الحمرة والخضرة وما شابه ذلك، كما قال عز وجل: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا﴾ [فاطر-27]
﴿فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا﴾ بسببه، بأمر الله ﴿مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ﴾ ثم بعد ذلك ﴿ثُمَّ يَهِيجُ﴾ يعني ييبس ﴿فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا﴾ يعني متفتتا ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ لمن له عقل نيِر يتذكر، في ثنايا السورة ﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾.