فصل في التأويل
يطلق التـأويل على ثلاثة معاني :
الأول : التفسير ، ومنه قوله تعالى [نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ] {يوسف:36}
الثاني : مآل الكلام إلى حقيقته ، فإن كان خبرا فتأويله نفس حقيقة المخبر عنه وذلك في حق الله ككنه ذاته وصفاته التي لا يعلمها غيره ، وإن كان طلبا فتأويله امتثال المطلوب .
فمثال الخبر / قوله تعالى [هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ] {الأعراف:53} أي ما ينتظر هؤلاء المكذبون إلا حقيقة ما أخبر به عن البعث .
ومثال الطلب / قول عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي ) يتأول القرآن ، أي يمتثل ما في قوله تعالى [فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا] {النَّصر:3}
وهذان المعنيان معروفان في الكتاب والسنة وكلام السلف ، أما قوله تعالى [وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِِ] {آل عمران:7} {النساء:162} فعلى قراءة الوصل ، يكون المراد به التفسير وعلى قراءة الوقف يتعين أن يكون مآل الكلام إلى حقيقته لأن حقائق ما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر لا يعلمها إلا الله عز وجل .
ثالثا : صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح .
فإن دل عليه دليل صحيح فهو حق محمود ويكون من المعنى الأول وهو التفسير كقوله تعالى [فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ] {النحل:98} فظاهره إذا فرغت من القراءة فاستعذ به ، والمراد إذا أردت قراءة القرآن لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وإن لم يدل عليه دليل صحيح كان باطلا فالأولى تسميته تحريفا وليس تأويلا مثاله / قوله تعالى [الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى] {طه:5} أي استولى كما قالوا.
فصل
وُصِف القرآن كله بأنه محكم والمراد الإتقان والجودة في اللفظ والمعنى فهو صادق في أخباره عدل في أحكامه ,ووصف كله بأنه متشابه والمراد تشابهه في الكمال والإتقان فلا يناقض بعضه بعضا في الأحكام ولا يكذب بعضه بعضا في الأخبار كما قال تعالى [أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا] {النساء:82}
ووصف بعضه بأنه محكم ، وبعضه بأنه متشابه ، لقوله تعالى {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ }آل عمران7، فيكون المراد بالإحكام هنا وضوح المعنى فلا يشتبه على أحد لا في خبره ولا في أحكامه كقوله تعالى في الخبر { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن } فكل أحد يعرف رمضان ويعرف القرآن, وكقوله في الأحكام قوله تعالى [وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا] {الإسراء:23}
وأما التشابه الذي وصف به بعض القرآن فالمراد خفاء المعنى على بعضهم دون البعض فيعلمه الراسخون في العلم لأنه من عند الله فيردون المتشابه إلى المحكم فيصير مآله إلى الإحكام ، أما أهل الزيغ فيجعلونه مثارا للشك . فقوله تعالى {فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ }يونس94، ففي هذه الآية ما يوهم وقوع الشك منه عليه الصلاة والسلام في القرآن لكن الراسخين في العلم ينفون أن يكون وقع منه الشك لقوله تعالى {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ }البقرة285.
والحكمة من كون بعض القرآن متشابها الاختبار ليتبين الصادق في إيمانه ممن ليس كذلك.
ومن الفوائد :
التشابه في القرآن على نوعين :
حقيقي : وهذا لا يعلمه إلا الله عز وجل مثل حقيقة ما أخبر الله عن نفسه وعن اليوم الآخر
نسبي : فيعلمه البعض دون البعض
قاعدة : في ضابط ما يجوز لله ويمتنع عنه نفيا وإثباتا
الضابط : في النفي : أن ينفى عنه ما يأتي :
أولا : كل صفة عيب مثل العمى.
ثانيا : كل نقص في كماله كنقص حياته.
ثالثا : مماثلته لخلقه كأن يجعل علمه كعلمه فيدل للأول قوله تعالى [وَللهِ المَثَلُ الأَعْلَى] {النحل:60} ويدل للثاني قوله تعالى [وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ] {ق:38} ويدل للثالث قوله تعالى [لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ] {الشُّورى:11} وبهذا لتعلم أنه لا يصح الاعتماد في ضابط النفي على مجرد نفي التشبيه لأن الناس اختلفوا في تفسيره فقد يفسره بعضهم بما يراه الآخرون تشبيها .
وعلى هذا فالضابط الصحيح فيما ينفى عن الله ما سبق في أول القاعدة.
الضابط في باب الإثبات :
نثبت لله ما أثبته لنفسه من صفات الكمال على وجه لا نقص فيه بأي حال من الأحوال ولهذا لا يصح في ضابط الإثبات أن يعتمد على مجرد الإثبات لأنه لو صح ذلك لجاز أن يثبت المفتري لله كل صفة نقص مع نفي التشبيه فيقول إن الله يبكي لا كبكائهم ويجوع لا كجوعهم وإنما الاعتماد على ما دل عليه السمع والعقل من وصف الله بالكمال على وجه لا نقص فيه فيقال لهذا المفتري البكاء والجوع صفات نقص وما استلزم النقص فهو نقص ، وأما الفرح والضحك فهي صفات كمال لا نقص فيها فلا تنتفي عنه ولكنها لا تماثل صفات المخلوقين
الأصل الثاني : في القدر والشرع
وسبق الكلام عن الأصل الأول وهو الأسماء والصفات
تعريف القدر : هو تقدير الله لما كان وما يكون أزلا وأبدا والإيمان بالقدر والشرع من تمام الإيمان بربوبية الله تعالى وللإيمان بالقدر أربع مراتب مجموعة في قول الناظم
علم كتابة مولانا مشيئته وخلقه وهو إيجاد وتكوين
ومن الفوائد :
الناس اختلفوا في الأسباب منهم من أنكر تأثيرها فقالوا : انكسار الزجاجة بالحجر حصل عند الإصابة لا بها ، ومنهم من غلا فيها وجعلها مؤثرة بذاتها ، وهؤلاء وقعوا في الشرك وأما الوسط فهم أهل السنة والجماعة فأثبتوا للأسباب تأثيرا في مسبباتها لكن لا بذاتها بل بما أودعه الله بها من القوى الموجبة ولذلك عطل الله إحراق النار لإبراهيم
والقدر لا ينافي الأسباب الشرعية والكونية فهو لا ينافي أن للعبد إرادة وقدرة يكون بهما فعله لكنه غير مستقل بإرادته وقدرته وفعله كما لا تستقل الأسباب في التأثير بمسبباتها ولأن إرادة المخلوق وفعله من صفاته وهو مخلوق فتكون مخلوقه وخالق الأعيان خالق لأوصافها لأن الصفات تابعة للموصوف
ومن الفوائد :
الاحتجاج بالقدر على مخالفة الشرع مردود بالكتاب قال تعالى [رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ] {النساء:165} ومردود من حيث النظر فإن من ترك الواجب أو فعل المحرم قدم على ذلك باختياره ولأن هذا المحتج لو خير في السفر بين بلدين أحدهما آمن والآخر مخوف لاختار السفر إلى البلد الأول فلماذا يختار الأفضل في مقر الدنيا ولا يختاره في الآخرة
وأما قوله تعالى [وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا أَشْرَكُوا] {الأنعام:107} فيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم لا دفاعا عنهم ولهذا لما احتجوا على شركهم بمشيئة الله قاصدين إقامة العذر على استمرارهم عليه أبطل الله احتجاجهم ولم يبطل أن شركهم واقع بمشيئته .
أما احتجاج آدم وموسى فآدم احتج بالقدر على المصائب لا على المعائب
ومن الفوائد :
الأعمال هل يعرف حسنها وقبحها بالعقل والشرع ؟
التحقيق أن ذلك يعرف تارة بالشرع وتارة بالعقل وتارة بهما لكن علم ذلك على وجه الشمول والتفصيل وعلم غايتها في الآخرة بسعادة وشقاء لا يعرف إلا بالشرع.
فصل
لابد للإنسان من الإيمان بالقدر والشرع وقد ضلت فيه ثلاث فرق
الأولى : المجوسية : وهم القدرية آمنوا بشرع الله وكذبوا بقدره
الثانية : المشركية : أقروا بقدر الله واحتجوا به على شرعه
الثالثة : الإبليسية : أقروا بهما لكن جعلوا ذلك تناقضا من الله .
ومن الفوائد :
الإسلام له معنى عام وهو فعل الطاعة وترك المحرم في كل زمان ومكان وعلى هذا يكون أصحاب الملل السابقة مسلمين حين كانت شرائعهم قائمة لم تنسخ كقول نوح [وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المُسْلِمِينَ] وقول بلقيس [وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ] {النمل:44}
أما الإسلام بالمعنى الخاص فيختص بشريعة النبي صلى الله عليه وسلم لأن شريعته ناسخة لشرائع فلا إسلام بعد بعثته إلا باتباعه إذاً الخلاف هل كانوا مسلمين أي أصحاب الملل السابقة أو غير مسلمين نزاع لفظي ، وإن كان الإسلام اتباع الشريعة القائمة فإنه إذا نسخ شيء منها لم يكن المنسوخ دينا بعد نسخه ولا اتباعه إسلاما كاستقبال بيت المقدس كان دينا وإسلاما قبل نسخه أما بعده فلا.
فصل
التوحيد قسمة العلماء حسب التتبع والاستقراء إلى ثلاثة :
أولا : توحيد الربوبية .
ثانيا : توحيد الألوهية .
ثالثا : توحيد الأسماء والصفات
ومن الفوائد :
العبادة تطلق على معنيين :
أولا : التعبد وهو فعل العابد .
ثانيا : المتعبد به فتكون اسماً جامعاً لكل ما يتعبد به لله تعالى من صلاة ونحو ذلك .
والعبادة لها شرطان معروفان:
أولا : الإخلاص.
ثانيا : المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم ، ولا تتحقق المتابعة إلا بموافقة العبادة للشرع في سببها وجنسها ، وقدرها وكيفيتها وزمانها ومكانها مجموعة في قولك ( قس جزمك).
وبهذا التقرير عن أقسام التوحيد يتبين خطأ عامة المتكلمين الذين جعلوها ثلاثة أنواع:
أولا : أن الله واحد في ذاته لا قسيم له .
ثانيا : أنه واحد في صفاته لا شبيه له .
ثالثا : أنه واحد في أفعاله لا شريك له .
وبيان غلطهم من وجوه :
أولا : لم يدخلوا فيه توحيد الألوهية الذي من أجله أرسلت الرسل وأنزلت الكتب.
ثانيا : أن قولهم في النوع الأول فيه إجمال وقد يراد منه معنى صحيحا أوغير صحيح فإن أرادوا أن الله لا يتجزأ ، وليس مركبا من أجزاء فهو حق وإن أرادوا نفي صفاته فهو باطل .
ثالثا : أن النوع الثاني : فيه إجمال فإن أرادوا إثبات الصفات على الوجه اللائق به من غير تمثيل فحق وإن أرادوا به نفي أن يكون شيء من المخلوقات مماثلا له من كل وجه فهذا لغو كقول القائل (السماء فوقنا) وإن أرادوا به نفي أن يكون بين صفات الخالق والمخلوق قدر مشترك مع تميز كل منهما لما يختص به فهذا باطل.
رابعا : أن النوع الثالث من توحيدهم يجعلون معناه : لا قادر على الاختراع إلا الله.
ومن الفوائد :
الفناء ثلاثة أقسام في الاصطلاح :
أولا : ديني شرعي : وهو الفناء عن إرادة السِّوى أي عن إرادة ما سوى الله بحيث يفنى بالإخلاص لله عن الشرك وبشريعته عن البدعة وبطاعته عن معصيته وغير ذلك مما يشتغل به من مرضاة الله عما سواه وهذا فناء شرعي جاءت به الرسل وهو الذوق الإيماني الحقيقي كما في حديث ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، و بمحمد نبيا
ثانيا : صوفي بدعي : وهو الفناء عن شهود السوى أي عن شهود ما سوى الله ففنى بالمعبود عن العبادة وبالمذكور عن الذكر حتى صار لا يدري أهو في عبادة أو ليس في عبادة وهو فناء ناقص لأنه لم يستطع قلبه الجمع بين شهود المعبود والعبادة ولأنه يصل بصاحبه إلى الجنون حتى إنه ليصدر منه شطحات مخالفة للشرع ، كقول بعضهم: سبحاني أو أنا الله ، وهذا الفناء لم يقع من عباد الله المخلصين وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج ما لم يره أحد فكان على غاية من الثبات في قواه الظاهرة والباطنة ، ولم يقع في عصر الصحابة وإنما حدث هذا في عصر التابعين ووقع من بعض العباد فكان منهم من يصرخ وكان منهم من يموت حتى عرف هذا كثيرا في بعض الصوفية ، ومن جعل هذا نهاية السالكين فقد ضل ومن جعله من لوازم السير إلى الله فقد أخطأ .
ثالثا : فناء إلحادي كفري : وهو الفناء عن وجود السوى بحيث يرى أن الخالق عين المخلوق فليس ثمت خالق ومخلوق وهؤلاء أكفر من النصارى فجعلوا الله متحدا بعبده الذي اصطفاه بعد أن كان غير متحد ولأن النصارى خصوه بمن عظموه كالمسيح ، أما هؤلاء جعلوه في كل شيء حتى في الأقذار فعندهم الناكح والمنكوح شيء واحد وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله عن بعضهم انه كان يأتي ابنه ويدَّعي أنه الله رب العالمين فقبح الله طائفة تقول إن إلهها هو موطوؤها.
ومن الفوائد :
لا يتم الإسلام إلا بالبراءة مما سواه كما قال إبراهيم عليه السلام في سورة الممتحنة [قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ] {الممتحنة:4}
والبراءة نوعان : براءة من العمل المحرم بحيث لا يرضاه ولا يقره ولا يعمل به .
الثانية / البراءة من العامل فإن كان عمله كفرا وجبت البراءة منه بكل حال من كل وجه وإن كان عمله دون الكفر وجبت البراءة منه من وجه دون وجه فيوالى بما معه من العمل الصالح ويُتبرأ منه بما معه من المعاصي.
إذاً قد يجتمع في الإنسان خصلة إيمان وخصلة كفر
ومن الفوائد :
المؤمن مأمور بفعل المأمور ويترك المحظور والصبر على المقدور قال تعالى عن لقمان [يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ المُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ] {لقمان:17}
فجمعت هذه الآية هذه الأمور الثلاثة :
ومن الفوائد :
لابد في الأمر الشرعي من أصلين :
أولا : قبل العمل أو مقارن له وهو الاجتهاد في العلم ثم العمل بما يقتضيه ذلك العلم .
ثانيا : الاستغفار والتوبة من التفريط في المأمور والتعدي على المحظور ولهذا كان من المشروع ختم الأعمال بالاستغفار حتى ختم حياته عليه الصلاة والسلام بالاستغفار كما في سورة النصر { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا }
ومن الفوائد :
لابد في القدر من أصلين :
أولا : قبل المقدور وهو الاستعانة بالله فيكون معتمدا على ربه ملتجئا إليه في حصول المطلوب ودفع المكروه
ثانيا : بعد المقدور : وهو الصبر عليه بحيث يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه فيرضى بذلك ويسلم
وقد جمع الله بين هذين الأصلين في أكثر من موضع [إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ]
ومن الفوائد :
الناس في مقام الشرع والقدر أربعة :
أولا : من حقق أصلي الشرع وأصلي القدر وهم المتقون
ثانيا : فاتهم التحقيق في أصلي القدر فعندهم عبادة لكن ما عندهم صبر
ثالثا : من فاتهم التحقيق في أصلي الشرع فكانوا ضعفاء في العبادة صابرين على البلاء ولكن قد يكون ذلك في أمور لا يحبها الله كقطاع الطريق
رابعا : من فاتهم تحقيق أصلي الشرع وأصلي القدر وربما لجؤا في الشدائد إلي الشياطين .
تم الفراغ من تقريبه يوم الأربعاء 9 / 1 / 1424 هـ الساعة الثانية عشرة ليلاً والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.