الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
ومن الفوائد :
إثبات الكلام لله عز وجل في قوله تعالى { وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ }مريم52 ، وقوله { مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ}البقرة253 ، وفيها ذكر نوعي الكلام :
أولا : المناداة بصوت مرتفع .
ثانيا : المناجاة وهي بصوت غير مرتفع .
وإثبات صفة الكلام لله عز وجل من الصفات الذاتية لقيامه به ، ومن الفعلية الواقعة بمشيئته .
ومن الفوائد :
أن من الأدلة على تنزيل القرآن من الله قوله تعالى { وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يديه }الأنعام92
قلت :
ذكره لإنزاله بعد الآيات المتضمنة إثبات صفة الكلام لله يبين أن القرآن كلامه لا كلام غيره .
ومن الفوائد :
أن من بين الأدلة على إثبات رؤية المؤمنين لربهم عز وجل قوله تعالى { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ{22} إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ{23} .
قلت :
خلافا لمن نفى الرؤية .
ومن الفوائد :
أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم تفسر القرآن ، ومعتقد الفرقة الناجية الأخذ بالأحاديث الصحيحة التي ذكرت صفات الله عز وجل .
ومن الفوائد :
ثبوت النزول الإلهي إلى السماء الدنيا ، مثل قوله صلى الله عليه وسلم 🙁 ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة ، حين يبقى ثلث الليل الآخر ، فيقول : من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه )
ومن الفوائد :
من أدلة السنة على أن الله عز وجل يفرح ويضحك قوله صلى الله عليه وسلم ( لله أشد فرحا بتوبة عبده ) وقوله ( يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة )
قلت :
وهو من الصفات الفعلية.
ومن الفوائد :
من أدلة السنة على إثبات أن الله عز وجل يعجب قوله صلى الله عليه وسلم ( عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غيره ينظر إليك أزلين قنطين ، فيظل يضحك يعلم أن فرجكم قريب ).
ومن الفوائد :
من أدلة السنة على إثبات الرِجل والقدم قوله صلى الله عليه وسلم ( إن الله يضع رجله ) وفي رواية ( قدمه في جهنم فينزوي بعضها إلى بعض )
قلت :
وهذا من الصفات الذاتية الخبرية ، خلافا لمن فسرها بأنها جماعة في النار ، فسر الرِجل المراد بها الجماعة ، والرد عليهم من الحديث أنه قال ( يضع ) ولم يقل يُلقي .
ومن الفوائد :
من أدلة السنة على إثبات النداء والصوت والكلام ( يقول الله يا آدم ، يقول لبيك وسعديك ) فينادي بصوت ، فقوله ( يا آدم ) مناداة .
ومن الفوائد :
من أدلة السنة على إثبات علو الله عز وجل على خلقه واستوائه على عرشه ، قوله صلى الله عليه وسلم للجارية ( أين الله ؟ قالت في السماء )
ومن الفوائد :
من أدلة السنة على إثبات معية الله عز وجل لخلقه وأنها لا تنافي علوه واستوائه فوق عرشه : دعاء النبي صلى الله عليه وسلم قبل النوم ، ومن جملة ما قال ( أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء ) ولا يلزم من ذلك أنه سبحانه مختلط بخلقه ، بل هو فوق سماواته مستوٍ على عرشه محيط بخلقه ، فهو قريب في علوه علي في دنوه .
ومن الفوائد :
من أدلة السنة على إثبات رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة قوله صلى الله عليه وسلم ( إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر ) الحديث .
ومن الفوائد :
أن أهل السنة والجماعة وسط في فرق الأمة كما أن الأمة هي وسط في الأمم .
قلت :
المراد بالوسط العدول الخيار فلا إفراط ولا تفريط .
ومن الفوائد :
أن هناك أمورا خمسة دلت على توسطها بين تلك الفرق الضالة :
أولا : توسطهم في باب الأسماء والصفات بين المعطلة والممثلة .
ثانيا : توسطهم في أفعال الله بين الجبرية والقدرية .
ثالثا : توسطهم في وعيد الله بين المرجئة والوعيدية من الخوارج والمعتزلة .
رابعا : توسطهم في الإيمان بين الوعيدية وبين المرجئة .
خامسا : توسطهم في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بين الرافضة والخوارج .
ومن الفوائد :
أن من اعتقاد الفرقة الناجية أنه سبحانه وتعالى فوق سماواته على عرشه عليٌ على خلقه وهو معهم أينما كانوا ، كما جمع بينهما في قوله تعالى { هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }الحديد4 .
وليس معنى قوله { معكم } أنه مختلط بالخلق ، فهذا لا توجبه اللغة التي نزل بها القرآن ، وكلمة ( مع ) لمطلق المصاحبة ليس الاختلاط ، كما في قولك ( ما زلنا نسير والقمر معنا ) وهذا القول أعني قولهم أنه مختلط بهم ، خلاف ما أجمع عليه السلف من الصحابة ومن بعدهم فقد أجمعوا أنه مستوٍ على عرشه عال على خلقه بائن منهم ، وأجمعوا على أنه مع خلقه بعلمه ، وأيضا هذا خلاف الفطرة لأن الخلق يتوجهون إلى الله عند الشدائد نحو العلو وبالجملة يكفي أنه خلاف ما جاء به الكتاب والسنة .
وكل ما ذُكر من أن الله فوق العرش وأنه معنى حق على حقيقته ، ومن ظن أن السماء تحمله أو تستره فقد أخطأ لأن هذا خلاف ما أجمع عليه سلف الأمة وهو مصادم لأدلة القرآن الدالة على عظمة الله عز وجل وحاجة خلقه إليه ، وكما قال تعالى { وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }الحج65 .
فدلت على أن السماوات والأرض بحاجة إليه وكذلك الشأن في الإيمان في قربه ومعيته كما قال تعالى { فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }البقرة186 .
وهذا القرب لا يناقض علوه ، لأن القرب حق والحق لا يتناقض ، وهو الحق سبحانه ، والله لا يقاس بخلقه كما قال تعالى { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }الشورى11 .
ومن الفوائد :
أن معتقد أهل السنة والجماعة الإيمان بأن القرآن كلام الله حقيقة منزل غير مخلوق خلافا للمعتزلة ، ومقولة شيخ الإسلام ( منه بدأ ) خلافا للجهمية الذين يقولون إن الله لا يتكلم وإنما خلق الكلام في غيره ( وإليه يعود وأن الله تكلم به حقيقة ) وليس هو حكاية عن كلام الله كما قالت الكلابية أو عبارة عن كلام الله كما قالت الأشاعرة .
إذاً إذا قرأه الناس أو كتبوه في المصاحف لم يخرج بذلك عن كونه كلام الله حقيقة ، وهو كلام حروفه ومعانيه وليس هو الحروف دون المعاني كما قالت المعتزلة ، ولا المعاني دون الحروف كما هو مذهب الكلابية والأشاعرة .
ومن الفوائد :
أن المؤمنين يرون الله يوم القيامة عيانا بأبصارهم في عرصات القيامة وبعد دخول الجنة كما يشاء من غير إحاطة ولا تكييف لرؤيته .
ومن الفوائد :
أن من معتقد أهل السنة والجماعة أن من الإيمان باليوم الآخر الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت .
قلت :
يدل له قوله تعالى { يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ }إبراهيم27 خلافا للمعتزلة الذين ينكرون عذاب القبر وحجتهم أن عقولهم لا تدرك ذلك ولا يرونه يُعذب .
قلت :
والرد عليهم يسير ، فليس كل ما لا يرى ليس بموجود فعندما نقول إن عقولكم لا تُرى إذاً عقولكم ليست بموجودة .
ومن أمثلة ما يجب الإيمان به في القبر ويوم القيامة فتنة القبر ودنو الشمس ونشر الدواوين ومحاسبة الله لعبده ووزن الأعمال .
ومن الأمثلة على الإيمان باليوم الآخر حساب المؤمنين ومعناها أن يجعله الله معترفا بها كما في الحديث ( أتعرف ذنب كذا وكذا )
والإيمان بمحاسبة الكفار ومعنى ذلك : أن تُعد أعمالهم فيعترفون بها ومن ثم يؤاخذون بها وليست محاسبتهم أن توزن حسناتهم وسيئاتهم فإنهم لا حسنات لهم .
ومن أمثلة الإيمان باليوم الآخر : بحوض النبي صلى الله عليه وسلم وأنه في عرصات القيامة كما ذُكرت صفاته .
والإيمان بالصراط المنصوب على متن جهنم بين الجنة والنار يمر الناس عليه على قدر أعمالهم ، ومن تجاوزه دخل الجنة ويقفون قبل الدخول إلى الجنة على قنطرة ليقضى لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا ، فإذا هذبوا ونقوا أُذن لهم بدخول الجنة ، وأول من يستفتح بابها النبي صلى الله عليه وسلم وأول من يدخلها أمته .
ومن أمثلة الإيمان باليوم الآخر :
الإيمان بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وهي الشفاعة العظمى ، ويشفع أيضا في عمله أبي طالب ، وأيضا دخول أهل الجنة الجنة ، وهذا يسمى الشفاعة الخاصة .