الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى الدين .
أما بعد :
فقد الناظم رحمه الله :
الشرح :
لما ذكر رحمه الله شروط الأسماء الستة منبها عليها بذكر المثال ، وبيَّن علامات الإعراب لهذا الأسماء الستة أنها في حالة الرفع ترفع بالواو وتنصب بالألف وتجر بالياء ، والشروط السابقة في إعمال هذه الأسماء على حسب ما ذكرنا ، قلنا :
1 – تكون مفردة .
2- أن تكون مضافة .
3- أن تكون مكبرة .
4- ألا تضاف إلى ياء المتكلم .
ثم ذكر رحمه الله في هذا البيت أن من بين الأسماء الستة :
( ذو ) و ( فو ) ولكن ( ذو ) يشترط في إعمالها إعمال الأسماء الستة ، يشترط على ما سبق من شروط أن تكون ( ذو ) بمعنى صاحب .
مثال : ” جاء ذو مالٍ “
جاء : فعل ماضي مبني على الفتح .
ذو : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه من الأسماء الستة .
أي ” جاء صاحب مال “
فإذا حذفت ( ذو ) وصح أن يحل محلها صاحب ، فاعلم أنها من الأسماء الستة .
ذو : مضاف .
مال : مضاف إليه .
مثال : ” رأيت ذا مالٍ “
ذا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الألف لأنه من الأسماء الستة .
مثال : ” مررت بذي مالً “
الباء : حرف جار .
ذي : اسم مجرور بالباء وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الستة .
لو قال قائل : أهناك ذو لا يفهم معها الصحبة ؟
نقول : نعم ، وهي ( ذو الطائية ) عند طيء ، وقد ذكرها الناظم رحمه الله كما سيأتي إن شاء الله في أبيات تتعلق بالأسماء الموصولة .
فإذا كانت ( ذو ) هي ( ذو الطائية ) فلا تدخل معنا ، لأنها تكون بمعنى ( الذي )
مثال : ” جاء ذو قام “
أيصح أن تجعل كلمة ( صاحب ) مكان ( ذو ) تقول : جاء صاحب قام ؟ لا يصح .
إذاً / هذه ( ذو الطائية ) لأنها بمعنى الذي
” جاء ذو قام ” ” رأيت ذو قام ” ” مررت بذو قام ” لأنها مبنية والأسماء الموصولة مبنية – كما مر معنا – إلا في حالة التثنية .
إذاً / ” جاء ذو قام ” ” رأيت ذو قام ” ” مررت بذو قام ” تلزم صفة واحدة وحركة واحدة ، لم ؟ لأنها مبنية .
إذاً لا علاقة لنا بـ ( ذو الطائية ) التي بمعنى ( الذي ) .
ثم قال رحمه الله :
ما سبق من شروط في الأسماء الستة يجب أن تتوفر في ( فو ) ولكن يزاد على تلك الشروط أن تخلو من الميم .
مثال : ” انفتح فوك “
انفتح : فعل ماضي
فو : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه من الأسماء الستة وهو مضاف و (الكاف ) ضمير مبني في محل جر مضاف إليه .
مثال : ” رأيت فاك “
فاك : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الألف لأنه من الأسماء الستة.
مثال : ” نظرت إلى فيك “
إلى : حرف جر .
فيك : اسم مجرور بـ [ إلى ] وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الستة ، وهو مضاف و ( الكاف ) مضاف إليه .
إذاً / إذا نظرنا إلى ( فو ) وجدنا أنها قد خلت من الميم ، فلما خلت من الميم أعربت إعراب الأسماء الستة ، لكن لو لم تخلُ من الميم ، هنا تعرب بالحركات .
مثال : ” انفتح فمُك “
انفتح : فعل ماضي .
فم : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره ، لم ؟ لوجود الميم ، فتعود إلى الأصل .
مثال : ” رأيت فمَك ” ” نظرت إلى فمِك “
إذاً هذه الأمثلة : ” انفتح فمُك “” رأيت فمَك ” ” نظرت إلى فمِك ” هل هي من الأسماء الستة ؟ لا ، لم ؟ لأن الميم قد التصقت بها .
ولذلك قال :
قال في الشطر الأول ( أبانا ) وفي الثاني ( بانا ) وكلتا الكلمتين تختلف من حيث المعنى ( أبانا ) يعني إن أوضحت صحبة ( بانا ) يعني خلت من الميم .
لكن كما سبق لابد أن تتوفر فيها تلك الشروط مع شرط الصحبة في ( ذو ) و شرط خلو الميم من ( فو )
أن الفصاحة والبيان يُحمد عليه العبد ، هذا من حيث الأصل ، فكون الإنسان يبين ما في نفسه ويفصح عما في قلبه ، لا شك أنه شيء يحمد عليه ، وهي من النعم ، إذ لم يجعله الله أخرس ، قال تعالى {الرَّحْمَنُ{1} عَلَّمَ الْقُرْآنَ{2} خَلَقَ الْإِنسَانَ{3} عَلَّمَهُ الْبَيَانَ{4} فيفصح عما في نفسه : أحضر لي طعاما ، أحضر لي شرابا ، تحرك يا فلان ، إذاً أبان ما في نفسه .
أما البلاغة والفصاحة في مصطلح اللغة فهي من حيث الأصل لا تحمد ولا تذم ، وإنما ينظر إلى متعلقها ، فإن الفصاحة قد تكون وبالا على صاحبها ، ولذا في الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام ( إن من البيان لسحرا ) وقال عليه الصلاة والسلام ( أخوف ما أخاف على أمتي منافق عليم اللسان) فقد يدعو بفصاحته وبلاغته إلى باطله .
إذاً من حيث هذا المتعلق مذموم ، لكن لو أنها تعلقت بشيء محمود كأن يكون فصيحا بليغا يوضح أحكام الشرع ويدعو إلى الخير، فهو يحمد عليه ، ولذلك أعطي النبي صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم .