شرح الألفية الدرس ( 10 ) المعرب والمبني [ البيت 28 ]

شرح الألفية الدرس ( 10 ) المعرب والمبني [ البيت 28 ]

مشاهدات: 912

شرح ( ألفية ابن مالك )

الدرس العاشر  

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى الدين .

أما بعد :

فقد الناظم رحمه الله :

28 ـ مِنْ ذَاكَ ذُو إِنْ صُحْبَةً أَبَانَا  *** وَالْفَمُ حَيثُ الْمِيمُ مِنْهُ بَانَا

الشرح :

لما ذكر رحمه الله شروط الأسماء الستة منبها عليها بذكر المثال ، وبيَّن علامات الإعراب لهذا الأسماء الستة أنها في حالة الرفع ترفع بالواو وتنصب بالألف وتجر بالياء ، والشروط السابقة في إعمال هذه الأسماء على حسب ما ذكرنا ، قلنا :

1 – تكون مفردة .

2- أن تكون مضافة .

3- أن تكون مكبرة .

4- ألا تضاف إلى ياء المتكلم .

ثم ذكر رحمه الله في هذا البيت أن من بين الأسماء الستة :

( ذو ) و ( فو ) ولكن ( ذو ) يشترط في إعمالها إعمال الأسماء الستة ، يشترط على ما سبق من شروط أن تكون ( ذو ) بمعنى صاحب .

مثال : ” جاء ذو مالٍ “

جاء : فعل ماضي مبني على الفتح .

ذو  : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه من الأسماء الستة .

أي ” جاء صاحب مال “

فإذا حذفت ( ذو ) وصح أن يحل محلها صاحب ، فاعلم أنها من الأسماء الستة .

ذو : مضاف .

مال : مضاف إليه .

مثال : ” رأيت ذا مالٍ “

ذا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الألف لأنه من الأسماء الستة .

مثال : ” مررت بذي مالً “

الباء : حرف جار .

ذي : اسم مجرور بالباء وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الستة .

لو قال قائل : أهناك ذو لا يفهم معها الصحبة ؟

نقول : نعم ، وهي ( ذو الطائية ) عند طيء ، وقد ذكرها الناظم رحمه الله كما سيأتي إن شاء الله في أبيات تتعلق بالأسماء الموصولة .

فإذا كانت ( ذو ) هي ( ذو الطائية ) فلا تدخل معنا ، لأنها تكون بمعنى ( الذي )

مثال : ” جاء ذو قام “

أيصح أن تجعل كلمة ( صاحب ) مكان ( ذو ) تقول : جاء صاحب قام ؟ لا يصح .

إذاً / هذه ( ذو الطائية ) لأنها بمعنى الذي

” جاء ذو قام ” ” رأيت ذو قام ” ” مررت بذو قام ” لأنها مبنية والأسماء الموصولة مبنية – كما مر معنا – إلا في حالة التثنية .

إذاً / ” جاء ذو قام ” ” رأيت ذو قام ” ” مررت بذو قام ” تلزم صفة واحدة وحركة واحدة ، لم ؟ لأنها مبنية .

إذاً لا علاقة لنا بـ ( ذو الطائية )  التي بمعنى ( الذي ) .

ثم قال رحمه الله :

…………………وَالْفَمُ حَيثُ الْمِيمُ مِنْهُ بَانَا

ما سبق من شروط في الأسماء الستة يجب أن تتوفر في ( فو ) ولكن يزاد على تلك الشروط أن تخلو من الميم .

مثال : ” انفتح فوك “

انفتح : فعل ماضي

فو : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه من الأسماء الستة وهو مضاف و (الكاف ) ضمير مبني في محل جر مضاف إليه .

مثال : ” رأيت فاك “

فاك : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الألف لأنه من الأسماء الستة.

مثال : ” نظرت إلى فيك “

إلى : حرف جر .

فيك : اسم مجرور بـ [ إلى ] وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الستة ، وهو مضاف و ( الكاف ) مضاف إليه .

إذاً / إذا نظرنا إلى ( فو ) وجدنا أنها قد خلت من الميم ، فلما خلت من الميم أعربت إعراب الأسماء الستة ، لكن لو لم تخلُ من الميم ، هنا تعرب بالحركات .

مثال : ” انفتح فمُك “

انفتح : فعل ماضي .

فم   : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره ، لم ؟ لوجود الميم ، فتعود إلى الأصل .

مثال : ” رأيت فمَك ” ” نظرت إلى فمِك “

إذاً هذه الأمثلة : ” انفتح فمُك “” رأيت فمَك ” ” نظرت إلى فمِك ” هل هي من الأسماء الستة ؟ لا ، لم ؟ لأن الميم قد التصقت بها .

ولذلك قال :

…………………وَالْفَمُ حَيثُ الْمِيمُ مِنْهُ بَانَا

يعني بانت وانفصلت ، ثم انظروا إلى براعته رحمه الله في اختيار الألفاظ المتقاربة ،

مِنْ ذَاكَ ذُو إِنْ صُحْبَةً أَبَانَا  *** وَالْفَمُ حَيثُ الْمِيمُ مِنْهُ بَانَا

قال في الشطر الأول ( أبانا ) وفي الثاني ( بانا ) وكلتا الكلمتين تختلف من حيث المعنى ( أبانا ) يعني إن أوضحت صحبة ( بانا ) يعني خلت من الميم .

لكن كما سبق لابد أن تتوفر فيها تلك الشروط مع شرط الصحبة في             ( ذو ) و شرط خلو الميم من ( فو )

 

الفائدة البلاغية الثانية

أن الفصاحة والبيان يُحمد عليه العبد ، هذا من حيث الأصل ، فكون الإنسان يبين ما في نفسه ويفصح عما في قلبه ، لا شك أنه شيء يحمد عليه ، وهي من النعم ، إذ لم يجعله الله أخرس ، قال تعالى {الرَّحْمَنُ{1} عَلَّمَ الْقُرْآنَ{2} خَلَقَ الْإِنسَانَ{3} عَلَّمَهُ الْبَيَانَ{4} فيفصح عما في نفسه : أحضر لي طعاما ، أحضر لي شرابا ، تحرك يا فلان ، إذاً أبان ما في نفسه .

أما البلاغة والفصاحة في مصطلح اللغة فهي من حيث الأصل لا تحمد ولا تذم ، وإنما ينظر إلى متعلقها ، فإن الفصاحة قد تكون وبالا على صاحبها ، ولذا في الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام ( إن من البيان لسحرا ) وقال عليه الصلاة والسلام ( أخوف ما أخاف على أمتي منافق عليم اللسان) فقد يدعو بفصاحته وبلاغته إلى باطله .

إذاً من حيث هذا المتعلق مذموم ، لكن لو أنها تعلقت بشيء محمود كأن يكون فصيحا بليغا يوضح أحكام الشرع ويدعو إلى الخير، فهو يحمد عليه ، ولذلك أعطي النبي صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم .