الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
قال الماتن رحمه الله :
والاسْمُ مِنْهُ مُعْرَبٌ وَمَــبْنِي |
|
لِشَبَهٍ مِنَ الْحُرُوفِ مُدْنِـي
|
كَالشَّبَهِ الْوَضْعِيِّ فِي اسْمَيْ جِئْتَنَا |
|
وَالمَعْنَوِيّ فِي مَتَى وَفِي هُنَا
|
وَكَنِيَابَةٍ عَنِ الفِعْــــلِ بـلَا |
|
تَأَثُّرٍ وَكَافْتِـــقَارٍ أُصـِّلَا
|
وَمُعْرَبُ الَأسْمَاءِ مَا قَدْ سَلِـمَا |
|
مِنْ شَبَهِ الْحَرْفِ كَأَرْضٍ وَسُمَا |
الشرح :
قوله رحمه الله :
والاسْمُ مِنْهُ مُعْرَبٌ وَمَــبْنِي |
|
لِشَبَهٍ مِنَ الْحُرُوفِ مُدْنِـي
|
أفاد هنا أن الاسم إما أن يكون معربا وهو الأصل ، وإما أن يكون مبنيا ، فالأصل في الأسماء هو الإعراب ، وقد مر معنا بيت يشير إلى أن الاسم معرب :
بِالْجَرِّ وَالتَّنْوينِ وَالنِّدَا وَأَلْ *** وَمُسْنَدٍ لِلاسْمِ تَمْيِيزٌ حَصَلْ
هذه علامات إعراب ( الجر ) علامة إعراب .
وأما القسم الثاني وهو الفرع من الأسماء هو ” المبني من الأسماء ” ما سبب بنائه ؟ لكونه قريبا وشبيها للحرف ، لأن الحروف كلها مبنية ، فإذاً لو قيل : ما سبب بناء الأسماء ؟
لشبهها بالحرف ، لماذا الحرف ؟ لأن الحروف كلها مبنية .
ثم مثَّل رحمه الله بأن الاسم يشابه الحرف في أنواع متعددة ، قال :
كَالشَّبَهِ الْوَضْعِيِّ فِي اسْمَيْ جِئْتَنَا |
|
وَالمَعْنَوِيّ فِي مَتَى وَفِي هُنَا
|
(جِئْتَنَا ) التاء هنا ” تاء الفاعل ” و ( نا ) نا الفاعلين ، فالحرف تكوينه إما من حرف وإما من حرفين – هذا هو الأصل – فالاسم شابه الحرف في كون هذا الاسم مثل ” تاء الفاعل ” يشبه حرفا مكون من حرف مثل (ل) الجر ، و ” نا ” اسم مبني لكونه يشبه الحرف المكون من حرفين ، مثل ( مِن ، في )
السبب الثاني في كون الاسم المبني شابه الحرف أن يشبهه لا من حيث الوضع ، وإنما من حيث المعنى
قال رحمه الله :
وَالمَعْنَوِيّ فِي مَتَى وَفِي هُنَا
مثال :
متى تقوم ؟
” متى ” اسم شابهت حرفا معنويا يدل على الاستفهام ، ما هو الحرف ؟ ( هل ) هل تقوم ؟
” متى تقمْ أقمْ “
” متى ” هنا اسم مبني ، لم ؟ لأنها شابهت حرفا معنويا الذي هو ( إِنْ ) ” إنْ تقم أقم “
وكذلك ( هنا ) اسم إشارة ، شابه حرفا كان ينبغي أن يوضع لاسم الإشارة – لكن ما هناك حرف في أسماء الإشارة – لكن يقولون يفترض أن يكون هناك شيء من الحروف يشابه اسم الإشارة لأنك تشير إلى اسم معين .
فإذاً ” متى ” شابهت الحرف معنويا .
” هنا ” شابهته معنويا بالافتراض .
وَكَنِيَابَةٍ عَنِ الفِعْــــلِ بـلَا |
|
تَأَثُّرٍ وَكَافْتِـــقَارٍ أُصـِّلَا
|
الحرف يؤثر ولا يتأثر
مثال :
” زيدٌ في الدارِ “
في : حرف جر أثَّر في الدار ، لكن زيد لم يؤثر في ” في ” فلا يتأثر الحرف وإنما يؤثر
فكذلك الاسم الذي يؤثر ولا يتأثر ، وهي أسماء الأفعال التي نابت عن فعل وتؤثر ولا تتأثر
مثال :
” دِراكِ زيداً “
دِراك : اسم فعل ناب عن أَدْرِكْ ، يعني ” أدرك زيداً “
هناك شيء قد ينوب عن الفعل ولكنه يتأثر وهو ” المصدر ” فلا يدخل معنا
مثال :
” ضرباً زيداً ” أصلها اضرب زيداً ، هنا مصدر مبني أم معرب ؟ معرب ، لم مع أنه ناب عن الفعل ؟ لأنه يتأثر ” ضرب ، يضرب ، ضرباً ” .
قال : ( وَكَافْتِـــقَارٍ أُصـِّلَا )
الحرف يفتقر إلى شيء
مثال :
” زيد في ” هل تم المعنى ؟ لم يتم المعنى ، إذاً هو يفتقر إلى شيء ، فلو قلنا ” زيدٌ في الدار ” وضَّح المعنى .
هناك الأسماء الموصولة التي تفتقر إلى الصِّلة .
مثال :
” جاء الذي ” هل حصل معنى ؟ لا ، إذاً لما كان الاسم الموصول يحتاج إلى ما يتمِّم معنا وهو ( الصلة ) أشبه الحرف لكونه مفتقرا إلى شيء يتمم معناه
” جاء الذي ضربتُه “
ثم قال رحمه الله :
وَمُعْرَبُ الَأسْمَاءِ مَا قَدْ سَلِـمَا |
|
مِنْ شَبَهِ الْحَرْفِ كَأَرْضٍ وَسُمَا |
يعني ما سَلِم من شبه الحرف فهو المعرب ، الاسم الذي سَلِم من شبه الحرف فهو المعرب ، كيف يتم شبه الاسم بالحرف ؟ إما شبها وضعيا ، أو معنويا ، أو نيابة عن الفعل من غير أن يتأثر ، أو افتقار أصِّلا .
ثم مثَّل على المعرب ، قال : ( كَأَرْضٍ وَسُمَا )
” أرضٌ ” ثم قال ” سُما “
” أرض ” ليبين لك أن المعرب نوعان صحيح ” وسما ” معتل .
فحروف الهجاء ثمانية وعشرون حرفا كلها صحيحة ما عدا ثلاثة أحرف ” الواو ، والألف ، والياء ” مثَّل على الصحيح فقال ” أرض ” زيدٌ ، محمدٌ ، خالدٌ “
” سُمَا ” معتل ” موسى ، عيسى ، مصطفى ، يحيى “
” سُمَا ” لغة في الاسم ، فيمكن أن تقول لشخص ” ما سُماك ” حتى قالوا إن لغات الاسم تصل إلى ثماني عشرة لغة .
إذاً ” أرضٌ ” معرب صحيح
” سُما ” معرب معتل .
” أرضٌ ” منون ، هذا يسمى بتنوين التمكين ، وهذا هو النوع الثاني من أنواع التنوين ” تنوين التمكين ” لأنه تمكن في الاسم ” أرضٌ ، زيدٌ ، محمدٌ ” مر معنا نوع آخر وهو ” تنوين التنكير ” في أسماء الأفعال
وَالَأمْرُ إِنْ لَمْ يَكُ لِلنُّونِ مَحَلّ | فِيهِ هُوَ اسْمٌ نَحْوُ صَهْ وَحَيَّهَلْ
|
إذا قلنا ” صهٍ ” هذا هو تنوين التنكير .
مثال :
” أحمد ” اسم معرب لكنه لا ينون لأنه ممنوع من الصرف ، ومن ثم فإن قوله ” أرضٌ ، زيدٌ ، محمدٌ ، خالدٌ ” هذا معرب متمكن أمكن ” أحمد ” معرب ومتمكن لكنه غير أمكن .
إذا قلت ” هذا زيدٌ ” متمكن أمكن ، يعني أقوى في الإعراب
” أحمدُ ” متمكن في الإعراب لكنه غير أمكن .
إذاً خلاصة ما مر :
أنه رحمه الله قال :
والاسْمُ مِنْهُ مُعْرَبٌ وَمَــبْنِي |
لم ؟ لشبهه من الحرف .
والأصل في الأسماء الإعراب ، والبناء فرع ليس أصلا ، هو طارئ ، ولماذا بني الاسم ؟ لكونه يشبه الحرف ، في ماذا ؟ في الشبه الوضعي
كَالشَّبَهِ الْوَضْعِيِّ فِي اسْمَيْ جِئْتَنَا
( جِئْتَنَا )
ضمَّن رحمه الله ضميرين هنا ، إذاً أول الأسماء المبنية ” الضمائر ” فالضمائر كلها مبنية ، يدل على ذلك قوله :
كَالشَّبَهِ الْوَضْعِيِّ فِي اسْمَيْ جِئْتَنَا
ثانيا :
وَالمَعْنَوِيّ فِي مَتَى وَفِي هُنَا
|
أي أسماء الاستفهام .
ثالثا : أسماء الشرط .
رابعا : أسماء الإشارة .
إذاً / أسماء الاستفهام وأسماء الشرط وأسماء الإشارة من أين أخذت ؟
وَالمَعْنَوِيّ فِي مَتَى وَفِي هُنَا
” متى ” تدل على اثنين ، أسماء الاستفهام وأسماء الشرط .
و ” هنا ” تدل على أسماء الإشارة .
خامسا : أسماء الأفعال .
وَكَنِيَابَةٍ عَنِ الفِعْــــلِ بـلَا |
|
تَأَثُّرٍ ……………………….
|
سادسا : الأسماء الموصولة ( وَكَافْتِـــقَارٍ أُصـِّلَا )
ثم بين رحمه الله أن ما سَلِم من الحرف فهو المعرب ، والمعرب ينقسم إلى قسمين ” صحيح ” ومثَّل له بـ ( أرض ) ومعتل ومثَّل له بـ ( سُمَا ) و ” سما ” تعد لغة في الاسم ، والمعتل ما كان آخره حرف علة مثل ( الواو ، والياء ، والألف )
و ” أرض ” التنوين فيها ” تنوين تمكين “
لو قال قائل : لماذا لا ننون ” أحمد ” مع أنه معرب ؟ لأنه متمكن غير أمكن ، بينما ” أرض ، زيد ” متمكن أمكن .
إذاً خلصنا مما ذُكر من أن الأصل في الأسماء الأعراب ، وأن الأسماء المبنية ستة فقط وما عداها من الأسماء فهي معربة ، ما هي الأسماء المبنية (الضمائر ، أسماء الاستفهام ، أسماء الشرط ، أسماء الإشارة ، أسماء الأفعال ، الأسماء الموصلة )
ثم لتعلم :
أن الضمائر كلها مبنية .
أسماء الاستفهام كلها مبنية .
أسماء الشرط كلها مبنية .
أسماء الأفعال كلها مبنية .
أسماء الإشارة مبنية ما عدا ما كان في صورة المثنى ( هذان ، هاتان )
الأسماء الموصلة كلها مبنية ما عدا ما كان في صورة المثنى ( اللذان ، اللتان) .