شرح القواعد الأربع
شرح :
((أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتولاك في الدنيا والآخرة ))
التوسل وأنواعه
الربوبية وأقسامها
الولاية وأقسامها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوسل الذي هو نوع من أنواع الدعاء
فالتوسل في الحكم نوعان :
الأول : جائز
الثاني : حرام
الجائز : هو ما جاءت به النصوص
المحرم : هو ما لم تأتي به النصوص أو أتت عليه نصوص لا تصح
الجائز له ثلاثة أقسام لا رابع لها ، والمحرم هو ما عدا الثلاثة أقسام الجائز
فإذا عرفت التوسل الجائز عرفت حينها التوسل الغير جائز أو المحرم
وقوله ( أسأل الله الكريم ) يذكرنا بالتوسل بأسماء الله جل وعلا وصفاته ، هذا هو النوع الأول من أنواع التوسل الجائز
الأول : التوسل بأسماء الله عز وجل وصفاته
قال جل وعلا { وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}
الثاني : التوسل بدعاء الصالحين لا بذواتهم
فالتوسل بذوات الصالحين لا يجوز وإنما التوسل بدعائهم كأن تأتي إلى رجل صالح وتأمره بأن يدعو لك
كما فعل الصحابة رضي الله عنهم في عهد عمر :
قال عمر : اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا ثم إنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقينا أي العباس
والتعبير هنا بقوله (( نتوسل إليك بعم نبينا )) ليس المراد بذات عم النبي صلى الله عليه وسلم العباس وإنما المراد بدعائه
ولذا : قال عمر :( قم يا عباس فاستسقى لنا )
ثم لو كان المراد هو التوسل بذات العباس بن عبد المطلب لكان ذات النبي عليه الصلاة والسلام أولى لأنها قريبة منهم .
وهذا النوع الثاني من أنواع التوسل بدعاء الصالحين
ثم إن شيخ الإسلام رحمة الله عليه يقول : إن سؤال الغير أن يدعو لك من المسألة المكروهة
كونك تأتي إلى شخص ما وتقول له : (( يا فلان أدعو الله لي بكذا أو بكذا ))
يقول هذه من المسألة مكروهة إلا في حالة واحدة وهي في حالة ما إذا كان النفع مشتركا
كيف هذا ؟
مثل حال الصحابة مع العباس بن عبد المطلب
الكل محتاج إلى ماذا ؟
إلى السُقيا
مثل أن تقول الشخص صالح : (( ادعُ الله لي وأنت تريد من هذا أن ينتفع هوأيضا
كيف ينتفع ؟
لأنه عليه الصلاة والسلام قال ( دعوة المسلم لأخيه في ظهر الغيب مستجابة يقول الملك : ولك بمثله )
وأما حديث : (ذهاب عمر إلى العمرة وقول النبي صلى الله عليه وسلم له : لا تنسنا يا أُخَيَّ من دعائك )
فهذا الحديث مختلف في ثبوته ، وعلى افتراض ثبوته فَيُحمل على ماذا ؟
على أنه عليه الصلاة والسلام طلب منه الدعاء من أجل أن ينتفع أيضا عمر بالدعاء
النوع الثالث :
أن يتوسل إلى الله جل وعلا بعمل صالح قام به الداعي
دليله :
قصة أولئك النفر الثلاثة وهي قصة معروفة ، الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة وهم في الغار فجعل كل منهم يدعو الله جل وعلا ويتوسل إليه بأعظم عمل صالح قام به :
قول الرجل الأول منهم : اللهم أنه كان لي أبوان وكنت لا أغبط قبلهما لا أهلا ولا مالا .
وقول الآخر: اللهم إنه كان لي ابنة عم وكنت أحبها واحتاجت إلى المال وقلت : ” لا أعطيك حتى تمكنيني من نفسك” فلما كنت بين رجليها قالت : لي اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه فقمت عنها .
وقول الآخر : اللهم إنه كان لي أُجَراء فأعطيت كل ذي حق حقه إلا أجيرا واحدا ترك ماله وذهب ، فعملت في هذا المال ثم أتاني وقال: ” يا فلان أين مالي فقلت له كل ما تراه من الإبل والغنم كل هذا لك “
كل منهم يقول : ـ وهذا موضع الشاهد ـ : (( اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه ))
فلما قالها الأول انفتح جزء من الصخرة
ولما قالها الثاني انفتح جزء أكبر
فلما قالها الثالث انفتحت الصخرة كلها وخرجوا يمشون ،
فهذا دليل على :
أنه يجوز للمسلم أن يتوسل إلى الله جل وعلا بعمل صالح قام به أي قام به الداعي
أي لا يجوز أن يقول الإنسان : (( اللهم إني أتوسل إليك بعمل فلان بصلاة فلان أو بحج فلان )) هذا ليس من المشروع
وإنما التوسل هنا :
أن يتوسل بالعمل الذي قام به هو
وما عدا هذه الأنواع الثلاثة فهي من التوسل المحرم :
مثل التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم
وحديث : (( توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم )) هذا حديث لا يصح
وله جاه عليه الصلاة والسلام وجاه عظيم عند الله جل وعلا إذا كان موسى له وجاهة قال تعالى: { وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهاً } عيسى عليه الصلاة والسلام قال تعالى {وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ }
فنبينا عليه الصلاة والسلام أعظم وأعظم لكن لم يثبت هذا الحديث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال رحمه الله : ( أسأل الله الكريم رب العرش العظيم )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( رب ) هو المالك الخالق المدبر
وربوبيته جل وعلا نوعان :
النوع الأول :
ربوبية عامة :
لجميع الخلق يربيهم جل وعلا بالصحة بالرزق يصرف عنهم الضر وهذه عامة لجميع الخلق حتى الكافر
وأول آية في سورة الفاتحة قال تعالى :{الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } الفاتحة2
هذا هو النوع الأول من أنواع الربوبية وهي الربوبية العامة لجميع الخلق
النوع الثاني :
ربوبية خاصة :
وهي تختص بالمؤمنين وهم يدخلون في الربوبية العامة ، لكنهم ينفردون بالربوبية الخاصة فهو جل وعلا رباهم بالإيمان أي يربي قلوبهم بالتعظيم له عز وجل .
ولذا دعاء الرسل عليهم الصلاة والسلام ودعاء المؤمنين غالبا ما يصدرونه ربنا :{ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا } دعاء آدم وحواء
{ رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ}
دعاء الأبرار
إلى غير ذلك من الآيات التي جاءت ببيان تصدير دعوة هؤلاء الرسل والمؤمنين بقولهم : (( ربنا ))
وهذا يدل على الربوبية الخاصة
ويصح أن يطلق على العبد :
بأنه رب إضافة نسبية كأن نقول رب الدار ، رب البيت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله : ( رب العرش العظيم )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العرش : معناه في لغة العرب هو سرير الملك قال عز وجل في شأن الهدهد مع المرأة قال تعالى قال {إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ }النمل23
ومن مجموع ما جاءت به النصوص :
يتبين لنا أن هذا العرش سرير له قوائم تحمله الملائكة وهو ثقيل وهو أعظم المخلوقات وهو كالقبة على العالم بمعنى أنه سقف المخلوقات وهو على الصحيح أول ما خلق الله جل وعلا فهذا هو العرش
وَوُصِف قال :
( أسأل الله الكريم رب العرش العظيم )
الشرح :
وصفه بأنه عظيم وهذا الوصف موجود في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال عز وجل :{فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } التوبة129
قول النبي صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري:
( كان يقول عند الكرب : لا إله إلا الله الحليم العظيم – لا إله إلا الله رب العرش العظيم – لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم )
فمن هذا الحديث على رواية الجمهور ، يكون العرش موصوف بوصفين ما هما ؟
بأنه عظيم وبأنه كريم .
وقد وصف في كتاب الله عز وجل بأنه مجيد:
قال عز وجل : {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ }البروج15 بكسر الدال على قراءة الخفض ، قراءتنا في المصاحف ” المجيدُ ” بضم الدال ، وصف لله عز وجل .
أما القراءة الأخرى وهي قراءة الخفض :{ ذو العرش المجيدِ } بكسر الدال فهو وصف للعرش .
فيكون هذا العرش وصف بثلاثة أوصاف :
بأنه عظيم
بأنه مجيد
بأنه كريم .
والمجد : يدل على سعة الأوصاف وعظمتها وكثرتها
وقد قال بعض العلماء : إن وصفه بهذه الثلاثة اوصاف دلائل على عظم وكرم ومجد خالقه وهو الله عز وجل فإذا كان هذا المخلوق موصوف بهذه الصفات العظيمة :
العظيم – الكريم – المجيد
فالله جل وعلا أولى وأعظم بهذه الصفات
وهذا العرش من عظمته أنه أكبر من الكرسي :
هناك كرسي خلقه الله عز وجل كما قال عز وجل في سورة البقرة
{ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}
والكرسي : هو موضع القدمين وهو كالمرقاة إلى العرش
فإذا ما نظرت إلى هذه السماوات وهذه الأرض كيف سعتها وامتدادها وأبعادها رأيت السعة رأيت الكبر رأيت العظمة
ولذا قال جل وعلا : {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } الذاريات47
هذه الأرض التي مدت وفرشت وسطحت فهذه السماوات وهذه الأراضون عظمية في خلقها
هذه السماوات والأرض كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم :
( لو جعلت في مصاف الكرسي لكانت هي مع عظمها وسعتها لكانت مثل الخردلة أي القطعة الحديدة التي ألقيت في الصحراء ) يعني : لا تساوي شيئا عند الكرسي
هذا الكرسي الذي عظم وفاق السماوات والأرض هو عند العرش كحلقة ألقيت في فلاة
فما ظنكم بالخالق عز وجل ؟
قال تعالى :{ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ{3} وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ{4} } {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }الشورى11
فمن هذه صفات مخلوقاته بعظمتها وسعتها ومجدها أليس هو الحقيق بهذه العبادة ؟ بلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ