شرح القواعد الأربع ـ الدرس الثالث عشر

شرح القواعد الأربع ـ الدرس الثالث عشر

مشاهدات: 482

شرح القواعد الأربع

شرح قول المؤلف :

[[[ فإذا عرفت أن الشرك إذا خالط العبادة أفسدها وأحبط العمل وصار صاحبه من الخالدين في النار عرفت أن أهم ما عليك هو معرفة ذلك ، لعل الله أن يخلصك من هذه الشبكة وهي الشرك بالله

الذي قال الله تعالى فيه  :

{ إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ}

وشرح القاعدة الأولى

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ  :

زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال الشيخ رحمه الله :

[ فإذا عرفت أن الشرك إذا خالط العبادة أفسدها وأحبط العمل وصار صاحبه من الخالدين في النار عرفت أن أهم ما عليك هو معرفة ذلك ، لعل الله أن يخلصك من هذه الشبكة وهي الشرك بالله

الذي قال الله تعالى فيه  :

{ إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ}

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله تعالى :

(({ إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ}

قوله تعالى : ( وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ))

 

إذاً  :

ما عدا الشرك فهو تحت المشيئة خلافا للخوارج والمعتزلة ،

الخوارج والمعتزلة  يقولون :

[  إن فاعل الكبيرة خالد مخلد في نار جهنم  ، يقولون مصيره في الآخرة أنه خالد مخلد في نار جهنم ، من يزني  من يسرق من يقتل ، يقولون ليس تحت المشيئة وإنما هو خالد مخلد في نار جهنم ، وهؤلاء أخذوا بنصوص الوعيد ]

 

والخوارج والمعتزلة  :

  من الفرق التي ضلت في العقائد ، وهاتان الطائفتان تتفقان على الحكم على صاحب الكبيرة في الآخرة

 اتفاقهما  :

أن صاحب الكبيرة مخلد في نار جهنم  .

 

بينما يفترقان في الحكم عليه في الدنيا :

فالخوارج  /  يرون أنه في الدنيا من الكفار 

المعتزلة     /  يرون أنه بين منزلتين ، يقولون : نسلب منه الإيمان ولا يعطي حكم الكفر فهو بين منزلتين هذه المنزلة يعبرون عنها بأنه لا كافر ولا مؤمن

بينما معتقد أهل السنة والجماعة:

 

[ أن صاحب الكبيرة  على خطر عظيم ولا يكفر بكبيرته وهو في الآخرة تحت مشيئة الله عز وجل ، إن شاء الله عز وجل غفر وعفا عنه تفضلا منه عز وجل وإن شاء سبحانه عذبه بقدر ذنبه عدلا منه سبحانه وتعالى

ودليلهم هذه الآية  :

 { إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ}

 

فما دون الشرك من الذنوب فصاحبها تحت المشيئة ،

 

أهل السنة والجماعة ، ولذا يقولون :

هو مؤمن ناقص الإيمان ،  أو يقولون : هو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته ،

فقوله تعالى :

{ إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ }

قلنا إن هذه الجملة { أَن يُشْرَكَ بِهِ }

على أحد قولي شيخ الإسلام رحمه الله ، أنه لا يدخل تحت المشيئة من هو  ؟

صاحب الشرك الأصغر  ،

ومن الشرك كما قال ابن القيم رحمه الله  :

يسير الرياء

والرياء سبق الحديث عن شيء من مسائله

لكن  :

من يريد أن يتخلص من هذا الذنب الخفي :

فهو عليه الصلاة والسلام لما خرج على أصحابه وهم يتذاكرون أمر الدجال وخافوا على أنفسهم من فتنته قال عليه الصلاة والسلام :

(( ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم من الدجال فقالوا : ما هو يا رسول الله  ؟ قال :  الشرك الخفي ))

 

وقد سأل أبو بكر رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم :

(( كيف الخلاص منه  ؟

فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم الأمة أن تدعو بهذا :

(( اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئا وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم ))

قال عليه الصلاة والسلام   :

(( من قالها أذهب الله عنه صغار الشرك وكباره  ))

 

ومن أسباب الحماية من هذا الذنب الخفي  :

أن يوقف العبد نفسه على حقارة الدنيا 

فهو ما راءى ولا سمع إلا من أجلها  ،  

وهذا الدنيا  :

كما جاءت النصوص الكثيرة لا وزن لها ولا قيمة  :

لعنها النبي صلى الله عليه وسلم  كما عند الترمذي :

(( قال الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله ومن والاه  وعالما ومتعلما ))

وقال عليه الصلاة والسلام  :

(( لو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافرا  شربة ماء  ))

وقوله عليه الصلاة والسلام :

(( ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم أصبعه في أليم أي في البحر بم يرجع ))

اليم : البحر .

 

فإذا رأى المسلم حقارة الدنيا وتأمله في هذه النصوص وفي غيرها أخلص لله عز وجل في عبادته

 

ومن أسباب الحماية من هذا الداء الخطير :

أن يعرف ضعف المخلوقين :

 

فهو ما أقدم على مراءاتهم إلا لكونه يتطلع منهم إلى شيء فإذا عرف أنهم لا يملكون نفعا ولا يدفعون ضرا وقع على عجزهم وعلى ضعفهم

 

ويقول بعض السلف  :

[ من عرف الناس استراح ]

 أي من عرف أن الناس لا يملكون نفعا ولا يدفعون ضرا استراح من أن ينظر إلى ما في أيديهم

 ولذا أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول:

((قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ))

 

ولذا :

صُدِّرَتْ تلك الوصية لابن عباس لما أردفه  وهي وصية لجميع الأمة :

(( وعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشئ لم ينفعوك إلى بشئ قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعت على أن يضروك بشئ لم يضروك إلى بشئ قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف ))

 

ومن الأسباب التي يحتمي بها من هذا المرض ( الرياء ) :

أن يتذكر الموت :

 

فإن تذكر الموت يصغر هذه الدنياء في عينيه

ولذا قال عليه الصلاة والسلام :

  (( زوروا القبور فإنها تذكر الموت ))

وفي رواية : (( فإنها تذكر الآخرة ))

 

وأيضا :

يُذَكِّر نفسه بما أعده الله عز وجل للمرائين من العذاب الشديد

 

 

 ولذا يقول ابن أبي مُلَيْكَة  :

كما في صحيح البخاري

يقول :

[ أدركت ثلاثين من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخشى على نفسه من النفاق ، لا يقول أحدهم : إنه على إيمان جبريل أو ميكائيل  ]

 

وقد يبلغ الشيطان بالإنسان  :

إلى أن يصور له بعض الأمور أنها رياء ليترك العبادة وليست برياء

 

من بينها  :

 

ــ أن يترك العبادة خوفا من الرياء

فهو يدع بعض العبادات خيفة على نفسه من الرياء وهذا في الحقيقة كما قال بعض السلف  : [ هو الرياء . ]

ـــ ترك العبادة مخافة الرياء  هي الرياء  :

مثال :

 فقد يأتي الشيطان الإنسان في صلاته فيقول : [إنك مراء ]

 فلو خفف الصلاة ورغبته أن يطيل الصلاة فهذا في الحقيقة هو الرياء  .

 

لماذا  ؟

 خيفة أن يقع في الرياء وهذا في الحقيقة هو الرياء ،

 

والعلاج لهذا  :

كما قال بعض السلف رحمه الله يقول :

 [ إذا أتاك الشيطان في صلاتك فقال إنك مراء فزدها طولا  لا تنسَقْ معه بل زدها طولا فإذا وقع في نفسك شيء من هذا فخالفه ، ومخالفته هذه تعتبر مراغمة له ، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل أن يراغم فيها الشيطان بل التي يراغم فيها حتى الأعداء

قال تعالى  :

{ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ }

وقوله تعالى :

{ وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً }

بهجرته من وطنه إلى الله عز وجل يكون في ذلك ترغيما للشيطان

 

مثال :

 

ومن صور ما يظن أنه رياء وليس برياء :

 

 أن يصحب شخص جماعا فيقومون لصلاة الليل أو يصومون إحدى الأيام الفاضلة وهو لم يعتد على صلاة الليل ولم يعتد على الصيام فهنا ــ كما قال ابن رجب رحمه الله ــ يصلي معهم ويصوم معهم وليس هذا رياء

لمَ لا يكون رياء  ؟

 

يقول رحمه الله  : [ لأن طبيعة المؤمن يحب العبادة ولكن نفسه تعجز إذا كان منفردا وتقوى نفسه إذا كان مع إخوانه  ]

 

ولذا :

 قال عليه الصلاة والسلام : ( يد الله مع الجماعة )

وفي رواية  : ( يد الله على الجماعة )

 

ومن الصور التي يتوهم أنها رياء وليست برياء :

 

أن يثنى على العبد بعد فراغه من العمل الصالح فيفرح بذلك ويستبشر  :

 

فلا يعد رياءً ولكن ليحذر ألا يدعوه هذا الثناء أن يطلبه في الأعمال الصالحة التي يستقبلها

 

ومما يدل على أنه ليس برياء  :

ذلك الرجل كما عند مسلم ، لما سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(( الرجل يعمل العمل الصالح فيحمد عليه ، فقال عليه الصلاة والسلام تلك عاجل بشرى  المؤمن ))

 كما قال عز وجل عن أوليائه : { لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ }

 

ومن الصور أيضا  :

 

أن يعمل المؤمن العمل الصالح فيُسَرُّ بذلك ويسعد :

فليس هذا من الرياء وليس هذا من الإعجاب بالعمل .

 

قال عليه الصلاة والسلام :

( من سرته حسنته وساءته سيئته فهو المؤمن )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وفي هذا المقام  :

 

أُحذِّرُ مما هو شقيق للرياء وهو[  العجب ] :

 

وذلك أن يرائي نفسه

العجب

وهذا يحبط العمل  :

كما في قصة ذلك الرجل العابد من بني إسرائيل الذي قال لذلك العاصي  : (( والله لا يغفر الله لك ))

 رأى أن لنفسه مقاماً وأن لعبادته قدراً فحلف بالله على هذا الكلام .

فقال عز وجل : ((  من ذا الذي يتألَّى عليَّ ألا أغفر لفلان ، فقد غفرت له وأحبطت عملك . ))

 

قال أبو هريرة رضي الله عنه  :

(( تكلم بكلمة أَوْبقتْ أي (أهلكت) تكلم بكلمة أَوبقتْ دنياه وآخرته  . ))

 

هل يُثنى على من عمل صالحاً ؟

من قام بعبادة هل يثنى عليه ؟

النبي عليه الصلاة والسلام:

 كما في صحيح مسلم من حديث المقداد  قال :

(( إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب ))

 

وقوله عليه الصلاة والسلام لرجل مدح أخاه:

((قطعت عنق صاحبك ))

 

 لماذا ؟

 لأنه خشي عليه الصلاة والسلام من أن يغتر بهذا الثناء وأن يركن إليه .

 

بينما هو عليه الصلاة والسلام مدح أو أثنى على أشخاص آخرين .

قوله عليه الصلاة والسلام لأبي بكر :

 لما كان إزاره ينزل عن كعبيه وكان يتعاهده رضي الله عنه

فقال عليه الصلاة والسلام له  : (( لست ممن يفعل هذا خيلاء ))

 ثناء على أبي بكر .

 

أيضاً قوله عليه الصلاة والسلام لأبي بن كعب  :

(( إن الله قد أمرني أن أقرأ عليك سورة : ((لم يكن الذين كفروا ))

 

ولذا :

 بكى أبي رضي الله عنه ؟

رب العالمين عز وجل يأمر من ؟

الرسول عليه الصلاة والسلام أن يقرأ على أبي 

قال أُبي : (( سمَّاني  ؟ ))

قال  : (( سمَّاك  ))

فهذا ثناء .

فكيف نوفق بين هذه الأحاديث  ؟

 

فالتوفيق أن يقال :

أن الشخص الذي يثنى عليه إذا لم يتأثر بهذا الثناء ولم يركن إليه بل زاده هذا الثناء شكرا لله عز وجل وتقربا إليه فهذا يجوز أن يثنى عليه وإلا فالأصل المنع .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ