شرح القواعد الأربع
شرح قول المؤلف :
[[ فإذا عرفت أن الشرك إذا خالط العبادة أفسدها وأحبط العمل ، وصار صاحبه من الخالدين في النار عرفت أن أهم ما عليك هو معرفة ذلك لعل الله أن يخلصك من هذه الشبكة وهي الشرك بالله الذي قال الله تعالى فيه { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } ]]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الشيخ رحمه الله :
[ فإذا عرفت أن الشرك إذا خالط العبادة أفسدها وأحبط العمل وصار صاحبه من الخالدين في النار ]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح :
ـــــــــــــــــــــــــ
( الشرك ) :
للعلماء في تعريفه مناحي متعددة ولكن كلها تلتقي في طريق واحد
1- فقول من يقول هو :
[ مساواة غير الله بالله فيما هو من خصائص الله ]
2- هو نفس تعريف من يقول هو:
[ صر ف شئ من العبادة لغير العبادة ]
لكن التعبير السهل الواضح أن يقال :
[ هو صرف شيء من العبادة لغير الله . ]
وهذا الشرك لا يخلو :
ـــ إما أن يكون شركاً أكبر
ـــ أو شركاً أصغر
ومن هنا أقسام الشرك على أحد الأقوال
شرك أكبر ـــــــــــــ وشرك أصغر
وبعض العلماء يقول هو ثلاثة أقسام :
ويضيف إلى هذين القسمين [ الشرك الخفي ]
ولكن الناظر :
يجد أن الشرك الخفي داخل في الشرك الأصغر ، بدليل / أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر فسئل عنه قال الرياء )
الرياء من الشرك الأصغر .
في حديث آخر :
قال عليه الصلاة والسلام :
(( أتدرن ما الشرك الخفي ؟
قالوا : لا يا رسول الله
قال عليه الصلاة والسلام : هو أن يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل إليه ))
حينما يقوم الإنسان بتزيين هذه الصلاة من أجل مراءاة الآخرين أليس هذا الرياء ؟
بلى
والرياء :
كما في الحديث السابق أليس هو الشرك الأصغر ؟
بلى
أليس هو عليه الصلاة والسلام عرف الشرك الخفي بأنه رياء ؟
بلى
إذاً:
الصحيح :
وهو اختيار ابن القيم رحمه الله أن الشرك نوعان ، شرك أكبر ، وشرك أصغر ،
ومن أنواع الشرك الأصغر الشرك الخفي
والشرك :
ظلم في حق الله عز وجل
لأن العبد بين ظلم ثلاثة :
إما ظلم في حق الله عز وجل :
وهو أن يشرك معه غيره ، قول لقمان { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }
ظلماً آخر وهو أن يظلم العبد نفسه :
وذلك بفعله للمعاصي والذنوب
والظلم الثالث أن يظلم الإنسان غيره :
بنهب مال أو سفك دم ، أو قدح في عرض ، أو ما شابه ذلك من التعدي على حقوق الآخرين
فإذاً:
الشرك ظلم محض
وكما سيأتي في الآية التي ذكرها الشيخ رحمه الله أن الله عز وجل لا يغفره ؟
لم لا يغفره ؟
لأنه ظلم محض ليس للنفس فيه تعلق ، بينما الذنوب الأخرى مما هي دون الشرك يقع فيها العبد لأن نفسه تميل إلى هذه الشهوات وتميل إلى هذه الذنوب بينما الشرك ليس هناك ما يدعو إلى أن يشرك مع الله عز وجل فإذا أقدم على هذا الذنب العظيم دل على خبث طويته وعلى أنه من أظلم الظالمين فلم يغفره الله عز وجل له .
فإذا كان الشرك أصغر
هنا :
ينحصر الفساد في هذا العمل الذي أشرك فيه مع الله عز وجل غيره راءى بعبادة معينة هنا تبطل هذه العبادة وتفسد ولا يسري هذا الفساد وهذا البطلان إلى العبادات الأخرى التي خلت من الرياء .
أما إذا كان شركا أكبر :
أو إذا كان يرائي في كل أعماله على القاعدة التي قُعِّدت الآن أن الشرك الأصغر يبطل العمل نفسه إذا كانت كل أعماله دخلها الرياء
هنا ينتقل إلى ماذا ؟
إلى الشرك الأكبر .
ولذا يقول ابن القيم قال :
[ ومن أمثلة الشرك الأصغر يسير الرياء ، لأنه إذا راءى بأعماله كلها لم يبق له شيء ومن ثم يرد على الله صفر اليدين ولذا قال عليه الصلاة والسلام كما في الحديث كما عند مسلم :
(( يقول الله جل وعلا : أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه ))
وفي رواية :
كما عند غير مسلم أنه عز وجل يقول للمرائين يوم القيامة:
(( اذهبوا إلى من كنتم تعملون له فليعطوكم أجوركم )) أو كما قال عليه الصلاة والسلام
أما إذا كان شركا أكبر :
ــ نسأل الله العافية فإنه يحبط جميع الأعمال ويصبح صاحبه من المخلدين في النار بينما صاحب الشرك الأًصغر لا يخلد في النار
وهل صاحب الشرك الأصغر تحت مشيئة الله ؟
سيأتي كلام على هذا في ثنايا تفسير الآية ،
لكن عبارة الشيخ هنا كأنه يشير والله أعلم في قوله :
[ أن الشرك إذا خالط العبادة أفسدها وأحبط العمل وصار صاحبه من الخالدين في النار ] يشير إلى الشرك الأكبر هذا ما يفهم من عباراته رحمه الله ، ولأنه صدر هذا المتن بقوله : [ القواعد الأربع التي تميز المسلمين عن الكافرين ]
وصاحب الشرك الأصغر :
لم يخرج من دائرة الإسلام فمن هنا يكون قوله رحمه الله : [ أن الشرك إذا خالط العبادة أفسدها ]
المراد : الشرك الأكبر .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال :
[ وأحبط العمل وأصبح صاحبه من الخالدين في النار ]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح :
ــــــــــــــــــــــــــــ
حبوط العمل ، مقيد على القول الصحيح فيما إذا مات على الشرك بعض العلماء :
يرى أن المشرك يحبط عمله كما قال عز وجل :{ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ }
ولكن القول الصحيح :
أنه أي العمل لا يحبط إلا بوفاة هذا المشرك على شركه فتكون هذا الآية : { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } مطلقة .
قيدت بآية أخرى :
وهي قوله عز وجل في سورة البقرة : { وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ } علة حالية .
فهذه الآية قيَّدت حبوط العمل بوفاة هذا المشرك على شركه ، لكن لو تاب ، تاب الله عليه وأعماله التي عملها قبل كفره أو ردته تكون باقية .
ومن ثَمَّ :
إذا تاب قبل أن يموت فعمله باق وليس هو من المخلدين في النار ،
لكن :
إن لم يتب فما الذي يجري على العمل ما الذي يصيب العبادة إذا خالطها الشرك ؟
كما قال الشيخ رحمه الله أفسدها ، هذا أثر من آثار دخول الشرك على العمل أو على العبادة
1-أفسدها
2-أحبط العمل
3-صار صاحبه من الخالدين في النار .
ما الدليل ؟
أدلة كثيرة على أن المشرك خالد مخلد في نار جهنم :
قال عز وجل :
{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } المائدة72
الظلم هنا ما نوعه ؟
أعظم الظلم وهو الشرك الأكبر ، وهذه أيضا من الآيات التي تدل على أن الشرك ظلم عظيم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الشيخ رحمه الله :
[ فإذا عرفت أن الشرك إذا خالط العبادة أفسدها وأحبط العمل وصار صاحبه من الخالدين في النار عرفت أن أهم ما عليك معرفة ذلك ]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما من إنسان إلا وهو يتطلع إلى رحمة الله عز وجل بأن يدخله الجنة وأن يجيره من النار ، فإذا كان هذا هو مطلب العقلاء، من بني آدم فما الذي يلزمهم ؟
ما الذي يجب عليهم ؟
أن يعرفوا خطورة الشرك .
فإذا عرف خطورة الشرك اجتنبه لأن الإنسان لا يمكن أن يتوقى شيئا مكروها إلا بمعرفته له
وهذا يوقفنا على ما مضى التنبيه عليه :
وهو أن العلم من ضروريات ابن آدم والمراد العلم الشرعي
ولا يمكن أن تتم عبادة إلا بعلم ، ولذا المسائل الأربع التي ذكرها الشيخ رحمه الله في الأًصول الثلاثة :
أول مسألة قال :
العلم
لا يمكن أن يحصل إيمان إلا بعلم لا تحصل عبادة إلا بعلم
لماذا أرسل الله عز وجل الرسل ؟
لماذا أنزل الله الكتب ؟
من أجل أن يعرف الناس الحلال من الحرام ، والتوحيد من الشرك والضار من النافع .
فإذاً :
إذا عرف الإنسان أن الشرك إذا خالط العبادة أفسدها وأحبط العمل وصار صاحبه من المخلدين في النار هنا يجب عليه أن يعرف خطورة الشرك ،
فإذا عرف الشرك وخطورته تجنبه وإذا نجا من الشرك صار من المفلحين ومن السعداء في الدنيا وفي الآخرة ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ