شرح القواعد الأربع ـ الدرس العاشر

شرح القواعد الأربع ـ الدرس العاشر

مشاهدات: 541

شرح القواعد الأربع

شرح قول المؤلف :

[[أن تعبد الله وحده مخلصاً له الدين كما قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56)

فإذا عرفت أن الله خلقك لعبادته فاعلم أن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد كما أن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة فإذا دخل الشرك في العبادة فسدت كالحدث إذا دخل في الطهارة ]]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

قال عز وجل  : { إِلَّا لِيَعْبُدُونِ }

 

قال ابن عباس رضي الله عنهما يقول : [ كل كلمة عبادة في القرآن يراد منها التوحيد  ، { إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } أي إلا ليوحدون .

 

هذا الكلام ينبئ على عمق وفهم ابن عباس رضي الله عنهما

 كيف  ؟

هذا يعرف من كلام الشيخ الآتي .

 

قال الشيخ رحمه الله  :

(  فإذا عرفت أن الله خلقك لعبادته )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

هنا الآن تعليق من الشيخ رحمه الله على الآية يقول  : ” فإذا عرفت أن الله خلقك لعبادته  .  “

 إذاً  :

هو يذكر الحكمة من خلقه عز وجل لنا

ما هي  ؟

عبادته عز وجل .

قال الشيخ رحمه الله  :

( فإذا عرفت أن الله خلقك لعبادته فاعلم أن العبادة لا تسمى عبادة إلا بالتوحيد )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

( فاعلم ) :

 العلم هنا حكمه : ( علم عيني )  :

 أي يجب أن يعلم كل إنسان هذا الحكم كما في حديث :(( طلب العلم فريضة على كل مسلم ))

 

 قال :

 ( فاعلم أن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد )

هنا ارتباط بين كلام الشيخ وكلام ابن عباس .

 

{ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } أي إلا ليوحدون ، فهذا يدل دلالة واضحة على أن العبادة لو وجدت في صورتها أنها لا تسمى عبادة حقيقية في حكم الله عز وجل إلا مع التوحيد  .

مثال :

بعض الناس قد يصلي ومن أحسن الناس صلاة يتأنى فيها ، يطيل في الركوع ، وفي السجود ، وفي القيام ، ولكن إذا سبرت حاله إذا به يأتي إلى أهل القبور فيستغيث بهم ويدعوهم من دون الله ويقول مثلا : ” مدد أغثني أو ما شابه ذلك من هذه الألفاظ الشركية “

 

هنا هذه العبادة التي قام بها وهي الصلاة . هل يعتد بها  ؟

 (  لا  )

لم   ؟

 لخلوها من التوحيد فهي موجودة صورة لكن حقيقة ليست موجودة ومن ثم إذا وحَّد العبد ربَّه وقال إني موحد قال : إني موحد .

ماذا نقول له  ؟

نقول له ائتي بالبرهان .

ما البرهان  ؟

الجواب / :

أن تعبد الله عز وجل :

قوله عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين :

 (( فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ))

لو أتى آتٍ وقال : ” لا إله إلا الله ”  وهو لم يقم بشعائر الإسلام  يُحَرَّم على النار  ؟

 لا 

لم  ؟

  لأنه لم يأت بالعبادة .

التوحيد والعبادة متلازمان ، بل متضمن بعضها بعض فلا توحيد حقيقة إلا بالتوحيد ولا عبادة حقيقية إلا بالتوحيد

 

ولذا : أي عمل صالح تقوم به يعتبر من التوحيد .

قول العبد :

[  سبحان الله والحمد لله والله أكبر ، هذا من التوحيد ]  

يصلي ركعتين تطوعا مطلقة هذا من التوحيد 

لم  ؟ 

لأن هذه العبادات مكملة للتوحيد ،

ولذا قال بعض العلماء:

[  إن القرآن كله توحيد ]

كيف  ؟

قال : ” لأن آيات القرآن لا تخلو   :

ـــ إما أن تكون آمرة بالتوحيد

ـــ أو  آمرة بمكملات التوحيد

ـــ أو موضحة ثواب التوحيد

ـــ أو ناهية عن الشرك الذي هو منافي ومضاد للتوحيد

ـــ أو ناهية عن المعاصي التي هي أبواب ومداخل الشرك الذي هو ضد للتوحيد

ـــ أو موضحة عاقبة ومآل المشركين إما في الدنيا وإما في الآخرة .

 

ولذا  :

قال بعض السلف كلمة قد يستعظمها كثير من الناس من لا يفقه أبعادها يقول :

[ كل معصية شرك ]

 

 لو قالها أحد قالوا : سبحان الله ! تكفر الناس !

كيف يكون هذا الفهم  ؟

 وكيف يتأتى هذا القول : ” أن كل معصية شرك  “؟

 

هو لا يريد الشرك الذي هو مخرج عن الملة ، وإنما لأن العاصي أشرك هواه مع الله عز وجل ومن ثم هذه المعصية ماذا تصنع بالتوحيد ؟

تنقصه وتقلله وتضعفه

 

ولذا  :

قال الشيخ رحمه الله في كتابه كشف الشبهات  :

قال : إن من يقول :

 [ إن التوحيد قد فهمناه فهو من أجهل الناس ]

 

سبحان الله ! لو تأتي إنسان وتقول له هذا الكلام يقول لا ليس بصحيح ، نحن على التوحيد وعلى الفطرة ونحن نعرف التوحيد وما يتعلق بالتوحيد .

 

ما مراد الشيخ  ؟

 

مراده كما أسلفنا من أنه كلما ازداد توحيد العبد لربه عز وجل كلما كان قائما بأكمل العبادات

فإن أردت أن يزداد توحيدك وأن يعظم ماذا عليك  ؟

أن تتقرب إلى الله عز وجل في الفرائض و النوافل وأن تبتعد عما حرمه الله عز وجل ، هنا يزداد التوحيد

 

فالأحاديث التي جاءت  :

بأن من يقول : ” لا إله إلا الله يدخل الجنة أو يحرم على النار ”

إنما المراد  من أتى بهذه الكلمة وأتى بمقتضياتها ولوازمها  ،

مفتاح الجنة[  لا إله إلا الله ]  :

 والمفتاح لابد له من أسنان وأسنان هذه الكلمة هي العبادات ولا يمكن أن يفتح باب بمفتاح ليس له أسنان .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال الشيخ رحمه الله  :

( فاعلم أن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد كما أن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الآن الشيخ  رحمه الله يقيس قياسا منضبطا يقول :

 [ العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد كما أن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة  ]

 

ما الدليل  ؟

قوله عليه الصلاة والسلام:

 (  لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ )

وقوله عليه الصلاة والسلام   :

 ( لا يقبل الله صلاة بغير طهور )

 

تصور  :

لو أتى إنسان وقد تغوَّط أو بال ثم عُقَيْب هذا الفعل أتى وصلى  ، وجدت من هذا الرجل صلاة أو لم توجد ؟

في الصورة وجدت لكن في الحقيقة غير موجودة

إذاً :

 كما أن الطهارة من الحدث شرط لصحة الصلاة والصلاة من أنواع العبادات كذلك من شروط صحة العبادة التوحيد

إذاً  :

لا صلاة إلا مع الطهارة ولا عبادة إلا مع التوحيد وانظروا إلى عباراته رحمه الله الآتية

وهذا الشيخ رحمه الله الذي يتأمل في عباراته وفي كلماته يجد أنه إذا اختار كلمة اختارها في موضعها المناسب وهذا هو شأن العلماء إذا ذكرا كلمة هذه الكلمة لم يضعها في موضعها إلا لأن  لها معنى وفائدة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال رحمه الله :

( فإذا دخل الشرك في العبادة فسدت كالحدث إذا دخل في الطهارة )

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ـــــــــــــــــــــــــــ

 

 إنَّا بين آمرين

انظروا إلى هذا التعبير قال في مطلع كلامه العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد كما أن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة هذا ابتداء

يعني  :

يريد إنسان أن يكون عابدا لله عز وجل فماذا نقول له  ؟

نقول له عليك بالتوحيد مع العبادة  ،أطاعنا في هذا الأمر وأتى بالتوحيد وأتى بالعبادة .

نقول له  : ” لا تظن أنك بهذا الفعل قد سلمت ، أنت الآن في الطريق الصحيح لكن لتخشى . “

من ماذا؟

من أن يأتي إليك هذا الداء العضال الذي هو الشرك فيفسد عبادتك .

فكأن الشيخ رحمه الله أن يقول :

[  إذا أردت أن تكون عبداً لله عز وجل فكن موحداً ، إذا وحدت الله عز وجل وعبدته انتبه (خِفْ من الشرك) .]

 

ما يأت الإنسان ويقول : ” أنا موحد وصاحب عبادة  “

نقول  : ” انتبه احذر من أن تتعثر بك الخطأ فتقع في الشرك “

 

ولذا الشيخ رحمه الله عقد باباً في كتاب التوحيد  :

قال :

[  باب الخوف من الشرك ]

 

 ولذا :

 ذكر هناك  أن إمام الموحدين

من ؟

 هو إبراهيم عليه الصلاة والسلام خاف على نفسه من الشرك

ماذا قال؟

قال  : (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ)

 

إذاً  :

ابتداءً :

لابد من التوحيد مع العبادة

واستمرارً  :

لابد من الحذر من الوقوع في الشرك . 

 

إذا أردت أن تنجو وأن تسلم و أن تخرج من هذه الدنيا وقد فزت برضى الله عز وجل عليك بالتوحيد في حياتك كلها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال رحمه الله :

[ فإذا دخل الشرك في العبادة فسدت كالحدث إذا دخل في الطهارة ]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 قال  : ” فإذا دخل الشرك في العبادة فسدت  “

نفس القياس ,كما أن الحدث إذا دخل على الصلاة فسدت

( قياس منضبط )

ابتداءً لا صلاة إلا بطهارة ، لا خروج من عهدة الصلاة إلا بالحذر من الحدث , فإذا أردت أن تكون صلاتك صلاة مقبولة فلا بد أن ترفع الحدث ابتداءً ولا تتم لك هذه الصلاة إلا إذا خرجت منها والحدث لم يأتك .

فإن أتاك  ماذا يفعل هذا الحدث في الصلاة ؟

( يفسدها )

كذلك لو وحَّدتَ الله وعبدته تثاب لكن لا يحصل هذا الثواب إلا باجتناب الشرك .

وعبارة الشيخ تنبئ على ضرورة اهتمام الإنسان بتوحيده ابتداءً وانتهاءً .

فإذا وحد الله لا يظن أن الطريق قد تمهد له وأنه قد قارب من النجاة لا وإنما يلزمه مع ذلك أن يحرص على توحيد

وأن يخاف من الشرك كما خاف إمام الحنفاء إبراهيم عليه الصلاة والسلام