شرح بلوغ المرام الدرس 160حديث 184 ــ 185 (عن جابر صليت مع النبي العيدين … )

شرح بلوغ المرام الدرس 160حديث 184 ــ 185 (عن جابر صليت مع النبي العيدين … )

مشاهدات: 505

بلوغ المرام ــ  باب الاذان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

184- وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: (( صَلَّيْتُ مَعَ اَلنَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – اَلْعِيدَيْنِ, غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ, بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ )) رَوَاهُ مُسْلِمٌ

185- وَنَحْوُهُ فِي اَلْمُتَّفَقِ: عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا, وَغَيْرُهُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ــــــــــــــ

 

من فوائد هذا الحديث :

ـــــــــــ ـــــــــــ ـــــــــــ

أنه مر معنا كلام النووي من أن الأذان لا يشرع إلا  للصلوات الخمس  فقط ما عدا هذه الصلوات فإن الأذان فيها بدعة لا في كسوف ولا في خسوف ولا في استسقاء ولا في عيدين ولا في تراويح مهما كانت تلك الصلاة

إذاً :

الأذان إنما هو خاص بالصلوات الخمس

 

ومن الفوائد:

ــــــــــــــــــ

 

أن ذكر جابر مرة أو مرتين لا يذكر من ذلك حصر العدد وإنما أراد الكثثرة لآن التثنية قد تطلق في اللغة ويراد منها الكثرة دون حصر العدد في اثنين

 

كقول الله تعالى : ((فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ )) كرة بعد كرة في النظر إلى خلق الله فهل ترى في خلق الله فطور ؟ لا

فهنا ذكرت الكرتان مرتين لكن لا يقصد منها حصر العدد في اثنين كذلك هنا ((غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ  )) المقصود من ذلك الكثرة وليس المقصود حصر عدد اثنين

 

ومن الفوائد:

ــــــــــــــــــ

 

أنه كما لا تشرع عبادة الأذان لا تشرع عبادة الإقامة في صلاة العيدين

للنص هنا (( بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ ))

 

لو قال قائل :

أيمكن أن نعلم الناس بصلاة العيدين بجمل أخرى غير جمل الأذان والإقامة

هنا حصر الأمر في الأذان والإقامة نريد أن نعلم الناس بصلاة العيد فلم نؤذن ولم نقم لكن أردنا أن نقول مثلا الصلاة الجامعة أو اجتمعوا أيها الناس أو حضرت صلاة العيد أو حان وقتها أيجوز هذا ؟

لم نعلم العيدين لا بأذن ولا بإقامة

 

الجواب :

أنه روى الشافعي كما قال ابن حجر في الفتح روى السافعي عن الثقة عن الزهري أنه كان يقال في صلاة العيدين  ” الصلاة جامعة “

قال ابن حجر : مع أنه مرسل إلا أنه يؤيده القياس

القياس على ماذا ؟

على صلاة الكسوف

وهو رحمه الله ما أصاب   

أولا : لأن الحديث مرسل

الأمر الآخر : أنه قال حدثنا الثقة من هو هذا الثقة  ؟

لا يقبل إلا عند ابن حبان فيقول : إذا قال حدثنا الثقة فيقبل لكن الصحيح أنه لا يقبل

لأن هنا من هو مجهول هذا لو كان الحديث مسندا فكيف إذا كان مرسلا

ثم هو مصادم بالنص الصريح هنا

 

بل في رواية مسلم وقد ذكرها رحمه الله لكن سبحان الله ! ابن آدم ولو كان عالما متضلعا إلا أنه قد يخفى عليه ما يعلمه هو وما يكتبه هو فكيف بما لم يطلع عليه ، واطلع عليه من هو دونه

يعني : ما تكتبه سابقا قبل سطور أو قبل سطرين وأن تتعلم به قد لا تهدى إليه وهذا يدل على ضعفك  ، فلا أحد يفتخر لا بقوة حافظة ولا بعمق فهم ولا بأي صفة من الصفات ، أنت ضعيف لأنه ذكر قال وعند مسلم من طريق جابر قال  (صَلَّيْتُ مَعَ اَلنَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – اَلْعِيدَيْنِ, غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ, فلم ينادى لها لا ِبأَذَانٍ وَلَا بإِقَامَةٍ ولا بأي شيء)

نفي مطلق لما نفى الأذان والإقامة إذاً أي جملة أخرى منفية من باب أولى لا قول الصلاة جامعة ولا احضروا إلى الصلاة ولا إلى غير ذلك

 

طالب العلم الموفق  :

هو الذي يعرف ضعف نفسه ويرفق بإخوانه من طلاب العلم فيما لو فاتهم شيء لأن ما فاتهم سيفوتك لا محالة فات هؤلاء العلماء في ذلك الزمن ألا يفوتك أنت

سبحان الله ! قبل سطرين أو ثلاثة يذكر ذلك ، فأنا لما قرأت هذا الكلام تعجبت قلت سبحان الله ! ما أضعف لابن آدم !

ولذلك العلم كما قال ابن أبي العز الحنفي هو هداية قد يكون العلم بين ييدك ولا تهدى إليه نعم :

بعض الناس يمكن يكون ذا حافظة وذا فهم ولكن لا يوفق قد يكون في حيه دروس للعلماء  ، ومع ذلك لا يهدى إلى هذا العلم الذي بين يديه الذي هو قريب منه لا يحتاج إلى أن يركب سيارته ولا يحتاج أن يذهب إليه مسافات طويلة ، يمكن أن يذهب إليه بقدميه ، ومع ذلك الموفق من وفقه الله

 

إذاً دل هذا على أن العلم هدى ولذلك قال تعالى : { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ }

الهدى  : هو العلم النافع

دين الحق : هو العمل الصالح

فبعض الناس غير موفق

 

وهذه الصفات التي وهبها الله له تكون حجة عاليه لأنه لم ينتفع بها

الناس بحاجة إلى العلم الشرعي وإلى أن يكونوا رفقاء بغيرهم

يعني حتى في مقام العلم الشرعي يجب أن يكون طالب العلم الشرعي ذا رحمة وذا حسن قول حسن عمل في مخالطته للآخرين ولاسيما فيمن يسير معه على نفس الطريق في العلم الشرعي

أما أن يكون الإنسان صوت عذاب على كل من أخطأ

 

والله لو أخذ بخطأ كل شخص كما قال الذهبي لما ذكر عن ابن خزيمة أنه أنكر الصورة لله قال : ” ليس لله صورة ” أوّلها اجتهادا منه

ابن خزيمة ! إمام من الأئمة لكن أولها قال الذهبي  : ” والله لو أخذ بزلة كل عالم ما بقي أحد للأمة “

 

ومن يرى أنه هو الذي لا يخطئ ويرى غيره هو الذي يخطئ فإن به كبرا وصاحب الكبر لا يتعلم

اليهود ما أحسنوا التعلم وما فهموه لأنهم أصحاب كبر

 

فإذاً :

كما يجب علينا ألا نكون كالنصارى الضالين الذين ضلوا عن العلم الشرعي وعزفوا عنه إلى العبادة كذلك يجب علينا أن نتعلم ، وإذا تعلمنا ألا نكون كاليهود

العلم إذا لم يخضعك إذا لم يجعلك خاشعا إذا لم يجعلك متواضعا وإلا فلا   خير فيه { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ }  وإذا خشي الله فإن قلبه رقيق وإذا كان رقيقا فغنه يكون رقيسقا علىإخوانه

 

هذه خاطرة  :

مرت لما رأيت أن ابن حجر قال بهذا القول وهذا القياس الذي قاسه قايس فاسد لأنه مضاد للنص الذي  نفى ولكن هذا هو قدر الله

ومن فضل الله على العالم أن تفوته أشياء

تصور  :

لو أنك عالم أو أنك طالب علم ولا يفوتك شيء سترى نفسك شيئا لأنه لا أحد يساميك ولا يعلوك ثم في المقابل إذا بك تقف عن العلم تقول اكتفيت ليس هناك أحد أعلم مني

لكن يوقفك الله على ضعفك ، لأن بعضا من الناس لما ترمى عليه الأوصاف التي بيجل بها إذا بالرمي يصيبه في مقتل فيرخي بسمعه وقلبه إلى هذه الأوصاف ويرى أنه هو الذي لا رأي بعده ، وهذا من الخطأ

 

ومن الفوائد:

ـــــــــــ ـــــــــــ

لماذا لا يؤذن ولا يعلن لصلاة العيد ؟

لأن شهرة وقوعها معلومة على وجه العموم ليست كالصلوات لأن الناس يترقبون العيد بدخول الشهر ، والشهر سمي بهذا الاسم لاشتهاره ، فلا داعي  أن يعلن عن صلاة العيد لا بأذان ولا بإقامة

 

ومن الفوائد:

ـــــــــــ ـــــــــــ

فضيلة جابر رضي الله عنه لأنه تابع النبي عليه الصلاة والسلام ومضى معه في سنين لأن صلاة العيد لا تمر على الإنسان في السنة إلا مرتين فدل هذا على أنه صلى أكثر من مرتين وطال قربه من النبي عليه الصلاة والسلام فاستفاد منه

 

ومن الفوائد:

ـــــــــــ ـــــــــــ

 

أن وقوع الصحابي على أمر متكرر منه عليه الصلاة والسلام ويصرح بذلك كما صرح جابر يدل على أنه ضبط ليس كمن روى خبرا مرة واحدة أو مرتين

ففرق بين من رأى النبي عليه الصلاة والسلام في فعل مرة  وبين من رأه عدة مرات في هذا الفعل ومما يؤكد هذا ويقوي هذا الحديث أنه ورد من حديث ابن عباس

 

 

ومن الفوائد :

ـــــــــــ ـــــــــــ

 

أن التصريح هنا قال صلاة ” العيدين “  دل هذا على أنه ليس هناك في الإسلام إلا عيدان : عيد الأضحى وعيد الفطر

ما عدا هذين فإنهما بدعة لاعيد وطني و لا عيد أم ولاعيد حب ولا عيد أب ولا غيره

يعني لو حصرت الأعياد التي عند المسلمين في شتى أقطار الأرض  لوجدت أنه اتصل إلى مائة عيد وكل من راقى له شيء واستحسن شيء قال عيد

ولو سمي بغير هذا الاسم الشرعي ،  لا ينظر إلى تغير الأسماء ينظر إلى المسميات إلى الحقائق يعني ربما يسمى هذا بيوم  كاليوم العالمي أو اليوم الوطني لكنه في حقيقته في تعريفه الشرعي هو عيد بقطع النظر عن تسمية الآخرين

ولذلك قال شيخ الإسلام : قال العيد : ” هو اسم لما عاد على وجه متكرر إما بتكرر اليوم أو بتكرر الشهر أو بتكرر السنة “

بما أنه يتكرر في مثل هذا اليوم فإنه عيد

 

إذاً :

مثلا الاحتفا ل بتوزيع هدايا طلاب التحفيظ هذا ليس بعيد لأنه لا يأتي على وجه متكرر ، وإنما هو حادث عارض

 

بعض الناس يقول : عيد الميلاد يجوز أن تحتفل بعيد ميلاد ك أو بمرور سنة على زواجك

هو هو يتكرر في نفس اليوم

 

ولذلك سئلت من بعض الشباب لن أفعل هذا الشيء في نفس اليوم الذي ولدت فيه أو في نفس اليوم الذي تزوجت فيه قبله أو بعده بيوم

الحكم هو هو ، هذا تحايل هذا هو شغل اليهود ، اليهود اشتغلوا بالأعياد وهذه أتتنا من اليهود ومن النصارى ـ فهذا هو عمل اليهود لأن الإنسان لما ينصرف عن العلم الشرعي يتوه ويضل كما تاهت اليهود

 

يقول أقدم يوما أو أؤخر يوما ؟ هو هو

النبي عليه الصلاة والسلام ــ كما روى ابن بطة وجود إسناده ابن كثير في التفسير ـ قال عليه الصلاة والسلام : ” لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل “

هذه حيل

فالذي يقضي على الهم بإذن الله  ، الذي يقضي على الكرب بإذن الله ، الذي يقضي على أمراض القلوب بإذن الله ، الذي يقضي على الفتن ، الذي يقضي على قبح مقال الإنسان وسوء عمله بإذن الله هو العلم الشرعي

تعلم العلم الشرعي  يعنك الله

 

في الغالب أن أكثر من يضل (( القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيفما يشاء )) لكن الغالب فيمن يضل هم غير العلماء ، العلماء يضلون لكن لو تأتي إلى النسبة من هؤلاء والنسبة من غيرهم تجد الفرق

الله الله في العلم الشرعي

 

كما أسلفت لكم بعض الناس العلم بين يديه حتى في بيته المشايخ بين يديه في بيته بل في جواله اسمع تفقه تعلم

لا يستفيد من وقته ولا يفيد نفسه فكيف يفيد غيره ؟!

والله إن الناس بحاجة إلى العلم الشرعي في هذا الزمن حاجة ماسة لأن العلماء قلّوا ، وهؤلاء القلة يعني لم يفسح لهم مجال أثر ثم هؤلاء القلة لا يمكن أن يفوا بالغرض أمام هذا العدد الهائل الذي انفتحنا عليه

أما أن يكون الشاب قويا وعنده من الحفظ وعنده من الفهم ومع ذلك يتقاعس

لا يعرف مغبة تقاعسه إلا إذا بلغ الأربعين أو الخمسين أو الستين ،

 

وخذوها مني وهذا شيء واقع ومشاهد : أي إنسان تطول به الحياة فيصل إلى السبعين أو الثمانين كلما طال عمره كره الناس مجالسته حتى من أقربائه وإن جاملوه قد يجاملوه  لكن في الغالب أنه كلما طال عمره ما رغب فيه ولا رغب في مجالسته لا من قريب ولا من بعيد ولو قرب القريب فإنه ليس بذلك الحب إلا العالم الشرعي لو يصل عمره إلى مائة سنة فكل يتمنى أن يجالسه

 

فاختر لنفسك يوم أن كبر سنك هل تريد أن تكون منعزلا ، لا يؤبه لك ولا ينظر إليك

أم تريد أن يكون لك أصحاب

وكلما تقدم العمر بالعالم الشرعي  كلما أحبه الناس أكثر وأكثر

 

ولا يجوز أن يطلب الإنسان العلم الشرعي لهذا الغرض ، لكن أقول من ثمرات وفوائد العلم الشرعي :

أنه يدخل السرور عليك في آخر حياتك

ولماذا يحرص كبير السن

النبي عليه الصلاة والسلام يقول ( يهرم ابن آدم ويشب معه اثنان حب الدنيا وطول الأمل )

 

لماذا يحرص كبير السن على المال ؟

يعني في إنفاقه للمال أقل من الشباب تجد أن عنده من الملايين ما عنده لكنه لا يعطي سبحان الله ! رجلاك قريبة من القبر لم لا تعطي ؟

لأنه يرى أن هذا المال هو وسيلة قرب الناس إليه من القريب والبعيد لأنه لو خلت يده من هذا امال ما رغبوا فيه

فانتبه

وهذه تدل على فائدة نميز فيها بين جامع العلم وجامع المال فجامع العلم له من المزية ما ليس لذاك

فكون الناس يحبونك لذاتك ولما عندك من الصفات خير من أن يحبوك لما في يديك

فنسأل الله لنا ولكم العلم النافع والعمل الصالح