شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 33 ) حديث ( 36 ) (ثم مسح صلى الله عليه وسلم برأسه )

شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 33 ) حديث ( 36 ) (ثم مسح صلى الله عليه وسلم برأسه )

مشاهدات: 488

شرح كتاب ( بلوغ المرام  ) ـ الدرس 33 حديث 36

( باب الوضوء )

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :

( أما بعد )

فقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما  — في صفة الوضوء قال :

ثم مسح صلى الله عليه وسلم برأسه ، وأدخل أصبعيه السباحتين في أذنيه ، ومسح بإبهاميه ظاهر أذنيه )

أخرجه : أبو داود ، والنسائي ، وصححه ابن خزيمة .

 ( من الفوائد )

أن الراوي هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، وهو حديث ” عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده “

وقد مرَّ معنا في السنن الكلام الفصل حول قبول ” عمرو بن شعيب عن أبي عن جده “

وأن المحدثين تنازعوا في ذلك ، فمنهم من قبله ، ومنهم من ردَّه ، ومنهم من فصَّل فقال ” إن صح السند إليه فإن الحديث يكون صحيحا ”

وهذا ما عليه الأئمة المحققون من أهل الحديث ، فالحديث يؤخذ به .

( ومن الفوائد )

أن فيه بياناً ” لصفة مسح الأذنين ”

فابن حجر رحمه الله لما ذكر مسح الرأس أردف بذكر هذا الحديث ليبين أن الأذنين تمسحان أيضا مع الرأس ، وأورد هذا الحديث في بيان صفة مسح الأذنين ، وهو إدخال السباحتين في صماخي الأذنين ، فيمسح غضاريف أذنيه الباطنة بالسباحتين ، وأما ظاهر أذنيه مما يلي الرأس فإنها تمسح بالإبهامين .

 

( ومن الفوائد )

أن السبَّاحة  سميت بهذا الاسم لأنه يسبح بها .

وتسمى بالسبابة : لأنهم كانوا فيما مضى يشيرون إليها إذا أرادوا السبَّ والشتم .

( ومن الفوائد )

أن فيه فائدة بلاغية ستأتي معنا – إن شاء الله تعالى – أنه قد يطلق الكل ويراد منه الجزء ”

فأطلق الأصابع والمقصود منها الأنامل ، لأن الأصابع لا تدخل في الأذنين ، إنما الذي يدخل الأنملة ، وهي جزء من الأصبع ، كما قال عز وجل :

{ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم }البقرة19

يعني الأنامل .

( ومن الفوائد )

أن هذا الحديث لم يتعرض فيه لمسح الأذنين ، أهو بالماء الذي مسح به الرأس أم بماء آخر  ؟

ظاهر هذا الحديث يدل على أنه مسح الأذنين بنفس الماء الذي مسح به الرأس.

وهناك من العلماء من يرى : أنه يأخذ ماء جديدا للأذنين .

وسيذكر ابن حجر رحمه الله بعد خمسة أحاديث حديثا يتعلق بهذه المسألة ، وبين رحمه الله المحفوظ من هذه الأحاديث .

( ومن الفوائد )

هل مسح الأذنين فرض أ م غير فرض ؟

اختلف العلماء في هذه المسألة :

فبعضهم قال : إن مسحهما سنة وليس بفرض ، لم ؟

قالوا : لأن الله عز وجل لم يذكرهما ، قال تعالى {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ }المائدة6

ولأن : الأذنين ليستا من الرأس ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول في سجوده :

( سجد وجهي للذي خلقه وصوَّره وشق سمعه وبصره )

فأضاف السمع إلى الوجه .

ويقولون : ما ورد من حديث ( الأذنان من الرأس ) فإنه حديث ضعيف .

القول الثاني : ” أن مسح الأذنين فرض ” باعتبار أنهما من الرأس للحديث المذكر آنفا ، فمنهم من صححه ومنهم من ضعفه .

وهو وإن كان ضعيفا على القول بتضعيفه فإن له ما يؤيده من أن ( الأذنين من الرأس ) وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بيَّن فضل الوضوء قال :

( وإذا مسح رأسه خرجت خطاياه من أذنيه )

فدل على أن مسح الرأس يحط الذنوب إلى أن يكون منتهى خروج الذنوب من الأذنين ، فدل على أنهما من الرأس .

أما  دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في السجود ؟

فيقال : إن السمع يختلف عن الأذن ، ولذا العلماء يفرقون بين السمع وبين الأذن في قضية الديات ، فلو أن شخصا اعتدي على أذنه ففيها نصف الدية ، فإذا اعتدي على الأخرى ففيها نصف الدية ، بينما السمع لو اعتدي عليه فذهب السمع وبقيت الأذنان ففيه دية كاملة “

ففرق بين السمع وبين الأذن .

( ومن الفوائد )

أن “ مسح الأذنين بالماء تطهير لها حسيا ومعنويا ” .

أما الحسي : فهو مكان لمجمع الأوساخ .

وأما المعنوي : فإن السمع طريق إلى الوقوع فيما حرَّم الله عز وجل ، فكان من المناسب أن يمسح بهذا الماء حتى تخرج ذنوب هذا السمع .

( ومن الفوائد )

أن “ هذه الصفة المذكورة في مسح الأذنين سنة “

ولذا لو مسح الأذنين بأي طريقة كانت فقد حصل المقصود .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد .