شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 94 ) حديث 112 ( كان النبي يغتسل من أربع … )

شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 94 ) حديث 112 ( كان النبي يغتسل من أربع … )

مشاهدات: 432

شرح كتاب ( بلوغ المرام  ) ـ حديث112

( باب الغسل  )

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

 

فقد قال الحافظ بن حجر رحمنا الله وإياه

 

 { وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – يَغْتَسِلُ مِنْ أَرْبَعٍ: مِنَ الْجَنَابَةِ, وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ, وَمِنَ الْحِجَامَةِ, وَمِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ}

 رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.

 

أما بعد

 

فإن هذا الحديث صححه ابن خزيمة رحمه الله وهو حديث مختلف في ثبوته

 

فهناك جملة كبيرة من العلماء يرون أن هذا الحديث ضعيف
وعلى افتراض صحته كما قال ابن خزيمة رحمه الله ، ولذلك لهذا على الاختلاف لم يحكم ابن حجر رحمة الله عليه إنّما ذكر تصحيحَ غيره كابن خزيمة رحمه الله

وهذا الحديث يستفاد منه فوائد

من الفوائد

 بيان فضل الغسل يوم الجمعة

لحرصه صلى الله عليه وسلم على ذلك

وهذا الغسل أهو واجب أم مستحب ؟ما وقتُهُ ؟ما تفاصيلُ أحكامه وآدابه ؟

سيأتي معنا إن شاء الله في الأحاديث التي أوردها المصنف رحمه الله بعد هذا الحديث

ومن الفوائد

بيان فضل الاغتسال بعد الحجامة

ولعل الاغتسال بعد الحجامة إن صح الحديث

لأن إفراز وإخراج الدماء من البدن يوهن البدن ويضعفه ، فكان من المناسب أن يعمم بدنه بالماء لكي يعود البدن إلى نشاطه .

 

وممن يرى أن هذا الحديث ليس بضعيف يقول جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه احتجم وصلى ولم يتوضأ

فإذا لم يتوضأ بعد الحجامة فمن باب أولى ألا يكون هناك غسل

ومن الفوائد

    الاغتسال بعد تغسيل الميت

ومر معنا حديث { من غسل ميتاً فليغتسل } ومرت معنا هذه المسألة بتفاصيلها من أن غسل الميت يعني { من غسل ميتا } والمراد من الغاسل هو من يقلّبه لا من يصب الماء

من قلّبه للاغتسال هذا هو الغاسل فيستحب له أن يغتسل .

إمّا لهذا الحديث وإمّا لحديث { من غسل ميتا فليغتسل } مع أنّ حديث { من غسل ميتا فليغتسل } فيه خلاف مشهور في ثبوته

 

ولكن هناك قاعدة ذكرها ابن مفلح رحمه الله من

أن العلماء اصطلحوا على أن الحديث إن لم يكن بذلك الضعف الشديد فإنه يوضع في منزلة بين منزلتين ،

فإذا كان بين بين

ففي سياق الأمر

 لا نقول إنه واجب وإنّما نقول مستحب ،

وإن كان في

سياق النهي

 لا نقول محرم وإنّما نقول هو مكروه

 

ومما يقوي الاستحباب وليس للوجوب أنه كما مر معنا ثبت عن الصحابة كما في اثر ابن عباس رضي الله عنه{ أن الصحابة إذا غسلوا ميتاً منهم من يغتسل ومنهم من لا يغتسل  }

 فدلّ على التسامح في هذا الأمر .

 

ومن الفوائد 

أن الغسل منه صلى الله عليه وسلم للجناية للوجوب وهذا مر معنا في الأحاديث السابقة فمن أجنب فعليه الغسل وسبب الاغتسال من الجنابة ما هو مذكور في الاغتسال بعد الحجامة وذلك لأن إخراج هذا المني يضعف البدن فالاغتسال يعيد لهذا البدن نشاطه السابق

 

ومن الفوائد

أن التنصيص هنا على أربعة أشياء مما يدل على أنّ ماعداها ليس مفعولا منه صلى الله عليه وسلم وليس هذا بصحيح لأن الاغتسال ورد عنه صلى الله عليه وسلم عند الإحرام كما عند الترمذي ،

 

وورد عند الدخول لمكة كما في حديث ابن عمر رضي الله في الصحيحين

 

فالحصر هنا ليس على بابه وإنّما يقصدُ من الحصر في بعض الأحاديث ليس من هذا الحديث فحسب

اعني حديث النبي  صلى الله عليه وسلم في الصحيحين { سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل  إلا ظله } سبعة لكن ورد في بعض الأحاديث من هو في ظل الله .

 

فلماذا نص على السبعة ؟

قال العلماء فائدة التنصيص على العدد مع أنه ليس للحصر فائدته أن تحصر الأذهان بحيث إذا ضبط هذا العدد واستجمع ذهنه كله وفرغ ذهنه كله حفظ غيره .

وهذا يعطينا ماذا ؟

يعطينا فائدة هو أن القاعدة المتينة لطالب العلم ضرورية كون المسائل تحصر له وتقدم إليه بصورة ميسرة بأدلتها لاشك أن هذا خير له في مستقبل أمره  ، لأن من لديه قاعدة استطاع أن يزيد في البناء لكن من لا قاعدة له ينهدم هو وبناؤه .

 

ومن الفوائد

أن غسل الجنابة واجب

والمذكورات معه

سنة في غسل الميت

سنة في الحجامة

على القول بصحة الحديث

سنة عند جمع من العلماء الذي هو غسل الجمعة وستأتي المسألة إن شاء الله تعالى مبينة ،

بينما غسل الجنابة واجب محتم

 

وهذا الحديث وأمثاله هو دليل للأصوليين الذين يقولون إن دلالة الاقتران ليس دليلا صحيحا .

يعني كونه صلى الله عليه وسلم يقرن ما هو واجب بأمور أخرى لا يدل على أن تلك الأمور واجبة وهذا ما يسمى بدلالة الاقتران

اقتران ما هو واجب بما ليس بواجب .