شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 99 ) حديث 117 ( إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود … )

شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 99 ) حديث 117 ( إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود … )

مشاهدات: 497

شرح كتاب ( بلوغ المرام  )  ـ حديث 117

( باب قضاء الحاجة  )

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

 

فقد قال الحافظ بن حجر رحمنا الله وإياه

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ – رضي الله عنه – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ, ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا». رَوَاهُ مُسْلِم .

 

 زَادَ الْحَاكِمُ: «فَإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلْعَوْدِ »

أما بعد

فمن فوائد هذا الحديث

بيان شمول الشريعة

فإن الشريعة ما تركت أمراً إلاّ وضحته حتى في أدق ما يكون في حياة الإنسان ،

ولذلك عند مسلم لمّا سأل أحد المشركين سلمان فقال له : { رسولكم ما ترك لكم شيئاً إلاّ بينه قال : نعم حتى الخراءة}

 

يعني حتى آداب قضاء الحاجة ،

 

ولذلك ثبت في المسند من حديث أبي ذر رضي الله عنه أن أبا ذر قال { ما مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وطائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما } ،

 

ولذلك عند مسلم قوله صلى الله عليه وآله وسلم{ كان حقاً على كل نبي أن يبيّنَ لأمته ما هو خيرٌ لهم وأن يحذّرهم مما هو شرٌ لهم }

 

ولاشك أن رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم   كان أعظم الأنبياء في مثل هذا المقام  صلوات ربي وسلامه عليه .

 ومن دلائل هذا

أنه ذكر ما يكون بين الزوجين فيما لو أراد الزوج أن يجامع زوجته مرة أخرى فليصنع هذا الصنيع الذي هو الوضوء .

 

ومن الفوائد

استحباب الوضوء بين الجماعين  وهذا الوضوء له شرفه

ولذلك قال صلى الله عليه وآله وسلم كما في السنن { لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن }

 

وأحاديث فضل الوضوء كثيرة ،

والوضوء يندب في مواطن  ، من بين تلك المواطن:

إنه إذا أراد أن يجامع زوجته فليحدث بين الجماعين وضوءا .

 

ومن الفوائد

 

لو قال قائل

ما حكم هذا الوضوء لأن الأمر أتى به ؟

قال { فَلْيَتَوَضَّأْ }  وهذا الأمر في أصله عند أهل الأصول يفيد الوجوب ،

القاعدة الأصولية أن الأمر يقتضي الوجوب

ولا يكون للاستحباب إلا إذا وجدت قرينة .

وهنا نقول الوضوء بين الجماعين مستحب وليس بواجب

لو قال قائل

ما هي القرينةُ التي صرفت هذا الوجوب إلى الاستحباب ؟

 

نقول القرينة هي زيادة الحاكم قال «فَإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلْعَوْدِ »وكذلك ما ثبت عنه  صلى الله عليه وآله وسلم  ، أنه طاف على نسائه كلهن ولم يغتسل بين كل جماع ،

ومعلومٌ

أنه لم يغتسل عليه الصلاة والسلام بين الجماعين ولم يُذكر الوضوء إذ إن الوضوء لو كان موجوداً بين الجماعين لذكر لأن المقام مقام تفصيل وتوضيح .

 

ومن الفوائد

أن هذا الحكم وهو الوضوء بين الجماعين لا يقتصر على جماع امرأة واحدة

 

فإنه لو جامع إحدى نسائه فيما لو كان له أكثر من زوجة فجامع إحداهن وأراد أن يجامع الأخرى

 

أيبقى هذا الحكم ؟

يبقى

لأن الحديث عام { ِإذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ}

 لكن

        قد يعترض بعارض وهو

أيجوز له أن يجامع إحدى الزوجات في نوبة الزوجة الأخرى ؟

الجواب   لا

ولذلك نص الفقهاء فيما لو أنه جامع إحدى زوجاته في نوبة زوجة أخرى فإنه يجب عليه أن يقضى هذا الجماع في نوبة الأخرى المُجَامَعةَ إيفاءاً  للحق ،

 

لكن يمكن أن يحدث هذا من غير أن تكون هناك نوبة فيما لو سافر

 والسفر يجب فيه العدل ،

العدل كما يجب في الحضر هو واجب في السفر

لكن لو أنه سافر وجمعهن واتفقن معه على سعة في أمره فهنا إن جامع إحدى نسائه وأراد الأخرى جماعاً فعليه أن يحدث وضوءاً استحباباً .

 

ولو قال قائل

النبي صلى الله عليه وآله وسلم طاف على نسائه كلهن

فأين العدل ؟

فيُقال هذه مسألة

هل هو صلى الله عليه وآله وسلم واجب عليه أن يقسم بين نسائه؟

من العلماء من يقول أنه لا واجب عليه  في هذا

لقوله تعالى{ تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء } الأحزاب 51

على أحد وجهي التفسير

{ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ } الأحزاب 51 ،

ولأنه مثل هذه الوقائع تدل على أنه ليس بواجب عليه ،

 

وبعض العلماء يقول هو واجب عليه

لأن الأمر الموجّه لأمته موجّه إليه

أي أمر يأمر به صلى الله عليه وآله وسلم فإن الأمر يتوجه إليه إلا إذا وُجد دليل يخُصُهُ صلى الله عليه وآله وسلم وإلا فكما أننا مطالبون بالأحكام هو مطالب عليه الصلاة والسلام والأدلة كثيرة

منها قوله تعالى { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ } الطلاق 1

ياأيها النبي إذا طلقتم ولم يقل إذا طلقتَ

فدلّ على أن الجميع موجه إليه هذا الحكم

والأدلة أيضا كثيرة {  يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ } التحريم1

فيما بعده من آية {  قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ }

وكذلك ما جاء في الصحيح { لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله قالوا : ولا أنت يا رسول الله ، قال : ولا أنا } فدلّ هذا على أنه عليه الصلاة والسلام  كغيرنا ولما جاء من قوله صلى الله عليه وآله وسلم { اللهم إن هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما لا أملك } وهو لا يملك حب القلب

ولذلك قال تعالى { وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ } النساء 129

العدل هنا المنفي القلبي

ولا يستدل بذلك على أن الإنسان له مبرر أن يجور على إحدى نسائه بهذه الآية  لا

هذا فيما يخص القلب

أما ماعدا القلب فيجب أن يعدل بينهن

ولذلك قال تعالى { فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } النساء 3

والأقرب أن القسم ليس واجبا عليه وإنّما كان يقول هذا القول من باب الكمال من باب طلب وفعل الكمال صلى الله عليه وآله وسلم

على كل حال فان هذه مسألة ليس هذا المحل محل الحديث عنها ولكنها ذكرت استطرادا

 

 

ومن الفوائد

أنه يجوز أن تسمى الزوجة بأهل { ِإذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ} بعض الناس يقول سأذهب لأخذ أهلي

 

من هم أهله ؟

 

الزوجة

 

فيجوز أن توصف الزوجة أو أن يعبر عن الزوجة بأنها أهل والأدلة في ذلك كثيرة

 

لكن

 

أيجوز أن توصف المرأة التي هي ليست بزوجة أن توصف بأنها زوجة ؟

 

هو من حيث العرف ومن حيث الحكم الشرعي لا يصح ولا ينبغي

 

لكن من حيث اللغة لا إشكال في ذلك

 

أن تقول مثلا عن أخواتك زوجات لسنا زوجات  لكن كناية ، ولذلك قال عز وجل عن الكفار فيما يخص ما كانوا يحرمونه من البهائم وما كانوا يحلونه من البهائم { وَقَالُواْ هَـذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَن نّشَاء بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لاَّ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاء عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ{138} وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـذِهِ الأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا }الأنعام 138ـ139

يعني على إناثنا

فدل على أنه يصح أن يوصفن بأنهن زوجات لسنا بزوجات لك

لا

ولكن باعتبار أنهن زوجات لغيرك .

 

ومن الفوائد

عِظَمُ الدين فإنه إذا ذكر ما يخص الجماع لم يصرح به ، ولذلك قال { إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ } فيُكنى عمّا لا ينبغي أن يذكر تصريحاً يكنى عنه ولذلك يكنى عنه كأسلوب من أساليب اللغة لا لأنه من المجاز عند البلاغيين

 

ولذلك قال عز وجل { وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ }النساء21

{ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ }البقرة187

إلا إذا وجدت حاجة تستوجب التصريح فهنا للحاجة وللمصلحة فنعم

 

ولذلك ذلك الرجل الذي أتى معترفاً بأنه زنى  وكان يقول

{  يا سول الله قد زنيت واتى إليه من أمامه وعن يمينه وعن شماله كل ذلك يريد صلى الله عليه وآله وسلم أن يستر هذا الإنسان على نفسه فقال له لمّا كرر أربع مرات

قال له : لعلك قبّلت لعلك غمزت

قال : لا

قال : أنكتها ؟

تصريح من أجل أن هناك حداً سيقام ولذلك ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في الفتاوى {من أن السلف قال جنّبوا مجالسنا ذكر النساء}

 

بعض الناس إذا جلس في المجالس ليس له حديث إلا على النساء ، إذا كانت لديك  قدرة لأن تقدم على الزواج فأرنا شجاعتك فعلا لا قولا،  ولذلك إذا بهؤلاء تمتلئ مجالسهم بالحديث عن النساء من غير فائدة من ورائه .

   وأقبح من هذا في الحقيقة أو شبيها له في القبح أو الذم أو في العيب

أن بعض الناس يؤجج بيته ناراً من البغضاء والشحناء يمكن أن يقول لزوجته سأتزوج وهو لن يفعل وإذا به يوقع بغضا أو نفرة بينه وبين زوجته أو بينه وبين أولاد زوجته وبالتالي فلا هو سعد مع زوجته التي بين يديه ولا هو انتقل منها إلى غيرها وهذا وللآسف فيه قصور من بعض الناس

إذا  أردت أن تقدم على الزواج فتزوج

أما كونك تجاهر بهذا وتكرر بهذا عند المرأة ما هناك فائدة تدعو إلى ذلك، إما أن تشعل نارا بينك وبينها ، وإما أن تُحدثَ نفرة  فخطأ ، لذلك بعض الناس يقول إن زوجتي لا تقوم بواجبي

لأنك أحدثت بينك وبينها فجوة بهذا الكلام

ومن الفوائد

أنه ذكر هنا إحدى صيغ الأمر

الأمر عند أهل البلاغة له أربع صيغ كما هو الشأن عند أهل الأصول

الأمر له أربع صيغ

 

1ـ إما فعل الأمر افعل كأذهب

2ـ وإما الفعل المضارع مع لام الأمر كما هنا

{ فَلْيَتَوَضَّأْ }

3ـ وإما اسم فعل الأمر صه اسكت

4ـ  وإما المصدر النائب عن فعل الأمر { فَضَرْبَ الرِّقَابِ } محمد 4 يعني اضربوا الرقاب

 

ومن الفوائد

قال { فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا }

هنا فيه فائدة ما أجمل اللغة العربية

الوضوء قد يطلق في اللغة عليه غسل الذكر ،

وقد يطلق في اللغة على غسل اليدين

لكن لمّا قال هنا { فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا } أتى بالمصدر

فائدة المصدر

إثبات أن هذا الوضوء هو الوضوء الشرعي المتأكد ولا وضوء يراد غيره ولذلك قال { فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا }لو قال { فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا } ربما يتبادر إلى الذهن أن المراد بهذا الوضوء هو غسل الكفين أو غسل الفرج ،

 

لكن لمّا قال { فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا } أكّد هذا الأمر  وهذا من فوائد اللغة العربية  التي يكرهها بعض الناس وفي كرهها له منزلق خطير على دينه يخشى عليه لأنها هي لغة القرآن ولأنها لغة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهي من الطرق التي يفهم بها كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وآله وسلم  وليست صعبة

ولذا أتى بالمصدر

فائدة الإتيان بالمصدر

نفي ما قد يتوهم في الذهن من معاني أخرى  ،

عند البلاغيين ما يسمونه نفي ما يتوهم من أنه مجاز

 

لكن نقول هو رفع ما يتوهم من معاني أخرى

ولذلك أهل الكبائر

الذين يدخلون النار في الحديث { فيميتهم الله إماتة } لو قال { فيميتهم الله } ربما يقال نوم

لكن لمّا قال { فيميتهم الله إماتة }دل على أنهم يموتون موتاً حقيقيا وليس المراد معنى غير الموت ،

 

ولذلك يخرجون من النار ضبائر يعني جماعات ولا تأكل النار أعضاء السجود وهذا يدل على شرف الصلاة وعلى شرف السجود ، فيضعون في الجنة فيحيهم الله عز وجل كما جاء في ذلك الحديث .

ومن الفوائد

فائدة هذا الوضوء بين الجماعين هي لإعادة النشاط

لأن البدن إذا جامع ضعف وخرج عن طبيعته الأصلية من القوة والوضوء يعيد النشاط وإن اغتسل بين الجماعين فهذا أطيب ولذلك  { ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه طاف على نسائه كلهن وأحدث بين كل جماعين غسلا ، فسُئلَ صلى الله عليه وآله وسلم

فقال :{ هذا أزكى وأطيب وأطهر }

 

ولأن الاغتسال أبلغ من الوضوء في إعادة نشاط البدن .

 

 

ومن الفوائد

أن العلة من هذا الوضوء مذكورة هنا في رواية الحاكم

«فَإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلْعَوْدِ »

وهذا يدل على ماذا ؟

يدل على أن العلة منصوصة هنا

لأن العلة إمّا أن تكون منصوصة في الحديث أو في النص الشرعي وإمّا أن تكون مستنبطة من قبل العلماء ، لكن هنا العلة منصوصة«فَإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلْعَوْدِ » كما في أحاديث أخرى من بينها { إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الأخر}

 

العلة { فإن ذلك يحزنه }  .

 

ومن الفوائد

أتُحدثُ المرأة وضوءاً لو عاد زوجها وجامعها مرة أخرى؟

لو قلنا «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ, ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا» فإن الخطاب موجهٌ إليه وليس موجهاً إلى المرأة وبالتالي فإنها لا وضوء عليها

 

لكن لو نظرنا إلى أن الأحكام الموجّة إلى الرجال وهي القاعدة الشرعية هي موجة إلى النساء ، فنقول تتوضأ ولأن قوله{فَإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلْعَوْدِ} هذا يكون للاثنين

 

فإن الرجل كما يصاب بالضعف من إخراج المني فإنها أيضا تصاب بالضعف من الجماع ولذلك في الحديث      { ثم جَهَدَها} معنى هذا أنه جهد يصيبها

 

وأما قوله { إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ } فإن الغالب أن الذي يقدم على الجماع المرأة أم الرجل ؟

الرجل لا المرأة

ولم أر أحدا تعرض لهذه المسألة ، فالأظهر أنه كما هو مأمور بالوضوء كذلك هي

والعلم عند الله

مقصود الشرع

لمّا أمر بالوضوء ليس المقصود ذات الأمر بالوضوء وإنّما المقصود ما يترتب على هذا الوضوء من نشاط يعود على هذا المجامع  وإلاّ لو كان المقصود أو المراد هو تحتم الوضوء قال {إذا أتى أحدكم أمرآته فليتوضوء بينهما وضوءا }، لكن لمّا أتى قال { فَإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلْعَوْدِ } هذا فيه دلالة وقرينة على أنه ليس بواجب.

 

أي إنسان يجامع أنشاطه هو هو قبل الجماع وبعد الجماع ؟

ولو كان من أقوى الرجال  ينقص النشاط ليس على درجة واحدة ، بعض الناس لمّا يجامع يهلك ويتعب وبعضهم لا يمكن أن يجامع مرة ثانية وثالثة ورابعة ،

لكن أيضا الخطاب موجه إلى من سيعود

 

إعادة الجماع ليست واجبة ولا سنة مطلقة وإنّما السنة في حق من احتاج فإذا احتاج الإنسان أن يجامع فليجامع

{ وفي بضع أحدكم صدقة ، قالوا يا رسول يأتي أحد منا شهوته له أجر في ذلك قال : أرأيتم لو وضعها في حرام }

 

وفيه فائدة أيضا لغوية

{ إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ }

 إذا : شرطية

أتى: فعل الشرط

جواب الشرط جملة فعلية : فليتوضأ

فيجب هنا أن يقترن حرف الفاء بجواب الشرط فلا يصح إذا كان جواب الشرط أن يخلو من الفاء يسمونها

بالفاء الرابطة

التي تلزم جواب الشرط  ،

وقد ذكروا بيتا يجمع ما يجب أن تقترن فيه الفاء مع جواب الشرط

اسميةٌ طلبية و بجامد وبما

وبلن وبقَدْ وبسوف وبالتنفيسِ

 

فائدة

قال { فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا }

قال { بَيْنَهُمَا }

هل يلزم أن يكون الزمن بين الجماعين متقاربين أو قريباً ، فإنه لو جامع امرأته مثلا في الساعة السابعة صباحاً فلا تلزمه صلاة إلا إذا أتى الظهر لمّا جاءت الساعة الحادية عشرة وهو باقٍ على جنابته الأولى أراد أن يجامع يتوضأ ؟

يمكن في هذا الساعات يأكل ويشرب ويعود إلى نشاطه ويهرول ، الظاهر  يتوضأ

هذا ولم أرمن تحدث عنها

ن الظاهر

أنه قال { بَيْنَهُمَا } فيشمل ما بين الجماعين سواء طال الزمن بين الجماعين أو قصر ،

ولذلك

القاعدة في الأصول

{  أنه لا يعدل عن الظاهر إلا بدليل }

ظاهر الحديث هكذا فنأخذ به