البلاغة
علم المعاني 3
المسند إليه (3 )
أحكام تتعلق بالمسند إليه
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قلنا فيما سبق :
إن المسند إليه من حقوقه :
أن يكون معرفة لأنه هو المحكوم عليه ، والمحكوم عليه لابد ان يكو ن معلوما
لكن قد يجوز التنكير لهذا المسند إليه لأغراض شتى :
من بين هذه الأغراض :
التكثير والتقليل:
ـــــــــــــ
مثاله :
قوله تعالى عن إبراهيم لما قال لأبيه : (( إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن ))
المسند إليه :عذاب
وهذا العذاب محتمل ان يكون كثيرا ويحتمل أن يكون قليلا
ومن الأغراض :
قصد النوعية :
ـــــــــــــــــــــــــ
مثاله :
لكل داء دواء
المراد من التنكير هنا : أي لكل نوع من الداء نوع من الدواء
ومن أغراض تنكير المسند إليه :
إخفاء الأمر :
ـــــــــــــــــــــ
كأن تخاطب شخصا وتقول له :
لقد قال رجل : إنك انحرفت عن الصواب
المسند إليه :
رجل
فأخفي اسمه حتى لا يناله أذى
ومن الأغراض :
التعظيم والتحقير :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
كقول الشاعر :
له حاجبٌ عن كل أمر يشينه
وليس له عن طالب العرف حاجبُ
أين المسند إليه ؟
حاجب
فهو محتمل : إما أن يكون تعظيما أو تحقيرا :
فإن قصد بالحاجب : الحاجب الحسي فهو تحقير
وإلا أريد التعظيم
وهناك أغراض أخرى تتضح من السياق :
ومن المسائل : المتعلقة بالمسند إليه :
أن المسند إليه من حقه أن يقدم ، أن يقدم على المسند
وتقديمه لأحقيته يكون لدواع شتى :
من بينها :
ـــــــــــــــ
تعجيل المسرة :
ـــــــــــــــــــــــــ
كقولك مثلا لجاني :العفو صدر لك
ولم تقل : صدر لك العفو
فقدم المسند إليه لتعجيل المسرة
ومن الأغراض :
تعجيل الإساءة
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
كقولك : القصاص حكم به عليك
ومن الأغراض :
ـــــــــــــــــــــــــ
التلذذ :
ــــــــــ
كقول المعشوق الهائم في عشقه :
ليلى وصلت
ومن الأغراض :
التبرك :
ــــــــــــــــــــــ
مثاله :
بسم الله اهتديت به
ومن الأغراض :
شمول النفي :
ـــــــــــــــــــــــ
وضابطه :
أن تتقدم أداة العموم على أداة النفي :
كل ظالم لا يفلح
فعندنا : كل : أداة عموم تقدمت على أداة النفي لا
فالمعنى يكون : لا يفلح أحد من الظلمة
فيكون شمول النفي نفيا لكل فرد
بشرط : أن تكون أداة العموم غير معمولة لما بعدها
كقولك : كلَ ذنب لم أصنع
فـ ” كل ” هنا معمولة للفعل أصنع
وهي منصوبة على المفعولية
وأصل الكلام :
لم أصنع كل ذنب
فإن كانت كذلك فتفيد نفي الشمول
فيحتمل : نفي كل فرد
ويحتمل : ثبوت البعض
ومن ضوابط نفي الشمول غير هذه المسألة :
أن تتقدم أداة النفي على أداة العموم :
كقولك : ما كل آرائك تدعو إلى الرشد
فما الذي تقدم هنا ؟
أداة النفي ” ما ”
تقدمت على أداة العموم ” كل ”
لو سئلت : على ضوء ما ذكرنا آنفا : أن نفي الشمول يحتمل نفي كل فرد ويحتمل ثبوت البعض
فهذا المثال المذكور :
ما كل آرائك تدعو إلى الرشد
يحتمل ماذا ؟
هي يحتمل نفي كل فرد أم يحتمل ثبوت البعض ؟
يكون : احتمال ثبوت البعض .
هنا مثال عليه سؤال :
قوله عز وجل : (( إن الله لا يحب كل مختال فخور ))
هل هذا أولا شمول نفي أو نفي شمول ؟
نفي شمول
لماذا ؟
لأن أداة النفي ” لا “ تقدمت على أداة العموم ” كل “
فهنا : هل هو لثبوت البعض أو نفي كل فرد ؟
قوله تعالى : (( إن الله لا يحب كل كفار أثيم )) فيحب المجاهد المختال في الحرب كما صح بذلك الحديث
ومن الأغراض :
أغراض تقديم المسند إليه :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سلوك سبيل الرُقِي :
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحو :
هذا الكلام صحيح فصيح بليغ
فلو قلت مثلا :
هذا الكلام فصيح بليغ
لا يحتاج إلى ذكر صحيح
وإذا قلت بليغ : لا يحتاج إلى ذكر فصيح
إذاً : درجات الكلام :
الصحة
ويعلوه : فصاحة
ثم : البلاغة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذاً هذا هو حق المسند إليه أن يكون مقدما وتقديمه لهذه الأغراض
وقد يقتضي المقام تأخيره وتقديم المسند عليه .
تقريب الضبط :
أن المحكوم عليه هو المسند إليه
وأن المحكوم به هو المسند
أعيد :
وهي من باب التذكير:
ـــ أن المسند إليه يكون:
ــ فاعلا
ــ أسماء النواسخ
ــ المبتدأ الذي له خبر
ــ المفعول الأول لظن وأخواتها
ــ المفعول الثاني لـ” أرى ” وأخواتها
ــ نائب الفاعل .
هذا هو المسند إليه
فإذا لم تستطع معرفة المحكوم عليه من المحكوم به فعليك أن ترجع إلى هذه الأشياء .
فعندنا :
المسند إليه من حقه التقديم ودواعي تقديمه ذكرت
لكن قد يقتضي التأخير وتقديم المسند
سيأتي في مسائل المسند
وبهذه المسألة ينتهي الحديث عن مسائل وفوائد المسند إليه