تعليقات على ( سنن أبي داود ) ـ الدرس الثاني ــ من الحديث ( 29 ـــ 67)

تعليقات على ( سنن أبي داود ) ـ الدرس الثاني ــ من الحديث ( 29 ـــ 67)

مشاهدات: 460

تعليقات على ( سنن أبي داود ) ـ الدرس الثاني

من الحديث (  29 ـــ 67)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

16 – باب النَّهْىِ عَنِ الْبَوْلِ فِى الْجُحْرِ.

 

 

الحديث رقم – 29-

 

(عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى أَنْ يُبَالَ فِى الْجُحْرِ. قَالَ قَالُوا لِقَتَادَةَ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْبَوْلِ فِى الْجُحْرِ قَالَ كَانَ يُقَالُ إِنَّهَا مَسَاكِنُ الْجِنِّ.

قال الشيخ الألباني : ضعيف .

 

الشرح :

 

يستفاد من هذا الحديث :

هذا الحديث مر معنا في السنن المتقدمة ، وهذا الحديث كما أشار الألباني رحمه الله ، هو حديث ضعيف ، والضعيف لا تقوم به حجة ، وقد سبق الحديث عنه من أن النهي باقي باعتبار أن بوله في الجحر إما أن يترتب عليه أذىً على نفسه بأن تخرج هوام فتؤذيه ، وإما أن يؤذي الهوام .

 

17 – باب مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلاَءِ.

 

 

الحديث رقم -30-

 

(عَنْ يُوسُفَ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَتْنِى عَائِشَةُ رضى الله عنها أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْغَائِطِ قَالَ « غُفْرَانَكَ ».)

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

هذا الحديث مر معنا أيضا في السنن الأخرى ، فلا معنى لإعادة ما ذُكر هناك .

 

 

18 – باب كَرَاهِيَةِ مَسِّ الذَّكَرِ بِالْيَمِينِ فِى الاِسْتِبْرَاءِ

 

 الحديث رقم -31-

 

((عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَإِذَا أَتَى الْخَلاَءَ فَلاَ يَتَمَسَّحْ بِيَمِينِهِ وَإِذَا شَرِبَ فَلاَ يَشْرَبْ نَفَسًا وَاحِدًا ».))

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

أيضا هذا الحديث مر معنا في السنن الأخرى .

 

الحديث رقم -32-

 

((عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ الْخُزَاعِىِّ قَالَ حَدَّثَتْنِى حَفْصَةُ زَوْجُ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَجْعَلُ يَمِينَهُ لِطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَثِيَابِهِ وَيَجْعَلُ شِمَالَهُ لِمَا سِوَى ذَلِكَ.))

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

هذا الحديث استدل به بعض العلماء كالنووي رحمه الله على أن القاعدة في استخدام اليمين والشمال ، أن ما كان من باب التكريم يكون باليمين ، وما كان بضد ذلك يكون باليسار .

 

الحديث رقم -33-

(عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْيُمْنَى لِطُهُورِهِ وَطَعَامِهِ وَكَانَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى لِخَلاَئِهِ وَمَا كَانَ مِنْ أَذًى.))

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

أيضا هذا الحديث يؤكد ما ذُكر في الحديث السابق وهو حديث حفصة على ما ذكره النووي رحمه الله من تلك القاعدة المذكورة آنفا .

 

الحديث رقم -34-

(عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- بِمَعْنَاهُ.).

 

 

19 – باب الاِسْتِتَارِ فِى الْخَلاَءِ.

 

 

الحديث رقم -35-

 

(عَنْ أَبِى سَعِيدٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنِ اكْتَحَلَ فَلْيُوتِرْ مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لاَ فَلاَ حَرَجَ وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لاَ فَلاَ حَرَجَ وَمَنْ أَكَلَ فَمَا تَخَلَّلَ فَلْيَلْفِظْ وَمَا لاَكَ بِلِسَانِهِ فَلْيَبْتَلِعْ مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لاَ فَلاَ حَرَجَ وَمَنْ أَتَى الْغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلاَّ أَنْ يَجْمَعَ كَثِيبًا مِنْ رَمْلٍ فَلْيَسْتَدْبِرْهُ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَلْعَبُ بِمَقَاعِدِ بَنِى آدَمَ مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لاَ فَلاَ حَرَجَ » )

 

قال الشيخ الألباني : ضعيف .

 

الشرح :

 

هذا الحديث يضعفه الألباني رحمه الله ، ويحسنه غيره كابن حجر رحمه الله في الفتح .

 

يستفاد من هذا الحديث :

 

أن السنة في الاكتحال أن يكون وترا ، أيكون ثلاثا في اليمنى وثلاثا في اليسرى ؟ قد قيل بهذا باعتبار إطلاق لفظ الحديث ، ولكن هناك ما يوضح الوترية هنا ، وهو أن يكتحل في عينه اليمنى ثلاثا وفي عينه اليسرى اثنتين .

 

ومن الفوائد :

أن بعض الأئمة رأى أن الاستجمار بحجر واحد إذا أنقى كافٍ ، لأنه في هذا الحديث أطلق .

 

ومن الفوائد :

أن ما تخلل في فم الإنسان من بقايا الطعام الذي يكون بين أسنانه ، ما تخلل بالعود فإنه يلفظه ، وما تخلل بلسانه ، بمعنى أنه أخرج بلسانه ما علق بين أسنانه فله أن يبتلعه .

 

ومن الفوائد :

أن الاستتار مؤكد عند قضاء الحاجة ، فإذا لم يجد الإنسان ما يستتر به فليضع كثيبا من رمل وليستدبره ، كما قال عليه الصلاة والسلام ، ثم ذكر العلة في الأمر بالاستتار ، قال : ( فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم ) إما أنه يلعب بسافلته يعني بمقعدته التي هي مؤخرة الإنسان ، وإما أنه يلعب في المكان الذي يكون متغوطا أو بائلا فيه ، فليتوق أضرار الشيطان بالاستتار .

 

20 – باب مَا يُنْهَى عَنْهُ أَنْ يُسْتَنْجَى بِهِ.

 

الحديث رقم -36-

 

(عَنْ شَيْبَانَ الْقِتْبَانِىِّ قَالَ إِنَّ مَسْلَمَةَ بْنَ مُخَلَّدٍ اسْتَعْمَلَ رُوَيْفِعَ بْنَ ثَابِتٍ عَلَى أَسْفَلِ الأَرْضِ. قَالَ شَيْبَانُ فَسِرْنَا مَعَهُ مِنْ كُومِ شَرِيكٍ إِلَى عَلْقَمَاءَ أَوْ مِنْ عَلْقَمَاءَ إِلَى كُومِ شَرِيكٍ – يُرِيدُ عَلْقَامَ – فَقَالَ رُوَيْفِعٌ إِنْ كَانَ أَحَدُنَا فِى زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَيَأْخُذُ نِضْوَ أَخِيهِ عَلَى أَنَّ لَهُ النِّصْفَ مِمَّا يَغْنَمُ وَلَنَا النِّصْفُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَطِيرُ لَهُ النَّصْلُ وَالرِّيشُ وَلِلآخَرِ الْقَدَحُ. ثُمَّ قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يَا رُوَيْفِعُ لَعَلَّ الْحَيَاةَ سَتَطُولُ بِكَ بَعْدِى فَأَخْبِرِ النَّاسَ أَنَّهُ مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ أَوْ تَقَلَّدَ وَتَرًا أَوِ اسْتَنْجَى بِرَجِيعِ دَابَّةٍ أَوْ عَظْمٍ فَإِنَّ مُحَمَّدًا -صلى الله عليه وسلم- مِنْهُ بَرِىءٌ ».)

 قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

 

يستفاد من هذا الحديث :

أن المسلم في عصر الصحابة رضي الله عنهم كان يأخذ ( نضو أخيه )  يعني البعير ، ثم يغزو به فيكون له النصف من الغنيمة .

 

ومن الفوائد :

أن ما قَبِل القسمة فإنه يُقْتسم ، وأما ما لا يقبل كالجوهرة التي بين اثنين ، فإنه لا تقسم ، بل تباع ثم تقسم بين الشركين على قدر ملكهما ، أما إذا كانت الأشياء يمكن قسمتها فإنه تقتسم ، وذلك لأن السهم يُغنم ، ومعلوم أن السهم يكون فيه ريش ، فذكر من أن أحدهما يطير له هذا والآخر يطير له هذا في القسمة .

 

ومن الفوائد :

أن مَنْ علَّق الأوتار اعتقادا بأنها تدفع الضر أو تجلب الخير ، فإنه قد شاب عقيدته ودخل في الشِرك .

 

ومن الفوائد :

أن من كان في العصر السابق كان يعقد لحيته ، إما افتخارا وعظمة ، وإما لدفع اعتقاده ، وإما لدفع العين التي ربما تصيبه .

 

ومن الفوائد :

نهي النبي صلى الله عليه وسلم المتأكد والمتقرر على تحريم الاستنجاء بما حرم الله سبحانه وتعالى .

 

ومن الفوائد :

أن ما ذُكر في هذا الحديث متوعد عليه بالبراءة ، وهذا يدل على أنه فعل منكرا عظيما ، بل يُعد من الكبائر .

 

الحديث رقم -37-

 

(حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا مُفَضَّلٌ عَنْ عَيَّاشٍ أَنَّ شُيَيْمَ بْنَ بَيْتَانَ أَخْبَرَهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا عَنْ أَبِى سَالِمٍ الْجَيْشَانِىِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو يَذْكُرُ ذَلِكَ وَهُوَ مَعَهُ مُرَابِطٌ بِحِصْنِ بَابِ أَلْيُونَ) .

قال الشيخ الألباني : صحيح الإسناد .

 

الحديث رقم -38-

(حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ نَتَمَسَّحَ بِعَظْمٍ أَوْ بَعْرٍ.)

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

يستفاد من هذا الحديث :

أن الحجر الذي له شعب ثلاث يجزئ إذا مسح على كل شعبة فتنظف المحل ، فلا يقل أحد إن ما ذكره الفقهاء من أن الحجر الذي له شعب ثلاث أنه يخالف الأحاديث الواردة في النهي عن الاستجمار بأقل من ثلاثة أحجار ، نقول : جاء الحديث ببيان أن المقصود ليس عدد الحجر ، وإنما المقصود المسح .

 

الحديث رقم -39-

 

(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَدِمَ وَفْدُ الْجِنِّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالُوا يَا مُحَمَّدُ انْهَ أُمَّتَكَ أَنْ يَسْتَنْجُوا بِعَظْمٍ أَوْ رَوْثَةٍ أَوْ حُمَمَةٍ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لَنَا فِيهَا رِزْقًا. قَالَ فَنَهَى النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ ذَلِكَ.)

قال الشيخ الألباني : صحيح .

هذا الحديث يصححه الألباني رحمه الله ويضعفه آخرون ، ولذلك فقهاء الحنابلة ، وفيما أعلم فالفقهاء الآخرون – على حسب علمي – أنهم لم يذكروا الحُممة في تحريم الاستجمار بها .

والحممة : هي الفحم .

فلعلهم لا يرون أن الحديث ثابت ، ولذلك لم يذكروه .

 

ومن الفوائد :

أن هذا الحديث دليل لمن قال بأن المذكورات تُعد طعاما للجن ، وليس فيه ذكر لدوابهم ، ولكن يُرد عليه بما جاء في صحيح مسلم وقد سبق ذكره ، من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( وكل بعرة علف لدوابكم )

 

ومن الفوائد :

أن الأصل تساوي الجن والإنس في الأحكام الشرعية ما لم يأت دليل يستثني أحد الصنفين ، وذلك لأنهم أتوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وتلقوا منه الأمور الشرعية .

 

 

21 – باب الاِسْتِنْجَاءِ بِالْحِجَارَةِ

 

 

الحديث رقم -40-

 

 

(عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْغَائِطِ فَلْيَذْهَبْ مَعَهُ بِثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ يَسْتَطِيبُ بِهِنَّ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ ».)

 

قال الشيخ الألباني : حسن .

 

الشرح :

يستفاد من هذا الحديث ، وقد مر معنا ، لكن إضافة إلى ما سبق :

أن الاستجمار بالحجارة مع وجود الماء مجزئ .

 

ومن الفوائد :

أن ما هو أقلَّ من ثلاثة أحجار غير مجزئ ، لأنه نص هنا على العدد ، ومعلوم أن الاجزاء في الغالب لا يكون إلا في الأمر الواجب .

الحديث رقم -41-

 

(عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ خُزَيْمَةَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ الاِسْتِطَابَةِ فَقَالَ « بِثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ »)

قال الشيخ الألباني : صحيح .

الشرح :

 

قد مر معنا من الأحاديث ما يشابه هذا .

 

22 – باب فِى الاِسْتِبْرَاءِ.

 

الحديث رقم -42-

 

(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ بَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَامَ عُمَرُ خَلْفَهُ بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ فَقَالَ « مَا هَذَا يَا عُمَرُ ». فَقَالَ هَذَا مَاءٌ تَتَوَضَّأُ بِهِ. قَالَ « مَا أُمِرْتُ كُلَّمَا بُلْتُ أَنْ أَتَوَضَّأَ وَلَوْ فَعَلْتُ لَكَانَتْ سُنَّةً ».)

قال الشيخ الألباني : ضعيف .

 

 

الشرح :

هذا الحديث لو صح لاستفيد منه من أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله في بعض الأحيان على غير طهارة

 

23 – باب فِى الاِسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ.

الحديث رقم -43-

 

(عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى مَيْمُونَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- دَخَلَ حَائِطًا وَمَعَهُ غُلاَمٌ مَعَهُ مِيضَأَةٌ وَهُوَ أَصْغَرُنَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ السِّدْرَةِ فَقَضَى حَاجَتَهُ فَخَرَجَ عَلَيْنَا وَقَدِ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ.)

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

 

يستفاد من هذا الحديث :

أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُقدَّم له الميضأة ، وهو الإناء الذي يتوضأ به ، فكان يستنجي بالماء ، وفي هذا رد على مَنْ زعم أن الماء مطعوم ، أو أن الماء يُخلِّف نتنا في اليد فلا يستنجى به ، ففعله عليه الصلاة والسلام فاصل في هذه المسألة ، حتى ولو ورد عن بعض الصحابة رضي الله عنهم النهي عن ذلك كحذيفة أو عبد الله بن الزبير أو ما شابه هؤلاء من الصحابة الفضلاء رضي الله عنهم .

 

الحديث رقم -44-

 

(عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِى أَهْلِ قُبَاءَ ( فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا) قَالَ كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْمَاءِ فَنَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الآيَةُ.)

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

 

هذا الحديث يستفاد منه :

أفضلية الماء على الاستجمار بالأحجار ، فإن الحديث السابق يرد على من نهى عن الاستنجاء بالماء ، وهذا الحديث أتى مؤكدا ومقررا أن الاستنجاء بالماء أفضل من الاستجمار ، ولذلك مدح الله جل وعلا أهل قباء المذكورين في هذه الآية ، وقد جاءت رواية عند البزار ( أنهم كانوا يتبعون الحجارة الماء ) لكن ذكر الحجارة ضعيف لا يصح .

 

24- باب الرجل يدلك يده بالأرض إذا استنجى

 

الحديث رقم -45-

 

(عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَتَى الْخَلاَءَ أَتَيْتُهُ بِمَاءٍ فِى تَوْرٍ أَوْ رَكْوَةٍ فَاسْتَنْجَى.

قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِى حَدِيثِ وَكِيعٍ ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ عَلَى الأَرْضِ ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِإِنَاءٍ آخَرَ فَتَوَضَّأَ.) 

قال الشيخ الألباني : حسن .

 

الشرح :

هذا الحديث قد مر معنا ما يشابه بعضه ولم يمر علينا نفسه ، فيستفاد منه :

ما قاله بعض العلماء من أن الأفضل أن يتوضأ في إناء غير الإناء الذي استنجى منه ، لأنه قال ( أتيته بإناء آخر فتوضأ )

وقال بعض العلماء : ليس فيه دليل باعتبار أن الماء الذي استنجى منه لم يبق منه شيء ، فأتاه بإناء آخر فيه ماء ، ولا يدل على ما ذكرتم .

25- باب السواك

الحديث رقم -46-

 

(عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ قَالَ « لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ لأَمَرْتُهُمْ بِتَأْخِيرِ الْعِشَاءِ وَبِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ ».)

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

 

هذا الحديث يبين أن الأمة  المذكورة في الحديث الذي نصه ( لولا أن أشق على أمتي ) يبين أن هذه الأمة أمة الإجابة ، لأنه قال :( المؤمنين )

 

ومن الفوائد :

أن الأمر في إطلاقه يقتضي الوجوب ، لأن السنة باقية ، وهي سنية السواك ، فدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر المشقة وبقي الاستحباب دل على أن الأصل في الأمر الوجوب ، لكن لوجود المشقة ارتفع حكم الوجوب .

 

ومن الفوائد :

الرد على بعض الحنفية القائلين بأن المراد من هذا الحديث عند كل وضوء صلاة ، فيكون الاستياك عند الوضوء وليس عند الصلاة ، لم ؟ قالوا لأن هذه أشياء مستقذرة ولا ينبغي أن تفعل في المسجد ، ولكن يرد عليهم بالحديث الآخر الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء ) فهذا الحديث له حكم وهذا الحديث له حكم  ، وأما ما ذكرتموه فإنه لا يعول عليه

 

ومن الفوائد :

أن الأفضل في العشاء أن تؤخر إلى آخر الليل ، وقد ورد في أحاديث أخرى التقييد بثلث الليل .

 

الحديث رقم -47-

 

(عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ ». قَالَ أَبُو سَلَمَةَ فَرَأَيْتُ زَيْدًا يَجْلِسُ فِى الْمَسْجِدِ وَإِنَّ السِّوَاكَ مِنْ أُذُنِهِ مَوْضِعُ الْقَلَمِ مِنْ أُذُنِ الْكَاتِبِ فَكُلَّمَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ اسْتَاكَ. )

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

 

هذا الحديث يؤكد ما ذكرناه آنفا ، ويستفاد منه إضافة إلى ما سبق :

أن الصحابة رضي الله عنهم ومن بينهم زيد كان حريصا على الاستياك عند الصلاة ، وهذا ينفي ما ذهبت إليه الحنفية من المنع في هذا ، بل كان يضع السواك في أذنه موضع القلم من الكاتب ،  وهذا أيضا يدل على أن كانوا يفعلون ذلك في الماضي ، كانوا يضعون القلم على الأذن ، فمن وضع القلم على أذنيه مثل النجارين وما شابه ذلك فهذا الحديث يسعفه ، فكان السواك يكون على الأذن ، مما يدل على الاهتمام به ، وعلى أن الأفضل في حق المسلم أن يصطحب معه السواك في جميع أحواله ولا سيما عند الصلاة .

 

الحديث رقم -48-

 

(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قُلْتُ أَرَأَيْتَ تَوَضُّؤَ ابْنِ عُمَرَ لِكُلِّ صَلاَةٍ طَاهِرًا وَغَيْرَ طَاهِرٍ عَمَّ ذَاكَ فَقَالَ حَدَّثَتْنِيهِ أَسْمَاءُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِى عَامِرٍ حَدَّثَهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أُمِرَ بِالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلاَةٍ طَاهِرًا وَغَيْرَ طَاهِرٍ فَلَمَّا شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ أُمِرَ بِالسِّوَاكِ لِكُلِّ صَلاَةٍ فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرَى أَنَّ بِهِ قُوَّةً فَكَانَ لاَ يَدَعُ الْوُضُوءَ لِكُلِّ صَلاَةٍ.)

قال الشيخ الألباني : حسن .

 

الشرح :

 

هذا الحديث يستفاد منه :

أن الأمر المقرر على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول أمره أنه يجب عليه الوضوء عند كل صلاة ، ولا يحق في حقه عليه الصلاة والسلام أن يصلي الصلاة القادمة بالوضوء السابق ، لكن لما شق عليه هذا الأمر خُفف عنه عليه الصلاة والسلام .

 

ومن الفوائد :

أن السواك في الحكم يغني عن تجديد الوضوء ، لأنه لما خفف عنه عليه الصلاة والسلام أمره بالسواك ، فدل على أن السواك يقوم مقام الوضوء المجدد .

 

ومن الفوائد :

أن الأمر الواجب إذا نُسخ يبقى على الجواز ، فإذا نسخ الأمر الواجب لا يدل على أنه محرم فعله – كلا – وإنما يدل على الجواز ، ولذلك ابن عمر رضي الله عنهما رأى أن به قوة ونشاطا فكان يفعله رضي الله عنه .

 

26- باب كيف يستاك

الحديث رقم -49-

(عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مُسَدَّدٌ قَالَ أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَسْتَحْمِلُهُ فَرَأَيْتُهُ يَسْتَاكُ عَلَى لِسَانِهِ – قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَقَالَ سُلَيْمَانُ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يَسْتَاكُ وَقَدْ وَضَعَ السِّوَاكَ عَلَى طَرَفِ لِسَانِهِ – وَهُوَ يَقُولُ « إِهْ إِهْ ». يَعْنِى يَتَهَوَّعُ)
قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

هذا الحديث ذكر فيه أنه أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحمله ، بمعنى أنه يعطيه بعيرا ليحمله هذا البعير في الغزو ، فرأى النبيَ صلى الله عليه وسلم يستاك وله طريقة في السواك ، وهو أنه يستاك على لسانه ، ولكن السنة إذا استاك على اللسان أن يكون طولا

وكان هذا الاستياك كما في رواية الإمام أحمد ( يستن إلى فوق ) يعني إلى مؤخرة اللسان ، ولذلك إذا استاك الإنسان في مؤخرة اللسان يتهوع ، يعني يكاد أن يتقيأ ، وقد مر معنا ( عأ عأ ) أو ( أع أع ) وهنا ( إه إه ) قال ابن حجر رحمه الله هذه أصوات متشابهة كلٌ من الرواة ذكر ما فهمه ، لأن مخارج الحروف متقاربة ، أما طريقة الإستياك على الأسنان فإنها تكون عرضا ، كما جاء في حديث لكنه مرسل ( استاكوا عرضا ) وقد استحسنه العلماء باعتبار أن الإستياك عرضا لا يؤثر على اللثة ، فلو استاك طولا على أسنانه لتأثرت لثته .

 

27- بابٌ في الرجل يستاك بسواك غيره

 

 الحديث رقم -50-

 

 (عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَسْتَنُّ وَعِنْدَهُ رَجُلاَنِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الآخَرِ فَأُوحِىَ إِلَيْهِ فِى فَضْلِ السِّوَاكِ « أَنْ كَبِّرْ ». أَعْطِ السِّوَاكَ أَكْبَرَهُمَا.)

 

الشرح :

قال الشيخ الألباني : حديث صحيح  .

 

يستفاد من هذا الحديث :

أن الاستياك بسواك واحد من اثنين أو ثلاثة أو أكثر جائز ، وقد دلَّت السنة على ذلك في أكثر من حديث .

 

ومن الفوائد :

أفضلية تقديم الكبير إذا كان في المجلس ، وهذا إذا كان منْ كان في المجلس متناثرين غير مرتبين ، أما إذا كانوا مرتبين فإن السنة أن يُقدم الأيمن .

 

ومن الفوائد :

أن السواك يُحدد الأسنان ويجعلها قوية قادرة على القطع ، لأنه قال : ( يستن ) كأنه يسن أسنانه بهذا السواك .

 

الحديث رقم -51-

 

((عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ بِأَىِّ شَىْءٍ كَانَ يَبْدَأُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ قَالَتْ بِالسِّوَاكِ..))

قال الشيخ الألباني : صحيح

 

الشرح :

تقدم هذا معنا في السنن الأخرى ، فلا معنى لإعادة ما ذُكر هناك

 

28 – باب غَسْلِ السِّوَاكِ.

 

 

الحديث رقم -52-

 

 

 

 (عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ نَبِىُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَسْتَاكُ فَيُعْطِينِى السِّوَاكَ لأَغْسِلَهُ فَأَبْدَأُ بِهِ فَأَسْتَاكُ ثُمَّ أَغْسِلُهُ وَأَدْفَعُهُ إِلَيْهِ.)

قال الشيخ الألباني : حسن .

 

الشرح :

هذا الحديث يفيد غسل السواك وتنظيفه وتطييبه .

 

ومن الفوائد :

أن الاستياك بسواك واحد من اثنين جائز لفعل عائشة رضي الله عنها .

 

ومن الفوائد :

أن المعهود في عصر الصحابة رضي الله عنهم أن النساء يخدمن الأزواج ، خلافا لما ذكره بعض فقهاء الحنابلة من أن المرأة لا يلزمها أن تخدم زوجها ، فهذا الحديث مناقض لما ذكروا .

 

ومن الفوائد :

أن التبرك بآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم المتعلقة ببدنه جائز ، وهذا يدل على مَنْ زعم بأن التبرك بآثار الصالحين مطلقا جائز ، فالصالحون ليس لهم مزية ولا يبترك بهم ، إنما هذا خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولذا الصحابة ما كانوا يتبركون بأفضل الخلق في هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما كانوا يبتركون بآثار أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا غيرهم .

 

29- باب السواك من الفطرة

 

الحديث رقم  -53-  

 

(عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ قَصُّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ وَالسِّوَاكُ وَالاِسْتِنْشَاقُ بِالْمَاءِ وَقَصُّ الأَظْفَارِ وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ وَنَتْفُ الإِبِطِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ ». يَعْنِى الاِسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ. قَالَ زَكَرِيَّا قَالَ مُصْعَبٌ وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ.)

قال الشيخ الألباني : حسن .

 

الشرح :

 

هذا الحديث قد مر طرف منه في السنن الأخرى ، وقد ذكر هنا أن خصال الفطرة عشر ، مما يدل على أن الخصال أكثر من خمس ، وقد أوصلها بعض العلماء كما نقل ابن حجر رحمه الله إلى ثلاثين خصلة .

 

 

ومن الفوائد :

 

أن العدد لما تغير استفاد منه بعض علماء الأصول أن مفهوم العدد غير معتبر ، كما قال تعالى : { اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ } التوبة80 ، قد يفهم إنسان أنه لو استغفر أكثر من سبعين أنه سيغفر لهم ، ومع ذلك لو استغفر أكثر من سبعين ما غُفر لهم ، فدل على أن مفهوم العدد غير معتبر ، والمسألة أصولية ، وفيها قول آخر باعتبار مفهوم العدد .

 

ومن الفوائد :

 

أن الاستنشاق مطلوب ، ولكن هل هذا الاستنشاق متعلق بالوضوء ؟ أو أنه يُستنشق في أي حالة يكون عليها الإنسان ، وأن هذا من خصال الفطرة ؟ أو أنه متى ما احتاج حتى ولو في غير الوضوء يستنشق ؟ يمكن ، هذا محتمل وهذا محتمل ، فلو احتاج الإنسان لوجود غبار أو ما شابه ذلك واستنشق ، فإن هذا الفعل من خصال الفطرة .

 

ومن الفوائد :

أن السواك من خصال الفطرة ، فلو لم تأت أدلة على التأكيد عليه ، فإنه من مقتضى فطرة ابن آدم .

 

ومن الفوائد :

أن بعض العلماء قال : إن العاشرة المنسية هنا هي ( الختان ) لأنه مذكور في الأحاديث الأخرى .

 

ومن الفوائد :

أن ( البراجم ) هي العقد التي تكون على أطراف الأصابع ، فإنها محل الأوساخ ، فينبغي للمسلم أن يتعاهد غسلها .

 

الحديث رقم –54-  

(عَنْ سَلَمَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ مُوسَى عَنْ أَبِيهِ – وَقَالَ دَاوُدُ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ مِنَ الْفِطْرَةِ الْمَضْمَضَةَ وَالاِسْتِنْشَاقَ ». فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ إِعْفَاءَ اللِّحْيَةِ وَزَادَ « وَالْخِتَانَ ». قَالَ « وَالاِنْتِضَاحَ ». وَلَمْ يَذْكُرِ « انْتِقَاصَ الْمَاءِ ». يَعْنِى الاِسْتِنْجَاءَ. ) .

قال الشيخ الألباني : حديث حسن .

الشرح :

هذا الحديث يبين أن بعض الرواة ذكر ما لم يذكره الرواة الآخرون ، ومن هنا فإن تتبع الروايات يعطي طالب العلم إحاطة وتميزا في ترجيح الأقوال التي تحدث بين العلماء .

 

ومن الفوائد :

أن الإسلام جاء بقطع الوساوس وتحجيمها وتخفيفها ، فإن الانتضاح يكون بعد الوضوء ، فإذا توضأ فلينضح فرجه وسراويله بالماء حتى يطرد وساوس الشيطان عنه ، فلربما يتحرك شيء في ذكره فيقول إنه بول أو انتقض وضوؤه ، فلينتضح بالماء حتى يقطع الوساوس .

 

قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَرُوِىَ نَحْوُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ خَمْسٌ كُلُّهَا فِى الرَّأْسِ وَذَكَرَ فِيهَا الْفَرْقَ وَلَمْ يَذْكُرْ إِعْفَاءَ اللِّحْيَةِ.

 

قال الشيخ الألباني : صحيح موقوف .

 

الشرح :

 

هذا الحديث موقوف على ابن عباس رضي الله عنهما ، واستفيد من ذلك:

أن من خصال الفطرة أن يفرق الرأس ، فإذا أراد الإنسان أن يسرح شعره فالفطرة تقتضي أن يفرق رأسه من النصف ، فيجعل نصفه عن جانبه الأيمن ونصفه عن جانبه الأيسر .

 

(( قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَرُوِىَ نَحْوُ حَدِيثِ حَمَّادٍ عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِىِّ قَوْلُهُمْ وَلَمْ يَذْكُرُوا إِعْفَاءَ اللِّحْيَةِ. ))

 

قال الشيخ الألباني : صحيح عن طلق موقوف .

 

(( وَفِى حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى مَرْيَمَ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فِيهِ وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ ))

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

(( وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِىِّ نَحْوُهُ وَذَكَرَ إِعْفَاءَ اللِّحْيَةِ وَالْخِتَانَ. ))

 

قال الشيخ الألباني : صحيح موقوف .

هذا يؤكد ما أسلفناه وقررناه من أن وقوف طالب العلم على تعدد وتنوع الرواة يفيده فوائد جمة ، ويؤكد أيضا أن طالب العلم مهما بلغ في العلم فإنه يفوته أشياء ، فإن بعض الرواة مع ضبطهم وإتقانهم قد يفوت بعضهم أشياء ، وهذا يدل على أن ابن آدم محتاج إلى إخوانه في هذا العلم ، فلربما ينسى أشياء ويذكر غيره أشياء فيستفيد الكل ، ولذلك لما نقل بعض الرواة أشياء وتركوا بعضها نقل آخرون أشياء وتركوا ما نقله الآخرون الأولون ، فدل على أن الأمة ينبغي أن تكون أمة واحدة متكاملة كلٌ يستفيد من الآخر ، فلا يقل أحد أنا الأعلم ، أو أنا العالم ، أو أنا الذي أحطت بالعلم – كلا – فإن قال هذه المقولة فهذا يدل على جهله وعلى نقصان علمه .

 

30 – باب السواك لمن قام بالليل

 

 الحديث رقم -55-

 

(عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ.) .

قال الشيخ الألباني : حديث صحيح .

 

الشرح :

هذا الحديث تقدم معنا وذُكر فيه بعض الأشياء ، لكن هذا الحديث قد جنح بعض العلماء إلى أن هذا الاستياك من أجل القيام للتهجد ، لرواية في صحيح البخاري ( إذا قام للتهجد كان يشوص فاه بالسواك )

 

ولكن الصواب :

أن الحديث على إطلاقه ، وأن الاستياك يكون من قيام الليل ، لأن رائحة الفم تتغير إذا استيقظ الإنسان من نومه ، لأنه لو كان للتهجد لكان حديث ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ) لكان مغنيا وكافيا ، فدل على أن الاستيقاظ من النوم هو المقصود .

 

الحديث رقم –56-

 

(عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُوضَعُ لَهُ وَضُوءُهُ وَسِوَاكُهُ فَإِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ تَخَلَّى ثُمَّ اسْتَاكَ.)

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

 

يستفاد من هذا الحديث :

ما ذكرناه مسبقا ، من أن المرأة تخدم زوجها ، وكلٌ بحسبه ، فالبدوية تخدم زوجها البدوي على حسب ما تعارفا عليه ، والقروية كذلك ، كما قال ذلك شيخ الإسلام رحمه الله .

 

ومن الفوائد :

أن تهيئة السواك والماء للعبد لقيام الليل ، أمر مندوب إليه شرعا .

 

الحديث رقم –57-

 

(عَنْ عَلِىِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أُمِّ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ لاَ يَرْقُدُ مِنْ لَيْلٍ وَلاَ نَهَارٍ فَيَسْتَيْقِظُ إِلاَّ تَسَوَّكَ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ. )

قال الشيخ الألباني : حسن دون قوله ( ولا نهار ) .

 

الشرح :

هذا الحديث يقرر ما ذُكر من أن أصح القولين أن الاستياك يكون من أجل الاستيقاظ من النوم ، لأن المذكور هنا هو الاستيقاظ من النوم .

 

ومن الفوائد :

أن تضعيف الألباني رحمه الله – وتضعيف غيره – للفظة ( النهار ) يدل على ما ذكرناه مسبقا من أن نوم الليل يختلف عن نوم النهار في قضية [ إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا ، فإنه لا يدري أين باتت يده ] فدل على أن هناك فرقا بين نوم الليل وبين نوم النهار .

 

الحديث رقم –58-

 

(  عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ أَتَى طَهُورَهُ فَأَخَذَ سِوَاكَهُ فَاسْتَاكَ ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَاتِ ( إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِى الأَلْبَابِ) حَتَّى قَارَبَ أَنْ يَخْتِمَ السُّورَةَ أَوْ خَتَمَهَا ثُمَّ تَوَضَّأَ فَأَتَى مُصَلاَّهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى فِرَاشِهِ فَنَامَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى فِرَاشِهِ فَنَامَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى فِرَاشِهِ فَنَامَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ كُلُّ ذَلِكَ يَسْتَاكُ وَيُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ أَوْتَرَ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ حُصَيْنٍ قَالَ فَتَسَوَّكَ وَتَوَضَّأَ وَهُوَ يَقُولُ (إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ) حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ.)

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

 

يستفاد من هذا الحديث :

أن تحمل الصبي المميز للحديث مقبول ، لكنه لا يُقبل أداؤه ونقله إلا بعد البلوغ ، كحال ابن عباس رضي الله عنهما ، فكان صغيرا لما تلقى هذا الحديث ، وابن عباس رضي الله عنهما بات عند ميمونة رضي الله عنها لأنها خالته .

 

ومن الفوائد :

أن السنة أن يقرأ من يريد التهجد ، السنة أن يقرأ هذه الآيات التي في أواخر سورة آل عمران ، وقد ذكرت بعض الروايات – وهي متعددة – لكن من بين الروايات المذكورة هنا أن القراءة لها تكون حال الوضوء ( فتسوك وتوضأ وهو يقول ) .

 

ومن الفوائد :

أن بعض السائلين سألني عن حُجَّة الأئمة في تفريق صلاة الليل في رمضان في العشر الأواخر بعد العشاء وفي آخر الليل ، فأجبت بهذا الحديث ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين ثم نام ، ثم لما استيقظ فعل ذلك ثلاث مرات ، فدل على أنه صلى ست ركعات (  ثم أوتر عليه الصلاة والسلام بثلاث ) كما جاء في الروايات الأخرى .

 

ومن الفوائد :

لو أخذنا بهذا الرواية وهي أن الآيات تقرأ حال الوضوء ، فهذا يرد عل بعض فقهاء الحنابلة القائلين بأن الكلام حال الضوء مكروه ، لا بذكر ولا بغيره .

 

.

31- باب فرض الوضوء

 

الحديث رقم –59-

 

(عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ وَلاَ صَلاَةً بِغَيْرِ طُهُورٍ ».)

قال الشيخ الألباني : صحيح .

الشرح :

مر معنا هذا الحديث .

 

الحديث رقم – 60 –

 

(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاَةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ ».) .

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

 

هذا الحديث استدل به العلماء على أن الطهارة شرط من شروط صحة الصلاة ، ودل على أن الحدث مانع من أداء الصلاة .

 

ومن الفوائد :

أن أي صلاة يلزم فيها التطهر ، لأنه عليه الصلاة والسلام عمم هنا ، ولذلك يرد على من تساهل في صلاة الجنازة وقال يمكن أن يصليها بغير وضوء ، فيرد عليه بهذا الحديث

 

ومن الفوائد :

أن من ميَّز من الأطفال يؤمر بالوضوء ، ولا يجوز لوليه أن يسمح له أن يصلي بغير وضوء ، لأنه قال ( لا يقبل الله صلاة أحدكم ) و( أحد ) مفرد أضيف إلى معرفة وهو الضمير ، فأفاد العموم ، وأن كل مصلي يلزمه أن يتطهر .

 

ومن الفوائد :

أن مَنْ صلى وهو مُحدث ، فإنه ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب ، بل ذهب بعض العلماء كالحنفية إلى أنه يكفر ، والصحيح أنه لا يكفر إلا إذا استحل ذلك ، فإذا استحل ذلك فإنه يكفر ، وأما إذا لم يستحل ذلك فإنه قد فعل منكرا عظيما

 

الحديث رقم –61-

 

(عَنْ سُفْيَانَ عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ عَلِىٍّ رضى الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مِفْتَاحُ الصَّلاَةِ الطُّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ ».)

قال الشيخ الألباني : حسن صحيح .

 

الشرح :

هذا الحديث مر معنا في السنن الأخرى وذُكرت حوله فوائد فلا معنى لإعادتها .

 

32- باب الرجل يجدد الوضوء من غير حدث

 

الحديث رقم – 62-

 

(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ ح وَحَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالاَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ – قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَأَنَا لِحَدِيثِ ابْنِ يَحْيَى أَتْقَنُ – عَنْ غُطَيْفٍ – وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِى غُطَيْفٍ الْهُذَلِىِّ – قَالَ كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَلَمَّا نُودِىَ بِالظُّهْرِ تَوَضَّأَ فَصَلَّى فَلَمَّا نُودِىَ بِالْعَصْرِ تَوَضَّأَ فَقُلْتُ لَهُ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى طُهْرٍ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ ».

قال الشيخ الألباني : ضعيف .

الشرح :

هذا الحديث ضعيف ، والضعيف لا تقوم به حجة ولا يترتب عليه حكم ، ولو صح لكان فعل ابن عمر رضي الله عنهما دليلا لما سبق من أنه كان يتوضأ لكل صلاة .

 

33- باب ما يُنجس الماء

 

الحديث رقم – 63-

 

(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الْمَاءِ وَمَا يَنُوبُهُ مِنَ الدَّوَابِّ وَالسِّبَاعِ فَقَالَ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ ») .

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

هذا الحديث استدل به بعض العلماء على أن الماء القليل – والماء القليل عندهم ما هو دون القلتين – أن الماء القليل إذا وقعت فيه النجاسة فإنه ينجس ولو لم تتغير أوصافه .

والصواب : أنه لا ينجس ولو كان قليلا إذا لم تتغير أوصافه

 

الحديث رقم –64-

(عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ عَنِ الْمَاءِ يَكُونُ فِى الْفَلاَةِ. فَذَكَرَ مَعْنَاهُ.) .

قال الشيخ الألباني : حسن صحيح .

 

الحديث رقم –65-

 

(نْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ فَإِنَّهُ لاَ يَنْجُسُ ») .

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

هذا الحديث يوضح الحديث السابق في جملة ( لم يحمل الخبث ) فهذا الحديث يرد على مَنْ قال إن معنى ( لم يحمل الخبث ) بمعنى أنه يضعف عن حمل الخبث ، فيرد عليهم من أن هذه اللفظة بينت أنه يدفع النجاسة ، وليس معنى ذلك أنه غير قادر على دفعها ، إذ لو كان معنى ( لم يحمل الخبث ) أنه لا يستطيع أن يحملها ، لكان ذكر القلتين من العبث ، لأن ما دون القلتين من باب أولى أنه لا يحمل الخبث ، يعني  لا يدفع الخبث .

 

34- باب ما جاء في بئر بُضاعة

 

 

الحديث رقم –66-

 

(عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّهُ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَهِىَ بِئْرٌ يُطْرَحُ فِيهَا الْحِيَضُ وَلَحْمُ الْكِلاَبِ وَالنَّتْنُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الْمَاءُ طَهُورٌ لاَ يُنَجِّسُهُ شَىْءٌ ».) .

 

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

 

هذا الحديث استدل به بعض العلماء كشيخ الإسلام رحمه الله على أن الماء القليل إذا وقعت فيه نجاسة ولم تغير أوصافه فإنه يبقى على طهوريته .

 

ومن الفوائد :

ما ذكره بعض العلماء من أن إلقاء النجاسة وإلقاء لحوم الكلاب وما شابه ذلك ، أنه غير مستساغ حتى عند الكفار ، لكن كيف يستساغ عند الصحابة ؟! قالوا إن الصحابة رضي الله عنهم ما كانوا يفعلون ذلك ، وإنما كانوا يلقون هذه الأشياء في الصحاري فيأتي المطر فيسوق المطر هذه الأشياء فتقع في بئر بضاعة ، وإلا فغير مستساغ أن يفعل الصحابة رضي الله عنهم هذا الأمر .

 

الحديث رقم –67-

 

(عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ يُقَالُ لَهُ إِنَّهُ يُسْتَقَى لَكَ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَهِىَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا لُحُومُ الْكِلاَبِ وَالْمَحَايِضُ وَعَذِرُ النَّاسِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لاَ يُنَجِّسُهُ شَىْءٌ ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَسَمِعْتُ قُتَيْبَةَ بْنَ سَعِيدٍ قَالَ سَأَلْتُ قَيِّمَ بِئْرِ بُضَاعَةَ عَنْ عُمْقِهَا قَالَ أَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِيهَا الْمَاءُ إِلَى الْعَانَةِ. قُلْتُ فَإِذَا نَقَصَ قَالَ دُونَ الْعَوْرَةِ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَقَدَّرْتُ أَنَا بِئْرَ بُضَاعَةَ بِرِدَائِى مَدَدْتُهُ عَلَيْهَا ثُمَّ ذَرَعْتُهُ فَإِذَا عَرْضُهَا سِتَّةُ أَذْرُعٍ وَسَأَلْتُ الَّذِى فَتَحَ لِى بَابَ الْبُسْتَانِ فَأَدْخَلَنِى إِلَيْهِ هَلْ غُيِّرَ بِنَاؤُهَا عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ قَالَ لاَ. وَرَأَيْتُ فِيهَا مَاءً مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ. )

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

 

هذا الحديث ذكر فيه الرواة ما يبين عمق وعرض هذه البئر ، فإن عمقها من حيث الطول يصل إلى العانة ، وإما بالنسبة للعرض فيصل إلى ستة أذرع ، والذراع من أطراف أصابع اليدين إلى المرفقين ، وهذا يدل على أن ماءها قليل .

 

الأسئلة :

 

س1: كلمة (لا يُلقّى) ألا تدل على التعمد ؟

 

ج1 : نعم ، الأصل أن يؤخذ بالظاهر ، وأن قوله ( يلقى ويطرح ) أن هناك فعلا متعمدا ، لكن عُدل عن هذا اللفظ باعتبار أن هذا الفعل غير مستساغ من الصحابة رضي الله عنهم ، كيف يستسيغون هذا والرسول صلى الله عليه وسلم يقول ( لا يبولن أحدكم في الماء الراكد ثم يغتسل فيه ) ؟! فهو إما أن بعض اليهود كان يلقي فيها ، يحتمل هذا ، وإما كما ذكر بعض العلماء من أنهم لما كانوا يفعلون هذه الأشياء قريبا من هذه البئر ، كأن هذا الفعل نسب إليهم باعتبار أنهم كانوا يفعلون ذلك قريبا .

 

 

س2: هل الانتضاح يفعله الكل ؟

 

ج2 : الحديث أطلق ، ولكن الإنسان السليم من الوساوس والذي لا يعتريه شيء من هذا ، فإنه لا يفعله ، ولذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما ورد عنه أن كان يفعله في جميع أحواله ، فمن باب سد الباب على الشيطان يفعل هذا الانتضاح .

 

س3: هل التقديم للأكبر خاص بالسواك ، أم يتعدى لغيره مثل المأكل أو المشرب ؟

 

ج3 : هذه مسألة للعلماء فيه مشارب متعددة ، أيهما يقدم الأكبر أم الأيمن ؟

بعض العلماء : لما ذكر السواك قال إن هذا شيء جامد ، هو غير مأكول فيقدم الأكبر ، أما إذا كان المقدَّم شيئاً على وجه التنقص ، بمعنى أنه يتناقص شيئا فشيئا مثل إناء فيه ماء ،فإنه يعطى الأيمن ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لما قُدم إليه الإناء فشرب فأعطى عمن هو عن يمينه .

 

س4 : هل يرى بعض العلماء مفهوم العدد ؟

 

ج4: نعم ، القول الآخر أنه معتبر ويعتد به ، يقولون ما جاء في سياق المبالغة فإنه لا مفهوم له فذكرت السبعون لأنها مبالغة ، وما كان مبالغا فيه فلا يكونه له مفهوم ، كما قال تعالى : { لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ}الحج73  ، فالمبالغة تكون في العدد وغير العدد { لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ  } الحج73 ، هل يفهم أنهم يستطيعون أن يخلقوا ما هو أقل من الذباب ؟ ما يستطيعون .

 

س5: هل يجزئ أقل من ثلاث مسحات في الاستجمار ؟

 

ج5 : هذه مسألة خلافية بين العلماء ، فالجمهور يرون أن الاستجمار  لا يجزئ بأقل من ثلاثة أحجار ، أما الحنفية فيقولون يجزئ بحجر واحد إذا حصل الإنقاء ، وليس لهذا الحديث فقط ، بل لحديث في الصحيحين ( من استجمر فليوتر ) فأطلق ، فيقال يرد عليكم بالأحاديث الأخرى كحديث سلمان وغيره من مجيء النهي عن الاستجمار بأقل من ثلاثة أحجار .

 

س6: هل الاكتحال سنة ؟

 

ج6: الاكتحال أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( اكتحلوا بالإثمد فإنه يجلو البصر وينبت الشعر ) وقال : ( إن من خير أكحالكم الإثمد ) فدل على أن الاكتحال مطلوب شرعا ، لكن ليس على سبيل الوجوب ، لكن العلماء نهوا الأمرد من الاكتحال ، خيفة من أن يفتتن به  ،

والإثمد : شديد الحمرة يكاد أن يضرب لونه إلى السواد .

 

س7: ما ضابط خدمة المرأة لزوجها ؟

 

ج7: خدمة الزوجة لزوجها يعود إلى عرف الناس ، فهو يختلف باختلاف أحوال الناس واختلاف بيئاتهم ، فمن كان في المدن يختلف عمن كان في القرية ، ومن كان في البادية يختلف عمن كان في القرى ، فيعاد في ذلك إلى عرف الرجل لأنه هو صاحب الحق .

 

س8 : هل الاستياك بالسواك المطُعَّم تحصل به السنية ؟

 

ج8  : السواك المطعم بنكهات متعددة ، هذا لا يخرج الإنسان من السُنية ، ومعلوم أن السواك على طبيعته أفضل .