شرح كتاب التوحيد ( 12 ) [ باب من الشرك النذر لغير الله ]

شرح كتاب التوحيد ( 12 ) [ باب من الشرك النذر لغير الله ]

مشاهدات: 402

شرح كتاب التوحيد

( 12 )

[ باب من الشرك النذر لغير الله ]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وهذا هو رابط هذا الدرس على القناة العلمية الصوتية للشيخ :

 

https://www.youtube.com/watch?v=1Qxb2e-dInw&list=PLLqPd_eY0IBM6kO0TRJOVvrp3H7mmLbbz&index=13

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باب من الشرك النذر لغير الله

وقول الله تعالى:

﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ﴾ [ الإنسان 7 ].

 من الفوائد:

1 ـ أن النذر عبادة لا يجوز أن تصرف لغير الله عز وجل ، ومما يدل على أنه عبادة أن الله عز وجل  امتدح الموفين بالنذور، وهذا يدل على رضاه، وسبق معنا أن كل ما يرضاه الله عز وجل  هو عبادة.

ولذا لو قال قائل: نذر عَلَيّ لجبريل أو للنبي صلى الله عليه وسلم أو لفلان  فإن هذا من الشرك الأكبر.

2 ـ أن هذه الآية فيها مدح وثناء على الموفين للنذور، مع أنه  صلى الله عليه وسلم   قال: «إن النذر لاَ يَأْتِي بِخَيْرٍ»  ولذا حكم  بعض العلماء على النذر المعلَّق بأنه مكروه.

وبعضهم أوصله إلى التحريم.

ولا تعارض بين الآية وهذا الحديث لأن المكروه أو المحرم في النذر إنما هو عقده ابتداءً فمن كان في عافية فلا ينذر، لكن من نذر فإن الواجب عليه حتى يحصل له هذا الثناء أن يوفي بالنذر.

3 ـ أن تنكير اليوم في قوله: ﴿وَيَخَافُونَ يَوْماً﴾  [الإنسان 7] من باب التعظيم لهذا اليوم ، فليتأهب العبد لهذا اليوم وليعد له العدة ولا عدة إلا بطاعة الله عز وجل  ولذا وصفه بأن فيه شراً وأن شره مستطير، يعني عظيم وفظيع وهو شديد لكنه على عباد الله عز وجل  المتقين خير وأمن وراحة وطمأنينة وسعادة .

4 ـ بيان ركن من أركان العبادة وهو الخوف، فالخوف مما يكون في هذا اليوم مما يقدره عز وجل  دعا هؤلاء إلى أن يوفوا بنذورهم كحال المسلم فإنه يعبد الله  خوفاً من شر ذلك اليوم.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وقول الله تعالى: ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ﴾ [البقرة270]

 من الفوائد:

1 ـ أن الله عز وجل  قد علَّق النذر هنا بعلمه قال:﴿فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ﴾  [البقرة270] وكونه يُعلِّق هذا النذر بعلمه مع أنه عالم بكل شيء قبل أن يكون، دلَّ على أن العلم هنا علم يترتب عليه الجزاء والحساب، وأن من نذر فإن الله عز وجل  مُطَّلعٌ على نذره وسيحاسبه على هذا النذر، وإذا كان النذر محل جزاء فإنه يكون عبادة ، وهنا قاعدة وهي :  أن الشيء الموجود الحاصل إذا علَّقه عز وجل  بعلمه فهو علم جزاء  كما قال عز وجل  في شأن القبلة ﴿إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبِيهِ﴾  [البقرة 143] فهو عالم عز وجل  بذلك في الأزل فهل خفي عليه هذا؟ لا وإنما هذا العلم علم يترتب عليه الجزاء والحساب.

2 ـ أن كلمة  «نفقة ونذر» جاءت في سياق الشرط لأن  «ما» شرطية فتفيد العموم،  فما من نفقة صغيرة أو كبيرة أو نذر على أي صورة كان فإن الله عز وجل يعلمه وسيحاسب صاحبه، هل نذر لله عز وجل  أو نذر لغيره؟ هل أنفق لله عز وجل  أو انفق ابتغاء  وجه غيره ؟.

3 ـ أن عدم الإتيان بالنفقة والنذر على الوجه المطلوب شرعاً أنه ظلم ولذا ختم الآية عز وجل  بقوله: ﴿وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾  [البقرة 270] , فدل على أن من لم يأت بالنذر على وجهه الشرعي وكذلك من لم يأت بالنفقة على وجهها الشرعي فإنه من الظلمة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها :

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ»

 من الفوائد:

1 ـ أن قول المؤلف رحمه الله  «وفي الصحيح» يراد بها عند الشيخ إما أن يكون الحديث في الصحيحين أو في أحدهما وهذا الحديث في صحيح البخاري.

2 ـ أن النبي  صلى الله عليه وسلم  أمر أن يوفى بنذر الطاعة فدل على أنه عبادة لا يجوز أن تصرف لغير الله عز وجل .

3 ـ أن قوله  صلى الله عليه وسلم: «ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه» يختلف فيما لو قال: «ومن نذر أن يعصي الله فلا نذر له»  فهذه الصيغة المذكورة في الحديث تدل على أن من نذر نذر معصية أن نذره قد انعقد، وإذا انعقد نذره فإن عليه كفارة.

4 ـ أن نذر الطاعة يجب أن يوفى به سواء كان مطلقاً أم مقيداً.

مثال ذلك في المطلق : لو قال: « نذر علي أن أصلي لله عز وجل  ركعتين» فيجب أن يصلي هاتين الركعتين.

ومثال المقيد أو المعلق على شرط : كأن يقول:«إن شفي الله عز وجل  مريضي صليت ركعتين أو أنفقت ألفاً» فيجب عليه أن يوفي إذا تحقق الشرط، أما إذا كان نذر الطاعة كان سببه الامتناع أو الحث أو الحض، فإنه مُخيَّر بين أن يأتي بهذه الطاعة وبين أن يُكَفِّر كفارة يمين ، كما لو قال شخص: «إن لم أكن صادقاً فيما أخبرت به صليت لله عز وجل ركعتين».

وهذا ما يسمى بنذر اللجاج والغضب ، وذلك كأن يكذبه صاحبه وهو صادق في قوله، فإنه والحالة هذه لا يلزم الوفاء بالنذر، كما لو قال: «إن لم يكن هذا الأمر واقعاً فعلي الحج» فهو مخير بين الإتيان بهذه الطاعة وبين كفارة اليمين لم؟

لأن هذه الطاعة التي نذرها لم يُرِد منها الطاعة ، وإنما أراد منها الحث أوالامتناع أو التصديق أو التكذيب.

كما لو قال: «نذر علي إن شربت الدخان مرة أخرى أن علي أن أتصدق بألف»  فهو يريد من ذلك أن يمنع نفسه فوقع فيه، فهو مُخَيَّر بين كفارة اليمين وبين أن يتصدق بالألف، ولا يجوز أن يشرب الدخان.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ