شرح كتاب التوحيد
(23)
[ باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان ]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا هو رابط هذا الدرس على القناة العلمية الصوتية للشيخ :
https://www.youtube.com/watch?v=O_loMZS5P8k&list=PLLqPd_eY0IBM6kO0TRJOVvrp3H7mmLbbz&index=24
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الفوائد تحت هذا العنوان :
أن هذا الباب ذكر بعد الأبواب السابقة لسببين:
أولاً: أن الشرع ذمَّ الغلو كما سبق، لم؟
لأنه سبب لعبادة الأوثان، وعبادة الأوثان هي الشرك الأكبر.
ثانياً: الرد على من قال: إن هذه الأمة معصومة من الشرك، ويستدلون بحديث: «إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ».
والجواب عن هذا الحديث :
أن هذا الحديث إخبار منه صلى الله عليه وسلم عما وقع في نفس الشيطان لا عن حقيقة الواقع، ولذلك فإن الواقع أثبت أن هناك من عَبَدَ الأصنام، فالشيطان لما رأى دخول الناس في دين الله أفواجا في جزيرة العرب دخل اليأس إلى قلبه.
وقوله تعالى : ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً ﴾ [النساء 51]
من الفوائد:
1 ـ أن الإمام المجدد رحمه الله له فقه ثاقب ، فإنَّ هذه الآية في ظاهرها أنها لا علاقة لها بهذا العنوان ، ولكن هذه الآية إذا ضُمّت إلى حديث أبي سعيد رضي الله عنه الآتي وهو «لتتبعن سنن من كان قبلكم» فمن كان قبلنا قد آمنوا بالجبت والطاغوت ، فعلى هذه الأمة أن تأخذ بتحذير النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي سعيد رضي الله عنه فلا تقع فيما وقعت فيه الأمم السابقة.
2 ـ أن الطاغوت مرَّ تعريفه، وأما الجبت فسيأتي تعريفه في قول عمر رضي الله عنه.
3 ـ أن العالِم قد لا يعصمه علمه من الضلال، ولذا فإن اليهود من أعلم الناس لكن علمهم لم ينفعهم، ولذا غضب الله عز وجل عليهم لأنهم وقعوا في الشرك، ومن ثمَّ فإن على المسلم أن يسأل الله عز وجل العلم النافع والعمل الصالح وأن يسأله الثبات عليه؛ ولذا قال الإمام المجدد رحمه الله في «كشف الشبهات»: «إن العالم قد يقع في الشرك من حيث لا يشعر»، فالمعصوم من عصمه الله عز وجل ولا يغتر أحد بعلمه.
4 ـ أن العلم توفيق من الله عز وجل ولذا قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً﴾ [النساء 51] مَنْ الذي آتاهم؟ الله عز وجل ، ولو أن الإنسان وُكِّل إلى نفسه وُكل إلى ضعف وعجز، لأن النفس تميل إلى الدَّعَة والراحة، ولذا امْتَنّ الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمْ﴾ [النساء 113]
وقال:﴿وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى ﴾ [الضحى: 7] يعني ضالاً عن الرسالة فهداك، وقال تعالى: ﴿مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا﴾ [الشورى52]، وقال عز وجل : ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾[يوسف: 3]، ولذا كان من دعائه صلى الله عليه وسلم دعوته ﴿رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114] .
5 ـ أن الله عز وجل جعل لأهل العلم منزلة رفيعة إذا قاموا بهذا العلم على الوجه المطلوب كما في قوله تعالى:﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة11]، كذلك هذا العلم قد يكون وبالاً على صاحبه، ولذا وصف عز وجل من انصرف عن العلم وعن الخير بأنه كالكلب ، قال عز وجل : ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴾ ثم قال : ﴿ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّٰلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ﴾ [الأعراف175- 176] ، وقال عز وجل عن اليهود واصفاً لهم بأنهم كالحمار قال:﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الجمعة : 5]
6 ـ أن المنصرف عن العلم له نصيب من الذمِّ، فالذي تعلم وترك العلم ذُمَّ كما سبق، فكذلك لمَّا وصف عز وجل من ترك العمل بالعلم بأنه كالحمار فكذلك وصف من أعرض عن العلم بأنه كالحمار قال عز وجل :﴿فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ (50) ﴾ [المدثر 49 ،50] ﴿حُمُر﴾ جمع حمار ، فلا مناص، فلا بد من العلم والعمل معه؛ ولذا ذكر رحمه الله في «الأصول الثلاثة» المسائل الأربع: «العلم والعمل والدعوة والصبر على تحمل الأذى في الدعوة إلى الله عز وجل »
ولذا فإن المسلم ولاسيما العالم بحاجة إلى أن يسأل الله عز وجل أن يزيده علما ، وأن يهديه ، ولذا لمَّا كانت الهداية من ضروريات ابن آدم أمرنا أن نقول في كل ركعة : ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ اَلْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة 6] قال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله:«إن حاجتنا إلى الهداية أعظم من حاجتنا إلى الطعام والشراب».
7 ـ أن طالب العلم يجب عليه ألا يقيس نفسه بغيره، فما جاز من غيره لا يجوز في حقه وذلك لأن الله عز وجل أكرمه ولذا قال عز وجل :﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ ﴾ [النساء51]، وقال عز وجل : ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة44]، وقال: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ﴾ [البقرة113]، فمثل هذا العلم يدعو إلى الخير وإلى العمل به.
وقوله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ﴾ [المائدة : 60]
من الفوائد:
1 ـ أن هذه الآية سبب إيراد المؤلف لها يُعرف إذا ضُمَّت إلى حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الآتي.
2 ـ إثبات صفة الغضب لله عز وجل ، وقد مرَّ الحديث عنها والرد على من حرَّفها
3 ـ أن لعنة الله عز وجل على اليهود تحققت، وسبب هذه الآية أن اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن عيسى عليه السلام ؟ فأجابهم صلى الله عليه وسلم كما ذكر المفسرون بالثناء عليه، فقالت اليهود:«ما رأينا شرا منكم أيها المسلمون» فقال عز وجل قل لهؤلاء:﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ ﴾ [المائدة60]
يعني من هو في شر؟ «من لعنه الله عز وجل » ، وهذه اللعنة هل حلَّت بالمسلمين أم حلَّت بكم أيها اليهود؟
﴿مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ ﴾ [المائدة60].
4 ـ أن الأنبياء الذين لعنوا بني إسرائيل تحققت بنص الآية قال عز وجل : ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ﴾ [المائدة78].
5 ـ أن الله عز وجل مسخ اليهود قردة وخنازير، لكن لا يعني أن هذه القردة والخنازير أنها من نسلهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ لِمَسْخٍ نَسْلاً» ومن ثمَّ فهناك مقولة تقول: «إن أصل بني آدم قردة» وهذه المقولة كفرية إذ قالوا: إنه كان قردا ثم تطور فأصبح آدميا، فهذا كله من الكفريات، لأنه معارض ومخالف لنص القرآن بأن الله عز وجل خلق آدم من تراب.
7 ـ أن الأمم السابقة عبدت الطاغوت فكذلك سيقع في هذه الأمة .
8 ـ أن قوله تعالى : ﴿بِشَرٍ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً﴾ [المائدة60] أن الناس يختلفون في الشر، لأن كلمة ﴿شَرٍ﴾أفعل تفضيل.
9 ـ أن أفعل التفضيل لا يكون على سبيل الإطلاق في أن الصفة تكون في المفضل والمفضل عليه فقوله:﴿بِشَرٍ مِنْ ذَلِكَ﴾ ﴿شَرٍ﴾ هنا تفضيل، فلا يجتمع في كل المسلمين شر، وإنما الشر كله في اليهود، وكقوله تعالى ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً﴾ [الفرقان24]
﴿خَيْرٌ﴾ أفعل تفضيل.
﴿أَحْسَنُ﴾ أفعل تفضيل.
ولكن هل في مستقر ومقيل أهل النار خير؟ لا، فدل على أن الخيرية إنما هي من نصيب المؤمنين.
10 ـ أن قوله:﴿وَجَعَلَ مِنْهُمْ اَلْقِرَدَةَ وَاَلْخَنَازِيرَ﴾
أن «الجعل» منه عز وجل على نوعين:
النوع الأول: «جعل قدري» كما في هذه الآية.
النوع الثاني: «جعل شرعي» كما في قوله تعالى:﴿مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ﴾ [المائدة103]
يعني: ما شرع ﴿مَا جَعَلَ اللّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ﴾ [المائدة103]
ويقال في هذا مثل ما قيل في التحريم وفي الإرادة وفي القضاء.
11 ـ أن كلمة «الثواب» قد تطلق على الشر كما قال هنا: ﴿مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ﴾ [المائدة 60] فكما تطلق في الخير تطلق في الشر، ولذا قال تعالى: ﴿هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المطففين36]، وقد يكون الثواب فيما لا يلائم الإنسان كما قال تعالى عن المؤمنين في غزوة أحد: ﴿فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [آل عمران153]، وهذا على أحد القولين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله تعالى: ﴿قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً ﴾ [الكهف21].
من الفوائد :
1 ـ أن الأمم السابقة كما وقع فيها البناء على القبور كذلك سيكون في هذه الأمة ، فاحذر أن تكون منهم.
2 ـ خطر أمراء السوء لأنهم قالوا:﴿لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً﴾ [الكهف21]
ولذا قال ابن المبارك رحمه الله قال:
وهل أفســد الدينَ إلا الملـــوك وأحبـــار سوء ورهبانهــــــا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حذو القذة بالقذة، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ: فَمَنْ» أخرجاه
من الفوائد :
1 ـ أن ما يذكره النبي صلى الله عليه وسلم عن الأمم السابقة ليس إقراراً لنا في الاقتداء بهم ، وإنما هو تحذير منه صلى الله عليه وسلم.
2 ـ أن هذه الأمة مُقْدِمَة على متابعة اليهود والنصارى إلى درجة أنه عليه صلى الله عليه وسلم وصف هذه المتابعة بوصف بليغ قال: «حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ» مع أن جحر الضب ملتوٍ وليس بمستقيم، فهذا يدل على انهماك هذه الأمة في متابعتهم.
3 ـ أن هذا الحديث ذكر اليهود والنصارى، وفي حديث آخر ذكر «فَارِس وَالرُّوم» ؟
والجمع بينهما إما أن يقال: إن الروم نصارى وغالبية الفرس يهود.
أو يقال: إن متابعة هذه الأمة لليهود والنصارى في الدين ولفارس والروم في أحكام السياسة والقيادة وهذا أقرب.
4 ـ أن كلمة «سنن» يجوز فتح السين وضمها إما «سَنن وإما سُنن» .
لكن إذا قلنا بفتحها: سَنَن فالمراد المفرد يعني طريق، وإذا قلنا:سُنن بالضم المراد الجمع يعني جمع طريق.
5ـ أن هذه الأمة كلها لا تتبع اليهود والنصارى ، لأن الخير في هذه الأمة كما قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى قَائِمَةً بِأَمْرِ اللَّهِ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِي أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ» .
وإنما يكون هذا في بعض الأمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولمسلم عن ثوبان رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِى سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِىَ لِي مِنْهَا وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الأَحْمَرَ وَالأَبْيَضَ وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّى لأُمَّتِي أَنْ لاَ يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ وَأَنْ لاَ يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ وَإِنَّ رَبِّى قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لاَ يُرَدُّ وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لأُمَّتِكَ أَنْ لاَ أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ وَأَنْ لاَ أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فيَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا وَيَسْبِى بَعْضُهُمْ بَعْضًا».
ورواه البرقاني في صحيحه وزاد:«وَإِنَّمَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِى الأَئِمَّةَ المُضلِّينَ وإذا وقعَ في أُمَّتِي السَّيْفُ لمْ يُرْفَعْ عَنْهُمْ إلى يَوْمَ القيَامَةِ ولا تَقومُ السَّاعةُ حَتّى تَلْحَقَ فئام منْ أُمَّتِي بالمُشْرِكينَ حَتّى تَعْبُدَ فئام مِنْ أُمَّتِي الأوْثانَ وإنّهُ سَيَكُون في أُمَّتِي كذّابونَ ثلاثونَ كُلَّهُمْ يَزْعَمُ أنّهُ نَبِيٌّ وأنا خاتِمُ النّبيين لاَ نبي بَعْدِي ولا تَزَالُ طائِفَةٌ منْ أُمَّتِي على الحَقِّ ظاهِرِينَ لا يَضَرُّهُمْ منْ خالَفَهُمْ حَتّى يأْتِي أمْرُ اللَّهِ تبارك وتعالى»
من الفوائد:
1 ـ أن إكرام هذه الأمة يُعد إكراماً للنبي صلى الله عليه وسلم ، وأن هذه الكرامة التي نالتها هذه الأمة إنما سببها هو النبي صلى الله عليه وسلم .
2 ـ أن زوي الأرض ، هل معناه أن بصر النبي صلى الله عليه وسلم قد قوى فرآها ؟ أم أنه صلى الله عليه وسلم زوى له عز وجل الأرض فرأى مشارقها ومغاربها ؟ قولان ، والثاني هو الأصح، وليس هذا ببعيد، ولذا فإن البشر صنعوا كرة أرضية معدنية ، فالله عز وجل قادر على أن يزويها حتى يراها صلى الله عليه وسلم.
3 ـ وجوب الإيمان بالأمور الغيبية، فإذا أخبر صلى الله عليه وسلم أن الله قد زوى له الأرض فلا تقل كيف ؟ ولذا قال الإمام أحمد رحمه الله في كتابه أصول السنة قال: «لا تقل لم ولا كيف ، إنما هو الاتباع والتسليم والانقياد والتصديق».
4 ـ أن الله عز وجل استجاب دعوة النبي صلى الله عليه وسلم بألّا يهلك أمته بقحط أو جدب، وإلا فإن القحط والجدب قد يقع في بعض الأمة ، لكن على جميع الأمة لا.
5 ـ معجزة النبي صلى الله عليه وسلم إذ أخبر عما ستملكه أمته في المستقبل، وقد وقع وبالفعل، فقد امتدت الفتوحات الإسلامية من الشرق إلى الغرب ، وأما بالنسبة إلى الشمال والجنوب فهو قليل.
6 ـ أن الله عز وجل استجاب دعوة النبي صلى الله عليه وسلم ألا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم، لكنه عز وجل اشترط وقيَّد ، وذلك بألا يقاتل بعضهم بعضاً، فإن قاتل بعضهم بعضا فإن العدو سيتسلط عليهم ويستبيح بيضتهم، وبالفعل فإن الأمة لما نهش بعضها بعضا تسلط عليهم الأعداء.
7 ـ أن «البيضة» هي غطاء يوضع على رأس المقاتل حتى يتقي به من ضربات السيف، فالأمة لا يُسلَّط عليها عدو من سوى أنفسها فيستبيح بيضتها ويقضي عليها حتى يقاتل بعضهم بعضا، فدلَّ هذا على أن اجتماع الأمة قوة وحصانة لهم ، كما أن البيضة التي توضع على الرأس حصانة للمقاتل.
8 ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم قال: «سَأَلْتُ رَبِّى ثَلاَثًا فَأَعْطَانِي ثِنْتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً سَأَلْتُ رَبِّى أَنْ لاَ يُهْلِكَ أُمَّتِى بِالسَّنَةِ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلْتُهُ أَنْ لاَ يُهْلِكَ أُمَّتِى بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلْتُهُ أَنْ لاَ يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا»
فاستجاب الله عز وجل له وقد يحصل الغرق للبعض لكنه لا يحصل على جميع الأمة.
9 ـ أن قضاء الله عز وجل نوعان ، وقد سبق الحديث عن ذلك
10 ـ حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أن يصل الخير إلى أمته، وأن يندفع عنهم الشر، ولذا كان يسأل ربه لأمته حتى إنه صلى الله عليه وسلم إذا أتى في حديث الشفاعة خر ساجدا فإذا رفع رأسه قال يا رب أمتي أمتي
11 ـ أن دم المسلم لا يجوز أن يُستباح، ولذا قال صلى الله عليه وسلم مكرراً ذلك في حجة الوداع ثلاث مرات: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ» وقال صلى الله عليه وسلم: «لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ»
ولذا شنَّع النبي صلى الله عليه وسلم بذكر لفظ يربأ المسلم من أن يقع فيه قال:
«وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا» ومعلوم أن السبي لا يكون على المسلم ، وإنما يكون على الكافر، فكأن هذا المسلم لما قاتل أخاه كأنه استباح دمه وجعله في عداد الكفار.
12 ـ أن قوله تعالى:«وإني أعطيتك لأمتك» يدل على ما سلف من أن العطاء الذي نالته أمته يعد من الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم.
13 ـ أن قضاء الله الكوني لا يرد، كما جاء في هذا الحديث «إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد».
14 ـ في زيادة البرقاني أن من أكبر فساد الدين إنما يكون بسبب الأئمة المضلين، وهم أمراء السوء أو علماء السوء، ولذا قال صلى الله عليه وسلم:«أخْوَفُ ما أخافُ على أُمَّتِي كُلُّ مُنافِقٍ عَلِيمِ اللِّسانِ»
وهناك أئمة في الخير كما قال تعالى:﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ [السجدة24]ولذا قال صلى الله عليه وسلم «ثلاثة لا ترد دعوتهم» ذكر منهم «الإمام العادل» .
15 ـ أن الخير كما يكون فيه أئمة كذلك الشر كما في هذا الحديث، ولقوله تعالى في أتباع فرعون:﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ ﴾ [القصص41].
16 ـ أن الإمامة في الدين تكون بأمرين كما قال شيخ الإسلام رحمه الله «بالصبر واليقين» كما قال تعالى:﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [السجدة24].
17 ـ إثبات وتقرير معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم وذلك أن السيف لما وقع في هذه الأمة بقتل عثمان رضي الله عنه لم يرفع عنها.
18 ـ أن قبائل من العرب ستعبد الأوثان كما في قوله صلى الله عليه وسلم : «حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين» .
إما أن يلحق بالمشركين قبائل أو قبيلة لها شأنها ، وهذا اللحوق إما أن يكون لحوقا حسيا حيث يذهب هؤلاء إلى ديار الكفار، أو يكون لحوقا معنويا وذلك باتباعهم والسير على طريقتهم.
19 ـ أن بعض هذه الأمة سيقع في عبادة الأوثان ، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم: «لاَ يَذْهَبُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى تُعْبَدَ اللاَّتُ وَالْعُزَّى» وكما قال صلى الله عليه وسلم: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ عَلَى ذِي الْخَلَصَةِ»
وقد وقع ذلك في عهد الدولة السعودية الأولى حتى هدمها الإمامان محمد بن عبد الوهاب، ومحمد بن سعود رحمهما الله ، ولما زال الحكم السعودي عن الحجاز أعيدت مرة أخرى فأزالها الملك عبد العزيز رحمه الله.
20 ـ أن من يدعي النبوة كما أخبر صلى الله عليه وسلم أن عددهم ثلاثون، ولكن جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «فِي أُمَّتِي كَذَّابُونَ وَدَجَّالُونَ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ، مِنْهُمْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ»
والجمع بينهما: أن ذكر الثلاثين من باب جبر الكسر عند العرب ، فيكون عددهم سبعة وعشرين، لكن العرب تجبر الكسر، أو أن هذا العدد من باب المبالغة دون النظر إلى العدد ذاته، كما سبق معنا في كذب الكاهن مع الكلمة التي يخطفها مائة كذبة.
ولو قال قائل: إن هناك من ادعى النبوة أكثر من هذا العدد؟
فيقال: إن قلنا إن هذا العدد من باب المبالغة، فإنه لا ينفي ما زاد عن هذا العدد، وإن قلنا إنه عدد معين؟
فالجواب: أن هذا العدد المعين هو العدد الذي له شوكة وصيت وظهور، وقد ادعى النبوة أناس: كالأسود العنسي ، ومسيلمة الكذَّاب، وطليحة الأسدي، وسجاح – وهي امرأة – وقد عادت سجاح، وكذلك طليحة الأسدي إلى الإسلام .
21 ـ أن حديث «ليس بعدي نبي إلا ما شاء الله» حديث موضوع وضعته الزنادقة، ونظيره في السفه والحمق والغباء قول من يقول: إن قوله «لا نبي بعدي» معناه أن هناك نبيا بعدي اسمه «لا» فكأنه قال «لا» ثم قال «نبي بعدي» وهذا خطأ لا يتناسب مع اللغة العربية لأن «لا» نافية للجنس ولذا نصبت مع بعدها.
22 ـ أنه يكون في آخر الزمان انصراف عن التوحيد في شهادة أن لا إله إلا الله وفي شهادة أن محمداً رسول الله، وقد صرَّح بهذا هذا الحديث، فقوله:«حتى تعبد فئام من أمتي الأوثان»هذا فيما يتعلق بشهادة أن لا إله إلا الله. أما قوله صلى الله عليه وسلم «كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي» فهذا يتعلق بشهادة أن محمدا رسول الله.
23 ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» فمع غربة الدين تكون هناك طائفة منصورة كما ذكر في هذا الحديث «لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله»
24 ـ أنه لا عبرة بالكثرة ، ولذا قال:«لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم» .
ونظيرهذا قوله تعالى:﴿كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ﴾ [البقرة249]، فمصداق هذا حديث ابن عباس رضي الله عنهما إذ قال صلى الله عليه وسلم: «وَاعْلَمْ أنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ على أنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَإِنِ اجْتَمَعُوا على أنْ يَضُرُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُوكَ إِلا بِشَيءٍ قد كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ»
25 ـ أن معنى قوله «حتى يأتي أمر الله» أي الريح الطيبة اللينة التي تقبض روح المؤمنين، ولذا قال صلى الله عليه وسلم في رواية أخرى «لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة»
26 ـ أن الساعة لا تقوم إلا على شرار الخلق، وذلك إذا أتى أمر الله عز وجل وهو الريح التي تقبض أرواح جميع المؤمنين لم يبق إلا شرار الخلق وهم الكفار فتقوم عليهم الساعة.
27 ـ إثبات علو الله عز وجل .
28 ـ أن هذه الطائفة المنصورة قال عنها الإمام أحمد رحمه الله : «إنهم أهل الحديث».
فظن البعض من هذا الكلام أنهم أهل الحديث في الصفة والاصطلاح، وليس هذا هو المراد حتى لا يطعن أحد في الفقهاء، وإنما أهل الحديث هم الذين فهموه وفقهوه، فشيخ الإسلام رحمه الله ليس من أهل الحديث من حيث الصنعة أفيقال: إن شيخ الإسلام رحمه الله ومن صار على طريقته ليس من هذه الطائفة؟
ليس كذلك ،وذلك لأن بعض من يدخل في علم الحديث قد لا يقوم بالواجب الذي أمره الله به أو أمره صلى الله عليه وسلم ، ولذا قال صلى الله عليه وسلم عند مسلم: « مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ»
29 ـ أن شيخ الإسلام رحمه الله في «عقيدته الواسطية» لما ذكر أهل السنة والجماعة قال: فالطائفة المنصورة هم من كان على منهج أهل السنة والجماعة، من هم أهل السنة والجماعة؟ فسرهم النبي صلى الله عليه وسلم قال: كما عند الترمذي: «وَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلاَّ مِلَّةً وَاحِدَةً قَالُوا مَنْ هِيَ يَا رَسُول اللَّه؟ قَالَ: مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي»
30 – أن المسلم ولاسيما طالب العلم إذا كان على الحق وهو يعرف أنه على الحق لا يضره من خذله ولا من خالفه، وهذا ظاهر جلي في حياة شيخ الإسلام رحمه الله فإنه أتى في مجتمع بدت فيه الآراء المخالفة للنصوص فعوتب في ذلك وسجن حتى أنه نقم عليه بسبب أنه كان يفتى بأن الطلاق بالثلاث يعد طلقة واحدة فنقم عليه رحمه الله، ومع ذلك لم يتغير رأيه لأنه يعرف أنه على الحق، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: «ولا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة».
31- أن من كان على الحق أنه منصور ولو لم يكن منصورا في حينه فإن النصر سيكون حليفه في المستقبل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ