شرح كتاب التوحيد ( 25 ) [ باب بيان شيء من أنواع السحر ]

شرح كتاب التوحيد ( 25 ) [ باب بيان شيء من أنواع السحر ]

مشاهدات: 446

شرح كتاب التوحيد

( 25 )

[ باب بيان شيء من أنواع السحر ]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وهذا هو رابط هذا الدرس على القناة العلمية الصوتية للشيخ :

 

https://www.youtube.com/watch?v=VBPQLxipsls&index=26&list=PLLqPd_eY0IBM6kO0TRJOVvrp3H7mmLbbz&spfreload=10

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال أحمد حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ حَيَّانَ بن العلاء حَدَّثَنِا قَطَنُ بْنُ قَبِيصَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الْعِيَافَةَ وَالطَّرْقَ وَالطِّيَرَةَ مِنْ الْجِبْتِ».

قَالَ عَوْفٌ:الْعِيَافَةُ زَجْرُ الطَّيْرِ،وَالطَّرْقُ الْخَطُّ يُخَطُّ فِي الْأَرْضِ، وَالْجِبْتُ: قَالَ الْحَسَنُ: رنة الشَّيْطَانُ.  إسناده جيد

ولأبي داود والنسائي، وابن حبان في صحيحه، المسند منه

 من الفوائد:

1 ـ أن فيه أنواعاً  من أنواع السحر فدل على أن السحر أنواع.

2 ـ أن معنى: «الجبت» كما سبق هو السحر، فلماذا كانت الطيرة التي هي التشاؤم لماذا كانت من أنواع السحر؟

هي من أنواع السحر من حيث المشابهة في المعنى اللغوي، وذلك لأن المتشائم يعتمد على أمر خفي، فحينما يزجر الطير فإن ذهب يمنة ذهب في شأنه،وإن ذهب يسرة أحجب، فكأنه اعتمد على أمر خفي، وكذلك الشأن في السحر من حيث اللغة هو ما خفي ولطف سببه، وكذلك يقال في الخط في الرمل لكي يتبين له بزعمه سعادة فلان أو شقاوته يكون اعتمد على أمر خفي، وإلا فما هو العلم الذي يحصل من خط يُخط في الأرض، فشابه السحر في كونه اعتمد على أمر خفي،  أما من خط خطاً في الأرض دون أن يكون فيه هذا الاعتقاد فلا بأس بذلك بل قد يكون الخط الذي يخط في الأرض مسنوناً في حق من لم يجد سترة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «فَلْيَخُطَّ خَطًّا» .

3 ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الخط قال: «كَانَ نَبِي مِنَ الأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ فَمَنْ وَافَقَ خَطُّهُ فَذَاكَ»  رواه مسلم.

وهذا الحديث في ظاهره يتعارض مع ما سبق.

والجواب:  أن النبي صلى الله عليه وسلم علَّق جواز الخط على معرفة خط ذلك النبي، وخط ذلك النبي يستحال أن يعرف، ثم إن الأنبياء معصومون من السحر ومن أنواعه، فدل على أن هذا الخط الذي وقع من ذلك النبي إما وقع بوحي من الله عز وجل  بينما خط الآخرين إنما هو وحي من الشيطان، ولذا قال الحسن: «هو رنة الشيطان» أي أن الشيطان يتلذذ بإيحائه إلى من يخط إذا استجاب هذا الخاط لوحي الشيطان.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وعن ابن عباس رضي الله عنهما  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«مَنِ اقْتَبَسَ شعبة مِنَ النُّجُوم فقد اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ زَادَ ما زَادَ»  رواه أبو داود وإسناده صحيح.

 من الفوائد:

1 ـ أن كون التنجيم من السحر؛ لأن الاستدلال بالنجوم على الحوادث الأرضية  أمر خفي، فما علاقة هذه النجوم بسعادة فلان أو بشقاوته، فشابه التنجيم السحرَ في معناه اللغوي، والتنجيم سيأتي له باب مستقل عقده المؤلف رحمه الله.

2ـ أن الشر يتفاوت لأنه قال:  «مَنِ اقْتَبَسَ شعبة مِنَ النُّجُوم فقد اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ زَادَ ما زَادَ».

وللنسائي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه :

«مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثُمَّ نَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ، وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ، وَمَنْ تَعَلَّقَ شَيْئاً وُكِلَ إِلَيْهِ»

 من الفوائد:

1 ـ أن هذا الحديث ضعفه بعض العلماء وبعض العلماء يحسنه كابن مفلح رحمه الله  ، وهو أحد طلاب شيخ الإسلام رحمه الله.

2 ـ أن هذا الحديث فيه بيان للنوع الآخر من أنواع السحر قال:  «مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثُمَّ نَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ، وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ» يعني أن من سحر إما أن يكون مشركا وإما أن يكون مآله إلى الشرك.

3 ـ أن النفث في العقد معتمد فيه على أمر خفي فناسب أن يكون سحراً.

4 ـ أن ختام هذا الحديث جملة «وَمَنْ تَعَلَّقَ شَيْئاً وُكِلَ إِلَيْهِ»

وقد مرت معنا ، وختام هذا الحديث بهذه الجملة يدل على أن من تعلَّق قلبه بشيء ظاهر دون الله عز وجل  فإن الله عز وجل  يوكله إليه، فما ظنكم بما سبق من جمل فيمن اعتمد على أمر خفي، فإن الله عز وجل  يتخلى عنه.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ مَا الْعَضْهُ هِي النَّمِيمَةُ الْقَالَةُ بَيْنَ النَّاسِ»  رواه مسلم.

 من الفوائد:

1ـ أن النميمة كبيرة من كبائر الذنوب ، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ» وفي رواية «لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ نَمَّامٌ»

2ـ أن النميمة سحر، وذلك لأن النميمة تفرق بين الأحباب، والسحر كذلك يفرق بين الأحباب، ومنه ما يسمى بالصرف، ولذا قال تعالى: ﴿فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِه ﴾ [البقرة102].

3ـ أن النميمة هي القالة بين الناس إذا كانت على وجه الإفساد، وأما إذا كانت على وجه المصلحة فإنها لا تكون نميمة، وسيأتي لذلك أمثلة في أحاديث قادمة إن شاء الله تعالى .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ولهما عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا»

 من الفوائد:

1 ـ أن البيان نوعان: بيان عام وبيان خاص.

فالبيان العام: نعمة من الله عز وجل   وذلك أن يفصح الإنسان عما في قلبه قال تعالى :﴿الرَّحْمَنُ(1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ(2) خَلَقَ الْإِنسَانَ(3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ(4) ﴾

فهذه نعمة أن يتحدث، فإن الأخرس قد حُرِم من نعمة التكلم.

والبيان الخاص: وهو الفصاحة والبلاغة ، والفصاحة والبلاغة لا تمدح ولا تذم من حيث هي ، وإنما تمدح وتذم باعتبار متعلقها، فمن يكون فصيحاً بليغا ويوجه هذه النعمة في الخير فإنه محمود، ومن يوجهها في الشر فإنه مذموم، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا» ولم يقل:«إن البيان لسحر» وإنما أتى بـ «مِن» التبعيضية، وذلك لأن بعض الناس يسحر بكلامه أسماع الآخرين فيصرفهم من الخير إلى الشر، ولذا مر معنا حديث  «أخوف ما أخاف على أمتي منافق عليم اللسان»

2 ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الحديث لما أتى رجلان من المشرق وكانا فصيحين فاجتمع الناس حولهما فقال  صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا»

ولو قال قائل: لماذا كان البيان الفصيح سحراً؟

الجواب: لأن الفصيح يصرف قلوب الناس إلى كلامه كما هو الشأن في السحر أنه يصرف القلب إلى قلب آخر.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ