شرح كتاب التوحيد (38) [باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله ]

شرح كتاب التوحيد (38) [باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله ]

مشاهدات: 477

 

شرح كتاب التوحيد

(38)

[ باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله

فقد اتخذهم أربابا من دون الله ]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وهذا هو رابط هذا الدرس على القناة العلمية الصوتية للشيخ :

 

https://www.youtube.com/watch?v=QLQIHC9uYdM&index=39&list=PLLqPd_eY0IBM6kO0TRJOVvrp3H7mmLbbz

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وقال  ابن عباس رضي الله عنهما : «يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون: قال أبو بكر وعمر؟!».

 من الفوائد:

1 ـ أن سبب مقولة ابن عباس  رضي الله عنهما  أنه يرى أن الحج لا يكون إلا تمتعاً وأنه لا يقرن إلا إذا كان قد ساق الهدي كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه لا يفرد ولو أنه فعله  فإنه من حين ما يطوف ويسعى فإنه قد حلَّ حكماً وإن لم يحلَّ حقيقة  , لكن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يريان من أنه يفرد قالا:  حتى لا يهجر البيت فإنه لو أخذ حجة وعمرة في سفرة واحدة لاكتفى بها ولم يأت في المستقبل، فقيل له: إن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما  يقولان بهذا فقال: هذه المقولة.

2 ـ أن قول أبي بكر وعمر رضي الله عنهما لا يجوز أن يعارض به أقوال النبي صلى الله عليه وسلم مع أنهما رضي الله عنهما لم يخالفا حكم الشرع فما ظنك بمن هو دونهما؟!

ولذا البعض إذا ذكر له حديث صحيح أو ذكرت آية حول حكم من الأحكام قال: إن الشيخ الفلاني يقول كذا وكذا، هذا لا يجوز أن يعارض بهذا القول نصوص الشرع؛ ولذا ابن عمر رضي الله عنهما لم سئل عن التمتع أمر به، فقال أعرابي: إن أباك لا يراه، فقال ابن عمر رضي الله عنهما: إذا كان أبي لا يرى التمتع أقول أبي يتبع أم قول النبي صلى الله عليه وسلم ؟! ولذا فإن الواجب على طلاب العلم وعلى المسلمين عموماً – لكن على طلاب العلم خصوصا – إذا تنازعوا في أمر أن يردوه إلى شرع الله عز وجل  قال تعالى:﴿ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ ﴾ وشيء نكرة في سياق الشرط فتعم أي شيء يتعلق بالشرع ﴿فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾  [النساء59]

يعني أن العاقبة تكون خيراً.

3 ـ أن نزول الحجارة على هذه الأمة ليس ببعيد ، ولذا قال صلى الله عليه وسلم:  «سيكون في آخر الزمان خسف وقذف ومسخ» ، وقال لما ذكر قصة لوط عليه السلام وما قذفوا به من الحجارة: ﴿وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ﴾ [هود83] ففيه تنبيه لهذه الأمة أنها إذا فعلت مثل ما فعل قوم لوط فإن هذه العقوبة توشك أن تنزل بهم.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقال الإمام أحمد رحمه الله:

«عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته، ويذهبون إلى رأي سفيان، والله تعالى يقول: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾  [النور: 63] أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك»

 من الفوائد:

1 ـ أن الإمام أحمد  رحمه الله  تعجب تعجب إنكار، لأن التعجب نوعان:

أولا: تعجب استحسان، كما قالت عائشة  رضي الله عنها : «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُورِهِ وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ»

ثانياً: تعجب إنكار، كما قال عز وجل : ﴿بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ ﴾  [الصافات 12]، فالإمام أحمد رحمه الله تعجب تعجب إنكار، على من قدم رأي سفيان الثوري وهو أحد العلماء إذا قدم رأيه على قول النبي صلى الله عليه وسلم.

2 ـ أن رد ولو شيئاً أو بعضاً من قول النبي صلى الله عليه وسلم سبب للزيغ والفتنة ، ومن ثمَّ الوقوع في الشرك ، لم؟  لأنه سيعظم مقولة ذلك الرجل فلربما جعله شريكا مع الله عز وجل  في الحكم.

3 ـ أن قوله عز وجل :﴿فَلْيَحْذَرِ الْذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ﴾  [النور63]  «أمر» مفرد أضيف إلى الضمير المعرفة فيعم أي أمر من أمره صلى الله عليه وسلم.

4 ـ أن شيخ الإسلام رحمه الله قال : إن الحرف لا يبدل بحرف؛ فإن الحروف لا ينوب بعضها عن بعض، خلافا لمن قال إن بعضها ينوب عن بعض، بل قال تبقى الحروف على ما هي عليه وتضمن أفعالا أخرى حتى نثري معاني القرآن قلت: والدليل كما هنا إذ قال:﴿يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ﴾ فيه تضمين لمعنى آخر قال:﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ﴾ [النور63] فحصلت منهم المخالفة ويضمن هذا الفعل يخالفون فعل آخر، بمعنى أنهم يعرضون عن أمره.

5 ـ أن مخالفة أمر الله عز وجل  من أسباب الوقوع في الشرك لأن أمره جل وعلا أعظم من أمر النبي صلى الله عليه وسلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وعن عدي بن حاتم  رضي الله عنه :

أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية ﴿اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [التوبة31]،  فقلت له: إنا لسنا نعبدهم، قال: «أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟ فقلت: بلى، قال: فتلك عبادتهم»  رواه أحمد والترمذي وحسنه.

 من الفوائد:

1 ـ أن طاعة غير الله عز وجل  في تحريم الحلال أو تحليل الحرام أنه من باب اتخاذهم أنداداً من دون الله عز وجل .

2 ـ أن العبادة ليست محصورة في ركوع أو في سجود ، فقد يكون هذا التابع لمن أحل الحرام قد يكون من المصلين – الساجدين – الراكعين – الصائمين – المزكين، لكن لما طاوع هذا القائل بأن الخمر حلال أصبح كافراً.

3 ـ أن التحريم والتحليل حق لله عز وجل  فلا يجوز لأحد أن يقدم عليه، ولذا قال عز وجل : ﴿وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ﴾  [النحل116]، وقال: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾  [الأعراف33] فقرن بين القول على الله عز وجل  بلا علم مع الشرك فدل على أن هذا بريد إلى الشرك.

4 ـ أنه  صلى الله عليه وسلم قدَّم تحريم الحلال على تحليل الحرام ، وهذا يدل على أن تحريم الحلال أشد من تحليل الحرام وإن كان كلاهما خطيرا.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ