شرح كتاب التوحيد ( 54 ) [ باب لا يقل عبدي وأمتي ]

شرح كتاب التوحيد ( 54 ) [ باب لا يقل عبدي وأمتي ]

مشاهدات: 494

 

شرح كتاب التوحيد

( 54 )

[ باب لا يقل عبدي وأمتي ]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وهذا هو رابط هذا الدرس على القناة العلمية الصوتية للشيخ :

 

https://www.youtube.com/watch?v=2B9n7RPtjAw&index=55&list=PLLqPd_eY0IBM6kO0TRJOVvrp3H7mmLbbz

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال: «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ أَطْعِمْ رَبَّكَ وَضِّئْ رَبَّكَ،وَلْيَقُلْ سَيِّدِي ومَوْلَايَ وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ عَبْدِي وأَمَتِي وَلْيَقُلْ فَتَايَ وَفَتَاتِي وَغُلَامِي»

 من الفوائد:

1 ـ أن الأكمل في حق الإنسان أن يبتعد عن الألفاظ الموهمة ولو كانت من حيث القصد صحيحة.

2 ـ أن قوله:«أَطْعِمْ رَبَّكَ» أي أحضر له طعامه،  والمراد من «ربك»  هنا السيد،ومعنى قوله: «وَضِّئْ رَبَّكَ» أي أحضر له ماء الوضوء.

3 ـ أن كلمة «الرب» إذا أضيفت لمخاطب فينهى عنها لمحظورين ، وهنا أسلوب مخاطبة قال: «أَطْعِمْ رَبَّكَ» «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ أَطْعِمْ رَبَّكَ، وَضِّئْ رَبَّكَ» لم؟

أولا: لأن هذا اللفظ يوهم أن الخطاب موجه إلى الله ، وهو عز وجل  ﴿يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ﴾  [الأنعام14]

ثانيا: إذا خاطبت أحداً بهذا الخطاب ففيه إذلال للعبد، فكأن هذا المخلوق ذليل لهذا السيد، لكن لتعلم أن أكثر العلماء يقولون: إن النهي هنا للتنزيه وليس للتحريم لم؟ لأن يوسف عليه السلام قال لذلك الرجل الذي خرج من السجن : ﴿اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ﴾        [يوسف42]

يعني عند سيدك، وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يأت شرعنا بخلافه،ولذا قول من يقول بالتحريم قول وجيه لأن شرعنا أتى بما يخالف، ولما ذكر من العلتين السابقتين.

4 ـ أن كلمة «الرب» إذا أضيفت إلى ياء المتكلم فتجوز، ولذا قال يوسف: ﴿إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [يوسف23]

وكذلك إذا أضيفت إلى اسم ظاهر كأن تقول «رب الغلام – رب الدار» فإنه لا بأس بذلك.

وكذلك إذا أضيفت إلى ضمير غائب، كما قال صلى الله عليه وسلم في علامات الساعة   «أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا» وفي رواية «رَبَّهَا»  وقال عن ضالة الإبل: «مَا لَكَ وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ دَعْهَا حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا»

لكن الابتعاد عن هذه الألفاظ هو الأولى والأحسن.

5 ـ قول السيد لمملوكه: «عبدي – وأمتي» إن أضافه إلى المتكلم إخبارا فهذا جائز ، كأن يقول عن رقيقه « هذا عبدي» أما إذا كان على سبيل الدعاء كأن يقول: «يا عبدي تعالى أو يا أمتي أحضري الطعام» فهذا منهي عنه كما قال صلى الله عليه وسلم: «وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ عَبْدِي وأَمَتِي»وأما إذا أضيف إلى ضميرالمخاطب، فإنه يجوز, قال تعالى:﴿وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾[النور32].

6 ـ أن هذه الشريعة شاملة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم ما ينهى عن شيء وإلا ويضع له البديل، فإنه لما نهى عن قول:«عَبْدِي وأَمَتِي» أرشد إلى أن يقول: «فَتَايَ وَفَتَاتِي وَغُلَامِي» ولما نهى عن لفظ «أَطْعِمْ رَبَّكَ وَضِّئْ رَبَّكَ» أرشد إلى اللفظ البديل «وَلْيَقُلْ سَيِّدِي ومَوْلَايَ».

7 ـ أن الولاية تنقسم إلى قسمين كما مر معنا ، ولاية من الله عز وجل  للعبد، وولاية من العبد لله عز وجل ، ولكن قد تكون الولاية من العبد للعبد كقوله صلى الله عليه وسلم: «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» ومعنى «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» أن يعتق السيد رقيقه ،فيكون هذا الرقيق المعتق يكون مولاً لهذا السيد ، بحيث لو مات هذا المعتَق، وكان لديه مال وليس له ورثة أو كان له ورثة وليس معهم عصبة ، فإن هذا السيد يكون من بين الورثة.

ومن أنواع ولاية العبد للعبد: النصرة، كما قال تعالى: ﴿وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾  [التحريم4]، فإن المؤمنين يتولون النبي صلى الله عليه وسلم  في النصرة.

ومن معاني تولية العبد للعبد أن يتولى أموره، كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ [النساء59]، ولذا يجوز أن يقول المواطن للملك  يا مولاي ، وكذا يجوز أن يقولها لمن له عليه ولاية، ولا تقال لأي أحد، لأنه لو قالها لأي أحد صار كذباً.

فإن هذا لا بأس به لكن الأفضل ترك ذلك لما جاء عند مسلم قال صلى الله عليه وسلم:  «وَلاَ يَقُلِ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ مولاي» وَزَادَ فِي حَدِيثِ أَبِى مُعَاوِيَةَ « فَإِنَّ مَوْلاَكُمُ اللَّهُ عز وجل  »

وبعض العلماء أثبت هذه الرواية التي عند مسلم وبعضهم حذفها، والصحيح أنها ثابتة وأنه يجوز أن تقول لمن له  ولاية عليك ، يجوز أن تقول يا مولاي لكن الأفضل أن تترك لرواية مسلم.

8 ـ أنه يجوز أن تقول لمن له ولاية عليك يا سيدي، وأما قوله صلى الله عليه وسلم في وفد بني عامر كما سيأتي معنا «السيد هو الله عز وجل » فالمراد من ذلك إما السيادة المطلقة فإن السيادة المطلقة لله عز وجل   وإما أنه أراد أن يسد على هؤلاء باب الشرك لأنهم أثنوا عليه وأكثروا من الثناء، وسيأتي مزيد حديث عن هذه الكلمة في بابه بإذن الله تعالى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ