(مختصر فقه العبادات) [14] كتاب الصلاة ( آداب المشي إلى الصلاة – صفة الصلاة [ 1 ] )

(مختصر فقه العبادات) [14] كتاب الصلاة ( آداب المشي إلى الصلاة – صفة الصلاة [ 1 ] )

مشاهدات: 436

مختصر فقه العبادات

[ 14 ]

( كتاب الصلاة )

آداب المشي إلى الصلاة – صفة الصلاة 1

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

باب آداب المشي إلى الصــلاة

مَن أراد أن يؤديَ الصلاةَ في المسجدِ فعليه أن يتأدب بهذه الآداب.

مسألة/ [الوقار: وهذا في هيئة الشخص، والسكينة: في ألفاظه وحركاته، ويقول الأدعية والأذكار، ويقدم رِجلَه اليمنى عند الدخول، واليسرى عند الخروج، ويقول ما ورد، ولا يشبك بين أصابعه]

الشرح/ مِن الآداب: ما قاله ﷺ كما في الصحيحين: ” إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةَ، وَالْوَقَارَ ” (1)

ما هي السكينة؟ السكينةُ في حركات الإنسان، فلا يُكثرُ الحركةَ حينما يأتي إلى المسجد، ولا يُكثرُ الالتفات. وأما الوقار: ففي هيئة الشخص، يأتي مرتَّباً، ولا يأتي مثلا وأكمامُه قد انحسرت، أو ثلث شماغه على رأسه والثلثان في الأرض! وإنما يأتي بوقار، فالوقارُ في هيئته، والسكينةُ في حركاته وفي أفعاله.

ــــــــــــــــــ

ويقول ما ورد إذا خرج من بيته إلى الصلاة: وقد وردت أحاديثُ كثيرة؛ من بينها: ” بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ ” (2) وهذا عند أبي داود، وكذلك قوله ﷺ: ” اللَّهُمَّ إني أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَىَّ “.

 وكذلك يقول ﷺ: ” اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي لِسَانِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي سَمْعِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا، وَاجْعَلْ خَلْفِي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، اللَّهُمَّ وَأَعْظِمْ لِي نُورًا ” (2)

ـــــــــــــــــــــــ

وإذا أتى إلى المسجد يقدم رِجلَه اليمنى:

 لأنها تُقدَّم فيما مِن شأنه التكريم، ويقول ما ورد، ومن مجموع ما ورد في صحيح مسلم وفي غيره من السنن: ” اللهم اغفر لي ذنوبي وافْتَحْ لِى أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ ” (3)

” أَعُوذُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ” (4)

وإذا خرج من بيته فلا يُشَبِّك بين أصابعه إلى أن تُقامَ الصلاة:

 لنهي النبي ﷺ عن ذلك، وذلك لأن الإنسان إذا خرج من بيته إلى المسجد يعمدُ إلى الصلاة فهو في صلاة:

قال ﷺ: ” إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ وُضُوءهُ ثُمَّ خَرَجَ عَامِدًا إِلَى الْمَسْجِدِ فَلاَ يُشَبِّكَنَّ يَدَيْهِ فَإِنَّهُ فِي صَلاَةٍ ” (5)

وأما التشبيكُ بعد الصلاة: فيجوز، لِفِعلِه ﷺ كما جاء في الصحيحين (1)

أما التشبيك قبل الصلاة؛ أو أثناء الخروج إلى الصلاة؛ أو في الصلاة: فمنهيٌّ عنه.

 

وعند الخروج من المسجد يقدم رجله اليسرى ويقول:

” السَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ فَضْلِكَ (2)

وعند مسلم: ” اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ “، وعند ابن ماجه: ” اللَّهُمَّ اعْصِمْنِي مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ “.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مسالة/ [ له أن يقوم عند أي جملة من جمل الإقامة إلا إن رأى الإمام ]

الشرح/ إذا أتى إلى المسجد يصلي تحيةَ المسجد، ويمكث وينتظر الصلاة فإنه في صلاة ما انتظرَ الصلاة. فإذا أقيمَت الصلاة هل يقوم عند قول (الله أكبر)؟

أو عند قول (قد قامت الصلاة)؟ أو عند قول (حي على الصلاة)؟

ج/ لم يرد دليل ينُصُّ على ذلك، والأمرُ في ذلك واسع، سواءٌ قام عند أولِ جُمَل الإقامة، أوفي أثنائها، أو عند تكبيرةِ الإحرام للإمام.

 لكن إن كان الإمام يتأخر؛ ويُرى عند دخوله؛ وجرت عادتُه أنه إذا دخل لا يتنفل وإنما يشرعُ في الصلاة فقد قال ﷺ: ” إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي (1).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مسالة/ [الصحيح من قولي العلماء أن تسوية الصف واجبة]

الشرح/ تسويةُ الصف بحيث لا يتقدم أحدٌ على أحد: واجبةٌ على الصحيح، خلافاً للمذهب القائلين إنها سُنّة، لأن النبي ﷺ رتب عليها وعيداً شديداً قال: ” وَاللَّهِ لَتُقِيمُنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ ” (2)

وفي رواية: ” بَيْنَ وُجُوهِكُمْ ” (3) كما جاء في الصحيحين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مسألة/ [الأفضل يمين الصف]

الشرح/ الأفضل يمين الصف لِفعلِ الصحابة رضي الله عنهم كما عند مسلم:

” كان يحب أحدُهم أن يكونَ عن يمين النبي ﷺ ” (4)

أما حديث: ” إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى مَيَامِنِ الصُّفُوفِ ” (1) فهو خطأ بهذا اللفظ كما قال الألباني رحمه الله، وإنما هو كما عند ابن ماجه: ” إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف ” (2)

مع أن ابن حجر رحمه الله في الفتح أثبت جملة: ” ميامن الصفوف “.

ومِن ثَم: فإن كان يسارُ الإمام قد ظهر فيه النقص ظهوراً واضحاً؛ واليمين قد كَثُرَ فيه: فهنا الأفضل أن يكون عن اليسار،

إنما يكون اليمين أفضل إذا تساوى اليمين واليسار أو كان اليمين يزيد شيئاً قليلاً، لأن النبي ﷺ قال:

” أتموا الصف الأول فالأول ” (3) ولم يقل: أتموا الصف الأيمنَ فالأيمن.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مسالة: [الأفضل للنساء الصفوف المتأخرة إن كن يصلين مع الرجال دون ستر]

الشرح/ قال ﷺ كما عند مسلم: ” خَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا ” (4) وذلك لأن النساء كن يصلين مع النبي ﷺ دون حائل.

أما في هذا العصر: لهن مصليات خاصة ومستقلة، فالأفضلُ في حقهن الصفوف الأوَل.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ــ متفق عليه: البخاري بَاب لَا يَسْعَى إِلَى الصَّلَاةِ وَلْيَأْتِ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ رقم / 636، ومسلم باب اسْتِحْبَابِ إِتْيَانِ الصَّلاَةِ بِوَقَارٍ وَسَكِينَةٍ وَالنَّهْىِ عَنْ إِتْيَانِهَا سَعْيًا رقم /602

(2) ــ أبو داود: كتاب الصلاة- تفريع أبواب التطوع، حديث: 1354، الترمذي باب ما يقول إذا خرج من بيته رقم /3426 وصححه الألباني في صحيح أبي داود رقم /5095

(2) ــ متفق عليه: البخاري بَاب الدُّعَاءِ إِذَا انْتَبَهَ بِاللَّيْلِ رقم /6316، ومسلم باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه رقم /763

(3) ــ ابن ماجه باب الدعاء عند دخول المسجد ح/771 بلفظ (بسم الله. والسلام على رسول الله. اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك ) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ح /771

( وفي صحيح مسلم باب ما يقول إذا دخل المسجد ح/713 بلفظ (إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَقُلِ اللَّهُمَّ افْتَحْ لِى أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ )

(4) ــ ( أبو داود باب فيما يقوله الرجل عند دخوله المسجد رقم /466، وصححه الألباني في صحيح أبي داود رقم /466 )

(5) ــ أبو داود باب ما جاء في الهدي في المشي إلى الصلاة رقم /562، والترمذي باب ما جاء في كراهية التشبيك بين الأصابع [ في الصلاة ] رقم / 386، وصححه الألباني في صحيح أبي  داود رقم /562

(1) ــ متفق عليه :  البخاري بَاب تَشْبِيكِ الْأَصَابِعِ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ  رقم /478، و479، لم أجده عند مسلم

(2) ــ ابن ماجه باب الدعاء عند دخول  المسجد رقم /771 وصححه الألباني  في صحيح ابن ماجه رقم / 771  تخريج فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (82 – 84)، تخريج الكلم (163)

(1) ــ صحيح البخاري بَاب الْمَشْيِ إِلَى الْجُمُعَةِ رقم / 909

(2) ــ أبو داود باب تسوية الصفوف رقم/662 وصححه الألباني في صحيح أبي داود رقم / 662

(3) ــ متفق عليه:  البخاري باب تسوية الصفوف عند الإقامة رقم/717، ومسلم باب تسوية الصفوف وإقامتها برقم 436

(4) ــ صحيح مسلم باب استحباب يمين الإمام برقم 709

(1) ــ أبو داود باب مَنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلِىَ الإِمَامَ فِى الصَّفِّ برقم 676 قال الألباني حسن، بلفظ ” على الذين يصلون الصفوف ” لكن هذا اللفظ ضعفه الألباني في ضعيف ابن ماجه ح/1005

(2) ــ ابن ماجه باب إقامة الصفوف رقم/995، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه رقم /995،الصحيحة (1892 و 2532)

(3) ــ سنن النسائي الإمامة باب 30  الصف المؤخر رقم /818 بلفظ (أَتِمُّوا الصَّفَّ الأَوَّلَ ثُمَّ الَّذِى يَلِيهِ )  أبو داود باب تسوية الصفوف رقم/671، وصححه الألباني  في صحيح أبي داود رقم /671

(4) ــ صحيح مسلم باب تسوية الصفوف وإقامتها رقم/ 440

 

( صفة الصلاة ) 

 صفة الصلاة معروفة ولكن يراعى ما يأتي :

( أن يقول : الله أكبر  ولا يجزئ بغير العربية لمن يحسنها ويحرك بها شفتيه ولسانه ، وهذا في كل ذكر واجب ويجب أن يأتي بها قائما ًُوإلا انقلبت نفلاً إن اتسع الوقت ، ويكره تمطيطها . ويرفع يديه معها ، أو قبلها ، أو بعدها حذو منكبيه ، أو حذو أذنيه . ممدودة غير مقبوضة . ويضعها على صدره : اليمنى على اليسرى أو يقبض بيده اليمنى على كوع اليسرى ، ولا أصل لقبض المرفق ولا وضعهما على جهة القلب  ]

الشرح :

هذه هي صفة الصلاة : ” أن يقول (  الله أكبر  ) ،وتكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة ,لا تنعقد الصلاة بدونها ,لو تركها جهلاً أو نسياناً فلا تنعقد الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم  :

( وتحريمها التكبير )

ولا يجزئ  بغير هذا اللفظ : فلو قال

( الله الأكبر ) أو ( الله أجل ) أو ( الله أعظم)  أو ( الله الكبير الأكبر )

فلا يجزئ  إلا هذا اللفظ على القول الصحيح.

ولا تجزيء : ” بغير العربية لمن يحسنها  “

أما إذا كان أعجمياً لا يستطيع ( فـ بلغته ) ، لقوله تعالى : {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ  }التغابن16 .

وعليه كما قلنا أن يحرك شفتيه ولسانه لأن الذكر الواجب لا يجزئ  إلا إذا حرك شفتيه ولسانه ،ولا يثاب على الذكر المسنون إلا إذا حرك شفتيه ولسانه ،لأن من لم يحرك شفتيه ولسانه فهو لم يتكلم، ويجب أن يأتي بها قائماً لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته كما في الصحيحين قال :

( إذا قمت إلى الصلاة فاستقبل القبلة وكبر  )

وإن أتى بالتكبيرة لصلاة الفرض وهو جالس انقلبت نفلاً إن اتسع الوقت أو أتى بها في أثناء النهوض فإنها تنقلب نفلاً .

لابد أن يأتي بها وهو منتصب قائماً فإن أتى بها وهو جالس أوفي ثنايا النهوض .انقلبت نفلاً إن اتسع الوقت .وإلا تبطل نقول له صلاتك باطلة لأن هذا الوقت لا يسع إلا للفريضة .فهذه النافلة باطلة وعليك أن تستأنف من جديد حتى تأتي بالصلاة المفروضة في وقتها ,ويكره تمطيطها وإن زاد في التمطيط حتى غير المعنى فإنه لا يصح هذا التكبير . ومن ثم تبطل صلاته . ويرفع يديه مع التكبيرة كما جاء عند البخاري ( مساويا لها )  وورد في الصحيحين أنه عليه الصلاة والسلام ( كبر فلما كبر رفع ) وورد عند مسلم ( أنه رفع ثم كبر) . فتنوع مرة تأتي بالرفع مع التكبير ومرة تأتي بالرفع قبل التكبيرة ومرة تأتي بالتكبيرة قبل الرفع

ويكون الرفع حذو منكبيه ،  أو عند فروع أذنيه كلاهما وارد والسنة أن ينوع مرة ومرة .

(ممدودة ) يعني غير مقبوضة فلا يقبض أطراف أصابعه وإنما كما ورد عنه عليه الصلاة والسلام كان ( يمد يديه مداً ) .

والسنة : أن يضعهما على صدره اليمنى على اليسرى .

وأما ما جاء عن علي رضي الله عنه ( من السنة أن يضع يديه تحت سرته ) فهو حديث ضعيف ، وكل الصدر موضع لوضع اليدين ولا يبالغ الإنسان فبعض الناس يرفع يديه حتى يصل بهما رقبته ولذا فبعض السلف كان يضع يديه ” بين ثندوتيه “يعني بين ثدييه .

وهو مخير بين صفتين :

الأولى : إما يقبض بيده اليمنى على كوع يده اليسرى كما في السنن .

الثانية :  أو يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد . كما عند البخاري ،  وتكون مستقيمة .

وأما قبض المرفق كما يفعله البعض فلا دليل عليه .

وكذلك بعض الناس يقول إن القلب له مكانة ومزية فنضع اليد اليمنى على اليسرى من جهة القلب وهذا اجتهاد في غير محله.

( مسألة )

 [ ينظر المأموم إلى موضع سجوده إلا في الإشارة عند التشهد فينظر إلى إصبعه ويحرم النظر إلى السماء بل أبطلها بعض العلماء ويكره إغماض العينين ]

( الشرح )

ينظر إلى موضع سجوده كما فعل عليه الصلاة والسلام لما صلى في الكعبة .

وقال بعض العلماء / ينظر إلى إمامه ، وذلك لأن الصحابة كانوا يرقبون النبي عليه الصلاة والسلام في صلاته وكانوا ينقلون لنا ما يفعله .

وأما الإمام فيقول بعض العلماء يرى جهة القبلة. لأن النبي عليه الصلاة والسلام في صلاة الكسوف عرضت له الجنة والنار فرآهما .

ولكن هذه أحوال عارضة ، فالأقرب أنه ينظر وهو من السنة أن ينظر إلى موضع سجوده.

إلا في الإشارة عند التشهد لما جاء عند أبي داود ( كان لا يجاوز ببصره إشارته )

ويحرم النظر إلى السماء خلافاً لما قال: يكره ، فهو محرم  ، ولذلك البعض حينما يرفع من الركوع قائلاً ” سمع الله لمن حمده ” يرفع بصره إلى السماء .

وقد قال عليه الصلاة والسلام ( لينتهين أقوامٌ عن رفع أبصارهم إلى السماء أو لتخطفن )

وعند مسلم ( أولا ترجع إليهم ) حتى إن بعض العلماء يبطل الصلاة.

ويكره ” إغماض العينين ” لأن هذا خلاف ما عليه النبي عليه الصلاة والسلام لكن قال ابن لقيم رحمه الله إذا كان هناك ما يشغله في مصلاه فيغمض عينيه وإلا فالأصل أن عينيه تفتحان.

( مسألة )

[  الاستفتاح سنة ، وكذا الاستعاذة والبسملة على الصحيح  ]

( الشرح )

الاستفتاح سنة ، وله أنواع متعددة مذكورة في السنن .

فهو من السنن لو تركه الإنسان لا حرج عليه ولذا بعض الناس إذا أتى والإمام راكع يكبر تكبيرة الإحرام ويستفتح يمكن أن يستفتح بأول الاستفتاح ثم يركع، وهذا خطأ فيجب عليك أن تدرك الإمام وهو راكع لأن الفاتحة إذا سقطت وهي ركن فالاستفتاح من باب أولى لأنه سنة ، وكذا الاستعاذة فهي سنة فالنبي عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم قرأ ( سورة إنا أعطيناك الكوثر ) ولم يذكرها وإنما قال :

( بسم الله الرحمن الرحيم  {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ }الكوثر1.

وأما البسملة فهل هي من الفاتحة أم لا ؟

خلاف طويل والصحيح أنها سنة لأن النبي عليه الصلاة والسلام من حديث أبي هريرة عند مسلم : قال الله عز وجل ( قسمت الصلاة يعني الفاتحة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فإذا قال العبد (الحمد لله رب العالمين ، قال الله عز وجل : حمدني عبدي ) ولم يذكر البسملة.

قال شيخ الإسلام رحمه الله هناك وضاع كذاب أدرج ضمن هذا الحديث البسملة لكنها مفتراة على النبي صلى الله عليه وسلم .

( مسألة )

 [ البسملة ليست من الفاتحة إنما آية من أول كل سورة وليست من السورة نفسها والسنة الإسرار بها إلا لمصلحة كالتعليم . ويجب أن يقرأ الفاتحة كاملة مرتبة فإن لحن فيها وأحال المعنى لم تصح وتجب في كل ركعة على الصحيح إلا لمسبوق أدرك إمامه راكعا أو قائما وخشي أن تفوته الركعة ولو أخطأ فيها يعيد من موضع الخطأ ولو أبدل الضاد ظاءً في [الضَّالِّينَ ] فلا حرج والسنة أن يجهر الجميع بـ [ آمين ] وليست من الفاتحة وتجزئ الفاتحة ولو قرأها من مصحف ويجب أن يتعلمها فإن عجز قرأ غيرها فإن عجز ( سبح وحمد وهلل وكبر وحوقل ) ويقرأ سورة ندباً ولا يكره الاقتصار على الفاتحة وليس هناك دليل على السكوت بعدها ليتمكن المأموم من قرأتها ]

( الشرح )

البسملة كما أسلفنا ليست من الفاتحة ، وإنما هي كما هو رأى شيخ الإسلام رحمه الله ، وقال هو أعدل الأقوال: أنها آية مستقلة ليست من السورة ، وإنما هي آية مستقلة يؤتي بها عند افتتاح السور إلا في سورة التوبة فإنه لا يؤتي بها .

والسنة ” الإسرار بها ” لفعله عليه الصلاة والسلام كما روى أنس في الصحيحين وصرح بذلك عند مسلم ،إلا إن كان للتعليم فلا بأس .

وقد ورد حديث فيه ما يدل على أنه عليه الصلاة والسلام  جهر بها لكن شيخ الإسلام رحمه الله يضعفه.

وأما ابن القيم رحمه الله يقول لو جهر بها أحياناً فلا بأس .

وعلى كل حال فالأصل في البسملة الإسرار فإن وجدت مصلحة كتعليم لصفتها فيجوز،  ويجب أن يقرأ الفاتحة كاملة مرتبة بحروفها و بتشديداتها فإن أخل بالترتيب أو أخل بشيء منها بطلت صلاته لأنها ركن من أركان الصلاة ولو أحال المعنى في قراءته لسورة الفاتحة فتبطل صلاته .

أما إذا لم يحل المعنى فلا تبطل . وذلك كأن يقول ( أَنعَمتَُ  ) كأن هو المنعم فتغير المعنى .

وتجب / ” في كل ركعة ” على الصحيح خلافاً لمن قال إنها تجزئ الصلاة إذا قرأت الفاتحة و لو مرة واحدة في الركعة الأولى أو الأخيرة أوفي أثنائها.

ولا تسقط إلا عن مسبوق أدرك الإمام راكعاً كما ذكرنا . أتى والإمام راكع فماذا عليه ؟ عليه أن يكبر تكبيرة الإحرام ويركع .

أو أدرك الإمام قائماً لكن الإمام ركع وهو مثلاً عند قوله { اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ } وخشي لو أكملها أن يرفع الإمام من الركوع .

فنقول : اركع ولو لم تكمل السورة لقوله صلى الله عليه وسلم [وإذا ركع فاركعوا ]

ولو أخطأ فيعيد من موضع الخطأ ولا يلزم على القول الصحيح أن يعيد من جديد فلو أخطأ في

( اهدنا ) فيعيد من ( اهدنا ) ولا يلزمه أن يعيد مرة أخرى .

ولو أنه أبدل حرفاً مكان حرف بطلت . وإنما اختلف العلماء في الضاد والظاء .في قوله :

{ وَلاَ الضَّالِّينَ  } فلو قال و ( لا الظالين ) هل تصح الصلاة ؟

قولان : ابن كثير رحمه الله يرى أنها صحيحة وذلك لأن مخرجهما قريبان فيحصل عسر ومشقة والشريعة رفعت الحرج .

والسنة بعد الفراغ من قراءة الفاتحة أن يجهر الكل بآمين الإمام والمأموم ، لقوله عليه الصلاة والسلام ( إذا أمن الإمام فأمنوا ) كما جاء في الصحيحين وكان عليه الصلاة والسلام ( يمد بها صوته ) .

وليست من الفاتحة ، وإنما هي دعاء مستقل معناه اللهم استجب فـ  ( آمين ) اسم فعل أمر بمعنى ( اللهم استجب ) .

ولو أنه قرأ الفاتحة ليس عن ظهر قلب وإنما من المصحف فيصح لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال ( لا صلاة لمن لم يقرأ بأم الكتاب ) ولم يقل عن ظهر قلب ، ولم يقل في المصحف ، ويجب أن يتعلمها لأن قراءتها في الصلاة ركن .

فإن عجز لأن بعض الناس قد يعجز أو يعجز في وقت من الأوقات لكونه حديث عهد بكفر ، فيقال له إن كانت هناك آيات تحفظها بمقدار عددها فقلها وإن كنت تحفظ آية واحدة فكررها سبع مرات فإن عجز فكما ارشد النبي عليه الصلاة والسلام الرجل الذي قال:

(  علمني ما يجزئني في صلاتي قال تقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم )

فإذاً / ” يسبح ويحمد ويكبر ويهلل ويحوقل “

فإن عجز {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ  }التغابن16

و ” يقرأ بعد الفاتحة سورة ندباً ”

فهي سنة وليست بواجبة لأن ذلك الرجل الذي انصرف من صلاة معاذ لما أطال ، قال:

( إني أقرأ الفاتحة ، وأسأل الله الجنة وأستعيذ به من النار ولا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ ، فقال عليه الصلاة والسلام (حولها ندندن )

فهذا الرجل اقتصر على قراءة الفاتحة . والاقتصار عليها ليس بمكروه ،وبعض العلماء يقول يكره أن يقتصر على الفاتحة والصحيح عدم الكراهة لعدم الدليل .

وهل يسكت الإمام بعدما يقرأ الفاتحة حتى يتمكن المأموم من قراءتها ؟

الشافعية يرون أن السكوت مستحب ، وكذا بعض فقهاء الحنابلة لحديث ورد في ذلك عند أبي داود ولكنه ضعيف ، ومن ثم إذا قرأ الإمام الفاتحة فإنه يسكت بقدر ما يتراد إليه نفسه ثم يشرع . لكن لو سكت لعارض كسعال أو بلع ريق أو ليتذكر سورة ليقرأها فهذا أمر مستثنى . لكن تخصص سكتة بقدر سورة الفاتحة ليتمكن المأموم من قراءتها بعد إمامه لا دليل عليها

( مسألة )

[  الغالب أن يقرأ في الفجر من طوال المفصل ، وفي المغرب من قصاره والباقي من أوساطه ،وعليه أن يتبع السنة كما جاءت بها الأحاديث . وإن وجد مصلحة في التقصير لعارض فهذا هو السنة ]

الشرح

جاء عند النسائي وصححه ابن حجر رحمه الله في البلوغ أن غالب قراءته عليه الصلاة والسلام

( في المغرب من قصار المفصل ، وفي العشاء من أوساطه وفي الفجر من طواله)

والمفصل ( من سورة ق إلى سورة الناس ) والمفصل يعد حزباً عند الصحابة يقرؤونه في اليوم فقد كانوا يحزبون القرآن تحزيباً يختمون فيه القرآن في سبعة أيام

في اليوم الأول  : يأخذون ثلاثاً ( البقرة – آل عمران – النساء )

واليوم الثاني : يأخذون خمساً ( المائدة و والأنعام والأعراف والأنفال والتوبة )

في اليوم الثالث : يـأخذون سبعاً  ( يونس ، هود ، يوسف ، الرعد ، إبراهيم  الحجر،  النحل  )

في اليوم الرابع : يأخذون تسعاً  ( الإسراء ، الكهف ، مريم ، طه ، الأنبياء ، الحج ، المؤمنين ، النور ، الفرقان  ) .

في اليوم الخامس: يأخذون إحدى عشرة ( الشعراء ، النمل ، القصص ، العنكبوت،  الروم لقمان ، السجدة ، الأحزاب،  سبإ ، فاطر،  يس )

في اليوم السادس : يأخذون ثلاث عشر سورة ( الصافات ، ص ، الزمر ، غافر ، فصلت،  الشورى الزخرف ، الدخان ، الجاثية ، الأحقاف ، محمد الفتح ، الحجرات )

في اليوم السابع : يأخذون من سورة ( ق إلى سورة الناس )

– والمفصل له طوال وله قصار وله أوساط :

فطواله من ( ق إلى النبأ ) .

وأوساطه من ( النبأ إلى الضحى ) .

وقصاره من ( الضحى إلى الناس ) .

والنبي عليه الصلاة والسلام نوع فقد قرأ في الفجر [ بالطور وقرأ بالصافات ، وبالروم، و بيس ، وبأول سورة المؤمنون ]

وقرأ في المغرب [ بالمعوذتين ، والصافات ، والدخان ،والأنفال ، والأعراف ]

ولذا فالإمام عليه أن يعرف السور التي قرأها النبي عليه الصلاة والسلام وهي موجودة في كتب الحديث وينوع لا يجعل دأبه التطويل ولا يجعل دأبه التقصير ،  فالتخفيف الشرعي هو: التخفيف الذي سار عليه النبي صلى الله عليه وسلم فمن فعل كفعله عليه الصلاة والسلام فهو المخفف لأنه عليه الصلاة والسلام أمر بالتخفيف ، ولا يمكن أن يخالف فعله قوله ولذا قال ابن القيم رحمه الله :

( تعلق النقارون بحديث معاذ (أفتان أنت يا معاذ  ) وقال : ”

إن التخفيف مرده إلى فعله عليه الصلاة والسلام “

لكن قد تكون السنة هي : التطويل في صلاة مثل صلاة الفجر – فيحصل عارض يستدعي التخفيف ، فالسنة أن يخفف. ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام –كما جاء في المسند وأصله في الصحيحين ( دخل في الصلاة ليطيلها فسمع بكاء الصبي . فخشي أن تفتن أمه فقرأ بأقصر سورتين )

مسألة :

[  لا يجوز تنكيس حروف القرآن ولا كلماته  ولا آياته على الصحيح وتبطل بها الصلاة ،  وأما تنكيس السور فالأمر فيه واسع  ]

الشرح

هل يجوز تنكيس حروف القرآن بمعنى أنه يقرأ بالعكس ؟

لا يجوز هذا ومثله تنكيس الكلمات فمثل :

{ الْحَمْدُ للّهِ  } لو قال (   لله الحمد )  هذا حرام

ولا الآيات على الصحيح : لو قدم آية على آية كأن يقرأ :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ  } قبل {   الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }

فحرام ،وهذا الكلام ليس في الصلاة فحسب ، بل في عموم الأحوال .

وأما تقديم السور كأن يقدم ( سورة الضحى على سورة الليل إذا يغشى )

فاختلف فيها .

والنبي عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم :

(  قرأ في صلاة الليل ( البقرة، ثم قرأ النساء ثم قرأ آل عمران )

فبعض العلماء يقول : إن هذا قبل العرضة الأخيرة التي كان يعارضه إياها جبريل، والصحابة قد أجمعوا على هذا الترتيب الموجود في المصحف فلا يتجاوز، وهو الأصوب أنه لا يتجاوز، لكن لو فعل الإنسان لا يشنع به .