( مختصر فقه المعاملات) [51] (كتاب الديات) [2] ( باب في دية الأعضاء )

( مختصر فقه المعاملات) [51] (كتاب الديات) [2] ( باب في دية الأعضاء )

مشاهدات: 472

( فقه المعاملات )

(51)

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

(  كتاب : الدِّيات  )

 ( 2 )

(  بابٌ : في دِيَةِ الأعضاء  )

مسألة :

فى الإنسان خمسةٌ وأربعون عضوًا ، فما كان فيه من شيءٍ واحدٍ فدِيَةٌ واثنين فنصفٌ ، و ثلاثةٌ فثلثٌ أربعة فربع وفي كلِّ أصبُعٍ عُشْرُ الدِّيَةِ ، والأنْمُلَةُ ثُلْثُ دِيَة لا ألاصبع إلا أصْبُعُ الإبهام فنصفٌ ، وفي السنِّ خمْسٌ من الإبل .

الشرح :

ما في الإنسان من عضوٍ واحدٍ ففيه الدية كاملة، فلو أنَّه أتلف أنفه كله كم في الإنسان من أنفٍ ؟ واحدٍ  ففيه الدِّيَةُ كاملة مئة من الإبل .

لو أنه قطع ذَكَرَهُ .

 كم في الإنسان من ذَكَرٍ ؟

واحدٌ ففيه مئةٌ من الإبل ، وما كان في الإنسان من عضْوَيْنِ ففيهما الدِّيَةُ وفي أحَدِهِمَا النِّصْف ،

لو فقأ عينه ففيهما النِّصْف ،

لو فقأ الاثنتين الدية كاملة ،

 (وما كان فيه من ثلاثةٍ الثلث )وذلك الأنف فيه منخران وحاجزٌ فلو أنه قطع منخرًا ففيه الثلث ،

 لو قطع منخرين فعليه ثلثا الدِّيَة ،

وإن قطعه كاملاً ففيه الدِّيَة وما كان فيه من أربعة ففيه الدِّيَة كاملةً ، لكن في الواحدِ من هذه الأربع ربع الدِّيَة مثال ( الأجفان) .

كم للإنسان من جِفْنٍ ؟

أربعةٌ ،

فلكل جفنٍ رُبْعُ الدِّيَة ،وفي كلِّ سنٍّ خمسٌ من الإبل ، وفي الأصابعِ كلها ديةٌ كاملة فيكون في كلِّ أصبعٍ عشرٌ من الإبلِ ،

 وفي كل أصْبُعٍ ثلث العُشْر ، لكنَّ الإبهام فيه أنملتان ففيه نصف عُشْرِ الدِّيَةِ .

مسألة :

 دِيَةُ الأعوْرِ ديةٌ كاملةٌ ، فإنْ اعتُدِيَ عليه فعينٌ بعينٍ مع نصف الدِّيَةِ ، وإنْ اعتَدى الأعور على أحدٍ فلا قصاص وعليه الدية كاملةً وإن كان خطأً فنصفها .

الشرح :

 دِيَةُ الأعورِ ديةٌ كاملةٌ وهو الذي لا يرى إلا بعينٍ واحدةٍ ، لأنَّ الأخرى وجودها كعدمها فإذا فُقِأت عينه الصحيحة فإنَّ له الدية كاملةً ،

 فإنْ اعْتَديَ عليه شخصٌ الأولى إذا كان خطأً ،

الآن هنا عمدٌ اعتدى عليه بعمدٍ ففقأ عينه الصحيحة وكانت اليمنى ،

 فيُقال لهذا المعتدي : تُفْقَأ عينك اليمنى وعليك مع ذلك نصف الدِّيَةِ ، لأنَّ هذه العين بمثابة العينين ، ولكن الأعور إذا اعتدى على شخصٍ ففقأ عينه اليمنى وكان هذا الأعور عينه الصحيحة هي عينه اليمنى . فهل يُقْتَصُّ منه لو مع العلم أنه لو اقْتُصَّ منه لذهب كل بصره ؟

 فيقال : لا قصاص وعليه الدِّيَة كاملة ، لأنه متعمد لكن لو أنَّ الأعور فقأ العين اليمنى لشخصٍ عن طريق الخطأ فإنه لا يُقْتَصُّ منه ، لأنَّ القصاص يكون في العمد فعليه نصف الدِّيَةِ .

مسألة :

 دِيَةُ المنافع : كأن يبقى العُضْوُ وتزول المنفعة كسمعٍ ، فدِيَةٌ كاملةٌ .

الشرح :

 ما مضى دِيَةُ الأعضاء .

 أما هنا دية المنافع : قد يعتدي إنسانٌ على عينِ شخصٍ فتكون العين سليمةً لكنَّ البصرَ ذهب ، فمنفعة البصر فيه ديةٌ كاملةٌ .

اعتدى على أذنه ،

فالأذن باقية لكن السمع انتهى ، فديةٌ كاملةٌ ولذا قد يعتدى على شخصٍ فيذهب بصره ويذهب سمعه ويذهب شمُّه ، وتذهب شهوته  . كم ؟ أربع دياتٍ وهو حيٌّ يأخذ أربعمائة من الإبل .

مسألة :

إنْ أفْزَعَ أو ضرب رجلاً  فأحدَثَ بولاً أو غائطًا أو ريحًا مستمرًا ، فدية وإلا فثلثها

الشرح :

 لو أنَّ شخصًا ضرب شخصًا آخر من حينِ ما ضَرَبَه بالَ أو تَغَوَّط أو خرج منه ريحٌ فيُقال : عليك الثلث بمجرد خروج هذه الأشياء عليك ثلث الدية ،

وكذلك لو أنه أفزعه لو أنه اختفى ثم صرخ به فخرج منه ريحٌ أو خرج منه بولٌ أو غائطٌ فعليه ثلث الدية ،لكن لو أن هذا البول أو هذا الريح أو هذا الغائط استمرَّ معه ، فقد أفقد منفعةً فيه ، فيُلْزَمُ بِدِيَةٍ كاملةٍ .

مسألة :

يجب في شعر اللحية والحاجبين والرأس وأهداب العينين في كل واحدٍ دية .

الشرح :

لو اعتدى شخصٌ على شخصٍ لم ينبت شعر لحيته ففيها الدية كاملة ًأو لم ينبت الحاجبان أو شعر الرأس أو أهداب العينين ، فى كل واحدٍ من هذه الشعور ديةٌ كاملة إذا لم تنْبُت .

مسألة :

 لو ذهبت بعض المنفعة فبحسبها فإن لم يُعْرَف قدر الذاهب ، فحكومة .

الشرح

لو ذهبت بعض المنفعة فبحسبها لو أنه اعتدى عليه فتأثر كلامه فلم يستطع أن ينطق بحرفٍ – كم عدد الحروف ؟

 ثمانيةٌ وعشرون حرفًا – فاعتُدِيَ عليه فلم ينطق حرف الراء ، فنقسِّم الدية على عدد الحروف ثم نُخْرِجُ ما ذهب من منفعة الكلام من حرفٍ أو حرفين ، فتُأْخَذُ الدية بمقدار ما ذهب منه .

وإن لم يُعرف مقدار الذاهب ، فيكون حكومة .

 ما معنى حكومة ؟

أن نأتي إلى هذا المجني عليه وهو حرٌّ ، نأتي إليه كأنه عبدٌ ويُقَال : كم يساوي وهو سليم في الكلام ؟ قالوا : يساوي مئة . وكم يساوي وفيه هذه العلة بعد ما اعتُدِيَ عليه ؟ قالوا: يساوي ثمانين . الفرق عشرون ، الفرق خُمس فيُعْطى خُمْسَ الدِّيَة .

مسألة :

ما يجب في بيت المال

. أولاً : من لم تكن له عاقلة موسرة .

الشرح :

 ما يجب في بيت مال المسلمين ويدفعه ولي أمر المسلمين . أولاً : إذا كان على الإنسان ديةٌ تجب على عاقلته ، لكنَّ عاقلته فقيرة فلا يسقط حق المقتول .

مسألة :

 ثانيًا : من عليه ديْنٌ ولم يخلِّف وفاءً .

الشرح :

 من عليه ديْنٌ ولم يُخلِّف وفاءً ، وذلك أن النبي r في آخر حياته لمَّا اتسعت الفتوحات وكثُرت الأموال كان إذا قدم إليه الميت فإن كان عليه ديْنٌ فإنه يقضي عنه دينه فيصلي عليه .

 

مسألة :

 ثالثًا : القسامة إذا نكل المُدعون عن اليمين .

الشرح :

 القسامة .

ما هي القسامة ؟

ستأتي معنا فإذا وُجِدَ قتيلٌ فأولياء القتيل إذا اشتبهوا في شخصٍ يقولون : هو فلانٌ بسبب عداوةٍ كانت بينهما .

فيقول الحاكم لأولياء المقتول : لتحلفوا خمسين يمينًا فإن حلفتم فتستحقُّون دم هذا الرجل . فإن نكلوا يُقَال :

إذًا يحلف هذا القاتل المتَّهم خمسين يمينًا . فإن قالوا : لا نرضى بيمينه هو فاجرٌ ولا يتورَّعُ عن اليمين . يُقال : ليس لكم إلا الدِّيَة . فيُأخذ من بيت مال المسلمين ديةٌ تُدْفَعُ إليهم . هذا معنى القسامة باختصار وسيأتي كلامٌ عنها بإذن الله تعالى .

مسألة :

رابعًا : مَنْ جَهَلَ قاتِلَهُ .

الشرح :

      كما سبق معنا أنه مات في زحمة طوافٍ .     

مسألة :

الشَّجَّةُ لا تكون إلا في الرأس أو الوجه خمسٌ منها فيها حكومة وهي التي تشُقُّ الجلد أو يسيل منها الدم أو تشق اللحم أو الغائصة في اللحم أو أن تغوص إلى جِلْدَةٍ رقيقةٍ تسمى ( السمحاق )[1] .

الشرح :

الشَّجَّةُ لا تكون إلا في الرأس أو في الوجه . يُسمى الشَّجَّةُ أما ماعدا ذلك من الجروح التى فى الجسم الجسم فليست بشجَّةٍ ، فإن اعتدى إنسان فشقَّ جِلْدَ وجهِ إنسانٍ أو زاد لمَّا شقه سال الدم أو انشقَّ اللحم أو غاصت الضربة إلى اللحم أو وصلت الضربة إلى جِلْدَةٍ رقيقةٍ تسمى ( السمحاق ) لم يصل إلى العظم هذه فيها حكومة ،

والحكومة : هي أن يقوم المجني عليه كأنه عبدٌ ليس به شيءٌ وعبدٌ به شيءٌ ، ثم يُأخذ الفرق كما سبق.

مسألة :

أما الخمس الأخرى فهى/ الموضحة ، وهي التي توضح العظم وديته خمس من الأبل، فإن زادت بتهشيمه فعشر ، فإن زادت بنقله فخمس عشرة، فإن وصلت إلى أمِّ الدماغ أو خرقت جلدته فثلث الدية .

الشرح :

لما بلغت  الشجة العظم فأوضحته . يعني : أظهرته فخمسٌ من الإبل ،فإن زادت هذه الضربة فهشَّمَت العظم فعشرٌ من الإبل ، فإن زادت فنقَلَتْهُ عن موضعه فخمسة عشرة من الإبل ، فإن وصلت إلى أُمِّ الدماغ أو خَرَقَت الجلدَةَ التي بين العظام وبين الدماغ ففيه ،ثلث الدِّية ، والخارقة لهذه الجِلْدَةِ فيها ثلث الدية وهي تُسَمَّى بـ ( المأمومة ) .

مسألة :

ما تصل إلى باطن الجوف فثلث الدِّيَة ، ولهذا إن ضربه بسهمٍ فخرج من الجانب الآخر فجائفتان .

الشرح :

 الجائفة : هي التي تدخل في جوف الإنسان إما في بطنه وإما في ظهره . ففي الجائفة ثلث الدية . قال النبي r : ( الجائفة فيها ثلث الدية ) ولذا لو أنه ضربه بسهمٍ فدخلت في جوفه ثم خرج من ظهره فجائفتان .

مسألة :

 إذا كًسر العظم ثم عاد كما كان ، وكذا التُّرْقُوَة فبَعِيرٌ ، وإن لم يستقم فحكومة .

الشرح :

 لو كسر عظمه ثم عاد كما كان – لا يقل أحدكم هناك تضارب فيما سبق – الشجَّاة في الرأس وإما في الوجه – أما هنا العظام الأخرى فإذا كسر عظمًا في بدن الإنسان ، فإن عاد العظمُ كما هو فبَعِيرٌ ، وكذلك تُرْقُوَة الإنسان إن كسرها فعادت وجبرت مستقيمة فبَعِيرٌ وإن لم يعد مستقيمًا فإنها تقدر بحكومة .

مسألة

 إذا كسر الذراع وجبر مستقيمًا فبَعِيرانِ ، وكذا كسر الفخذ والساق .

الشرح :

  إذا كسر ذراعه وهو الذي في اليد وجبر مستقيمًا فبعِيرَانِ ، وإذا كسر فخذه أو ساقه فبَعِيرَانِ .

مسألة :

 في الزندين أربعة أبْعُرٍ .

الشرح : في الزَنْدَانِ أربَعَةُ أبْعُرٍ . يعني : لكل زندٍ بعِيرَانِ ، (والزندين) وهما العظامان اللذان يحيطان بذراع الإنسان .

مسألة :

 ما عدا ما سبق من الجروح والكسور فحكومة ، فيقوَّم المجني عليه كأنه عبدٌ لا جناية به ، ثم يقوَّم بعد الجناية وقد بَرِأت ، فما نقص فللمجني عليه مثل نسبته من الدية .

الشرح :

 و عدا ما سبق من الجروح والكسور فحكومة ، والحكومة وضحناها لكم بالمثال .

مسألة :

 إنْ بَرِأ المجني عليه ولم يكن به عيبٌ ، فيُقَوَّمُ وقت نزول الدم ، فإن زادته حسْنًا فلا شيء فيها ، وقال شيخ الإسلام رحمه الله : بل يُقْتَصُّ منه .

الشرح :

إنْ بَرِأَ المجني عليه ولم يكن به عيبٌ فيُقَوَّمُ وقت نزول الدم .

 كم حكومته ؟

فإن اعتدى شخصٌ على شخصٍ ، وبهذا الاعتداء زاده حسنًا كأن يكون أنفه مُعْوَجًّا فلما ضربه استقام الأنف فزاده حُسْنًا فلا شيء عليه . وشيخ الإسلام رحمه الله يقول : يُقْتَصُّ منه :

( وجزاء سيئة سيئةٌ مثلها ) .

مسألة :

 إن وطِأَ من يوطأ مثلها فَخَرَقَ مخرج البول أو المَني ، فدِيَةٌ كاملةٌ إن لم يستمسك وإلا فثلثها .

الشرح :

من لا يوطأ مثلها هي من دون تسع سنوات فلو أنه هو ( أي الزوج ) وطِأَ من هي فى هذه السِّن فخَرَقَ مخرج بولها أو مَنْيِهَا فديته كاملة إن استمر البول معها ، لكن إن لم يستمر معها جامعها فخَرَقَ مخرج البول أو المني ثم بالت ثم توقف البول فعليه الثلث .

 

[1] جِلْدَةٌ رقيقةٌ بين الجِلْدِ والعظم .