( مختصر فقه المعاملات ) [ 7 ] ( كتاب البيوع ) [ 7 ] ( أحكام الربا )  

( مختصر فقه المعاملات ) [ 7 ] ( كتاب البيوع ) [ 7 ] ( أحكام الربا )  

مشاهدات: 443

 ( فقه المعاملات )

( 7 )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

( كتاب البيوع )

( 7 )

(  باب أحكام الربا  )

مسألة :

أجمعت الأمة على تحريمه حتى أنه يحرم بين المسلم والحربي مع أنه ليس معصوم المال

الشرح :

 أجمعت الأمة على تحريمه ، وقد دلت الأدلة الكثيرة على تحريمه لترهيب من أكله قال عز وجل :

( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله )

 حتى ورد عن بعض الصحابة وهو ابن عباس :

(أنه يقال للمرابي يوم القيامة خذ سيفك فشاهر به الله عز وجل) فهو في حرب مع الله ومع رسوله وأخبر عز وجل بأنهم يقومون يوم القيامة كأنهم مجانين :

{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا }البقرة275

وقال عليه الصلاة والسلام كما عند ابن ماجه قال:

( الربا اثنان وسبعون بابا أيسرها أن ينكح الرجل أمه )

وقال عليه الصلاة والسلام :

( درهم من ربا أشد عند الله من ستٍ وثلاثين زنية ) وقال عليه الصلاة والسلام :

( الربا وإن كثر فإن عاقبته إلى قل )

فيحرم حتى بين المسلم والحربي الذي بيننا وبينه حرب فيجوز أن يقتل ويؤخذ ماله ومع ذلك مع أنه مباح المال لا يجوز أن نعقد معه عقداً ربوياً ، فلو قال المسلم اعقد معه عقداً ربوياً لأنني لا أتمكن من أخذ ماله ، لكن أتمكن من أخذ ماله بمعاملة ربوية ، أيجوز ؟ لا ، لأن هناك قاعدة ( وهي يجب إذا أبرم العقد أن يكون على مقتضاه الشرعي ).

مسألة :

يجري الربا في أربعة أجناس :

الشرح :

النبي عليه الصلاة والسلام ذكر أن الربا يجري في ستة أشياء

قال عليه الصلاة والسلام :

( الذهب بالذهب مثلاً بمثل يداً بيد ، الفضة بالفضة مثلاً بمثل يداً بيد ، البر بالبر مثلاً بمثل يداً بيد ، الشعير بالشعير مثلاً بمثل يداً بيد ، التمر بالتمر مثلاً بمثل يداً بيد ، الملح بالملح مثلاً بمثل يداً بيد )

إذاً عندنا ست أصناف ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ( الذهب ـ الفضة ـ البر ـ الشعير ـ التمر ـ الملح )

قال بعض العلماء وهم الظاهرية :

لا ربا إلا في هذه الأشياء الست فقط ، والصحيح أنه يقاس عليها ما هو مثيل ، لكن ما هو المثيل لها ، القول الراجح ما ذكر هنا فهذا الحديث الذي ذكر فيه الستة الأصناف يضاف إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم ( نهى عن بيع الطعام إلا مثلاً بمثل يداً بيد ) فلفظة (الطعام ) تفيدنا هنا .

أولاً :

[ كل مكيل مطعوم ]

الشرح :

المكيل :

هو (الذي يكال بالصاع أو المد) وليس معناها الذي يكون بالكيلو بل الذي يكون بالكيلو هذا هو الوزن ، والمراد من ذلك مكيال أهل المدينة والميزان كما قال عليه الصلاة والسلام: ( ميزان أهل مكة ) .

عندنا التمر مكيل في الشرع مكيل يكال بصاع ، في عصرنا لا وإنما يوزن ، فالعبرة بالحكم الشرعي لا بفعل الناس ، (كل مكيل مطعوم ) تؤخذ من  كلمة (البر والشعير والتمر والملح) .

ثانياً :

[ كل موزون مطعوم ]

الشرح :

أي ما يوزن مثل (اللحم) يوزن أليس هو مطعوما ؟

بلى يوزن ويؤكل لما ورد والميزان مثل ذلك .

عندنا الحديد يوزن نعم يوزن بالأطنان لا يطعم ،يجري فيه الربا ؟ لا يجري فيه الربا على القول الصحيح ، والمعتبر في المكيال مكيال أهل المدينة وفي الميزان ميزان أهل مكة .

ثالثاً :

[ الذهب والفضة مطلقاً ]

الشرح :

والذهب والفضة على أي حالة كان الذهب والفضة مطلقاً مجرد أنه ذهب أو مجرد أنه فضة على أي حالة يكون يجري فيها الربا سواءً كان تبراً أي لم يصنع أو صنع إلى حلي بمجرد أنه ذهب أو فضة فيجري فيه الربا دون قيد

لأنه أطلق قال : ( الذهب بالذهب , الفضة بالفضة ) ولورود أحاديث أخرى عنه صلى الله عليه وسلم في جريان الربا في الذهب والفضة مطلقاً .

رابعاً :

[ كل ما كان ثمناً للأشياء كالأوراق النقدية ]

الشرح :

 كل ما كان ثمناً للأشياء لأن العلة في الذهب والفضة الثمينة ، لأن الدينار من الذهب يتعامل به في البيع والشراء ،

الدرهم من الفضة يتعامل به في البيع والشراء فيقاس عليه ما كان ثمناً للأشياء ،

ما هي الأشياء التي يشترى بها في عصرنا ؟

(الأوراق النقدية فيجري فيها الربا )،

 إذاً :

العلة في الذهب والفضة لكونهما أثمانٌ للأشياء ، ولكونهما ذهباً وفضة ، العلة في البر والشعير والتمر والملح كون هذه الأشياء مكيلة ومطعومة من أين أتينا بتقييد الطعام لحديث ( نهى عن بيع الطعام إلا مثلاً بمثل )

وأما الموزون المطعوم ، أين دليلنا؟

قال ( والميزان مثل ذلك ) ولذا الملح قد يقول قائل إنه ليس بطعام بل هو طعام لأن الطعام لا يصلح إلا به ولذا التوابل التي تشبه الملح يجري فيها الربا .

ضابط :

[ إذا بيع الربوي بجنسه كالبر يشترط التساوي مع القبض في مجلس العقد ]

الشرح :

الآن ضوابط بعد أن آخذنا أن الربا يكون في هذه الأشياء يكون في (كل مكيل مطعوم ) وفي (كل موزون مطعوم) وفي (كل ذهب وفضه) وكل ما كان ثمناً للأشياء

إذا بيع الربوي بجنسه يشترط شرطان يشترط :

أولاً :

التساوي .

ثانياً :

القبض قبل التفرق من مجلس العقد .

الذهب بالذهب ، كيلو ذهب بكيلو ذهب ، لا بد أن يقبض قبل التفرق من مجلس العقد ، لو قال بعتك هذا الكيلو من الذهب بكيلو من الذهب وظلا في المجلس ساعتين ، وقبل أن يتفرقا قبضا يصح ، لأن القبض قبل التفرق ،

لو قال: بعتك هذا الكيلو من الذهب بكيلو من الذهب ،

قال : لا بأس تعال معي إلى المستودع أعطيك الكيلو هو قبض الكيلو ،

لكن هما يسيران لم يفترقا كل منهما ممسك بيد الآخر ، والمهم أنهما يسيران لم يمسكا ببعضهما فوصل إلى المستودع وأعطاه الكيلو من الذهب يصح ؟ نعم يصح ، لأنه قبل التفرق من مجلس العقد ، لو باعه كيلو ونصف من الذهب الرديء بكيلو من الذهب الجيد لا يصح ، بقطع النظر هذا رديء أو غير رديء .

ضابط :

[ إذا بيع الربوي من غير جنسه كذهب بفضه فيشترط فقط القبض قبل التفرق ]

الشرح :

النبي عليه الصلاة والسلام قال كما عند مسلم ( إذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف ما شئتم إذا كان يداً بيد ) .

الذهب جنس ، الفضة جنس ، يجوز أن تبيع عشرين كيلو من الفضة بكيلو من الذهب ، لكن بشرط (القبض قبل التفرق) ،

يجوز أن تبيع عشرين صاعاً من البر بعشرة أصواع من التمر يجوز فكلاهما (مكيل مطعوم ) ، لكن الجنس اختلف ، ولو باع عشرين صاعاً من الملح بصاع من الشعير ـ الشعير مكيل مطعوم والملح كذلك ـ يجوز لأنهما ليس من جنس واحد ، وبشرط القبض قبل التفرق من مجلس العقد ، لو قال : عندي صاعان من التمر يعني تمر صقعي ، فقال : صاعان من هذا الصقعي بصاع من الخلاص نتيجة التفاوت في الدرجة والأهمية ، يصح ؟ لا يصح ، لِمَ ؟ لأنه لابد من  التساوي مع القبض قبل التفرق .

ضابط[ الجنس الواحد يشترط فيه التساوي مع القبض قبل التفرق ]

مثال :

قلادة من الذهب وزنها خمسون جراماً وهناك قلادة أخرى وزنها خمسون جراماً يصح ؟

يصح ، قلادة أخرى وزنها خمسون جراماً ، لكن فيها فصوص ليست من الذهب ، وقلادة أخرى وزنها خمسون جراماً ، لكنها ذهب ، يصح ؟ لا يصح ، فلو تفاوت شيء يسير فلا يصح ، صاع بر بصاعين من البر وهو مكيل مطعوم ، لكنهما جنس واحد فلابد مع القبض قبل التفرق التساوي ، إذا صاعان بر بصاع واحد لا يجوز .

ضابط :

[ إذا بيع المكيل بالموزون فلا شرط ، كاللحم بالبر ، وهذا ضابط بيع ربوي بربوي آخر ] .

الشرح :

إذا بيع المكيل بالموزون فلا شرط كيلو من الذهب بيع بعشرين كيساً من الأرز يصح إلى سنه ؟ يصح ، لأنه بيع ربوي بربوي آخر ، لكن لم يتفقا في العلة ، هل علة الذهب مثل علة الأرز ؟ لا ، إذاً إذا اختلفت العلتان فلا شروط هنا ، وإلا ماجاز عندنا ، فعندنا الآن في البقالات نشتري براً وأرز ثم يقول بعد اسبوع أو إلى الراتب يجوز ؟ يجوز .

ضابط :

[ المائع مكيل فيجري فيه الربا ، إلا الماء ] .

الشرح :

المائع يعد مكيلاً ، والدليل ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد ، ويغتسل بالصاع ) فدل على أن المائع مكيل ، فلا بد مثلاً في العصير بعت عصيراً بعصير ، أو لبناً بلبن يشترط التساوي والقبض قبل التفرق إلا الماء ،

يقولون : إن الماء لا يتمول عادة يعني ما يكون في المال وكلامهم صحيح ، لكن في هذا العصر المياه الصحية تتمول ، من ثم هذه المياه الصحية يجري فيها الربا ، فلتر ماء بلتر ماء وهذا يحصل ،

وقلنا إن البيع مبادلة ولذلك لو أن شخصاً قال مبادلة خذ هذا الماء وهو لتر وأعطاه مثلاً ماء من مصنع آخر أقل جودة ، وهو لتران لا يصح .

ولو أن أختين دخلتا السوق لشراء سوارين من ذهب ، فلما حصل الشراء ورجعتا كل واحده أعجبت بسوار الأخرى

فقالت : يا أختي خذي هذه السواره ، وأنا آخذ سوارتك ،

هل يصح ؟

نقول لا بد أن ننظر إلى وزن السوارتين فإن كانتا متساويتين فيصح القبض قبل التفرق ، وإن كان هناك اختلاف في الوزن فلا يصح لو قالت أحداهما : إن هذا تنازل ، نقول : لا عندنا أن البيع مبادلة مال بمال .

ضابط

: [ الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل فلو باع كيساً من الأرز لا يعرف قدره بأرز معلوم قدره فربا ] .

الشرح :

 هذه قاعدة أو ضابط [ الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل ] إذا قلنا : بيع كيلو من الذهب بكيلوين من الذهب ، إذا قلنا : إنها ربا ، لأننا علمنا بزيادة وكذلك إذا جهلنا فالحكم كذلك لو أن شخص باع صرة من ذهب بصرة من ذهب لا يعلم لهما وزن أو يعلم لأحدهما وزن والأخرى لا يعلم فنقول هذا ربا ، فالجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل .