الفائدة البلاغية
الإنشاء في صورة الخبر
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــ
قد مر معنا :
أن الإنشاء يأتي في صورة الخبر لأغراض وذكرت تلك الأغراض وكما أن الإنشاء يأتي في صورة الخبر كذلك الخبر يأتي في صورة الإنشاء
يعني : يكون السياق في المراد منه يراد منه الخبر لكنه أتى في صورة الإنشاء
وهذا إنما يكون لأغراض وإلا فالأصل أن الخبر يأتي في سياق الخبر وأن الإنشاء يأتي في سياق الإنشاء لكن قد يعدل عن هذا لأغراض كما مر معنا
فيأتي الخبر في صورة الإنشاء لأغراض منها :
التنبيه على عظم الشيء :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال تعالى : (( قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد ))
لو نظرت إلى (( أمر ربي بالقسط )) لوجدت أن هذا خبر فهو يخبر أن الله أمر بالقسط لكن قوله تعالى: (( وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد ))
هذا إنشاء لكن في أصله خبر مثل ما أخبر بان الله أمر بالقسط أمر بإقامة الوجوه ولم يقل : (( وإقامة وجوهكم ))
فالخبر أتي في صورة الطلب
لم ؟
للاعتناء بأمر الصلاة
ومن الأغراض :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التحرز من مساواة اللاحق بالسابق :
هود عليه السلام قال لقومه : (( قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه ))
قال : (( إني أشهد الله ))
هذا خبر منه لكن قوله : ((واشهدوا )) هو في الأصل خبر لكنه أتى في صورة الطلب أصلها : (( وأشهدكم ))
لكن لماذا عدل عن الخبر إلى صورة الطلب ؟
قالوا : حتى نتحرز من مساواة شهادة المخلوق بشهادة الله
وكما أسلفت لكم الأغراض تكثر وهذا على حسب السياق وكما أسلفت فيما مضى في أول دروس البلاغة أن البلاغين :يقولون : إن من لا ذوق عنده أي من لا تذوق عنده لن يفهم البلاغة ومعلوم أن هذا الكلام له اعتباره
لكن من كان عنده تذوق ولا عنده أصل في النحو لن يفهم لأن البلاغة لا يمكن أن تفهم إلا إذا كان الإنسان عالما بالنحو وإلا فكيف يعرف الاستفهام ويعرف التمني ويعرف النداء ويعرف الحال ويعرف المفعول فيه والمفعول به والمفعول معه
هذه يحتاج إليها في البلاغة
فمن كان عالما بالنحو فلا يمكن أن يفهم البلاغة إلا إذا كان عنده تذوق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ