من الفوائد البلاغية :
أغراض حذف المسند
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
من الفوائد البلاغية :
فتقدم معنا :
أن البلاغة ثلاثة أضرب :
علم المعاني
علم البيان
وعلم البديع
فإذا لم يكن لديك معنى في نفسك فكيف تبينه وإذا بينته فهل تحسن في بيانه وفي إيضاحه
وكان الحديث ولا يزال عن علم المعاني
وبَينَّا أن علم المعاني يرتكز على أمرين أساسيين :
المسند والمسند إليه
كيف نعرف المسند من المسند إليه ؟
المسند هو : المحكوم به
المسند إليه هو : المحكوم عليه
تقول :
قامَ زيدٌ
من المحكوم عليه هنا ؟
زيد
ما المحكوم به ؟
القيام
فإذاً :
قام : هو المسند
وزيد : هو المسند إليه
وكان الحديث فيما مضى من مسائل لما بينَّا أن الكلام عند البلاغيين ينقسم إلى قسمين :
ذكرنا ما يخص المسند إليه :
من حيث تنكيره
ومن حيث تعريفه
ومن حيث تقديمه
ومن حيث حذفه
فانتهى الحديث عن المسند إليه الذي هو المحكوم عليه
بقي المحكوم به وهو : المسند :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفائدة هنا :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن الأصل في المسند أن يكون موجودا لا يحذف
الأصل في المسند وفي المسند إليه أن يكونا موجودين
لكن :
قد يحذف وهذا موطن ذكر الفائدة – قد يحذف المسند لأغراض :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من بين الأغراض :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وجود القرينة الدالة عليه
ـــــــــــــ
قوله تعالى عن حال الكفار :
{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ } لقمان25
الأصل لو كان في غير القرآن : ليقولن : خلقها الله
إذاً :
حذف المسند وهو خلقها لوجود القرينة في أول الآية
ــــــــــــ
ومن أغراض حذف المسند :
تنزيه الكلام من العبث :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومثاله قول الله تعالى :
((أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ))
في غير القرآن : ورسوله بريء من المشركين
فأين المسند؟
محذوف وهو بريء منهم
لم ؟
لأنه لو ذكر لكان في ذكره شيء من العبث لأنه لا يحتاج لذكره للعلم بأن ما برئ الله منه يبرأ منه النبي عليه الصلاة والسلام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن أغراض حذف المسند :
شدة الزجر والغضب
ـــــــــــــــــــــــــ
كما قال القائل :
نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأي مختلفُ
أين المسند ؟
راضون
نحن بما عندنا راضون
الأصل :
نحن بما عندنا راضون وأنت راض والرأي مختلف
هذا يحصل :
بعض الناس لما تتناقش معه ولم يعجبه رأيك فيقول : كل على رأيه أنت على رأيك وأنا على رأيي
فيقول هذا القائل :
نحن راضون بما نرى وأنت راض بما ترى والرأي مختلف :
بمعنى :
أنه لا يمكن أن نتوافق في هذا الأمر فدعنا من هذا الجدال
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولتعلموا :
كما سبق ذكره مرارا من أن الأغراض لا تحصر على أشياء معينة
ولذلك يقول أهل البلاغة :
من لا تذوق عنده لن يفهم البلاغة وهم يذكرون بعض الأمثلة وبعض الأغراض من أجل تمرين الذهن على أن يستنبطوا أغراضا أخرى .
والذوق لا يكون موجودا إلا إذا كان عارفا بهذا العلم
وكما أسلفنا لا يمكن أن يعرف علم البلاغة إلا إذا عرف علم النحو
إذا لم يعرف الإنسان علم النحو فكيف يعرف علم البلاغة ؟!
لا يتأتى له ذلك أبدا