خطبة فوائد يجهلها البعض عن ( مفتاح الجنة وأسنانه )

خطبة فوائد يجهلها البعض عن ( مفتاح الجنة وأسنانه )

مشاهدات: 624

خطبة فوائد يجهلها البعض عن

(  مفتاح الجنة وأسنانه )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ:  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لو سألت أي مسلم ما هو مفتاح الجنة؟ لأجاب بقوله: لا إله إلا الله، هذا ما تعارف عليه، وعلمه علماء الأمة وعوامها، وقد ورد في هذا اللفظ ما يدل عليه أو ما يشابهه، جاء في مسند الإمام أحمد من حديث معاذ رضي الله عنه قال: (مفاتيح الجنة شهادة ألا إله إلا الله)

هذا الحديث وإن كان منقطعا بين معاذ، وبين شهر بن حوشب إلا أن هناك أحاديث  كثيرة رواها معاذ تدل على هذا، بل رويت أحاديث كثيرة صحيحة في مثل هذا المعنى، ولهذا لما سئل وهب بن منبه كما ذكر البخاري في صحيحه، ووهب بن منبه من أوساط التابعين من اليمن اليماني الصنعاني، لما سئل فقيل له: (أليس مفتاح الجنة لا إله إلا الله؟ هذا السؤال ما ورد عند علماء السلف إلا لأنهم يعرفون أن مفتاح الجنة “لا إله إلا الله”، وأن مفتاح الجنة التوحيد، أليس مفتاح الجنة لا إله إلا الله؟ فقال وهب: بلى، ولكن من أتى بمفتاح له أسنان فتح له، ومن أتى بمفتاح ليس له أسنان لم يفتح له.)

قال ابن حجر كما في الفتح: ” من قال لا إله إلا الله مخلصا بها دخل الجنة”، قال وإن قالها مخلصا بها، وقد أتى بما يخالطها من الكبائر، فإنه يأتي بأسنان ليست قوية، ابن القيم رحمه الله قال كما في كتابه الصلاة قال رحمه الله قال النبي عليه الصلاة والسلام: (مفتاح الجنة لا إله إلا الله)، وقال في حديث آخر، قلت: إن ثبت (مفتاح الجنة الصلاة)، وجاء في حديث آخر (مفاتيح الجنة السيوف)

قال رحمه الله قال هذا لا يتعارض، لم؟ قال: لأن أصل المفتاح “لا إله إلا الله”، وتلك الأركان والأعمال هي الأسنان، قال رحمه الله قال: ودخول الجنة موقوف على المفتاح، وعلى أسنانه، فمفتاح الجنة التوحيد، والأسنان هي العبادات والأعمال الصالحة، وقال رحمه الله كما في حادي الأرواح قال: “جعل الله عز وجل لكل مطلوب مفتاحا”، قال رحمه الله: وهذا من أنفع أبواب العلم، ولا يوفق لمعرفة هذه المفاتيح إلا من عظم حظه وتوفيقه، قال: فإن الله عز وجل جعل للخير مفاتيح، وجعل للشر مفاتيح، وذكر أمثلة قال: فمفتاح الصلاة الطهور يعني الوضوء، كما جاء بذلك الحديث، ومفتاح الحج الإحرام، ومفتاح الجنة لا إله إلا الله، قال: ومفتاح كل شر حب الدنيا وطول الأمل.

قال رحمه الله: ولا يصدق بهذه المفاتيح إلا من له بصيرة وعقل يدرك تلك المفاتيح التي في نفسه من الخير والشر، وتلك المفاتيح للخير والشر التي  تكون في الوجود، قال رحمه الله: ومن هنا قال يجب على المسلم أن يعتني بهذه المفاتيح تمام العناية والرعاية.

إذن هذا يدل على ماذا؟ يدل على عظم التوحيد، وأن من أتى الله موحدا، فإنه يدخل الجنة لكن من قالها دون أن يأتي بأسبابها وبأركانها وبشروطها  فإنه لن يدخلها، لم؟ لأن المنافقين يقولون: لا إله إلا الله، اليهود النصارى يقولون: لا إله إلا الله.

فدل هذا على أن تلك الأحاديث التي وردت مثل حديث أبي ذر في الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام: (ما من عبد يقول لا إله إلا الله، ثم يموت على ذلك إلا دخل الجنة) قال أبو ذر: يا رسول الله وإن زنا وإن سرق، قال: وإن زنا وإن سرق، فكررها ثلاث مرات، فقال عليه الصلاة والسلام: (وإن زنا وإن سرق رغم أنف أبي ذر) فخرج أبو ذر يقول: “وإن رغم أنف أبي ذر“، فهذا لا يعني أن قولها يدخل صاحبها الجنة؛ لأنها ورد ت أحاديث أخرى كما قال ابن رجب تدل على أن هناك بعض  الذنوب تمنع صاحبها من دخول الجنة مثل: (لا يدخل الجنة قاطع) (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)

إذن خلاصة القول هذه الأحاديث التي جاءت ببيان فضل لا إله إلا الله، وأن من قالها يدخل الجنة، خلاصة ذلك أن الأحاديث الأخرى كما قال ابن تيمية رحمه الله توضح ذلك “من قالها مخلصا بها قلبه”، لم؟ لأن من أخلص لله عز وجل تخلص من كل ما يبغضه الله جل وعلا في قلبه، أن يقولها كما في رواية (صادقا)

قال ابن رجب رحمه الله: ومن قالها ـ كما في  جامع العلوم والحكم قال ـ ومن قالها صدقا من قلبه، وكان ذلك الصدق قويا، فإن ذلكم الصدق يطهر كل ما في قلبه، فلا يحب إلا ما يحب الله، ولا يرجو إلا الله، ولا يخاف إلا الله، فدل هذا على عظم كلمة التوحيد، وأن من قالها مخلصا بها قلبه  وصدق بها قلبه، وأيقن بها قلبه، فإنه يدخل الجنة، لكن إن كان ذلكم التصديق ضعيفا أو كان ذلكم الإخلاص ضعيفا، وعمل ذنوبا، أو ترك بعض الواجبات، فإنه تحت مشيئة الله جل وعلا إن شاء الله رحمه ابتداء، وإن شاء الله عذبه بقدر ذنوبه؛ لأنه كما ذكر النبي عليه الصلاة والسلام في باب الشفاعة أن هناك من يصلي ويدخل النار، ولا تحرق النار أثر السجود، فهؤلاء يقولون لا إله إلا الله، لكن المرد إلى الجنة.

إذًا إن أردت أن تدخل الجنة من غير عذاب سابق، فليكن صدقك حينما تقول لا إله إلا الله صدقا قويا بحيث تأتي بالواجبات، ولا تصر على الذنوب والمعاصي، فإن أتى العبد بذنوب، أو فرط في بعض الواجبات كان الصدق عنده في هذه الكلمة ضعيفا، والإخلاص ضعيفا، هنا هو تحت رحمة الله إن شاء الله رحمه ابتداء، وإن شاء الله عذبه بقدر ذنوبه.

لكن لو قال قائل: وهذا يدل على عظم التوحيد، النبي عليه الصلاة والسلام قال كما ثبت عنه عند أحمد والترمذي وابن ماجه: (إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق) وفي رواية ابن ماجه (يصاح برجل من أمتي يوم القيامة على رؤوس الخلائق) (فينشر له تسعة وتسعون سجلا، كل سجل مد البصر) يعني به ذنوب (فيقول الله عز وجل أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا ربي، فيقول الله جل وعلا: ألك عذر؟ فيقول: لا يا ربي، فيقول الله جل وعلا: ألك حسنة؟ فيقول: لا، فيهاب الرجل، فيقول: لا، فيقول الله: إنك لا تظلم، لك حسنة واحدة، فيؤتى ببطاقة فيها لا إله إلا الله، محمد رسول الله، فيؤتى بهذه البطاقة، فتوضع في كفة، وتلك السجلات في كفة، فترجح كفة البطاقة، وتطيش تلك السجلات، ولا يثقل مع اسم الله عز وجل شيء) قال ابن تيمية كما ذكر ذلك عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب في كتابه فتح المجيد، قال شيخ الإسلام: ليس  كل من قال لا إله إلا الله وأتى بهذه الذنوب يصدق عليه هذا الحديث حتى يحذر المسلم من الذنوب، لم؟ قال: لأن هناك من يقول لا إله إلا الله، ويدخل النار، كما جاءت بذلك الأحاديث ثم يكون المرد إلى الجنة، لكن هذا في رجل كانت له ذنوب سابقة كثيرة فقال: لا إله إلا الله صادقا بها قلبه، ومخلصا بها قلبه ولم يعقبه بعد ذلك بذنوب، هنا سبحان الله! لما قال تلك الكلمة بصدق وبيقين وبإخلاص، ولم يتبعها بذنوب حتى مات سبحان الله! حسنة التوحيد محت تلك الذنوب، لكن من قالها مخلصا بها، ثم أتى بذنوب أو قالها مع ضعف، فهو تحت رحمة الله إن شاء الله رحمه، وإن شاء الله عذبه على قدر ذنبه، ثم المرد ردا على الخوارج الذين يكفرون صاحب الكبيرة، ويقولون هو مخلد في نار جهنم، ثم مرد الموحد إلى الجنة، هذا يدل على عظم التوحيد، ولذا فليحرص المسلم على التوحيد، ولاسيما في مثل هذا الزمن الذي يقلل من شأنه، فلا يتعلم، أو أن هناك من يقلل من شأنه، فيقول نحن موحدون، ولا يدري أنه ربما يؤتى من قبل الشيطان، فيوقعه في الشرك، أو في البدعة والزلة من حيث لا يشعر.

أضرب مثالا:

ينتشر في وسائل التواصل في مثل هذه الأيام صور، تلك الصور يأتي إنسان إما شاب وإما كبير في السن وهذه صور يكتبون عليها كتابات يأتي إلى المقبرة, إذا به يقبل قبر قريبه، قد يكون أبا له، أو أما، أو أخا، أو ربما تكون زوجة له، فيقبل القبر، ويقول: طال بي الشوق، وعظم بي الشوق،  وهذا يكفي عن أي تعبير آخر، أو ما يقولونه من هذه العبارات والكلمات التي تكتب، الناس يأتون من الجهل بالتوحيد، وعدم التعلم للتوحيد يأتون من قبل الشيطان حتى يزين لهم مثل هذه الأمور التي هي وسيلة من وسائل الشرك من باب العاطفة، من باب العاطفة.

زيارة المقابر نوعان:

زيارة  شرعية، يقول شيخ الإسلام كما في جامع المسائل قال: أن تزار القبور، لم؟ الشرعية ما هي؟ للدعاء لهم، لا الانتفاع بهم، ولا لطلب  الحوائج منهم، لا لأنفسهم هم بأن يدعى لهم كما جاءت بذلك الأحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام بالدعاء لهم إذا زار المقابر، وحث أمته على ذلك، قال شيخ الإسلام وهذا من جنس الصلاة على الميت.

قلت: أيضا مما يشرع في هذه الزيارة الشرعية أن العبد يتذكر إذا أتى المقابر حال هؤلاء، وأن يتذكر الموت (زوروا القبور فإنها تذكر الآخرة فإنها تذكر الموت)

هذه هي الزيارة الشرعية، ما عداها، فهي زيارة بدعية من أتى وعبد الله عند القبور زيارة بدعية، من أتى إلى القبور، وتمسح بها، أو طاف بها، أو دعاها، أو ما شابه ذلك فهذه زيارة شركية بديعة

إذن حاجة هؤلاء الموتى انتبهوا حاجة هؤلاء الموتى أن تدعو لهم، أما أن يأتي شخص يقول شيخ الإسلام يقول ومن جنس الزيارة البدعية أن يؤتى إلى القبر فيقبل، أو يمرغ الخد عليه، بعضهم وضع خده على القبر، يتمرغ بخده على القبر، أو يقبل القبر، قال: واتفق أئمة المسلمين على المنع من ذلك، قال بل اتفق أئمة المسلمين على أنه لا يقبل قبر رسول الله عليه الصلاة والسلام، قال فما ظنكم بقبر غيره؟!

إذن تلك العواطف التي ليست مبنية على الشرع تؤدي بصاحبها إلى أن يقع في البدعة، أو أن يقع في وسيلة من وسائل الشرك، ومن ثم يخسر دينه.

إذًا إن زرت يا أخي المقابر ادع الله لهم بالمغفرة والرحمة، والله هم محتاجون، ما هو أن تقبل قبره، أو أن تضع خدك عليه  تتمرغ عليه من باب أن ينشر للناس أن هناك عاطفة من الأحياء للموتى، الموتى بحاجة إلى دعائك، لا أن تقبل القبر، ولا أن تمرغ بخدك على القبر، زوجتك ابنك أبوك أخوك قريبك صديقك الذي مات ما ينفعه هذا التقبيل، ولا هذا التمرغ، بل هذا لا يرضي الله، ولا يرضي رسول الله عليه الصلاة والسلام، ودعوكم من الأقيسة الباطلة الفاسدة التي يقيسها أهل الفرق الضالة تروج هذه الأقيسة بحجة ماذا؟ بحجة والله يقولون تقبيل هذا القبر مثل تقبيل يد الأب في حال حياته، أو تقبيل يد العالم في حياته، نقول سبحان الله!

أولا: تقبيل اليد جاء في بعض المواطن من تقبيل بعض الصحابة ليد النبي عليه الصلاة والسلام إذًا الشرع أجازها، لكن هل أجاز أن يقبل القبر، أو أن يمرغ الخد عليه؟هل فعل ذلك صحابة النبي عليه الصلاة والسلام بقبره، أو بقبور أصحابه من الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم؟

(عليكم بسنتي) كما في حديث العرباض بن سارية في السنن (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ)

الذي يعض على أنه شيء نادر عزيز، جوهرة، له قدر عظيم (عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)

فمثل هذا لم يفعله النبي عليه الصلاة والسلام ولا الصحابة.

وهؤلاء الذين يقولون بمثابة تقبيل اليد إذا قبل القبر يعني على هذا الباب وهذا القياس الفاسد إذن لو أن أبي مثلا يجلس على كرسي، أو ينام على سرير، آتي وأقبل الكرسي الذي يجلس عليه، أو السرير الذي ينام عليه! انتبهوا هذه جمادات، فمثل هذه الأبواب، انتبه العاطفة، انتبه العاطفة محمودة شرعا، لكن والله إذا لم تربط العاطفة بالشرع وبالعلم الشرعي، وإلا فسيكون الضرر أعظم وأعظم.