بسم الله الرحمن الرحيم
هل يأثم من يذهب للحج بدون تصريح؟
لفضيلة الشيخ/ زيد بن مسفر البحري
18-11-1446هـ
……………………………………………
هل يأثم من يذهب للحج بدون تصريح؟
مَن وجبت عليه هذه الفريضة فواجبٌ عليه على الفور أن يؤديَ هذه الفريضة إذا توفرت لديه الشروط.
وبالتالي: فإن مَن أدَّى فريضتَه فإنه لا يجوزُ له أن يحجَّ بلا تصريح،
وذلك بأن التحايلَ على العبادة، يَغُشُّ الإنسانُ نفسَه؛ ولا يَغُرَّنَّكَ ما يُقال في فتاوى في الخفاء من أن التصريح لا دليل عليه!
لا والله، عليه أدلة:
أولا/ قال اللهُ عز وجل: {يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا أَطيعُوا اللَّهَ وَأَطيعُوا الرَّسولَ وَأُولِي الأَمرِ مِنكُم}
[النساء: 59] هذا الأمر الأول.
الأمر الثاني/ أنه لو فُتِحَ الباب للكل لحصل الضررُ العظيمُ على الأمة كلها
وأصبح فيه من المفاسد من الدَّهسِ وما شابه ذلك مما لا يعلمه إلا الله عز وجل!
والنبيُّ عليه الصلاة والسلام يقول: ” لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ “
وهي سنة، لم تُمنع أنت من الفريضة! الذي لم يؤدِ الفريضة لم يُمنع، التصريح مُيسر ولله الحمد، لكن التحايل لا يجوز ولذلك: النبي عليه الصلاة والسلام ذَكَر أحاديث كثيرة في فضل مَن مَسَحَ الحجر الأسود؛ ما يتسع المقام لذكرها ومع ذلك ماذا قال لعمر كما في المسند بإسنادٍ حسن؟
قال: “يَا عُمَرُ، إِنَّكَ رَجُلٌ قَوِيٌّ، لَا تُزَاحِمْ عَلَى الْحَجَرِ، فَتُؤْذِيَ الضَّعِيفَ، إِنْ وَجَدْتَ خَلْوَةً فَاسْتَلِمْهُ، وَإِلَّا فَاسْتَقْبِلْهُ، فَهَلِّلْ وَكَبِّرْ”.
هذا دليلٌ واضح على أن السنة متى ما حصل بها الضرر على الناس وعلى الضعفاء
فإنها تُترك ويكونُ الإنسانُ مُثابًا على ذلك.
أما التحايل بهذه الصور المتكررة فلا يجوز،
وما جُعلت هذه التنظيمات إلا لمصلحةِ الناسِ كلِّهم في هذه البلاد وخارج هذه البلاد.
[كذلك من يحج باسم آخر؛ فهذا العمل تحايل ولا يجوز]
والموفق هو الذي يحتسبُ النية؛ بدل ما يفعل هذه الأفاعيل وهذه التحايُلات!
سبحان الله بعض الناس ما أدري!؟ تُسَيِّرُه العاطفة؟ عاطفة مع جهل!!
أنت تريد الحج؟ مضمون لك أجر الحج كاملًا؛ لأنه لم يتيسر لك لوجود المانع.
فاحمد الله عز وجل أنك عند أهلك وبين أولادك؛ وفي سعة؛ ومع ذلك الأجر يكون لك كاملا، بنيّتك؛ نعم بِنِيَّتِك.
لكن بعض الناس عنده العاطفة يقول: لا بد أن أحج؛ لماذا الناس يحجون ولا أحج؟!
سبحان الله! النبي عليه الصلاة والسلام ما حج إلا مرة واحدة
ولا اعتمر إلا أربع مرات، واحدة من العُمَر مع حَجته وهي حَجة القِران؛ وهي أيضًا ليست تمتعا -ليست عمرة منفصلة؛ سبحان الله- ومع ذلك الناس يَشقُّون على أنفسهم!
لا يوجد أعظم مما مر على الصحابة من غزوة تبوك، إذ طابتِ الثِّمار؛ واشتد الحر؛ وسمَّى الله عز وجل هذه الغزوة (ساعة العسرة)
ساعة العسرة: من العسر والمشقة؛ والمكان بعيد وشاق
ولما كان في تبوك عليه الصلاة والسلام ماذا قال؟ – لأن هناك أُناسًا ما تيسر لهم أن يذهبوا معه- قال: ” إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ حَبَسَهُمُ الْمَرَضُ “
” وفي رواية: “إِلَّا شَرِكُوكُمْ فِي الْأَجْرِ؛ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ “.
احمد الله عز وجل، احمد الله عز وجل والله إن ديننا دينٌ عظيم
بنيتك وأنت على فراشٍ وطيء، وتحت مكيفاتٍ باردة وبين أولادك، وتستمتع من غيرِ تعب ولا مشقة، لأنه لو تيسر لك أن تحج لحججت، لكن مُنعت لوجود هذا المانع الذي به مصلحةٌ للناس فتؤجر الأجر الكامل.
العاطفةُ التي لا تربط بالشرع عاطفة مذمومة؛ يعودُ على الشخص من الأضرار على نفسه ما الله به عليم
أسألُ اللهَ عز وجل لي ولكم العلم النافع والعمل الصالح.