بسم الله الرحمن الرحيم
حديث أبي موسى( لا يرد الدعاء في أيام معلومات أيام التشريق )
ضعيف لهذه الأمور الخمسة
للشيخ زيد بن مسفر البحري
الحديث المُتناقل: “ هذا هو يوم الحج الأكبر.
قال: وبعد ذلك ثلاثة أيام معدودات لا يرد فيهن الدعاء فارفعوا أرغبتكم إلى الله عز وجل“
أولًا: هذا ما يُتناقل من ذكر كلام ابن رجب –رحمه الله–في:
(لطائف المعارف)، وقد ذكره في كتابه: (فتح الباري) وقال: رُوي عن أبي موسى الأشعري.
وكلمة (رُوي) تدل على أنه ضعيف عنده.
قال: خرَّجه الفريابي، وبعد البحث وجدته في كتاب (العيدين) للفريابي، ولما نظرت إلى سنده وجدت أنه ضعيف مِن حيث السند هذا ثانيًا.
س: كيف؟
ج: السند فيه عبد الله بن محمد بن خلاد، وبه جهالة، وفيه زياد بن أبي زياد الجصاص وهو ضعيف كما ذكر ابن معين وغيره.
ثالثًا: أن هذا ليس بحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما هو عن أبي موسى الأشعري، ومع ذلك فهو ضعيف كما قررنا.
رابعًا: أن هذا الأثر هو أثر أبي موسى طويل، وبه نكارة؛ لأن مِن قرأ المتن بأكمله يعلم بأن في المتن نكارة تزيده ضعفًا.
قال أبو كنانة القرشي: : «لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفِطْرِ خَرَجْنَا مَعَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَلَا يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا، ثُمَّ قَرَأَ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ثُمَّ كَبَّرَ الْخَامِسَةَ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ قَامَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَقَرَأَ:» فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثُمَّ كَبَّرَ ثَلَاثًا” يعني التكبير الآن بعد قراءة سورة قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد “ثُمَّ كَبَّرَ الرَّابِعَةَ وَرَكَعَ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ” إذًا طريقة الصلاة فيها ما فيها من النكارة لمخالفة ما ثبت في السنة الصحيحة من فعله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما قضى الصلاة خطَبَ “فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِلْإِسْلَامٍ، وَجَعَلَهُ دِينًا وَمَنَّ عَلَيْنَا بِمُحَمَّدٍ ﷺ وَجَعَلْنَا فِي خَيْرِ الْأُمَمِ وَأَلْزَمَنَا كَلِمَةَ التَّقْوَى، وَالْعُرْوَةَ الْوُثْقَى، وَجَنَّبَنَا عِبَادَةَ الطَّوَاغِيتِ وَالْأَصْنَامِ وَالسُّجُودِ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، ثُمَّ كَبَّرَ سِتًّا وَلَاءً، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، وَكَبَّرَ السَّابِعَةَ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا، ثُمَّ قَرَأَ هذه الْآيَاتِ الَّتِي فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} [الأحزاب: ٤٢] إِلَى قَوْلِهِ { وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: ٤٩] ثُمَّ كَبَّرَ سِتًّا وَلَاءً، وَالسَّابِعَةُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي فِي سُورَةِ النَّحْلِ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النحل: ٩٠] حَتَّى بَلَغَ {وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: ٩٦] ثُمَّ كَبَّرَ سِتًّا وَلَاءً، وَالسَّابِعَةُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا، ثُمَّ قَرَأَ {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: ٢٣] حَتَّى بَلَغَ {مَلُومًا مَدْحُورًا} [الإسراء: ٣٩] ثُمَّ كَبَّرَ سِتًّا وَلَاءً، وَالسَّابِعَةُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا ثُمَّ قَرَأَ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى حَتَّى خَتَمَهَا، ثُمَّ قَرَأَ {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}[البقرة: ١٨٣] حَتَّى بَلَغَ {عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: ١٨٥] ثُمَّ قَالَ” وهذا هو الأمر الخامس مما يدل على أن هذا الأثر أثر ضعيف من أن هذه الخطبة في عيد الفطر ثم قال: “إِنَّ هَذَا يَوْمٌ لَا يُرَدُّ فِيهِ الدُّعَاءُ فَارْفَعُوا أَرْغِبَتَكُمْ إِلَى اللَّهِ عز وجل وَسَلُوهُ حَوَائِجَكُمْ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِمَا أُذُنَيْهِ، ثُمَّ دَعَا، ثُمَّ كَبَّرَ سِتًّا وَلَاءً، وَالسَّابِعَةُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا، ثُمَّ قَالَ: أَحْمَدُ اللَّهَ كَمَا حَمِدَ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ، فَإِنَّهُ حَمِدَ نَفْسَهُ فِي ثَمَانِيَةِ أَمْكِنَةٍ فِي سَبْعِ سُوَرٍ، فَقَرَأَ أَوَّلَ آيَةٍ مِنَ الْأَنْعَامِ وَآخِرَ آيَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَلَمَّا قَرَأَ {وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} [الإسراء: ١١١] رَفَعَ صَوْتَهُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا، ثُمَّ قَرَأَ أَوَّلَ الْكَهْفِ حَتَّى بَلَغَ {مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا}[الكهف: ٣] ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْهُمْ، ثُمَّ قَرَأَ الْآيَةَ الَّتِي فِي سُورَةِ النَّمْلِ {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} [النمل: ٥٩] ثُمَّ رَفَعَ صَوْتَهُ، فَقَالَ: بَلِ اللَّهُ خَيْرٌ وَأَعْلَى وَأَجَلُّ، ثُمَّ قَرَأَ الْآيَةَ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النَّمْلِ {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا، وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [النمل: ٩٣] ثُمَّ قَرَأَ أَوَّلَ آيَةٍ مِنْ سَبَأٍ وَأَوَّلَ آيَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، ثُمَّ قَرَأَ {فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}حَتَّى خَتَمَهَا” ودعاء طويل!
“ ثُمَّ قَالَ: هَذَا مَا حَمِدَ بِهِ نَفْسَهُ فَاحْمِدُوهُ بِمَا حَمِدَ بِهِ الْحَامِدُونَ وَأَحْسِنُوا ⦗١٩٩⦘ عَلَى اللَّهِ الثَّنَاءَ، وَأَكْثِرُوا الذِّكْرَ، وَأَكْثِرُوا الذِّكْرَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِمَا أُذُنَيْهِ، ثُمَّ دَعَا، ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ عز وجل وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَدَعَا لِخُلَفَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ أَيْضًا وَدَعَا، ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا جَمَعَهُمْ عَلَيْهِ وَلِمَا اجْتَمَعُوا لَهُ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْأَلُوا لِدُنْيَاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي لَا يُرَدُّ فِيهِ الدُّعَاءُ، قَالَ: اذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ، ثُمَّ نَزَلَ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ صَنَعَ بِنَا مِثْلَ مَا صَنَعَ يَوْمَ الْفِطْرِ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّكْبِيرِ وَالْحَمْدِ الَّذِي حَمِدَ بِهِ فِي أَوَّلِ خُطْبَتِهِ يَوْمِ الْفِطْرِ، ثُمَّ كَبَّرَ سِتًّا وَلَاءً، اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، وَالسَّابِعَةُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا، ثُمَّ قَرَأَهَا وَلَاءً الْآيَاتِ الَّتِي فِي الْأَنْعَامِ {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: ١٥١] حَتَّى بَلَغَ { سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ} [الأنعام: ١٥٧] ثُمَّ كَبَّرَ سِتًّا وَلَاءً وَالسَّابِعَةُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا، ثُمَّ قَرَأَ آخِرَ النَّحْلِ {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا}[النحل: ١٢٠] حَتَّى أَتَمَّ السُّورَةَ، ثُمَّ كَبَّرَ سِتًّا وَلَاءً وَالسَّابِعَةُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا ثُمَّ قَرَأَ {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا} [الفرقان: ٦١] حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ، ثُمَّ كَبَّرَ سِتًّا وَلَاءً، وَالسَّابِعَةُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا، ثُمَّ قَرَأَ مِنْ سُورَةِ الْحَجِّ {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا} [الحج: ٢٦] حَتَّى بَلَغَ {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: ٣٦] قَالَ: صَافِيَةٌ لِلَّهِ مِنَ الشِّرْكِ وَالْخِيَانَةِ، حَتَّى بَلَغَ {وَبِشْرِ الْمُحْسِنِينَ} [الحج: ٣٧] ثُمَّ قَرَأَ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ: هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ وَهَذِهِ الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ التِّسْعُ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ عز وجل فِي الْقُرْآنِ، لَا يُرَدُّ فِيهِنَّ الدُّعَاءُ ” انظروا! يعني حتى عشر ذي الحجة بناء على هذا الأثر الضعيف:
” لا يرد فيهن الدعاء” ، لأنه مرَّ في هذا الأثر يوم عيد الفطر، ويوم النحر، ثم هذه الأيام المعلومات التسع وهي تسع ذي الحجة.ثم قال:
“وَهَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ وَمَا بَعْدَهُ مِنَ الثَّلَاثِ اللَّاتِي ذَكَرَ اللَّهُ عز وجل الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ لَا يُرَدُّ فِيهِنَّ الدُّعَاءُ، فَارْفَعُوا أَرْغِبَتَكُمْ إِلَى اللَّهِ عز وجل، وَرَفَعَ يَدَيْهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِمَا أُذُنَيْهِ، فَدَعَا، ثُمَّ كَبَّرَ سِتًّا وَلَاءً، وَالسَّابِعَةُ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا ثُمَّ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَحَامِدَ الَّتِي فِي آخِرِ” خطبة “ الْفِطْرِ، أَحْمَدُ اللَّهَ كَمَا حَمِدَ بِهِ نَفْسَهُ فِي سَبْعِ سُوَرٍ فِي ثَمَانِي آيَاتٍ، حَتَّى فَرَغَ مِنَ الْخُطْبَةِ الَّتِي فِي الْفِطْرِ كُلِّهَا “ ا.هـ
ولا شك أن هذا الأثر في متنه نكارة، فضلًا عن أن السند ضعيف، فتبين مِن هذا أن هذا الحديث أن هذا ليس بحديث عن النبي ﷺ، ثم هو عن أبي موسى الأشعري وهو ضعيف من حيث السند كما قررنا، وأيضًا ضعيف من حيث المتن لاختلاف الصورة في نفس الصلاة عما كان عليه النبي ﷺ وأيضًا فيه اختلاف في الخطبة، فدل هذا على أن هذا ليس بصحيح عن النبي ﷺ.