خصائص يوم الجمعة ــ الجزء الثالث

خصائص يوم الجمعة ــ الجزء الثالث

مشاهدات: 454

خصائص يوم الجمعة  ــ الجزء الثالث

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ومن خصائص يوم الجمعة :

أنه ليس هناك وقت ينهى عن الصلاة فيه قبل الزوال يعني قبل الظهر

الأحاديث أتت منه صلى الله عليه وسلم على أن هناك أوقاتا ينهى عن التطوع فيها من الصلوات

من بين الأوقات :

قبل أذان الظهر بعشر أو ربع ساعة لا تصل

يعني :

لو صليت الضحى مثلا في أيام الأسبوع لكن أتى الوقت ولم يبق على أذان الظهر إلا ربع ساعة هنا لا تصل سواء كنت في فصل الشتاء أو في فصل الصيف

قبل أذان الظهر بربع ساعة أو عشر دقائق قف عن الصلاة لأن الوقت وقت نهي

لكن يوم الجمعة ليس هناك وقت نهي كما هو رأي الشافعي واختاره شيخ الإسلام من أن المسلم له أن يصلي إذا أتى الجمعة حتى يدخل الخطيب

وهذا هو عمدة ابن تيمية في هذا القول من أنه لا وقت نهي يوم الجمعة قبل الزوال

قال ابن القيم وذلك لأن الصحابة يتطوعون وما كان أحدهم يعرف أن الشمس قد زالت والمساجد مفتوحة وليس له أن يخرج حتى يعرف هل زالت الشمس أم لم تزل

قال ولا يستحب له أيضا أن يفعل ذلك

فدل ذلك على أنه ليس هناك وقت نهي قبل الزوال بعشر دقائق في يوم الجمعة

ولذا :

ورد حديث وهو حديث أبي قتادة عند أبي داود نهى عن الصلاة نصف النهار إلا في يوم الجمعة فإن جهنم تسجر قبل الزوال إلا في يوم الجمعة

هذا حديث أبي قتادة فيه ما فيه وسيأتي له حديث إن شاء الله

لكن ابن القيم ذكر آثارا مما يؤيدها وذكر كلام البيهقي

خلاصة القول :

أن الصحيح أنه ليس هناك وقت ينهى عن الصلاة فيه يوم الجمعة قبل الزوال

قبل الزوال يعني ما يعمم الإنسان في جميع الأوقات ، هناك وقت نهي بعد صلاة الفجر بعد طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح

هناك وقت نهي بعد صلاة العصر

هناك وقت نهي قبل غروب الشمس

لكن الحديث هنا قبل الزوال يوم الجمعة

 

 

ومن خصائص يوم الجمعة :

أن يقرأ الإمام وخطيب الجمعة في الصلاة ما جاء في صحيح مسلم

ينوع

ماذا يقرأ كما جاء في صحيح مسلم ؟

يقرأ في الركعة الأولى بسورة الجمعة وفي الركعة الثانية بسورة المنافقون

أو كما جاء عند مسلم ” يقرأ في الركعة الأولى بسورة الجمعة وفي الركعة الثانية بسورة الغاشية “

أو يقرأ كما عند مسلم ” في الركعة الأولى ب” سبح ” وفي الركعة الثانية بالغاشية

وينوع

وإن تركها بعض الأحيان من باب أن يبين للناس أنها ليست واجبة فأمر حسن كما قال العلماء في حال قراءة سورة السجدة والإنسان في فجر يوم الجمعة

قال ابن القيم معلقا على هذا الأمر وعلى هذه الخصيصة قال :

وجهال الأئمة يعني أئمة المساجد يداومون على أمر ويفعلون أمرا ما هو ؟

قال إنهم ـ هذا في عصره ـ قال إنهم يقرأون جزءا من هذه السورة في الركعة الأولى وفي الركعة الثانية يقرأون جزءا من السورة الأخرى

أو أنهم يكتفون بسورة واحدة فينصفونها بين الركعتين

وهذا ليس من السنة يعني ليس واردا

إما أن تفعل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم أو لا تقدم على مثل هذا

لأنه ليس المقصود أن تقرأ بآيات من هذه أو من تلك أو أن تنصف السورة لا

ولذلك حتى بعض الناس ذكرني كلامه بحال بعض أئمة المساجد في صلاة الفجر يوم الجمعة ، ماذا يصنعون ؟

يقولون حتى لا نثقل على الناس نقرأ بسورة السجدة فننصفها بين الركعتين

هذا ليس من السنة .

أو أنه يقرأ بعض الآيات من سورة السجدة في الركعة الأولى وبعض الآيات من سورة الإنسان في الركعة الثانية أيضا هذا ليس من السنة وليس واردا

 

ومن خصائص يوم الجمعة :

أنه عيد متكرر في الأسبوع بل جاء عند أحمد وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال  (( هو سيد الأيام وأعظمها ))

بل قال في تتمة الحديث (( وأعظم من الأضحى والفطر ))

وهذا لا يتعارض مع ما جاء عند أبي داود (( أعظم الأيام عند الله يوم النحر ))

وقد بينا ذلك في خطب ذي الحجة بينا ذلك من أن أفضل أيام السنة هو يوم النحر يوم الأضحى وأفضل أيام الأسبوع هو يوم الجمعة

 

ومن خصائص يوم الجمعة :

أنه يستحب للمسلم أن يخصص له ثيابا معينة غير ثيابه التي يزاول بها المهنة والعمل

ولذلك قال عبد الله بن سلام كما عند أبي داود يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر وهو يقول (( ما على أحدكم لو اشترى ثوبين سوى ثوبي مهنته ليوم الجمعة ))

 

ومن خصائص يوم الجمعة :

أنه يستحب للمسلمين أو لمن له ولاية على المسجد إن كانت هناك سعة من المال أو من أحد المحسنين أن يطيب وأن يبخر المسجد يوم الجمعة قبل مجيء الناس ودليل ذلك كما في مصنف عبد الرزاق :

أن عمر كان يأمر نعيم بن عبد الله المجمر أن يبخر المسجد حين ينتصف النهار

قال ابن القيم ولذلك سمي بالمجمر لأنه كان يشعل الجمر وكان يبخر المسجد في يوم الجمعة

ومن خصائص يوم الجمعة :

أنه لا يجوز بعد الزوال يعني بعد دخول الخطيب أن يسافر مسلم وقد لزمته صلاة الجمعة

يحرم عليه إلا في حالتين :

إن خشي أن تفوته رفقته فلا يتمكن من اللحاق به ويدخل في هذا الزمن لو كانت رحلته في الطائرة يترتب على الصلاة يوم الجمعة أو صلاة الجمعة أن تفوته الرحلة هنا له العذر أن يدعها

الأمر الثاني : أنه يعلم من نفسه أنه سيؤديها في الطريق في مساجد تقيم صلاة الجمعة

أما ما عدا ذلك فلا يجوز

لكن قبل الزوال ثلاثة أقوال :

بالجواز ، بعدمه ، بالجواز المجاهد ، والصحيح أنه يجوز قبل الزوال

ويدل له ما جاء عند عبد الرزاق في مصنه أن رجلا كان يسرج دابته فقال لو لم يكن هذا اليوم جمعة لسافرت

فقال عمر إن الجمعة لا تحجز أحدا

وهذا قبل الزوال

 

من خصائص يوم الجمعة :

السواك

وقد أشير إليه كما في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد فيستحب للمسلم أن يستاك في هذا اليوم

وليعلم :

أن ما يفعل من شراء المسواك عند دخول الخطيب بعد رفع النداء حال دخول الخطيب فإنه لا يجوز أن يشترى السواك أو غيره ويكون البيع باطلا لقوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ }

 

من خصائص يوم الجمعة :

أنه يجب الإنصات لها على أصح القولين كما قال ابن القيم

والدليل :

ما جاء عند أحمد بإسناد فيه ما فيه لكن ابن حجر رحمه الله يقول إسناده لا بأس به (( الذي يتكلم والإمام يخطب فهو كالحمار يحمل أسفارا ))

والنبي صلى الله عليه وسلم قال كما في الصحيحين (( إذا قلت لصاحبك أنصت ))

يعني أنت الآن تدعوه إلى خير بأن يسكت حتى يسمع للخطيب

ما النتيجة ؟

( إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت ))

لو قال قائل :

ما معنى اللغو في يوم الجمعة ؟

معناه :

أن صلاته في يوم الجمعة صحيحة لكن يفوته أجر الجمعة ولا يحصل له إلا ثواب صلاة الظهر

قال النبي صلى الله عليه وسلم كما عند أبي داود قال (( من لغا أو تخطى يوم الجمعة كانت له ظهرا  ))

الصلاة منه صحيحة لكن لا ثواب له في يوم الجمعة

 

ومن خصائص يوم الجمعة :

قراءة سورة الكهف في يومها

لما جاء عند البيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق ))

وفي حديث آخر :

(( ما بينه وبين الجمعة الأخرى ))

معنى هذا الحديث :

أن من يحرص على قراءة سورة الكهف يوم الجمعة يكون له نور ما بينه وبين جمعته الأخرى فيستقبل أسبوعه بإذن الله بانشراح صدر وقلب على طاعة

وما بينه وبين البيت العتيق فيه أيضا دلالة على أنه يحصل له نور بإذن الله بعد موته

 

وليعلم :

أن ما يذاع ويشاع وتحدثت عن ذلك في ما مضى من الطعن في هذا الحديث في حديث قراءة سورة الكهف يوم الجمعة لا يلتفت إليه

لم ؟

لأن الحديث الوارد فيه صحيح حتى لو كان الحديث موقوفا على أبي سعيد تنزلا فإن هذا مما لا يقال بالرأي لأنه أثبت أجرا ونورا وهذا لا يمكن أن يقوله الصحابي من عنده فدل على أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم

وتحدثت ذلك في مقطع وقد أجاز الألباني كعادته في إرواء الغليل في تصحيح هذا الحديث ، والرد على من زعم أنه ضعيف فإنه صلى الله عليه وسلم ولو أثبت في الأحاديث الأخرى لو أثبت وجود النور مطلقا دون تحديد فلا يعني أن نضعف هذه الأحاديث

ولذا :

ما يذاع ويروج له من حث الناس على عدم قراءة هذه السورة في يوم الجمعة هم بين أمرين لا ثالث لهما :

ــ إما أن يتبعوا ما جاءت به الأحاديث ويصححوها

ــ أو أنهم يقولون إن ما عليه الناس بدعة لأن الناس يستمرون على ذلك وكيف قال بدعة أو محدث والأئمة السابقون تحدثوا عن ذلك وتلقت الأمة ذلك عبر العلماء والأئمة من الأنصاف حتى من يتحدث عن خصائص يوم الجمعة يذكر أن من خصائص يوم الجمعة قراءة سورة الكهف

فلا تصغي بسمعك إلى ما يقال

فهذه السورة ولله الحمد ثابتة الأحاديث فيها

أما ما جاء من حديث وهو حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قراءة سورة الكهف مكتوبة في التوراة الحائلة

لأنها تحول بين قارئها وبين النار

فهو حديث ضعيف لا يصح

وكذلك :

حديث علي في الضياء المختارة أن (( من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة عصم من كل فتنة ثمانية أيام فإن خرج الدجال عصم من فتنته ))

أيضا هذا حديث لا يصح عنه صلى الله عليه وسلم

 

أما ما ورد عند ابن مردويه :

(( من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور من تحت قدمه إلى عنان السماء وغفر له ما بين الجمعتين ))

فهذا الأصح فيه خلافا للمنذري الأصح فيه ما قاله ابن كثير وغيره من أنه أيضا حديث ضعيف لكن كما أسلفت لكم (( يضاء له ما بينه وبين الجمعة الأخرى من النور يضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق ))

هذا أحاديث ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم