خطبة ( أخطاء الصيام  ) [ 2 ]

خطبة ( أخطاء الصيام  ) [ 2 ]

مشاهدات: 602

الخطبة الثانية

( أخطاء الصيام  ) (2 )

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

( أما بعد : فيا عباد الله  )

نكمل ما تبقى من أخطاء حول الصيام

(و من الأخطاء في الصيام )

 

أن بعضا من الناس قد يصاب أحد أقربائه بغيبوبة – نسأل الله عز وجل أن يرفع عن المتضررين ضرهم – فربما ظن أن هذا المغمى عليه يلزم بشيء أو أن من أصابته غيبوبة يلزم بشيء ، والصواب أنه لا يلزم بشيء ، لا بإطعام ولا بقضاء فيما لو أفاق

لم ؟

لأنه مرَّت عليه أيام من أيام الصيام وليس أهلا للصيام في شرع الله عز وجل، فحكمه كحكم المجنون كما قال صلى الله عليه وسلم في السنن :

( رفع القلم عن ثلاثة ) ذكر منهم ( المجنون  حتى يفيق)

بعض العلماء يقول :

إذا كانت أياما معدودة فإنه يقضي فيما لو أفاق ، ولكن الصواب هو ما ذكرناه آنفا .

(و من الأخطاء في الصيام )

 

أن بعضا من الناس إذا نوى أن يسافر في رمضان فإنه يفطر قبل أن يخرج من بلدته وهذا لا يجوز ، والذي عليه جماهير السلف من أن من نوى السفر فإنه لا يقدم على رخص السفر وهو مازال في بنيان بلدته ، والنبي صلى الله عليه وسلم ما استباح  رخص السفر إلا بعدما خرج ، ولذلك لمانوى السفر عليه الصلاة والسلام للنسك فإنه نوى ذلك وهو في المدينة فصلى الظهر أربع ركعات مع أنه ناوي ، ثم انطلق فلما بلغ ذا الحليفة وأتى وقت صلاة العصر صلى ركعتين ، مع  أن ذا الحليفة قريب من المدنية ، لكن ذو الحليفة في عصره عليه الصلاة والسلام خارج عن المدينة .

وعلى كل حال رخص السفر لا من قصر الصلاة ولا من جمعها ولا من الإفطار لا يكون قبل خروجك من بلدتك

 

 

 

(و من الأخطاء في الصيام )

 

أن بعضا من الناس إذا خرج من بلدته وهو مسافر فاحتاج في سفره إلى الفطر قال لا يصح لي أن افطر ، لم ؟

قال لأني لما خرجت من بلدتي خرجت وأنا قد صمتُ وأمسكتُ ، وبالتالي فإني لو احتجت إلى أن أفطر في أثناء السفر فلا ، لأن فطري لم يكن في ثنايا السفر .

فيقال : هذا خطأ ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم  لما خرج وهو مسافر فلما كان عند كُراع الغميم بين مكة والمدينة أفطر صلى الله عليه وسلم لما رأى في الناس مشقة لأن الناس يقتدون به صلى الله عليه وسلم .

(و من الأخطاء في الصيام )

 

أن البعض من الناس إذا كان مسافرا ومعه زوجته يظن أنه لو أراد أن يجامعها يظن أنه لابد أن يشرب ماءً أو يأكل مأكولا – ليس بصحيح – فلو كنت مسافرا وابتدأت أول ما ابتدأت بجماع زوجتك فلا إشكال في ذلك لأنه أبيح لك الفطر في سفرك بأي مفطر من مفطرات الصيام .

(و من الأخطاء في الصيام )

 

أن بعضا من الناس يثقل على نفسه بالصيام في السفر خصوصا مع أزمنة الحر ، بعض الناس يسافر وهو صائم فيأتي في وقت النهار إما الظهر وإما العصر إلى مكة لكي يطوف مع ذلك يثقل على نفسه ، بل قد يضر بنفسه فيما لو أنه أتم صيامه – هذا خطأ – لأن الفطر في السفر مباح ، ويكره إذا شق عليه ، ويحرم إذا ألحق ببدنك ضررا ، لكن إذا كان لدى الإنسان قدرة فلا إشكال في ذلك ، ولذا في صحيح مسلم قال أبو الدرداء ر ضي الله عنه :

( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في شدة الحر وإن أحدنا ليضع يده على رأسه ليتقي حرارة الشمس وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن رواحة )

(و من الأخطاء في الصيام )

 

أن بعضا من الناس إذا قيل له يجوز له أن تفطر ، فيفطر عيانا بيانا عند الناس – وهذا خطأ – لأنه ينبغي أن يراعي نفسية المسلمين ، وبالتالي فإنك لو ذهبت إلى مكة وأردت أن تفطر فلك أن تفطر ، لكن لتفطر في غرفتك التي استأجرتها ، فلا تظهر هذا للناس من باب احترام مشاعر المسلمين .

 (و من الأخطاء في الصيام )

 

أن بعض النساء قد تصوم اليوم كله فإذا بقيت دقائق على أذان المغرب نزل معها دم الحيض ، فتظن أن صومها صحيح ، والصحيح أن صومها لا يصح ، فمتى ما خرج دم الحيض ولو قبل أذان المغرب بدقيقة فإن الصوم يفسد ، لقوله صلى الله عليه وسلم :

( أليست إذا حاضت لم تصلي ولم تصم ) ؟

فدل على أن الصوم لا يصح مع وجود دم الحيض .

حالها كحال من يصلي وإذا به في التشهد الأخير قبل السلام يحدث ، فصلاته لا تصح .

 (و من الأخطاء في الصيام )

 

لو أن المرأة صامت وقبل غروب الشمس أحست بأعراض الحيض لكن لم ينزل شيء ، فلما أذَّن المغرب نزل ، فالصوم صحيح ، فالعبرة بنزول دم الحيض .

(و من الأخطاء في الصيام )

 

لو أن المرأة صامت وقبل غروب الشمس أو بعد العصر خرجت منها سوائل فصومها صحيح ، فلا يفسد الصوم ولا يمنع الصلاة إلا نزول دم الحيض المعروف عند النساء بصفاته ، أما أن ينزل أي سائل من السوائل ولو كان دما ولكنه ليس بصفات دم الحيض فإنه لا اعتداد به ، وبالتالي تكون المرأة صائمة تصوم وتصلي ولا إشكال في ذلك، فالمعول عليه هو دم الحيض المعروف قال الله عز وجل :

{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى } البقرة222

وقال صلى الله عليه وسلم كما في السنن :

( إن دم الحيض دم أسود يُعرف ) تعرفه النساء  .

وبالتالي إذا قلنا هي طاهرة – وهذا أمر يحتاج إليه – وبالتالي تكون في حكم المستحاضة تتحفظ وتتوضأ لكل صلاة وصومها صحيح وصلاتها صحيحة ولزوجها أن يجامعها ولا إشكال في ذلك ، حتى لو مع نزول هذا الدم  .

( و من الأخطاء في الصيام )

 

بعض النساء قد تكون نفساء ثم بعد أسبوع أو بعد عشرة أيام إذا بالدم يتوقف ، هنا يجب عليها أن تصوم وأن تصلي وتغتسل قبل ذلك  .

هل يجوز جماع النفساء إذا انقطع الدم ؟

نعم يجوز ، فإذا توقف الدم عن النفساء تكون طاهرة .

لو قال قائل : إذا توقف الدم ثلاثة أيام أو أربعة أيام ثم رجع ؟

نقول / إن رجع بنفس صفاته السابقة فهو نفاس ، وبالتالي فإن ما صامته صحيح ، لكن عليها أن تمسك ، لكن إذا توقف الدم فهنا تكون طاهرة ولزوجها أن يجامعها ولا إشكال في مثل هذا .

(و من الأخطاء في الصيام )

 

أن المرأة قد تكون حائضا ويأتي عليها الليل ثم إذا بها قبل أذان الفجر تطهر ، وبالتالي لو أنها تسحرت أخرت الاغتسال إلى بعد أذان الفجر  .

نقول / لا إشكال في ذلك .

ولتعلموا لا يلزم من صحة الصوم أن تكون طاهرا من الحدث الأصغر ولا من الحدث الأكبر ، أهم شيء أنها تنوي الصيام ، وكذلك الرجل لو كان جنبا ينوي الصيام بالليل ، لكن قضية أنه يغتسل بعد أذان الفجر لو كان جنبا فجامع زوجته أو أنه احتلم بالليل فلا إشكال في ذلك ، ينوي الصيام ويتسحر ويشبع من السحور ، وإذا تسحر ولو بعدأذان الفجر فله أن يغتسل وكذلك الشأن في المرأة  ،فالنبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين قالت عائشة رضي الله عنها :

( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح )

يعني أذَّن المؤذن لصلاة الفجر 

( من جماع من غير احتلام فيصوم صلى الله عليه وسلم )

 

(و من الأخطاء في الصيام )

 

أن بعضا من الناس – سبحان الله – زوجة الإنسان معه سنين وطيلة الشهور السابقة ،ومع ذلك ربما أنه لا يجامع زوجته بالنهار في حياته ولو مرة واحدة ، لكن إذا جاء هذا الشهر وقعت الوقائع ، لم ؟ الشيطان يزين ، والمرأة قد لا تكون متجهزة ، بل قد تكون خارجة من المطبخ ، ثم بهذه المرأة من أجمل نساء العالم ، وبالتالي فليتنبه المسلم إلى هذا الأمر لأنه خطير ، لأنه إذا وقع الإنسان في مثل هذا الأمر  ترتبت عليه أمور [ الإثم – القضاء – الكفارة  ]

الشاهد من هذا / ما هو الجماع ؟

الجماع : هو تغييب حشفة الذكر التي هي محل الختان “

ولا يلزم أن يغيب ذكره كله ، إذا غيَّب هذه الحشفة في فرجها ثم نزع هنا حصل الجماع ، حتى في قضية الزنا – نسأل الله السلامة والعافية – لا يلزم أن يدخل ذكره كله ، ولا يلزم أن ينزل المني ، لو ما أنزل منيا ، لما أدخل الحشفة ، هنا وقع الخطأ وفسد الصوم وأثم وأثمت وعليهما كفارة الجماع في نهار رمضان .

 

 

(و من الأخطاء في الصيام )

 

أن بعضا من الناس لما يجامع وتلزمه الكفارة ، يأتي يبحث عن الفرج ، الفرج ( عتق رقبة ) كما في الصحيحين ، الرقبة تكاد تكون منعدمة لكن ( صيام شهرين متتابعين ) هذا هو الشاق ، بعض الناس يقول أريد أن أطعم ستين مسكينا  .

قال النبي صلى الله عليه وسلم ( اعتق رقبة ، قال لا أجد ، قال صم شهرين متتابعين ، قال لا أستطيع ، قال أطعم ستين مسكينا ، قال لا أستطيع ) لم يقل ” شق عليه “

بعض الناس يقول / أنا لا أتمكن من أن أصوم شهرين متتابعين ، لم ؟ قال المشقة .

نقول / هذه المشقة لا يلتفت إليها ، كل إنسان يشق عليه أن يصوم ، وبالتالي متى ينتقل من صيام شهرين متتابعين ؟

إذا كان لا يستطيع ، فمن لم يستطع لكبر في سنه أو عجز في بدنه أو لمرض لا يرجى برؤه .

أما المشقة فكل يشق عليه الصوم .

الخطبة الثانية

أما بعد فيا عباد الله /

(و من الأخطاء في الصيام )

 

بعض الناس إذا وقع في الجماع قال ” أنا جاهل “

كيف جاهل ؟

يقول : أنا لو أدري أن علي الكفارة ما أقدمت .

نقول : هل تعلم أن الجماع في نهار رمضان من مفطرات الصوم ؟

يقول : نعم أعرف ، لكني أجهل ما يترتب عليه من كفارة

نقول : هذا الجهل لا ينفع، فبمجرد ما يكون الإنسان عالما بالحكم الشرعي ولم يعلم ما يترتب عليه من آثار وكفارات فإنه لا يلتفت إلى ذلك فيلزمه ما جاء في الشرع

ولذا لو أتى زاني – نسأل الله السلامة والعافية – محصن وزنى ، وقال لو أدري أن حدِّي في الشرع هو الرجم بالحجارة ما أقدمت – فلا يلتفت إلى هذا .

ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين لما أتى هذا الرجل قال ( هلكت يا رسول الله )

ومن قال هذه الكلمة دل على أنه يعرف الحرام، لكن هل كان يعرف ما يجب عليه من كفارة ؟

لا ، لم يعلم إلا لما أخبره النبي صلى الله عليه وسلم

ودليل آخر / أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يظن أنها تبلغ ما بلغت يهوي بها في النار سبعين خريفا )

( لا يظن ) مما يدل على أن الأثر لا يلتفت إليه، بما أنه يعلم أن هذه الكلمة تسخط الله كفى ، بما أنه يعلم أن الجماع مفطر كفى ، بما أنه يعلم أن الزنا حرام كفى ، أما قضية ما يترتب على ذلك فلا يلتفت إليها .

الخاتمة : ……………………