خطبة التحذير من الإسراف في الولائم والأطعمة

خطبة التحذير من الإسراف في الولائم والأطعمة

مشاهدات: 770

﴿بسم الله الرحمن الرحيـــــــم

التحذير من الإسراف في الولائم والأطعمة

20-10-1446هـ

لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحمدَ لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادِيَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} ] آل عمران -102 [

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} ] النساء -1 [

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} {يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} ] الأحزاب -70-71 [

أما بعد: فيا عباد الله حديثنا في هذا اليوم عن جزئية معينة فيما يتعلق بالإسراف

الإسراف: هو مجاوزة الحد

والحديث عن الإسراف متنوع ويطول، لكن الحديث هنا هو حديث عن الإسراف في الأطعمة وفي الولائم

مَن أنعم الله عز وجل عليه من هؤلاء الذين في المجتمع وهي شريحة معينة وللأسف زادت كثيراً حتى بدأت تظهر ظهوراً شائعا من أن تلك الطائفة والشريحة من المجتمع لا تقدِّر نعمة الله عز وجل، وهؤلاء لو شكروا الله عز وجل حق الشكر ما صنعوا هذا الصنيع

ما تعسرت أمور الزواج إلا لهذه الأفعال نعملو نُظِر إلى عزوف كثير من الشباب عن الزواج والسبب من أن ما يتبع هذا الزواج أكثر فيما يُدفع من المهر مرتين

قد يكون المهر يسيراً لو قلنا ثلاثين ألف أو خمسين ألفلكن ماهي التبعات؟!

عسَّر الناس على أنفسهم فتعسرت أحوالهم، وإلا والله إن سُبل التيسير في الزواج سهلة ميسرة لكن هذه الأفعال أفعال مشينة

أنتم يا هؤلاء يامن يُسرف في هذه الأطعمة والولائم ما تَبْقَى إلا بالشكر، شكر الله عز وجل على هذه النعمة بقلبك {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} ] النحل -53 [

هي من الله عز وجل لو شاء أن ينزعها منك نزعها؛ لأنه هو الذي أعطاك هذه النعم فمن الواجب لمَّا فُضِّلت بهذه النعم على غيرك أن تشكر هذه النعم لتبقى

{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} ] ابراهيم -7 [

ولذلك كلما أُعطي الإنسان من هذه النعم فإنه يجد من نفسه أنه يلزمه أن يتواضع وأن يشكر الله عز وجل وإذا تَحدَّث في المجالس تَحدَّث بتواضع من أن الله أنعم عليه وأنه كان كذا وكذا فأصبح الآن إلى ما هو عليه من خير الله عز وجل

يتَحدَّث بها شكراً لله عز وجل لا أن يَفعَل بها هذه الأفاعيل أطعمة تُرمى، ولائم زائدة ثم النهاية إفساد لهذا الطعام، ولذلك من شكر النعم أن يُستعان بها على طاعة الله لا أن يُعصى الله نعمالنبي كما في الحديث الحسن حديث عائشة قال أكرمو الخُبْزفكيف لو رأى النبي حال بعض من الناس في امتهان هذه الأطعمة من اللحوم وأشكالها وما يشابهها من صنوف الأطعمة التي لا تُقَدَّر ولا تُعَظَّم نعم

قد يكون هؤلاء من أصول فقيرة ماذا كان يصنع الأجداد؟

ليس عندهم شيء، قد يكون أجداد هؤلاء كانوا فقراء فمن أين أتاك هذا المال؟!

حتى لو كنت من أصول غنية من الذي أعطاهم؟

هو الله عز وجل، فإن أتاك هذا المال من غير سبب إرث فاحمد الله عز وجل وإن أعطاكَهُ من سبب إرثٍ فاحمد الله عز وجل

النبي كان يلتوي من الجوع ما يجد من الدقل ما يملأ به بطنه

وتحدثت في خطبة عن حال النبي وحال الصحابة إذ كان بعضهم كأبي هريرة كان يربط على بطنه الحجر من الجوع

مفاخرة وازدادت مع وسائل التواصل سبحان اللهوليمة فلان! وليمة فلان! في عرسه كذا وكذا

قُدم من أصناف الحلويات ومن أصناف الأطعمة والأشربة!، مسكين مسكين أن تكون أخاً للشيطان

{وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} ] الإسراء -26 [

هذ هو المفترض أن يُصرف هذا المال لهؤلاء

{وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} لا أن تتبع الشيطان وأن تكون أخاً له، ومن يرتضي أن يكون له هذا الوصف! أن يكون أخاً للشيطان

{إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} ] الإسراء -27 [

{إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ} التبذير هو من نثر النعمة كما ينثر البذر في الحقل وفي الأرض

أهكذا تشكر النعمة؟!

حتى فيما يتعلق بقضية الانفاق أُمرنا بالتوسط ونهينا عن الإسراف

{وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} ] الفرقان -67 [

{وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} كناية عن البخل {وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} [الإسراء -29 [

كم من إنسان محروم من هذه النعم وهؤلاء لا يبالون لكن ليُعلم من أن الله عز وجل يغار فيحذر الإنسان كل الحذر من سخط الله عز وجل

هكذا تشكر النعم! أن تُرمى في النفايات؟

حتى لو قيل من أن الباقي سيصرف للفقراء ما الذي سيصرف منه؟ قد تلوث كثير منه وقد يفسد وقد لا يوجد فقراء

لماذا لا تقدم الأطعمة التي هي تكفي المدعوُّيِن نعمالنبي يقول: طَعَامُ الاثْنَيْنِ يَكْفِي الأَرْبَعَةَ، وَطَعَامُ الأرْبَعَةِ يَكْفِي الثَّمَانِيَةَ

ولا تنظر إلى ما يقوله الناس، الناس لو قدمت لهم نعممن نظر إلى رضى الناس فإنه في هلاك ديناً ودنيا قد تُقدِّم ما تُقدِّم فيأكل هؤلاء ويخرجون ويقولون والله إنه لمسرف، وإنه كلَّف على نفسه، وهذا الطعام الذي أَتَى به غير جيد،

انظر إلى ما يرضي الله عز وجل

يعني عزوف كثير من الشباب عن الزواج إنما هو بسبب تلك الجبال والكواهل من الأموال التي تُصرف عبثاً نعموبدل أن تقول هناك قاعة تضم الرجال والنساء، هناك قاعة للرجال في يوم وأطعمة وهناك قاعة أخرى للنساء في يوم آخر وأطعمة نعم

كما أن هذه الآية تصدُق على القرى تصدُق على الأفراد الذين لا يُراعون نِعَمَ الله

{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} ] النحل -[112  

ما تُمْنَع من أن تظهر بالمظهر الجميل أمام الضيوف لا إشكال في ذلك ولكن دون تكلف، ولذلك في حديث عمر قال نهينَا عَن التَّكَلُّف

قال كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وتصدّقوا من غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ

من غَيْرِ إِسْرَافٍ أي مجاوزة للحد وَلَا مَخِيلَةٍ ولا كِبْر.

حال بعضٍ من الناس نسأل الله السلامة والعافية مع هذا الإسراف كبر يريد أن يظهر بالمظهر الذي يُمدح به عند الناس

لكن من نظر إلى أن تصل إليه مِدْحَةً من الناس بسبب إسخاط الله سَيَسْخَط الله عليه وسَيُسْخِط عليه الناس

كم من محروم في الحديث الحسن أفضلُ الأعْمَال أن تُدخِلَ على أخيكَ المؤمِنِ سُرورًا، أوْ تَقْضِيَ عنه دَيْنًا، أو تُطعِمَه خُبزًا

هناك من هو محروم من أقل الأطعمة لا أن يُصنع بهذه الأطعمة هذا الصنيع

فنسأل الله عز وجل أن يصلح الحال، واعلم أن هذه النعمة ستفارقها في يوم من الأيام وستحاسب في الحديث الحسن عند الترمذي: لَا تَزُولُ قَدَمُ الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍوذكر منها: وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ

ولذلك هؤلاء نسأل الله السلامة والعافية تُرى بعض المقاطع التي تشتهر والناس يمدحونها وكأنها ليست بأفعال محرمة مما يُصنع ويُقدَّم من أنواع الأطعمة والأشربة وما شابه ذلك، وأصبح كل إنسان يقول لابد أن أكون أفضل من فلان الذي هو أخي أو قريبي أو صديقي أو جاري لا ما هكذا المنافسة

المنافسة في طاعة الله أما أن تُهدر هذه الأموال وهذه الأطعمة! والله نذير شر نذير شر

{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} ] الأنفال -25 [

أناس يموتون من الجوع في بلدان أخرى ونحن في نعم عظيمة فلنتقي الله عز وجل

أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين أما بعد:

فيا عباد الله ما سبق هو حديث عن جزئية من جزئيات الإسراف ونوع من أنواع الإسراف وإلا فالحديث عن الإسراف يطول لكن ما ذكرته لعل به عبرة وعظة وليعلم هؤلاء الذين ينشرون في وسائل التواصل من أن هذه المقاطع ستبقى، ستبقى إلى سنين طويلة حتى بعد وفاتهم فقد يكون هؤلاء قدوة سوء وشر لمن سيأتي من أبنائهم ومن أحفادهم وكذلك قدوة سوء لمن في مجتمعه أو في مجتمعات أخرى

أوردها سعد وسعد مشتمل      ما هكذا يا سعد تورد الإبل

إيه واللهما هكذا تُصرف الأموال ما هكذا تُصرف الأموال من أجل مِدحة! من أجل أن فلاناً قدَّم في وليمة عرسه أو فيما قدَّمه من ضيوف كذا وكذا ولذلك توضع إلى درجة نسأل الله السلامة والعافية ضيف واحد تُقدَّم أمامه ذبيحة كاملة وبعضهم يقدم حاشي يقدمه كاملاً! ولا يجلس على هذا الصحن إلا شخص واحد!

بماذا يفسر هذا؟ يفسر من أنه عبث يفسر من أنه مفاخرة من أنه مفاخرة نسأل الله عز وجل ألا يؤاخذنا بما فعله السفهاء منا.

 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين، اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان يا رب العالمين، اللهم كن لإخواننا المرابطين على الحدود، اللهم كن لهم ناصراً ومعيناً

اللهم ثبت أقدامهم وسدد رميهم وانصرهم على الرافضة الحاقدين.

اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً سخاءً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم آمنا في أوطاننا ووفق ولاة أمرنا، اللهم وفقهم بتوفيقك وأيدهم بتأييدك.

اللهم من أراد بهذه البلاد شرًا وفتنةً وزعزعةً فأشغله في نفسه ورُد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميرا عليه يا قوي يا عزيز.

اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك انت الوهاب

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

اللهم صلِ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ