بسم الله الرحمن الرحيم
(بعض أحاديث الدعاء بالبركة في الكتب التسعة)
الشيخ/ زيد بن مسفر البحري
6-8-1442هـ
دعاء الإنسان لنفسه بالبركة أو دعاؤه لغيره بالبركة جاءت بها السنة
و سأتحدث عن بعض ما جاء من أحاديث صحيحة في الكتب التسعة عن ذلك..
البركة: إذا بارك الله لك في أهلك أو في مالك أو في عمرك أو في عملك أو في علمك أو في زوجتك أو في وظيفتك،….
في كل شأن من شؤون حياتك فقد افلحت فلاحاً عظيماً.
لأهمية الدعاء بالبركة؛ أرشد النبي ﷺ الحسن بن علي –وهو إرشاد لجميع الأمة– أن يقول في القنوت كما ثبت عند أبي داود” اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ“ في كل شيء أعطيتنيه من مال
وعلم وعمل وما شابه ذلك..
—————————————
لأهمية الدعاء بالبركة؛ النبي ﷺ كما جاء في المسند بإسناد حسن عن رجل من الصحابة قال: رمقت النبي ﷺ يعني تابعته وهو يصلي فقال:
” اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي وَوَسِّعْ لِي فِي دَارِي وَبَارِكْ لِي فِيمَا رَزَقْتَنِي“
“اللهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي ، وَوَسِّعْ عَلَيَّ فِي ذَاتِي ، وَبَارِكْ لِي فِي رِزْقِي“
وانظر قال “اللَّهمَّ اغفِرْ لي ذَنْبي“ وفي الرواية الأخرى “أَصْلِحْ لِي دِينِي“ لأن هذين مرتبطان “وَوَسِّعْ لِي فِي دَارِي” في بيتي وأيضاً يشمل الدار هنا القبر؛ توسعة القبر
“وَبَارِكْ لِي فِيمَا رَزَقْتَنِي” في الرواية الأخرى “وَوَسِّعْ عَلَيَّ فِي ذَاتِي“، “ووسع لي في ذاتي“
ولذلك الإنسان إذا أراد أن يزكي ذاته وأن ينميها بالأخلاق و بالأعمال الطيبة؛ يدعو الله عز وجل فهذا دليل على هذا الأمر.
وليعلم أن هذا الحديث ليس خاصا بذكرٍ بعد الوضوء كما يظنه البعض لا، هذا شامل بدلالة الأحاديث التي مرت معنا؛ مرة وهو في الصلاة ولذلك في الحديث عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ:
أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ بِوَضُوءٍ” يعني بماء ” فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى، ثُمَّ دعا“ فهذا في كل وقت تقول هذا الدعاء
ولذلك عند الترمذي لما سئل عنه ﷺ عن هذا الدعاء قال فهل رأيت أنها تركت شيئاً قال:
” فهل تَرَاهُنَّ تركن شيئًا؟ “ يعني لم يتركن شيئاً من خير الدنيا والآخرة إلا وقد تضمنه هذا الدعاء أو هذه الكلمات.
—————————————
لأهمية الدعاء بالبركة؛ النبي ﷺ لما دعا لأنس كما في الصحيحين:
” اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ”
ولذلك في رواية البخاري من أنه ﷺ دعا لأم سُليم وأهل بيتها، فقالت أم سُليم: يا رسول اللَّه إن لي خُوَيِصّةً” يعني خاصة “، قال: «ما هي؟» قالت: خادمك أنسٌ. . .، وفي رواية أحمد: «إن لي خُوَيصّة، خُويدمك أنسٌ، ادع اللَّه له» فدعا له وهذا يفيدنا بفائدة من أن أنس من بيت أم سُلَيم ومع ذلك قالت يا رسول الله إن لي خويصة ولذلك بعض الناس يقول لآخر: خصني بالدعاء؛ هذا دلت عليه رواية البخاري كما ذكرته
—————————————
لأهمية الدعاء بالبركة؛ النبي ﷺ دعا لأهل المدينة كما في صحيح البخاري:
“اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مِكْيَالِهِمْ وَصَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ “
وعند مسلم: “اللَّهُمَّ بَاركْ لَنَا في صَاعِنَا، اللَّهُمَّ بَاركْ لَنَا في مُدِّنَا، اللَّهُمَّ اجْعَلْ مَعَ الْبَرَكِة بَرَكَتَين “
—————————————
لأهمية الدعاء بالبركة؛ أرشد النبي ﷺ من دخل على زوجته ليلة زفافه كما ثبت عند أبي داود أنه يمسك بناصيتها –مقدمة الرأس– ويقول:
“اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ“ وقال في آخر الحديث: “وَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ” يدعو الله أن يبارك له في هذه المرأة.
ولذلك الدعاء بالبركة منك للمتزوج ولذلك في الصحيح لما أتى عبد الرحمن بن عوف وعليه بشاشة العرس فسأله النبي ﷺ فقال تزوجتُ فقال: “بارَكَ اللهُ لك“.
وعند أبي داوود: “أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَفَّأَ الْإِنْسَانَ إِذَا تَزَوَّجَ” يعني دعا له بأن تصلح أحواله في هذا الزواج وأن يلتئم شمله “ قَالَ : ” بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، وَبَارَكَ عَلَيْكَ، وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ “.
ولذلك عند النسائي: عَنِ الْحَسَنِ قَالَ : تَزَوَّجَ عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ امْرَأَةً مِنْ بَنِي جَثْمٍ فَقِيلَ لَهُ : بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ. قَالَ : قُولُوا كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمْ، وَبَارَكَ لَكُمْ “.
سبحان الله تأمل هذه الجمل؛ ولذلك هذه هي التهنئة للمتزوج بخلاف تهنئة أهل الجاهلية فقد أنكرها عقيل بن أبي طالب لما قيل له بالرفاء والبنين لأنهم لا يحبون البنات فقالوا له بالرفاء والبنين فأنكر عليهم وأرشدهم إلى قول النبي ﷺ.
ولذلك انظر قال:
1- ” بَارَكَ اللَّهُ لَكَ “ باللام بحرف اللام؛ لأن البركة نافعة تتعدى، “وبارك عليك” لأن البركة من الله فأتى بحرف على.
2- و” بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمْ” كما عند النسائي [ في ] لأن البركة تحل في هذا الشخص أو في هذا الزوج أو في هذه المتزوجة.
بل الدعاء بالبركة للمرأة المتزوجة إذا أُدخِلت على نساء يصلحن من حالها لدخول زوجها عليها في الصحيحين أن عائشة رضي الله عنها لما أدخلتها أمها على نسوه من الأنصار ليصلحن من شأنها “فَقُلْنَ : “ يعني هؤلاء النسوة ” عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ“ الطائر هنا هو الحظ يعني على خير حظ ونصيب لك.
—————————————
ولأهمية الدعاء بالبركة؛ إذا أعطاك شخص شيئا وأنت في غنى عنه أو تريد أن تتعفف فادعُ له بالبركة في أهله وماله ولذلك في صحيح البخاري:
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ : قَدِمَ عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ المَدِينَةَ فَآخَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، بيْنَهُ وبيْنَ سَعْدِ بنِ الرَّبِيعِ الأنْصَارِيِّ، وكانَ سَعْدٌ ذَا غِنًى، فَقالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: أُقَاسِمُكَ مَالِي نِصْفَيْنِ وأُزَوِّجُكَ، قالَ: بَارَكَ اللَّهُ لكَ في أهْلِكَ ومَالِكَ، دُلُّونِي علَى السُّوقِ“
—————————————
—————————————
«ذاك الذي عليك، فإن تطوعت بخير؛ آجرك الله فيه، وقبلناه منك».
قال: فها هي ذه يا رسول الله! قد جئتك بها فخذها. قال: فأمر رسول الله ﷺ بِقَبْضِها، ودعا له في ماله بالبركة.
—————————————
لأنه لما قال لا تبارك فيه ولا في إبله ولما أتى الرجل بهذه الناقة دعا له:
” اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ وَفِي إِبِلِهِ “
—————————————
من كان عنده خيول بعض الناس مهتم بالخيول وهو يملكها فليمسح على ناصيتها مقدمة الرأس وليدعُ بالبركة؛ ولذلك أصل الحديث في الصحيحين لكن اللفظ للإمام أحمد قال ﷺ:
“ الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ وَالنَّيْلُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَأَهْلُهَا مُعَانُونَ عَلَيْهَا،
فَامْسَحُوا بِنَوَاصِيهَا، وَادْعُوا لَهَا بِالْبَرَكَةِ
” وادعوا لها بالبركة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه وتوبوا إليه إنه التواب الرحيم.
—————————————
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ﷺ أما بعد فيا عباد الله..
إذا أقرضك شخص مالاً فسددته فادعُ له بالبركة؛ النبي ﷺ كما ثبت في المسند وسنن النسائي وفي غيرهما أنه رد على رجل لما استسلف منه أربعين ألفا قال: “بَارَكَ اللهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، إِنَّمَا جَزَاءُ السَّلَفِ الْوَفَاءُ وَالْحَمْدُ“
—————————————
إذا خرجت من شخص قد ضيَّفك فادعُ له بالبركة؛ عبد الله بن يسر قال نزل رسول الله ﷺ على أبي فأطعمناه الطعام وأعطيناه الشراب فلما خرج قال أبي يا رسول الله ادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَقالَ: “اللهم بَارِكْ لَهُمْ في مَا رَزَقْتَهُمْ. وَاغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ“
—————————————
إذا رأيت على أخيك المسلم شيئاً طيباً حسناً من مال أو صحة أو ما شابه ذلك ادعُ له بالبركة إذا أعجبك ذلك؛ ولذلك في موطأ الإمام مالك وفي المسند من أن عامر بن ربيعه مر على سهل بن حنيف وهو يغتسل وكان سهل ” رَجُلًا أَبْيَضَ، حَسَنَ الْجِسْمِ وَالْجِلْدِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَهُوَ يَغْتَسِلُ، فَقَالَ : مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ، وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ “
يعني فتاة ما تخرج أبداً ولا تصيبها الشمس، وفي رواية الإمام مالك قال:
“ وَلَا جِلْدَ عَذْرَاءَ “
” فَلُبِطَ سَهْلٌ “ صُرِع في مكانه من العين؛ ولذلك في سنن ابن ماجه: ” فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ : أَدْرِكْ سَهْلًا صَرِيعًا. قَالَ : ” مَنْ تَتَّهِمُونَ بِهِ ؟ ” قَالُوا : عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ.” فغضب عليه الصلاة والسلام “ قَالَ : ” عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ ؟ إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَخِيهِ مَا يُعْجِبُهُ، فَلْيَدْعُ لَهُ بِالْبَرَكَةِ ” وفي رواية الإمام مالك قال: ” ألا بَرَّكْتَ؟ “ يعني ألا دعوت له بالبركة؟
—————————————
الأحاديث كثيرة عن البركة لكن لضيق المقام نكتفي بما ذكرتُه
أسأل الله عز وجل أن يبارك لي ولكم في أعمالنا وفي أموالنا وفي أزواجنا وفي ذرياتنا
وفي أعمالنا وفي علمنا وفي كل شأن من شؤون حياتنا.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين
ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين
اللهم كن لإخواننا المرابطين على الحدود اللهم كن لهم ناصراً ومعيناً
اللهم ثبت أقدامهم وسدد رميهم وانصرهم على الرافضة الحاقدين
اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئناً رخاءً سخاءً وسائر بلاد المسلمين
اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا
اللهم وفق ولاة أمرنا لما تحبه وترضاه يا كريم
اللهم هيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة التي تعينهم على الخير وتدلهم عليه
اللهم من أراد بهذه البلاد في دينها وفي عقيدتها وفي أمنها وفي رخائها بلاءً وشراً وفتنه اللهم فأشغله في نفسه ورد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً عليه يا قوي يا عزيز
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم
إنك حميد مجيد
وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم
إنك حميد مجيد.