خطبة ( خطورة الخمر والمسكرات والمخدرات ) على الدين والدنيا

خطبة ( خطورة الخمر والمسكرات والمخدرات ) على الدين والدنيا

مشاهدات: 750

خطبة خطورة الخمر والمسكرات والمخدرات

على الدين والدنيا

فضيلة الشيخ زيد البحري ـ حفظه الله ـ

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين أما بعد — فيا عباد الله الله عزوجل حرَم الخمر فما ظنكم بما هو أعظم منه مما تجدد في هذا الزمن مما أتلف العقول والقلوب وهي المخدرات والمسكرات بجميع أنواعها وأشكالها وقد ذكر الله عزوجل وجوهاً كثيرة تدل على تحريمها في هاتين الآيتين ﴿ يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ  يعني نجس وما كان نجساً فإنه يحرم أن يتعاطى ﴿ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ﴾ وما كان من عمل الشيطان فإن فعله يكون حراماً ﴿ فَاجْتَنِبُوهُ ﴾ وما أمر الله باجتنابه فالوقوع فيه يكون محرما ﴿ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ فما علق الله عزوجل عليه الفلاح بتركه ففُعل فإنه يكون محرما ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ  .وما أوقع بين الناس من شحناء فإن فعله يكون محرما ﴿ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ففعل ما يصد عن الصلاة وعن ذكر الله يكون محرما ﴿ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ يعني انتهوا فمن فعل خلاف هذا النهي فإنه يكون محرما هذه سبعة أوجه في هاتين الآيتين تدلان على خطورة الخمر فما ظنكم بما تجدد في هذا العصر من المسكرات والمخدرات والنبي ﷺ كماعند أبي داوود وغيره لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وساقيها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه ومشتريها وبائعها فدل هذا على خطورة هذه المسكرات وأيضاً بيَن النبي ﷺ أن من تعاطى المسكرات بجميع أنواعها فإنه ناقص الإيمان قال النبي ﷺ كما في الصحيحين ” ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن ” بمعنى أنه ليس بكامل الإيمان فدل هذا على خطورة ما انتشر في هذا العصر من هذه المخدرات التي ضيعت شباب الأمة ولذلك فالنبي ﷺ حذر وبيًن كما في الصحيحين قال ” من أشراط الساعة أن يُشرب الخمر” هو شُرب من قبل لكن المقصود هنا كثرة شربها ولذلك في رواية البخاري ” وأن يكثر شرب الخمر ” وليس هذا إقراراً إنما هو تنفير وتحذير منه ﷺ حتى لا تقع الأمة في هذا الداء الخطير ومما يدل على التحذير والتنفير من أنه ﷺ قال كما عند أبي داوود وابن ماجة وكذلك في المسند قال ﷺ          ” لتشربن طائفة من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها ” وعند ابن ماجة ” لتشربن طائفة من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يُعزف عليهم بالمعازف والمغنيات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير” بل إنه ﷺ حذر كما عند أبي داوود وغيره – وهذا الحديث حسن بجميع شواهده – ” لا يجوز له ولو لم يكن شارباً للخمر لايجوز له أن يمكث في مكان يُشرب فيه الخمر” والنبي ﷺ بين عقوبة متعاطي المسكرات قال ﷺ كما عند مسلم ” إن على الله عهداً لمن يشرب الخمر أن يسقيه الله من طينة الخبال ” قيل يارسول الله وما طينة الخبال قال ” عرق أهل النار أوعصارة أهل النار ” أي ما يخرج من جروحهم من قيح و نحوذلك وهذا الخبال هو نهر يجري – كما جاء الحديث في سنن الترمذي – بل بيَن ﷺ كما في الصحيحين فقال ” من شرب الخمر فمات قبل أن يتوب منها حُرم منها في الآخرة ” وهذه الخمر لخطورتها وما تجدد في هذا العصر من مسكرات ومخدرات هذه الخمر لخطورتها كان عمر رضي الله عنه كما في المسند وسنن أبي داوود والترمذي من أنه كان يقول ( اللهم بيِن لنا في الخمر بياناً شفاءا ) وفي إحدى النسخ  ( شافيا ) فنزلت الآيات التي تحرم الخمر على التدريج فلما نزل قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ قال عمر رضي الله عنه ( اللهم بيِن لنا في الخمر بيانا شفاءً) فأنزل الله عزوجل هذه الآية ﴿ يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ  فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ فقال ( انتهينا انتهينا ) أي انتهينا عن طلب السؤال أكثر من ذلك وكذلك يدخل فيه انتهينا من شرب الخمر، نعم وقد نفَذ الصحابة رضي الله عنهم مع أنهم كانوا يعتادون شربها في كل يوم بل في كل وقت ولذلك في الصحيحين قال أنس رضي الله عنه ( كنت أسقي أبا طلحة وأبا أيوب وبعض أصحاب النبي ﷺ الخمر فأتى رجل فقال : ألم تعلموا أن الخمر قد حُرمت فقال أبو طلحة : قم أرق القلال يعني صب وأهرق القلال فيقول أنس رضي الله عنه فما راجعوها ولا سألوا عن الخبر بعد هذا الرجل فدل هذا على عظم تطبيق الصحابة رضي الله عنهم . وهذه الخمر لها أضرارها وكذلك ما نتج في هذا الزمن من مسكرات أعظم ضرراً وأشد ضررا ولذلك فإن في هذه المخدرات والمسكرات وهذه الخمور بها من الأضرار الشئ الكثير أذكر بعضاً منها من أنها تلف للصحة التي قال عنها النبي ﷺ كما عند البخاري ” نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس ” قال كثير دل على أن من يغتنم هاتين النعمتين قلة   ” نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ” فمن اغتنم اجتماع الصحة والفراغ فهو المغبوط ومن فرط فيهما فإنه هو المغبون الذي يُحاسب يوم القيامة وذلك لأن الإنسان ربما يكون صحيح البدن ويشتغل بمعاشه وأمور دنياه وقد يكون مكفياً من أمور الدنيا لكنه سقيم البدن فإذا اجتمعت هاتان النعمتان فهو مغبوط فيهما إن أدى شكر هاتين النعمتين ومن أضرار هذه المخدرات والمسكرات من أضرارها إضاعة المال وإضاعة المال منهي عنها فكيف إذا كان في إضاعتها إضرار بالبدن ولذلك النبي ﷺ كما في الصحيحين قال ” إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ” الكراهية هنا هو التحريم ولذلك في رواية ” ويسخط لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ” أيضاً من أضرار المخدرات والمسكرات والخمور من أن الإنسان ربما أنه يهذي بما يتعلق بالدين ولذلك قبل أن تُحرم الخمر كما جاء عند أبي داوود والترمذي من أن علياً رضي الله عنه من أن عبد الرحمن ابن عوف دعاه لطعام ولخمر قبل أن يحرم الخمر فقال فشربنا فلما جاء وقت الصلاة صليت بهم فقرأت ( قل ياأيها الكافرون لا أعبد ماتعبدون ونحن نعبد ماتعبدون ) غيَر في الآية لأن العقل قد زال فأنزل الله عزوجل ﴿  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وهذا الحديث يصححه بعض العلماء ويدفع الإختلاف في سنده وفي متنه. ومن أضرار المخدرات والمسكرات والخمور من أن الإنسان ربما يعتدي على غيره وعلى مال غيره ولذلك في الصحيحين قال علي رضي الله عنه: كان لي شارف – يعني الناقة – من غزوة بدر فأعطاني النبي ﷺ شارفا فيقول أنختهما عند حجرة رجل من الأنصار وجمعت لشارفي ماجمعت من الحبال والأقتاب فلما رجعت إذا بشارفي قد جب سنامهما وبُقرت خواصرهما وأكل من أكبادهما فيقول فلم أملك عيني من البكاء لأن هذا الفعل قد فجعه وهذا كما قال الشُراح هذا الدمع وهذا البكاء من الحزن الذي يأتي الإنسان فجأة لا يُلام عليه لأنه كان يستعد لوليمة عرسه على فاطمة رضي الله عنها فقلت: من فعل هذا قالوأ فعل هذا حمزة ابن عبد المطلب وهو عم النبي ﷺ وهو في شرب يعني يشربون الخمر قبل نزول التحريم وهم في شرب يعني أنهم يشربون الخمر قال فأتيت النبي ﷺ فعرف ما في وجهي وكان عنده زيد بن حارثة فقال مالخبر فأخبرته فأتى النبي ﷺ فاستأذن ودخل فإذا حمزة قد ثمل يعني أنه سكر واشتد معه السكر محمرة عيناه فزجره النبي ﷺ وحمزة ليس بعقله لأن الخمر قد سيطرت عليه فيقول نظر حمزة إلى النبي ﷺ نظر إلى ركبته ثم صعَد النظر إلى سرته ثم صعَد النظر إلى وجهه ثم قال ما أنتم إلا عبيد أبي أنظر كيف تلفظ حمزة رضي الله عنه على النبي ﷺ يعني ما أنتم إلا عبيد لأبي كان أبي عبد المطلب لأن عبد المطلب جدُ النبي ﷺ وجدُ علي رضي الله عنه قال ما أنتم إلا عبيد لأبي لأنه كان يسيطر عليكم ويقوم عليكم وعلى أموالكم فلما رأى النبي ﷺ أن حمزة قد ثمل رجع ﷺ القهقرى يعني أنه رجع من الخلف ولم يولي حمزة ظهره لأن من هو في مثل هذه الحال كما قال ابن حجر رحمه الله لا يولي ظهره لمن زال عقله لأنه ربما يتجاوز هذا الكلام إلى الفعل من باب الحذر وأخذ الحيطة ولذلك رجع النبي ﷺ لما رأى حمزة قد ثمل رجع القهقرى.

من مضار المخدرات والمسكرات والخمور أن بها يحصل الزنا وقتل النفس ولذلك ثبت في سنن النسائي قال عثمان رضي الله عنه: اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث فإنه كان رجل ممن كان قبلكم يتعبد يعني لله عزوجل فعلقت يعني تعلقت به امرأة غوية يعني أنها تريد أن يقع بها فبعثت جاريتها إليه أن قم معنا للشهادة فأدخل في البيت فكلما دخل أُغلق الباب ثم الباب الذي يليه حتى انتهى إلى امرأة وضية يعني جميلة فقالت مادعوتك للشهادة وإنما دعوتك لتقع علي أو تقتل هذا الغلام أو تشرب الخمر فقال أشرب الخمر فسقوه منها ثم قال زيدوني فسقوه فزنا بالمرأة وقتل النفس قال عثمان رضي الله عنه فاجتنبوا الخمر فلا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر إلا أوشك أحدهما أن يُخرج صاحبه. ومن مضار المخدرات والمسكرات إنهاء المجتمعات وتحطيم الأمم ولذلك النبي ﷺ كما في الصحيحين ليلة الإسراء والمعراج عُرض عليه إناءان إناء من خمر وإناء من لبن فقيل له اختر فاختار ﷺ اللبن لأنه يدل على الفطرة ولإنه مستساغ ولإنه غذاء ولأنه لا تعقبه ما تعقبه من المفاسد والمضار بخلاف غيره فاختار ﷺ اللبن على الخمر فقيل أصبت الفطرة أو هُديت إلى الفطرة لو أخذت الخمر غوت أمتك يعني من أن الأمة تغوي وذلك يدل على ماذا يدل على أن شرب الخمور تحطيم لقوة الأمة ولمدخراتها ثم ﷺ لم يختر الخمر لأنه ما كان يشربها ﷺ أيام حلها ما كان يشربها ﷺ فلم يختر الخمر لأنه لم يشربها ولأنه تفرس ﷺ من أنها ستحرم لعظم خطورتها فقيل له الحمد لله هداك الله للفطرة لو أخذت الخمرغوت أمتك.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين أما بعد فيا عباد الله فواجب علينا جميعا أن نراقب وأن نحافظ على أولادنا ولا سيما في أيام انتشار هذه المسكرات والمخدرات في أيام الإختبارات ثم الواجب علينا أن نحمي أبناءنا بعد حماية الله من النظر إلى تلك الأفلام والمسلسلات بعضها قد تعرض أشخاصاً يُجمِلون شرب هذه المسكرات وهذه المخدرات فإذا رأى الطفل مثل هذه الأفلام ورأى أن ذلك الممثل أو تلك الممثلة يشرب هذا المسكر فإنه قد يفعل ذلك في المستقبل إذا كبر بل ربما يفعل ذلك في صغره وليعلم أولئك الذين يروجون المخدرات ولو لم يشربوها بل روج تلك المخدرات بين شباب الأمة بين صغارها فإن له هذا العذاب الشديد الذي ذكره ﷺ ولو لم يشرب الخمر حتى لوأنه لم يكن مروجا لو أنه من باب دعابة أو مزاح أو ما يكون مما يكون من أقل من ذلك سقى الصغير الذي لا يعرف تحريمها لوسقاه جرعة من هذه الخمور مزاحاً أو ما شابه ذلك او إفساداً له أو ما شابه ذلك ولو لم يشربها هذا الكبير فإن له هذا العذاب النبي ﷺ كما ثبت عند أبي داوود لما ذكر المسكر قال: ” ومن سقاه صغيرا لا يعرف حرامه من حلاله سقاه الله عزوجل من طينة الخبال ” وطينة الخبال كما مر معنا في صحيح مسلم عرق أهل النار أو عصارة أهل النار وهو القيح والصديد وهو نهرٌ من الخبال من عرقهم ومن قيحهم ومن صديدهم يجري في نار جهنم نسأل الله السلامة والعافية.

أسأل الله عزوجل أن يحفظنا وأن يحفظ أولادنا وأولادكم وأولاد المسلمين من هذه الآفات ومن هذه الشرور.

 اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين اللهم كن لإخواننا المرابطين على الحدود اللهم كن لهم ناصراً ومعينا اللهم ثبت أقدامهم وسدد رميهم وانصرهم على الرافضة الحاقدين اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءَ سخاءً وسائر بلاد المسلمين اللهم أمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم وفق ولاة أمرنا لما تحبه وترضاه ياكريم اللهم هيئ لهم البطانة الصالحة الناصحة التي تعينهم على الخير وتدلهم عليه اللهم وفق جميع ولاة المسلمين للعمل بكتابك وتحكيم سنة نبيك محمد ﷺ ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم  إنك حميد مجيد.