خطبة خمسة عشر حكما فقهيا مختصرا بأدلته الشرعية عن ( الحج والعمرة )

خطبة خمسة عشر حكما فقهيا مختصرا بأدلته الشرعية عن ( الحج والعمرة )

مشاهدات: 580

خطبة خمسة عشر حكما فقهيا مختصرا بأدلته الشرعية عن

( الحج والعمرة )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حديثنا في هذا اليوم عن أحكام مختصرة متنوعة عن الحج مع أدلتها الشرعية

أولا:  من اكتملت فيه شروط الحج، وكان مستطيعا، فيجب عليه أن يبادر بالحج، والحج لا يجب في العمر إلا مرة واحدة، قال تعالى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}، والنبي عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم قال: (إن الله قد فرض عليكم الحج، فحجوا، فقال رجل أكل عام يا رسول الله؟ قال لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم)

ثانيا: من كان عاجزا ببدنه عجزا مستمرا، إما لمرض لا يرجى برؤه، أو أنه كبير وثقيل لا يستطيع أن يحج، فإنه إن كان ذا مال، فيجب عليه أن ينيب شخصا؛ ليحج عنه هذا إذا كان العجز مستمرا، أما إذا كان عجزا مؤقتا، فينتظر حتى يكون قادرا ويتعافى، أما إذا كان عجزا مستمرا فإنه يجب عليه أن ينيب شخصا لما في الصحيحين: (أتت امرأة فقالت يا رسول الله إن فريضة الله على عباده أدركت أبي شيخا كبيرا لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ فقال عليه الصلاة والسلام: نعم)

ثالثا: المرأة لا يجوز لها أن تحج على القول الصحيح إلا مع ذي محرم؛ للأدلة الكثيرة المطلقة العامة التي تدل على نهي المرأة عن السفر من غير محرم سواء كان سفر طاعة، أو كان غير ذلك، ولذا في الصحيحين: ( قال رجل يا رسول الله إني أكتتبت في غزوة كذا وكذا، وإن امرأتي انطلقت حاجَّة، فقال عليه الصلاة والسلام: (انطلق فحج مع امرأتك)

رابعا: الإحرام يتصور الكثير من أنه لبس الرداء والإزار، وهذا خطأ، الإحرام هو نية الدخول في النسك، إذا نويت الدخول في النسك، فأنت دخلت فيه، ولذا لو أني لبستُ، أو لبستَ مثلا الآن إزارا ورداء، ولم أنو أو لم تنو الدخول في النسك، فإنك لست بمحرم، ومع ذلك لو أن إنسانا بثيابه المعتادة نوى الدخول في النسك لم يلبس إزارا ولا رداء، عليه ثيابه المعتادة يكون لما نوى يكون قد دخل في الإحرام، وإن كان آثما؛ لأنه لم يتجرد من الثياب المعتادة، فتنبه، لأن بعضا من الناس لما يذهب إلى الميقات، ويلبس الإزار والرداء يظن أنه قد أحرم، لا، إذا نويت الدخول في النسك، فقد أحرمت، أما قبل ذلك فلا، هذا هو تعريف الإحرام.

خامسا: الحج لا يصح إلا في وقته المحدد شرعا، ما هي أوقات الحج؟ شوال، وذو القعدة، وذو الحجة بأكمله على الصحيح لقوله تعالى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌومن ثم فإن الإنسان لو كان في رمضان أو في شعبان أحرم بالعمرة متمتعا إلى الحج، فإن الحج لا يصح، لكن لو أحرم في شوال بعمرة من أجل الحج، ومكث في مكة، أو إن شاء مثلا قال سأحرم مفردا أو قارنا، وسأبقى إلى يوم النحر بإحرامي فلا إشكال في ذلك، حجه صحيح، إذا كان في شوال أو في ذي القعدة أو في ذي الحجة، فهذه هي أوقات الحج، ما قبل ذلك فإنه لو عقد الحج فلا يصح، فلا يصح له ذلك على الصحيح؛ لأن بعضا من الناس ربما يذهب في آخر رمضان، ويعتمر وينوي بذلك أن يكون متمتعا، وقال سأبقى في مكة إلى أن يأتي الحج، فإن هذا لا يكون صحيحا، إن هذا لا يكون حجا صحيحا.

سادسا: النبي عليه الصلاة والسلام حدد أماكن للإحرام بالحج إذا مر بها من أراد الحج، أو أراد العمرة كما في الصحيحين: فمثال ذلك بالنسبة إلينا نحن، فالنبي عليه الصلاة والسلام حدد لنا قرن المنازل، قرن المنازل الناس يسمونه بالسيل الكبير، وتنبه: هذه أسماء شرعية، لا تنسى، ولا تترك، إذا أردت أن تبين فقل، ولاسميا طلاب العلم إذا أردت أن تبين فقل أحرم من قرن المنازل الذي يسميه الناس بالسيل الكبير، أما أن يسمى بالسيل الكبير، وترك هذه التسمية الشرعية فإن هذا مما لا يليق بنا نحن كمسلمين أن نهجر هذه الأسماء الشرعية.

النبي عليه الصلاة والسلام حدد لأهل المدينة ذا الحليفة، ولذا ماذا قال عليه الصلاة والسلام؟ (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة)

مثال ذلك: أردت الحج مثلا، أو أردت العمرة، فذهبت مع طريق المدينة هنا أنا لست من أهل المدينة فمررت بذي الحليفة يجب علي أن أحرم من  ذي الحليفة، قال عليه الصلاة والسلام: (هن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة)، ما يأتي إنسان ويقول أتجاوز ذا الحليفة حتى أصل إلى قرن المنازل وأحرم منه؛ لأنه ميقاتي نقول لا، أول  ميقات تمر به سواء كان هذا الميقات ميقاتا لك، أو لم يكن فيجب أن تحرم من هذا الميقات.

سابعا: السنة لمن أراد الإحرام من السنن أن يغتسل لفعله عليه الصلاة والسلام عند الترمذي، ويقويه أن أسماء بنت عميس كما عند مسلم لما ولدت مع أنها نفساء أمرها النبي عليه الصلاة والسلام بالاغتسال، ومما يسن له أن يتطيب في بدنه فقط دون ثيابه قبل أن يحرم.

ما هو الإحرام نية الدخول في النسك؟ تصور لو أنني لبست الإزار والرداء ولم أنو، ولم أدخل في النسك، وعلي الإزار والرداء، وأردت أن أطبق هذه السنة في بدني، فيجوز؛ لأنني لم أدخل في النسك، لكن لو دخلت في النسك هنا فلا يجوز التطيب، ولذلك في الصحيحين، قالت عائشة رضي الله عنها طيبت رسول الله عليه الصلاة والسلام لإحرامه قبل أن يحرم قبل أن يحرم.

ثامنا :

إذا دخل الإنسان في النسك فإنه تحرم عليه أشياء، من بين هذه المحظورات، من محظورات الإحرام: التطيب في البدن، أو في الثوب يعني في لباس الإزار والرداء، ولا يلتبس بما مضى، مضى أنت تطيبت للإحرام قبل الدخول في النسك هنا لما دخلت في النسك لا يجوز لا التطيب  في البدن ولا في الإحرام في لباس الإحرام، ولذا النبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين قال في حق ذلك الرجل الذي وقصته دابته فمات فقال (ولا تمسوه بطيب) نهى أن يمس بطيب قال (فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا)

تاسعا: ومن محظورات الإحرام:

حلق الرأس، ويدخل في ذلك حلق بقية الشعور قال تعالى {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}

 عاشرا: من محظورات الإحرام: تقليم الأظافر للإجماع ولقوله تعالى {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ}

الحادي عشر:

من محظورات الإحرام: تغطية الرأس تغطية الرأس، لما في الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام في حق من وقصته دابته قال (ولا تخمروا رأسه) يعني لا تغطوا رأسه، وأيضا يحرص المسلم على ألا يغطي وجهه؛ لأنه جاء في صحيح مسلم من أكثر من طريق  وله وشاهد (ولا تخمروا وجهه) بمعنى أن المحرم عليه أن يحرص ألا يغطي وجهه كما أنه لا يغطي رأسه

الثاني عشر: التجرد من الثياب المعتادة، الفقهاء يعبرون عن ذلك بلبس  المخيط، وهذه عبارة كما قال شيخ الإسلام لم تعرف عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولذلك هذه العبارة أشكلت عند كثير من الناس، بعض الناس يظن أنه لا يجوز له أن يلبس شيئا به خيوط، لا، النبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين سأله ذلك الرجل ما يلبس المحرم؟ قال: (لا يلبس القميص، ولا العمائم ولا البرانس) إلى آخره.

لما يذكر  هذا الأمر، ولذلك لو أنك لبست مثلا نعالا بها خيوط، أو كان عليك حزام به خيوط لا إشكال في ذلك، إذن ما ضابطه؟

ما ضابط المُحرَّم على المحرم؟

أن يلبس ثوبا أو شيئا خيط على قياس البدن بأكمله، أو خيط على قياس عضو مثل الرأس، مثلا لو لبس طاقية، الطاقية خيطت على قياس عضو الرأس، هذا محظور من محظورات الإحرام، مثلا:

الجوارب التي هي الشراب، لو لبسها بالنسبة للرجل، أما المرأة فلا؛ لأن المرأة يجوز لها أن تحرم في أي ثوب من الثياب، وبأي لون من غير أن يكون زينة، فيجوز لها أن تلبس الشراب، لكن يحرم عليها ماذا؟ القفاز والنقاب، ومن باب أولى البرقع؛ لنهيه عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم المحرمة أن تلبس القفاز والنقاب، لكن الرجل محرم عليه ماذا؟ ما خيط على قياس البدن مثل ماذا؟ مثل الثوب، أو مثل الذي هو البرانس يعني الثوب الذي هو قميص، ويكون مرفقا به ما يغطي الرأس.

إذًا ما خيط على قياس البدن، أو خيط على قياس عضو مثل الرأس، أو مثل السراويلات؛ لأنها خيطت على نصف البدن، أو الفانلة التي نسميها فانلة هذه من محظورات الإحرام على الرجل، أما ما به خيوط فلا إشكال في ذلك، هذا هو ضابط هذا المحظور من محظورات الإحرام.

الثالث عشر من محظورات الإحرام:

عقد النكاح، عقد النكاح وخطبة النكاح أن يخطب امرأة، وهو محرم سواء كان محرما يعني سواء كان هذا المحرم هو الزوج أو الزوجة أو الولي، فيشمل هؤلاء الثلاثة، فإنه لو عقد نكاح فإن هذا النكاح لا يصح حتى لو كانت الزوجة غير محرمة أو الزوج غير محرم، لكن الولي هو محرم، فلا يصح عقد النكاح؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام كما في صحيح مسلم (لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب)

الرابع عشر:

من محظورات الإحرام: مباشرة الزوجة وهو محرم بتقبيل أو بضم، فإن مثل هذا يكون محظورا من محظورات الإحرام سواء كان أمنى أو أمذى أو لم يكن ذلك، ولذلك قال تعالى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ} وهذا يدخل في الرفث {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}

الخامس عشر:

 من محظورات الإحرام وهو أعظمها: الجماع: أن يجامع زوجته وهو محرم، فإنه إن فعل ذلك فإنه كما جاءت الآثار عن الصحابة ماذا يكون حال حجه؟

إذا كان قبل التحلل الأول يعني قبل أن يرمي، وقبل أن يحلق رأسه، ماذا يكون لحجه؟ يفسد الحج حتى لو أنه أدرك عرفة، وبعد عرفة قبل الرمي جامع زوجته، فإن حجه يفسد، ويلزمه أن يستمر فيه حتى ينهيه، وعليه بدنة يذبح بدنة، يعني ناقة، وأيضا عليه أن يقضي هذا الحج الفاسد من السنة القادمة، أما إذا حصل الجماع بعد التحلل الأول يعني بعد الرمي وحلق الرأس فإن عليه شاة، ولا يفسد حجه، لكن ليس معنى ذلك إذا قيل من أن عليه بدنة، أو من أن عليه شاة أو من أنه فعل محظورا من محظورات الإحرام، أو ما شابه ذلك مما فعله من غير نسيان أو خطأ لا يظن أنه سالم من الإثم، لا، هو آثم.

بعض الناس يقول أنا أذبح شاة أذبح دما وينتهي الأمر، لا، أنت ملزم بهذا، لكن تنبه، أنت آثم، وإذا أثمت ما الذي يترتب على ذلك؟ ماذا قال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) المبرور الذي لم يخالطه إثم، وأنت ما أتيت إلا من أجل أن تبرئ ذمتك، وتؤدي هذا الركن، وأن يكون حجك مبرورا حتى تظفر بذلك الفضل الذي في الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيومَ كيومِ كيومَ ولدته أمه) لأن بعضا من الناس، وأنا أكرر على هذا يقول أتجاوز الميقات وأذبح دما أفعل هذا الشيء، وأذبح دما، لست بسالم من الإثم، لست بسالم من الإثم، ومن ثم يفوت الإنسان هذا الفضل العظيم المتعلق بالحج، أو حتى المتعلق بالعمرة حتى المتعلق بالعمرة، بعض الناس يجهل الحديث الوارد في صحيح مسلم ماذا قال عليه الصلاة والسلام؟ (من أتى هذا البيت) لم يقل من حج، رواية الصحيحين (من حج) (من أتى هذا البيت فلم يرفث، ولم يفسق رجع كما ولدته أمه)

كون الإنسان يأتي إلى البيت من ظاهر هذا الحديث يأتي إلى البيت للعمرة، أو من أجل الاعتكاف فقط، أو من أجل الصلاة، فإن هذا الفضل بإذن الله يشمله، لعظيم واسع فضله.