خطبة خمس عشرة عبرة من أثر حذيفة ( ليأتين زمان لا ينجو فيه إلا من دعا كدعاء الغريق )

خطبة خمس عشرة عبرة من أثر حذيفة ( ليأتين زمان لا ينجو فيه إلا من دعا كدعاء الغريق )

مشاهدات: 657

خطبة

خَمس عشرة عبرة مِن أثر حُذيفة

( لَيَأتِيَنّ على الناس زَمانٌ لا يَنجو فيه إلّا مَن دعا اللهَ دعاءً كَدُعاءِ الغَريق )

‏‏ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

elbahre.com/zaid

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  أَخرَجَ ابْنُ أبي شَيبَةَ في مُصَنَّفِه قال : حَدَّثَنا أبو مُعاوِيةَ عَنِ الأَعمَش عَن إبراهيم عَنْ هَمّام عن حُذَيفةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنّه قال :

  (( لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَنْجُو فِيهِ إِلَّا مَنْ دَعَا اللهَ دُعَاءً كَدُعَاءِ الْغَرِيقِ ))

   هذا الأثَرُ صحيحٌ

ولا يَضُرُّ فيه عَنْعَنَةُ الأَعمَش ؛ فإنّ الذّهَبِيَّ – رَحِمَهُ اللهُ – في ( المِيزَان ) قال :

فإذا قال الأعمش [ عن ] تطرَّقَ إِلَيهِ احتِمالُ التَّدلِيس إلّا إذا رَوَى عن مَشايخ أكْثَرَ مِنهم كَإبراهيمَ وأبي صَالِح .

  ولِذا قالَ بعضُ العُلَماء : عَنعَنَةُ الأعمش – رَحِمَهُ اللهُ – مَقبُولَةٌ إِلَّا إِنْ ظَهَرَ منها الِانقِطاع .

 والحديثُ حَولَ هذا يَطُول . لَكِنْ ممّا يُؤَكِّدُ صِحّةَ هذا الأَثَر أنّ ابْنَ أبي شَيبةَ – رَحِمَهُ الله – ذَكَرَ عن أبي معاوية عنِ الأعمَش بِطَريقٍ آخَر عن حُذَيفة .

 وذَكَر ابنُ أَبي شَيبَة طَرِيقًا آخَر إلى أَبي هُريرَةَ رضي الله عنه ، وذَكَرَ أبو نُعَيم في ( الحِلية ) عن محمّد بن المُنكَدِر التابِعِيّ ذَكَرَ مِثلَ هذا الأَثَر

 وقد وَرَدَ مَرفُوعًا إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم عِندَ الأَصفَهانِيّ في ( الترغيب ) بِلَفْظِ :

((  يُوشِكُ أَنْ تَظْهَرَ فِتْنَةٌ لَا يَنْجُو أَحَدٌ إِلَّا بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ إِذَا دَعَا دُعَاءَ الْغَرِيقِ  )) لكنّه ضعيف

  فَعَلَى كُلِّ حالٍ هذا الأَثَر ثابِتٌ عن حُذَيفَةَ رَضِيَ الله عنه .

 وهذا الأَثَر به مَواعِظ وعِبَر مُختَصَرَة :

  ▪أوّلًا : مَنِ القائِل ؟

القائِل حُذَيفة ( الذي هو خَبيرٌ بِالفِتَن ) ؛

 ولذا في الصَّحِيحَينِ قال رَضِيَ اللهُ عَنْهُ :

كان النَّاسُ يسألونَ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وآله وسلّم عنِ الخَير ، وكُنتُ أَسأَلُهُ عنِ الشَّرِّ مَخافَةَ أَنْ يُدرِكَني .

فَدَلَّ هذا على ماذا ؟

على خُطورَةِ ما يكونُ مِن فِتَنٍ في آخِر الزَّمَن .

  ▪ثانيًا : النَّبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كَمَا في صحيحِ مُسلِم قال :

(( وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ جُعِلَتْ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا ، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا ، وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ يُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا ))

فَدَلَّ هذا على ماذا ؟

على أنّ ما بَعدَ عَصرِ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم . فما ظَنُّكُم بِما سَيَكُونُ بعدَهُ مِن أَزمانٍ ( في آخرِ الزَّمَن )

دَلَّ هذا على ظُهورِ الفِتَن العِظام .

    ▪ثالثًا : أَنَّ قَولَه رَضِيَ الله عنه ( لا يَنجُو فِيهِ إلّا مَن دَعا كَدُعاءِ الغَريق )

تَصَوَّر عِظَمَ هذه الفِتنَة !!

فَالغَريقُ الذي تَتَلاطَمُ بِهِ أمواجُ البِحارِ يَمنَةً ويَسرَةً . يُحسِنُ السِّباحةَ أو لا يُحسِنُها ، لَكِنْ لِعَظيمِ تِلْك الأمواجِ المُتلاطِمة .

فما ظَنُّكم إذا كانَ لا يُحسِنُ السِّباحةَ كَيفَ يكونُ دُعاؤُهُ لِرَبِّهِ ؟!

سَيَتَعَلَّقُ قَلْبُه بِاللهِ عزّ وجلّ وحدَه ، فَيَكُون في حالةِ المُضطَرّ  { أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ }

فَدَلَّ هذا على ماذا ؟

على أنّ العَبدَ عليهِ ماذا ؟

أن يَلتَجِئَ إلى اللهِ عزّ وجلّ كما يَلتَجِئُ الغَريقُ الذي هُوَ يَرَى الموتَ مِن جميعِ جَوانِبِهِ .

وهذا لا يَدُلُّ على أنّ هناك دُعاءً مُخَصَّصًا لِلغَريق . فَلَا أَعلَمُ أَصلًا في هذا

لَكِن وَرَدَ حديثٌ عندَ الطَبَرانيّ وأَبي يَعلَى :

قال صلّى الله عليه وآله وسلّم ( دُعاءُ رُكوبِ البَحرِ وهو أمانٌ مِنَ الغَرَق : بِسْمِ اللَّهِ مَجْرىـٰهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ، وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )

فهذا حديثٌ ضَعيفٌ . حتّى لو صَحَّ لا يَدُلُّ على أنّه دُعاءُ الغَريق .

وإنّما فيه ماذا ؟ بَيانُ دُعاءِ رُكُوبِ البَحر

وعلى كُلِّ حال فَالحَديثُ لا يَصِحّ عنه صلّى الله عليه وآله وسلّم .

    ▪رابِعًا : 

الفِتنَةُ نَوعان :

 – فِتنةُ شَهوَةٍ : كَحُبِّ الظُّهورِ والبُرُوز والشُّهرَةِ والمَناصِب ، وحُبِّ المال . بَل قَد يُباعُ الدِّينُ مِن أجلِ هذه الدُّنيا .

 – والفِتنةُ الثانية ( فِتنَةُ الشُّبُهات ) : التي تَستَقِرُّ في القَلب إذ إنَّ البعضَ قَد يَفتَحُ قَلْبَهُ لِأَهلِ الشُّبَهِ الَّذين يَقدَحونَ في دِينِ اللهِ عزّ وجلّ ويُزَعزِعُونَ القُلوبَ عنِ الثَّوابتِ الَّتي تَلَقَّوها مِنَ الْكِتَابِ وَمِنَ السُّنَّةِ على فَهمِ سَلَفِ هذهِ الأُمَّةِ .

ولِذا جَمَعَ اللهُ عزّ وجلّ بَينَ الْفِتْنَتَينِ في قولِه تعالى { كَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُم بِخَلَاقِهِمْ .. }

الِاستِمتاع هُوَ ما يَتَعَلَّقُ بِالشَّهوَة

{ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا } هذا فيما يَتَعَلَّقُ بِالشُّبهَةِ  . فَخاضُوا في دِينِ اللهِ عزّ وجلّ حتّى زَعزَعُوا النَّاسَ عنِ الثَّوابِتِ .

    ▪خامِسًا : السَّلَفُ رَحِمَهُم الله عِندَهُم عِلمٌ وحِكمَةٌ وبُعدُ نَظَر ٍ.

ولِذا وَرَدَتِ الآثارُ الكثيرةُ الَّتي تدُلُّ على ماذا ؟

على أنّهم يُحَذِّرُونَ مِن مُخالَطَةِ أَهلِ البِدَع .

فما ظَنُّكُم في مِثلِ هذا العَصْرِ الَّذي يُتابَعُ فيهِ أُناسٌ على صَفَحاتِ ( التويتر ) وما شابهَ ذلك مِن تِلْك الصَّفَحات التي تَطعَنُ في دِينِ اللهِ عزّ وجلّ حتّى إنّ البعضَ قَد أَلحَدَ في دِين اللهِ عزّ وجلّ

ولِذا فَالمُسلِمُ واجِبٌ عليهِ أن يُبعِدَ نَفْسَهُ عن ماذا ؟

عن تِلْكَ المَواطِن التي تَقْدَحُ في دِينِه .

▪سادِسًا : لِيَحذَرِ المُسلِمُ مِنَ المُتَغَيِّرات الَّتي قَد تُفسِدُ دِينَهُ

فإذا بِهِ بَينَ عَشِيَّةٍ وضُحاها يَقُولُ في دِينِ اللهِ بِشَيْءٍ خِلاف ما سَبَقَ ممّا تَعَلَّمَهُ في كِتابِ اللهِ وفِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وآله وسلّم

ولِذا ذَكَرَ الإمامُ مالِك ( في مُوَطَّئِهِ ) عن عُمَرَ بنِ عبدالعزيز رَحِمَهُ الله ، قال :

 مَن يَجْعَلُ دِينَهُ غَرَضًا لِلخِصامِ أكْثَرَ التَّنَقُّلَ  ، يَتَنَقَّلُ مِن دِينِ اللهِ عزّ وجلّ ، إذا بِهِ تُزَعزِعُه هذه المُتَغَيِّرات .

فإذا بِالحرامِ الَّذي كانَ سابِقًا يكونُ حلالًا ، والعَكسُ بِالعَكسِ

فَانظُر وتَفَهَّم واحرِص على قِراءةِ ما ذَكَرَهُ سَلَفُ هذه الأُمَّةِ .

     ▪سابِعًا : على المُسلِم أن يحرُصَ على العِلْمِ الشرعيّ .

والعِلمُ الشرعيّ هو :

( العِلمُ بِما في القرآن وفِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وآله وسلّم على ما فَهِمَهُ سَلَفُ هذه الأُمَّة )

بِشَرط أن يُفهَمَ القرآنُ والسُّنَّةُ على فَهمِ السَّلَف .

ولِذا ماذا قال عزّ وجلّ حتّى تُنَجَّى مِنَ الفِتَن ؟

قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا }

فُرقانًا { يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا } تُمَيِّزونَ بِهِ بينَ الحقِّ والباطِل

والنَّبِيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال كما في صحيحِ مُسْلِم : (( تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتابَ اللهِ ))

وزادَ الإمامُ مالِك في مُوَطَّئهِ ((.. وَسُنَّتِي )) .

      ▪ثامنًا : النَّبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم حَذَّرَ مِن فِتَنِ الشُّبُهاتِ والشَّهواتِ

قال صلّى الله عليه وآله وسلّم كما في صحيحِ مُسْلِم :

(( تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى القُلُوبِ كَعَرْضِ الحَصِيرِ عُودًا عُودًا ، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَها – يَعنِي قَبِلَها – نُكِتَتْ فِيهِ نُكتَةٌ سَوْدَاءُ ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَتْ فِيهِ نُكتَةٌ بَيْضَاءُ ، حَتَّىٰ تَعُودَ الْقُلُوبُ عَلَىٰ قَلْبَيْنِ : أَبْيَض لَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ ، وَقَلْبٌ أَسْوَدُ كَالكُوزِ مُجَخِّيًا لَا يَعرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ ))

   كَالكَأسِ الَّذي انقَلَبَ . فَهَلْ يَخْرُجُ مِنْهُ باطِل أو يدخُلُ إليهِ حقٌّ ؟

الكأسُ إذا قُلِبَ ( كَالكُوزِ مُجَخِّيًا ) قُلِب على رأسِهِ

( كَالكُوزِ مُجَخِّيًا ) ( مُجَخِّيًا )

ولِذا قال ابن القيّمُ رَحِمَهُ اللهُ : يَكُونُ كَالإسفِنجَة يَقبَلُ كُلَّ شيءٍ ، وإذا بِالإسفِنجَة تِلكَ الناصِعة والنَّظيفة إذا بِها تَسْوَدُّ مِن كَثرَةِ ما يَلصَقُ بها مِن تَعَفُّنات .

فَتَنَبَّهْ – رَعاكَ اللهُ – إلى قَلبِك

      ▪تاسِعًا :

     ابتَعِد عن مَواطِنِ الفِتَنِ والشُّبَهِ

فالنَّبِيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قَالَ كما عند أبي دَاوُد كما ثبتَ عَنْهُ :

(( إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الفِتَن ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الفِتَن ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الفِتَن ))

     ▪عاشِرًا :

    تَعَوَّذْ بِاللهِ عزّ وجلّ مِن الفِتَن

ولذا في صحيح مسلم . قال صلّى الله عليه وآله وسلّم : (( تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ))

    وبِالأَخَصِّ فِتنَة المَحْيا والمَمَات

فقد جاء في الصَّحِيحَينِ (( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ ))

وجاءَ عندَ مُسْلِم (( التَّعَوُّذ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ فِي الصَّلَاةِ ))

وفِي رِوايةٍ عِندَهُ وَرَدَت في التَّشَهُّدِ

وفِي رِوايةٍ عندَ مُسْلِم بِالعُمُوم (( عُوذُوا بِاللهِ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ ))

       ▪الحادي عَشَر :

       سَل رَبَّكَ أن يُثبَّتكَ على دِينِه

النَّبِيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم -كما ثَبَتَ عندَ التِّرمِذِيّ بِسَنَدٍ لا بَأْسَ به- كان يقول كما في حديث أُمِّ سَلَمَة : أَكثَر ما كان يَقول في بَيتِها (( يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَىٰ دِينِكَ ))

الراسِخون في العِلم : مع أنّهم راسِخونَ في العِلم يقولون { رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا }

النّبِيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما في صحيح مُسْلِم كان يقول (( اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ القُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ ))

سَلْ رَبَّكَ أن يَصرِفَ قَلبَكَ إلى طاعَتِهِ عزّ وجلّ ، فَتَشتَغِل بِعبادَةِ اللهِ عزّ وجلّ .

      ▪الثاني عَشَر :

      سَل رَبَّك ألّا تكونَ فِتنةً لأهلِ الباطِل

 { رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً }

والفتنة فيما يَتَعَلَّقُ بِأَهلِ الباطل ، ألَّا يَتَسَلَّطَ عليكَ أَهلُ الباطل فَيُظَنّ أنّهم على حقّ وأنتَ على باطل

ويَدخُلُ في ذلك أيضًا مِن أنّكَ لا تُجْعَل فتنة بحيث تَزِيغ بَعْدَ إذ هداكَ اللهُ فيُقال ( ذَلِكُم فُلان الذي كان كذا وكذا فأَصبَحَ كذا وكذا ) فَيَكُونُ فِتنة . فَيَكُونُ فتنةً لِأَهلِ الأرض

نسألُ اللهَ السلامةَ والعافيةَ

    ▪الثالث عشر : الحِرص على الأَمْرِ بِالمَعروف والنَّهيِ عن المنكر بِضَوابِطِه الشَّرعِيَّة .

    ولو لمْ يُقبَل مِنك ، وَلَسْتَ مُلزَمًا بِأَن يُستَجاب لك

ولِذا ماذا قال الله عزّ وجلّ عن أولئكَ الذين اعتَدَوا في يوم السبت { فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ }

 ولِذا في مَطْلَع الآيات { قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ } مِن باب إبراءِ الذِّمَّة { وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } لَعَلَّهم أَنْ يَستَجيبوا

ولِذلك الأَمْرُ بِالمعروف والنهيُ عن المنكر مِن أسباب التَّمكين في الأرض

 { الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ }

      ▪الرّابِع عَشَر : الإكثار مِنَ التوبة والعودَة إلى الله والاستِغفار .

فإنّها – يَعني التَّوبة والِاستِغفار – سَبيلٌ إلى نجاةِ العَبد

{ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }

وقال صالح عليه السلام لِقَومِه { لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }

       ▪الأَمْر الخامِس عَشَر : المُوَفَّق مَن ثَبَّتَهُ اللهُ عزّ وجلّ في زَمَنِ الفِتَن ( فِتَن الشُّبهة وفِتَن الشَّهوة )

فإنّه إِنْ وُفِّقَ – أَسأَلُ اللهَ عزّ وجلّ أَنْ يَجعَلَني وإيّاكم في هذه الساعة المُبارَكة مِنَ المُوَفَّقِين –

إن وُفِّقَ ، إن وُفِّقَ نالَ الإمامةَ في الدِّين ، نالَ الإمامةَ في الدِّين

في زَمَن الفِتَن تُنالُ الإمامةُ لِمَن وَفَّقَهُ اللهُ عزّ وجلّ { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا }

 

انْـظُـرْ ، { يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا }  على طريقة الكِتَاب والسُّنَّة .

{ يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا }  بِمَ ؟ 

بِأَمْرَين :

 – { لَمَّا صَبَرُوا } صَبَروا عن فِتَن الشَّهوة

 – { لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ }  صَبَروا عن فِتنةِ الشَّهوة ، لِمَا عندهم مِن العِلم اليقين التامّ الكامِل المُستَلزِم لِلعَمَل

هذه عِبَر ومواعِظ تُؤخَذ مِن أثَرِ حُذَيفَةَ رَضِيَ الله عنه

(( لَيَأتِيَنَّ على الناس زمان لا يَنجُو فيه إلّا مَن دعا اللهَ بِدُعاءٍ كَدُعاءِ الغَريق ))

 نعوذُ بِالله مِنَ الفِتَن ما ظَهَرَ منها وما بَطَن ، نعوذُ بِاللهِ مِن فِتنةِ المَحيا وفِتنة المَمات .