خطبة رقم (13) (سبعة أصول)مهمة يحتاجها العامي وطالب العلم ليعصم بإذن الله من الزلل

خطبة رقم (13) (سبعة أصول)مهمة يحتاجها العامي وطالب العلم ليعصم بإذن الله من الزلل

مشاهدات: 32

خطبة رقم (13)

( سبعة أصول )

مهمة يحتاجها العامي وطالب العلم ليعصم بإذن الله من الزلل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

elbahre.com/zaid

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تحدّثنا في جُمَعٍ سابقة عن سبعةٍ مِن الأصول بَعد المئة يحتاجها العامّيّ وطالب العِلم في هذا الزمن حتّى يُعصَم بإذن الله عزّ وجلّ مِن الزَّلل

الأصل الثامن بعدَ المئة :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أركان العبادة ثلاثة ، عبادةُ الله لها أركانٌ ثلاثة :

( محبّة الله ، الخوف مِن الله ، رجاءُ الله )

 

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

” أعظَمُها مَحبّةُ الله ، فمحبّة الله – كما قال – تُلقي بِالعَبْد في الطريق إلى الله ، وكلّما قَوِيَت محبّةُ العَبْدِ لله كلّما كان سَيرُه في الطريق المستقيم أقوى ، وكلّما قلَّت قلَّ سَيرُه على هذا الصراط المستقيم ، وتَضعُف هذه المحبّة – كما قال – تَضعُف بِكَثرة الذنوب “

 

قال :

” ولا تزول محبّة العبدِ لله عزّ وجلّ وَلَوْ كثُرَت ذُنوبُه إلَّا إذا كانت ذُنوبُه صادِرةً عن نِفاق، وإلّا فَأَصلُ مَحبّة العَبْد لله باقية في قلب المؤمن “

الدليل :

في صحيح البخاريّ :

(( أُتِيَ بِرَجُلٍ شَرِب الخمرَ ، فَقِيل : اللهمّ العَنْهُ ما أكثر ما يؤتَى به ، فقال  صلّى الله عليه وآله وسلّم : ” لا تلعَنْه ، هو يُحبُّ الله ورسولَه ” ))

 

لَكِن كما سَلَف ، مَحبّةُ الله تضعُف في قَلبِ العَبْد بِسبب ماذا ؟ بِسبب كَثرةِ الذُّنوب .

 

الأصل التاسع بعدَ المئة :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قد يُقال قُلْتُم إنّ أركان العبادة ثلاثة ( محبّةُ الله ، خَوْف الله ، رجاء الله ) كيف نَزيد مِن مَحبّةِ الله ؟

 نَزيدُ محبّةَ الله :

 – بالنَّظَر إلى ما أنعَمَ اللهُ عزّ وجلّ به علينا مِن النِّعَم العظيمة

 – بِالنَّظَر إلى ما خَلَقَهُ عزّ وجلّ مِن المخلوقات

 – بِكَثرة ذِكْرِه عزّ وجلّ

 – بِاتِّباع سُنَّة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، قال تعالى : { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

 

ومَعْلُومٌ أنّ مَن أكْثَرَ مِن ذِكْر شَيْءٍ فَقَدْ أحَبَّه ، فإذا أكثَرْتَ مِن ذِكْر الله أحْبَبْتَ الله ، وإذا تَأمَّلتَ ما أنْعَمَ به عزّ وجلّ عليكَ مِن النِّعَم وتَفَكَّرتَ في مَخْلوقاتِ الله زادت مَحبّةُ الله في قلبِك

 

▪ أمّا رَجاءُ الله :

فيَزداد بالتدبُّر والتأمُّل فِيما ذَكَرَه الله ، فيما ذَكَرَه النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم مِن النَّعيم والثَّواب الذي أعَدَّه لِأهل الخَير

 

▪ أمّا الخَوْفُ مِن الله :

فيَزداد بِكَثرة التأمُّل والتدبُّر في النُّصوص التي ذَكَرَها الله عزّ وجلّ وذَكَرَها النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بِمَا أعَدَّهُ لِأهل مَعْصِيَتِه مِن العُقوبَة والخِزْيِ والذُّلّ والنَّار .

 

الأصل العاشر بعدَ المئة :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مِن أنواع المحبّة :

مَحبّةُ العِبادَة ، مَحبّةُ التَّعْظِيم ، مَحبّةُ التذلُّل

 

هذه المحبّة يُسمّيها بعضُ العُلَماء بِالمحبّة الخاصّة ، هذه لا يَجوزُ أن تُصْرَفَ إلَّا لِله ، مَن أحَبَّ أحَدًا مَعَ الله في هذه المحبّة فَقَدْ أشركَ بِاللّه شِرْكًا أكبر

 

فَــمَـــنْ أَحَبَّ الله وأحبَّ غَيرَهُ وصَرَفَ شيئًا مِن العِبادة لِذلك المحبوب سِوَى الله وأشْرَكَه مَعَ الله وَلَو بِعبادةٍ واحدةٍ فَيَكُونُ مُشرِكًا بِاللّه شِرْكًا أكْبَر ، حتّى لَوْ كان نَبِيًّا مُرْسَلًا أو مَلَكًا مُقَرَّبًا

 

ولِذا :

قال تعالى عن مَحبّة المشركِين :

{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165)}

 

الأصل الحادي عشر بعدَ المئة :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مِن أنواع المَحَبّة :

محبّةُ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم :

* نُحِبُّه لأنّ الله أرسلَه

* ونُحِبُّه في الله وَلِلَّه

* ونُحِبُّه لِما له مِن الصِّفات العظيمة ، لَكِن تلك الصِّفات لا تجعل العبدَ يرفع النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى مَنْزِلَة الله ، هو رسول صلّى الله عليه وآله وسلّم       

 

ومَحبّته صلّى الله عليه وآله وسلّم ليسَ ادِّعاءً بِالأقوال ، فما ظَنُّكُم مَن أحَبَّه وَقَدْ أشرَكَه مع الله كَحالِ الصّوفيّة . أيُّ مَحَبَّةٍ هذه ؟

 

مَحَبَّة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بِاتِّباعِ وتَحكيمِ شَرْعِه صلّى الله عليه وآله وسلّم

 

ولا يَكمُلُ لكَ إيمانٌ -يكون إيمانُك ناقِصًا- حتّى تُحِبّ  النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أكْثَرَ مِن حُبِّك لِوَلَدِك ووالدِك والناسِ أجمعين

في الصحيحَين :

(( قال صلّى الله عليه وآله وسلّم : لا يُؤْمِنُ أحدُكم حتَّى أكونَ أَحَبَّ إليه مِن وَلَدِه ، ووالِدِه ، والناسِ أجمعين ))

 

بَلْ لَوْ أحْبَبْتَ نَفْسَك أكْثَرَ مِن حُبِّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فإنّ إيمانَك لَمْ يَكمُل . بِكَ إيمانٌ نَعَمْ ، لِكنّه إيمانٌ ناقِصٌ .

 

في صحيح البخاريّ :

(( قال عُمر : يا رَسُولَ اللهِ واللهِ إِنَّكَ لَأَحَبُّ إليَّ مِن كُلِّ شَيْءٍ إلَّا مِن نَفْسِي ، فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : ” … حتّى أكونَ أحَبَّ إليكَ مِن نَفسِك يا عُمَر ” ، فقال : أنتَ يا رسولَ الله الآن أحَبُّ إليّ مِن نفسي ، فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : ” الآنَ يا عُمَر ” ))

   يعني : كَمُلَ إيمانُك يا عُمَر

 

الأصل الثاني عشر بعدَ المئة :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مِن أنواع المَحبّة :

 أن تُحِبَّ ما يُحبُّه الله مِن أَهْلِ الإيمان وما أَحَبَّه عزّ وجلّ ، ولِذَلِك قال صلّى الله عليه وآله وسلّم كما في الصحيحَين :

(( ثَلاثٌ مَن كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوةَ الإيمان .. ))

وفِي رواية البخاريّ :

 (( لا يَجِدُ أحَدٌ طَعْمَ الإيمان .. ))

 

(( ثَلاثٌ مَن كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوةَ الإيمان : أن يكونَ اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه مِمَّا سِواهُما ، وأن يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّه إلَّا لِله -لأنّ هذه مِن مُكَمِّلات مَحبّة الله ، الحبُّ في الله مِن مُكَمِّلات مَحبَّة العَبْدِ لِله – ، وأن يَكرَه أن يَعُودَ في الكُفْر كما يَكرَه أن يُقْذَفَ في النَّار ))

 

الأصل الثالث عشر بعدَ المئة :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مِن أنواع المَحبّةِ :

مَحبّةُ الاحْتِرام والتَّقْدِير :

كَمَحبّة الابن ( الولد ) لِوالدِه ، أو الطالبِ لِشَيْخِه ، وهُناكَ مَحبَّةُ الشَّفَقَة والرَّحْمَة كَمَحَبّةِ الوالد لِوَلَدِه . هذه مَشْروعَة .

 

لَكِن تكونُ مُحَرَّمةً فيما لَو قَدَّم مَحَبّةَ والدِه أو مَحبَّة  وَلَدِه على شَرْعِ الله ، ولِذا ماذا قال عزّ وجلّ :

{ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ ..}

العشيرة يعني الأقرباء :

{ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا .. } يعني اكتَسَبتُمُوها

{ وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا } : يعني تَخشَون مِن ألّا تُسَوَّق وألّا تُباع

 {  وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا .. }  وَعيدٌ شديدٌ { حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ  }

 وخَتَمَ الآية : { وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } مِمَّا يَدُلّ على تَحْرِيم تَقْدِيم مَحبّة الشَّفَقَة ومَحبَّة التَّقْدِير وما شَابَهَ ذلك ، مِمَّا يَدُلّ على تَحْرِيم تَقْدِيم هَذِهِ المحبّة على شَرْعِ الله

 

الأصل الرابع عشر بعدَ المئة :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مِن أنواع المَحبّةِ :

المَحَبّةُ الطَّبيعيّة :

( تُحِبُّ النَّوم ، تُحِبُّ الأكل ، تُحِبُّ الشُّرب )

هذه طبيعيّة لأنّ حُبَّك هو حُبٌّ لِأشياءٍ مُباحةٍ ، حُكمُها الإباحة

 

لَكِن قد تَكونُ مُسْتَحَبَّةً وتُؤجَر عليها إذا أرَدتَ بِتلك النَّومَة أو أرَدتَ بِتِلك الأَكْلَة أو الشَّرْبَة أن تَتَقَوّى بِها على طاعةِ الله فَتُحسَبُ لك حَسَنات

 

في الصحيحَين :

 قال مُعاذ رضي الله عنه ( إنّي لَأحتَسِبُ قَوْمَتي ونَوْمَتي )

 وفِي رواية : ( إنّي لَأرجو في نَومَتي ما أرْجُو في قَوْمَتي )

يعني : يقول إنّي أنامُ الليلَ مِن أجْلِ أن أتَقَوّى بِهذه النَّومَة على قِيامِ الليل

 

فَيَقول إنّي لَأرجو في نَوْمَتي ما أرجو في قَوْمَتي . ( يَعْنِي مِن الثَّواب )

 لِمَ ؟

لِأنَّني ما نِمْتُ إلَّا مِن أجْلِ أن أسْتَيْقِظَ لِقيام الليل ولِقراءة القرآن .

 

فَيَكُونُ هُنا ، يَكُونُ له الأجْر في هذه النَّومَة إذا احتَسَبَها ، وفِي تِلْك الأَكْلَة ، وفِي تِلْك الشَّرْبَة ، وما شَابَهَ ذَلِكَ مِن سائرِ المُباحات إذا احتَسَبَها العَبْدُ لِيَتَقَوّى بِها على طاعَةِ الله عزّ وجلّ

 

هذه أصولٌ مُهِمَّةٌ يَحتاجُها عامّةُ الأُمّة ، ولها تَتِمّة بإذن الله عزّ وجلّ