خطبة رقم (8)
( ثمانية أصول )
مهمة يحتاجها العامي وطالب العلم ليعصم بإذن الله من الزلل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تحدّثنا في جُمَعٍ سابقة عن ستّةٍ وستّين أصلًا من الأصول المهمّة التي يحتاج إليها العامّيّ وطالب العِلْم في هذا الزمن حتّى يُعصَمَ بإذن الله عزّ وجلّ من الزلل
الأصل السابع والستّون :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال كما في الصحيحين :
(( لا تُشَدُّ الرِّحالُ إِلَّا إلى ثلاثة مساجد ، المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى ))
فَمَن شَدّ الرَّحل بمعنى أنّه سافرَ إلى بقعةٍ يرى أنّ لها فضلًا فإنّه قد ارتكبَ إثمًا عظيمًا ، حتّى لو شدّ الرَّحْل إلى زيارة قبر النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فإنّ هذا لا يجوز إذا شدّ الرحل إلى مكانٍ من أجل التعبُّد أو أنّ له فضلًا
حتّى لا يظنّ ظانٌّ أنّ الإنسان إذا سافر إلى مكان للنزهة أو لزيارة قريب ، حتّى لا يظنّ أنّه داخل ضِمن هذا النهي
الأصل الثامن والستّون :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مَن خصّص بقعة ( أيّ بقعة ) حتّى كما قال شيخ الإسلام رحمه الله : لو خصّص حانوتًا ( يعني محلًّا في السوق ) يأتي إليه ويُخصِّصُ به عبادات ويرى أنّ لِهذا المكان فضلًا فإنّ هذا مِن وسائل الشرك ، لأنّه شابَهَ المساجد
ولذا :
ثَبَتَ عند ابن أبي شَيبة :
(( أنّ عليّ بن الحسين رأى رجُلًا يأتي إلى فُرجة عند قبر النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يدعو عندها ( يعني يدعو الله ) يدعو عندها ، فقال له : ألا أحدّثُك بِحديثٍ سمِعتُه من أبي عن جدّي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ؟
قال صلّى الله عليه وآله وسلّم :
(( لا تتّخذوا قبري عِيدًا ، وصلُّوا عليّ فإنّ تسليمكم يبلُغُني حيثُ كُنتم ))
الأصل التاسع والستّون :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تحذير المسلم من سفك دماء المسلمين
فالنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم حذّرَ أشدَّ التحذير ، حتّى في آخر حياته في حَجّة الوداع في خُطَبِه الثلاث كرّرَ :
(( إنّ دماءكم وأموالكم عليكم حرام ))
بل قال كما في الصحيحين صلّى الله عليه وآله وسلّم :
(( لا تَرجِعوا بعدي كفّارًا يضرِبُ بعضُكم رقابَ بعض ))
الأصل السبعون :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم :
(( دعا ربَّه ــ كما في صحيح مسلم ــ ألّا يُسلِّط على أُمّته عدوًّا مِن سِوَى أنفسِهم فَيَستبيحَ بَيضَتَهُم ، فقال الله عزّ وجلّ : ” يا محمّد إنّي إذا قَضَيتُ قضاءً فإنّه لا يُرَدّ وَإنِّي لن أُسلِّط على أُمّتك عدوًّا مِن سِوى أنفسِهم فيستبيح بَيضَتَهم – يعني جماعتَهُم – حتّى ولو اجتمع عليهم مَن بأقطارها حتّى يكونَ بعضُهم يُهلِكُ بعضًا ويسبي بعضًا ))
كما في صحيح مسلم
في رواية أحمد : (( ويقتُل بعضُهم بعضًا ))
فلن يُسلَّط على الأُمَّة ، لن يُسلَّطَ عليها العدوّ إِلَّا إذا شبَّ النزاع والقتال بينهم ، فإذا وقع بينهم ، هنا يَتسلّط عليهم الأعداء
الأصل الحادي و السبعون :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما ثَبَتَ عنه عند أحمد ، قال :
(( ولا تقوم الساعة حتّى يَلحقَ قبائلُ مِن أُمَّتي بالمشركين ))
قبائل مِن هذه الأُمَّة تَلحق بالمشركين ، إمّا لُحوقًا حِسِّيًّا بأن يَذهبوا إلى ديارهم وإمَّا أن يكون لُحوقًا معنويًّا يتشبّهون بهم ، وقد يَصدُقُ على الأمرَين .
أمّا التشبُّهُ بهم وهو اللُّحوق المعنويّ فقد حذّرَ منه النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم إذ قال – محذِّرًا وليس مُقِرًّا – :
(( لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَن كان قَبْلَكم ، حَذْوَ القُذَّةِ بِالقُذَّة ، حتّى لَو دَخَلوا جُحرَ ضَبٍّ .. ))
نَصَّ على الضَّبِّ لأنّ جُحرَه مُتعرِّج ، ومع التعرُّج إذا بِالأُمّة ( أي ببعض الأُمَّة وليس الأُمّة كلُّها ) إذا ببعضها يَتبَعُ هؤلاء
(( .. حتّى لَو دَخَلوا جُحرَ ضَبٍّ لَدَخَلتُموه )) قالوا يارسول الله : اليهودُ والنصارى ؟ قال : (( فَمَن ؟ )) .
يعني مَن غير هؤلاء الذين هم اليهود والنصارى
الأصل الثاني و السبعون :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما ثَبَتَ عنه عند أحمد وغَيره قال :
(( ولا تقوم الساعة حتّى تعبدَ قبائلُ مِن أُمَّتي الأوثان ))
يعني الأصنام . ولْيُعلَم أنّ هذا لا يكون لِجميع الأُمَّة
قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما في الصحيحين :
(( لا تَزالُ طائفةٌ مِن أُمَّتي قائمةً بِأمرِ الله ، لا يَضُرُّهم مَن خَذَلَهم ولا مَن خالَفَهم حتّى يأتِيَ أمْرُ الله ))
الأصل الثالث و السبعون :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما في الأصل السابق ، بَيّنَ فَضْل تلك الأُمَّة القائمة بِأمرِ الله
وهي الأُمَّة المنصورة كما جاء بذلك الحديث الآخَر :
(( لا تزال طائفةٌ مِن أُمَّتي على الحقّ منصورة ))
فإذا قيل مَن هي هذه الطائفة المنصورة ؟ حتّى لا يَتَشَبَّثَ بها أو يَنتسِب إليها مَن ليس منها .
فالطائفةُ المنصورةُ هي أهلُ السُّنَّة والجماعة .
لَو قيل لماذا خصّصتُم ذلك ؟
قُلْنَا الدليل في السُّنَن :
قال صلّى الله عليه وآله وسلّم لمّا ذَكَرَ افتراق الأُمَّة على ثلاثٍ وسبعين فِرقة ، قال : (( إلَّا فِرقة )).
قال : (( كُلُّها في النار )) .
(( سَتَفتَرِق أُمَّتي على ثلاثٍ وسبعين فِرقة ، كُلُّها في النار إلّا واحدة ))
قيلَ مَن يا رسول الله ؟
قال (( على ما أنا عليه وأصحابي ))
هذا هو الدليل على السُّنَّة .
وفِي رواية :
قيلَ مَن يا رسول الله ؟ قال (( الجماعة )).
فأهْلُ السُّنَّة وأهل الجماعة يَصدُقُ عليهم هذا الحديث منه صلّى الله عليه وآله وسلّم
فإذا ادَّعى مَن ادَّعى أنّه مِن الطائفة المنصورة ، فيُنظَر هل هو مُتَّبِعٌ للنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وللصحابة رضي الله عنهم ، وهل هو مُتّبِعٌ للآثار على ما فهِمَه سَلَفُ هذه الأُمّة ؟ وهل هو حريصٌ على جماعة المسلمين أم لا ؟
الأصل الرابع و السبعون :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا ييأس المسلم مِن حال أهل الإسلام في مِثل هذا الزمن ، فإنّ البِشارات أتت مِن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم
قال صلّى الله عليه وآله وسلّم كما في صحيح مسلم :
(( لا تَذهَبُ الليالي والأيّام حتّى تُعبَدَ اللاتُ والعُزَّى )) قالت عائشة : يا رسول الله لمّا سمِعتُ قولَ اللَّهِ عزّ وجلّ { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ } ظَنَنتُ أنّ ذلك سيكونُ تامًّا ، فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم :
(( سيكون مِنهُ ما شاء الله ))
وثَبَتَ عند ابن حِبّان أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال :
(( ولا يَترُكُ اللهُ بيتَ مَدَرٍ -أي مِن الطين- ولا وَبَرٍ – أي مِن الخِيام – (( لا يَترُكُ اللهُ بَيتَ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إلّا أَدخَلَ اللهُ فيه هذا الدِّين بِعِزِّ عزيزٍ أَو بِذُلِّ ذليلٍ ، عِزًّا يُعِزُّ اللهُ به الإسلامَ ، وذُلًّا يَذُلُّ به اللهُ عزّ وجلّ الكُفرَ ))
هذه أصول مُهمّة ولها تتمّة ، لأنّ هذه الأصول تحتاج إليها الأُمّة