خطبة :
( مسائل مهمة تتعلق بالصيام والتكبير والتهنئة في عشر ذي الحجة)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من المسائل :
كثرت التهئنة وكثر الكلام حولها من العلماء ما بين مجيز وما بين محرم
تلك التهنئة كثرت يهنئون بدخول عشر ذي الحجة يهنئون بدخول العشر الأواخر من شهر رمضان ، يهنئون بالعيد ، يهنئون بدخول شهر رمضان
وهناك خلاف ، وليعلم أن هذا الخلاف ليس وليد هذا العصر فقد ذكر السيوطي في كتابه الحاوي للفتاوي أن أبا أحمد المقدسي قال : ” لا يزال أهل العلم مختلفين في التهنئة “
إذن ما ضابطها ؟
لأن بعضهم يقول هي من العادات فلا تحرجوا الناس ولا توقعوهم في الحرج دعوهم يهنئون
وأقول والعلم عند الله لابد أن نبني أصلا ما هو ذلكم الأصل ؟
الأصل أن الأصل في التهنئة من العادات ولا إشكال في ذلك وقد هنئ الصحابة وهنا بعضهم بعضا في أمور اعتيادية
لكن فيما يخص مواسم عامة للمسلمين نقف حيث وقف رسول الله عليه الصلاة والسلام ، حيث وقف الصحابة
هنا لا تكون التهنئة من قبيل العادات جاءت التهنئة كما عند النسائي وقال ابن رجب رحمه الله قال في لطائف المعارف قال : ” هي في الأصل في التهنئة بدخول شهر رمضان “
جاء في النسائي تهنئة من النبي عليه الصلاة والسلام للصحابة إذن نأتي بها
جاءت التهنئة بالعيد ليس عن النبي عليه الصلاة والسلام ، لا ، وإنما عن الصحابة ، ولذلك قال شيخ الإسلام قال إن الإمام أحمد : ” لا أبتدئ بالتهنئة يوم العيد ومن هنأني أجبته “
قال شيخ الإسلام قال : ” ليست التهنئة مأمورا بها على وجه الاستحباب وليست منهيا عنها ، فمن ترك التهنئة في يوم العيد كما قال رحمه الله فله قدوة ومن فعلها فله قدوة “
وقد وردت التهنئة عن أبي أمامة وواثلة كما عند الطبراني
وجاء عند البيهقي أن الناس يهنئ الناس بعضهم بعضا يوم العيد في زمن عمر بن عبد العزيز ولم ينكر أحد
وجاء حديث عند ابن عساكر عن عبادة أنه قال عبادة بن الصامت قال سألت النبي عليه الصلاة والسلام عن قول : ” تقبل الله منا ومنك ” مما يقوله الناس يوم العيد فقال عليه الصلاة والسلام قال : (هي سنة أهل الكتابين ) يعني اليهود والنصارى وكرهه
لكن هذا الحديث ضعيف
فيه عبد الخالق بن خالد بن زيد الدمشقي قال البخاري منكر الحديث وكذلك ضعفه النسائي وأبو حاتم والدارقطني وأبو نعيم وغيرهم
إذن هذا الحديث لا يصح
إذن التهنئة بيوم العيد وردت الآثار عن بعض الصحابة ، أما ما عداها فلنقتصر ، يعني لن نجيز للناس ويقول التهنئة من باب العادات إذن لا تمنع الناس من أن يهنئ بعضهم بعضا إذا جاء يوم عرفة إذا جاء يوم عاشوراء فينفتح الباب
ولذلك حتى تسلم بقطع النظر عن قولي أو عن قول أي شخص حتى تسلم ما جاءت به السنة خذ به ، ما لم تأت به فعليك أن تمسك كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام وعن صحابته
ولا يقل أحد منكم إن ابن القيم قال كما في زاد المعاد لما هنأ الناس كعب بن مالك بتوبته قال وتستحب التهنئة لمن تجددت له نعمة دينية ، أما الدنيوية فتكون جائزة
هذا على شخص معين تجددت له نعمة أما مواسم بها عبادات تجددت لعموم الأمة يهنئ بعضهم بعضا فنقول الأصل أن تمسك حفاظا على دينك وأسلم لدينك إلا ما جاء به النص فعلى العين والرأس
وليعلم كما قال ابن القيم في تحفة المودود في أحكام المولود قال هناك فرق بين البشرى وبين التهنئة
قال البشرى أن تخبر المسلم بما يسره ، وأما التهنئة أن تدعو له بعد أن علم بهذا الخبر السار
ولذا قال كعب بن مالك لما نزلت توبته بشر أول ما بشر ثم لما أتى هنأه الناس فدل على التفريق بين البشرى وبين التهنئة
مسألة ثانية :
ـــــــــــــــــــــــ
وهي بعض الناس في هذه العشر يقول سأصوم بعض الأيام ويجد في نفسه حرجا يظن أنه لابد أن يصوم جميع أيام العشر أو الأيام التسع من ذي الحجة ، لكن يقال عشر ذي الحجة من باب التغليب وإلا فاليوم العاشر يوم عيد لا يجوز أن يصام
فنقول صم بعضه، فتدخل في حديث ابن عباس رضي الله عنهما عند البخاري ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام )
فهي أعمال صالحة صم يوما أو يومين أو بعض الأيام إن لم يتيسر لك أن تصوم جميع الأيام
مسألة أخرى وهي :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن بعض الناس قد يكون عليه قضاء ولاسيما النساء تقول سأقضي في هذه الأيام أو سأقضي في يوم عرفة أو سأقضي في يوم عاشوراء
نقول لا بأس ولا إشكال في ذلك ولكن لتكن النية أن يقدم هي نية القضاء ، فضل عشر ذي الحجة أو فضل عرفة أو فضل صيام يوم عاشوراء يدخل إن شاء الله ونرجو ذلك
لكن نقول ما المانع لك أو ما المانع لك أنت أيتها المرأة أن تصومي هذه الأيام الفاضلة والقضاء يؤخر ؟
إلا في ست من شوال
ست من شوال من أراد أن يصومها فعليه أن يقضي أولا لحديث أبي أيوب عند مسلم ( من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر )
مسألة أخرى وهي :
ــــــــــــــــــــــــــــ
أن يوم عرفة أو يوم عاشوراء قد يصادف يوم جمعة ومعلوم حديث أبي هريرة عند مسلم ( لا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين سائر الأيام )
فما الحل ؟
بعض الناس يقول لا أريد أن أصوم إلا يوما واحدا لا أستطيع أن أصوم إلا يوما واحدا يوم عرفة أو يوم عاشوراء لكن سيصادف يوم الجمعة ويوم الجمعة نهي عن إفراده بالصيام ، فما الحل ؟
فنقول له : صم هذا اليوم ولو صادف يوم الجمعة ، صم يوم عرفة ولو صادف يوم الجمعة ، صم يوم عاشوراء ولو صادف يوم الجمعة فلا إشكال في ذلك ولو أفردت ذلك ، لم ؟
لأنك لم تصم تخصيصا ليوم الجمعة وإنما صمت تخصيصا لهذا اليوم الذي هو يوم عرفة أو الذي هو يوم عاشوراء لأنه صادف يوم الجمعة ، ولذلك في تتمة الحديث ( إلا في صوم يصومه أحدكم )
وقد أشار إلى ذلك شيخنا ابن عثيمين رحمه الله في شرحه على كتاب رياض الصالحين
مسألة أخرى :
ـــــــــــــــــــــــــ
عن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهم في صحيح البخاري ( يكبران في العشر ويكبر الناس بتكبيرهما )
في أيام التشريق ويمتد التكبير المطلق حتى في أيام التشريق
حديث عند مسلم ( أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله )
يقول أين الدليل على التكبير المقيد الذي يبدأ من فجر يوم عرفة لغير الحاج وللحاج من ظهر يوم النحر ؟
نقول قال شيخ الإسلام جمهور السلف من الصحابة والتابعين على أن هناك تكبيرا مقيدا
مسألة أخرى :
ـــــــــــــــــــــــــ
الناس لا يفرقون بين التكبير المقيد وبين التكبير المطلق ويقولون اشتبه علينا الأمر
في مثل هذه الأيام أيام العشر تكبير مطلق
بعض الناس الآن لما نفرغ من الصلاة من بعد الصلاة يكبر ، لا
في مثل أيام العشر قبل مجيء يوم عرفة بعد الصلاة تقول الأذكار التي بعد الصلاة ثم بعدها تكبر لما شاء الله أن تكبر بعد الأذكار
إذا جاء فجر يوم عرفة ابتداء هنا بعد أن تقول يأتي التكبير المقيد هنا بعد أن تقول أستغفر الله ثلاثا اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام تكبر ما شاء الله أن تكبر ، ثم بعد ذلك تشتغل بالأذكار التي بعد الصلاة
مسألة أخرى :
ـــــــــــــــــــــــــ
الناس غفلوا عن التكبير واعتاضوا عنه الآن وسئلت عنه كثيرا بالمسجل يضعون مسجلا ويكبر في البيت ، أو في السيارة أو تصل إلينا عبر هذه الجوالات
فنقول :
ما جاءت السنة عن الصحابة إلا بقول التكبير لا بسماعه ، لا بسماعه
كبر ، لا تكن هذه الأجهزة نائبة لك عن التكبير ، لا
التكبير منك أنت ولا يقل أحد منكم إن سماع القرآن عبرالمسجل أو من شخص مباشر أنه جائز بل نقول هو مستحب ، لكن هناك فرق النصوص الشرعية جاءت بقراءة القرآن وبسماعه { وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ }
قال ابن مسعود رضي الله عنه كما في الصحيحين ( أأقرأ عليك يا رسول الله وعليك أنزل ؟ قال إني أحب أن أسمعه من غيري )
النبي عليه الصلاة والسلام قال لأبي موسى رضي الله عنه ( لقد كنت أستمع لقراءتك البارحة )
إذن أدلة على السماع لكن التكبير أهناك دليل على فضل سماع التكبير ؟
ولذلك نجد أن هذه المكبرات أحيانا توضع في الإذاعات وتوضع في البيوت في مسجلات والناس لا يكبرون
تقول سبحان الله كأن من يكبر كأنه أتى ذنب عظيم بل أتى بعار شنيع
وهذا هو الواقع والحقيقة
كبر يا أخي ما الذي يمنع ؟ لا تستح ، اجهر بالتكبير في كل مكان
فهذه سنة واردة عن سلف هذه الأمة
وأنا ما أردت إلا الاختصار لكني سئلت بالأمس عن رسالة تقول قراءة هاتين السورتين بعد ركعتي الطواف ليس بها حديث مرفوع وإنما ما جاء في صحيح مسلم إنه مرسل
فأقول :
من باب التبيين من أن مسلم في صحيحه قال لما روى جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي عليه الصلاة والسلام
يقول جعفر ما أعلم أبي ذكره إلا عن النبي عليه الصلاة والسلام
فأين الإرسال هنا ؟
ولذك قال النووي رحمه الله قال إن قوله لا أعلمه العلم ضد الشك فالعلم يقين قال النووي فدل هذا على أن جعفر جزم عن أبيه أن أباه محمدا قال تلك القراءة لهاتين السورتين ليست في صلاة جابر بل في صلاة النبي عليه الصلاة والسلام
قال النووي في المنهاج قال وجاء عند البيهقي بإسناد صحيح على شرط مسلم أنه عليه الصلاة والسلام لما طاف أتى فصلى خلف المقام وقرأ سورة { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } وسورة { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ }
قلت : بحثت فوجدت في سنن النسائي قال أخبرنا عمرو بن عثمان عن الوليد عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن النبي عليه الصلاة والسلام لما طاف سبعة أشواط تقدم إلى المقام وقرأ { وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى } فقرأ في الأولى بعد فاتحة الكتاب ب { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } وفي الثانية ب { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ }
فأين الإرسال مع وجود أحاديث أخرى في هذا المعنى ؟!
ولو قلنا بالإرسال فإن القاعدة الحديثية الأصولية تقول إذا تعارض المرسل مع الموصول فإن الوصل يقدم لأن به زيادة علم وعلى هذا فعلى طالب العلم أن يتقي الله وألا يشوش على الناس ما عليه هؤلاء الناس مما أخذوه من علمائهم السابقين لاسيما وأنه أمر يتعلق بما عليه عموم الناس ويخالف ما عليه العموم من العلماء ومن العوام حتى لو تيقنت مائة بالمائة حتى إذا بحثت وتيقنت ووجدت أن الصواب مع ما ذكرت لابد أن أسنده إلى إمام سابق ثم أنظر هل المصلحة أن أعرض هذا الأمر على عموم الناس أم أني لا أعرضه ؟ ولذلك يجوز كتمان العلم للمصلحة ، والنصوص جاءت بذلك ……. ( بتر في الصوت )