خطبة مواعظ وعبر ( من مراحل مرض النبي عليه الصلاة والسلام إلى موته )

خطبة مواعظ وعبر ( من مراحل مرض النبي عليه الصلاة والسلام إلى موته )

مشاهدات: 505

خطبة

مواعظ وعبر ( من مراحل مرض النبي صلى الله عليه وسلم  إلى موته  )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جاء  في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف كل سنة عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما، وكان جبريل عليه السلام يعارضه القرآن في كل سنة مرة، فلما كان العام الذي قبض فيه عارضه القرآن مرتين.

النبي صلى الله عليه وسلم حج حجته المسماة بحجة الوداع، فلما جاء يوم عرفة نزل قول الله عز وجل كما في الصحيحين {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} قال ابن كثير كما في البداية: روي بإسناد جيد عن عمر رضي الله عنه لما نزلت هذه الآية بكى، فقيل له: وما يبكيك؟ فقال رضي الله عنه: ” ما بعد الكمال إلا النقصان” فكأنه استشعر قرب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم  

وفي يوم النحر كما في صحيح مسلم  قال صلى الله عليه وسلم ”  لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه”، فاستشعر الصحابة رضي الله عنهم أن بقاء النبي صلى الله عليه وسلم لن يكون طويلا، لكنهم ما كانوا يتوقعون أن يموت بعد هذه الحجة بأيام ولذا، لم يبق صلى الله عليه وسلم بعد هذه الحجة إلا ثمانين يوما

ولذا: بدأ يبين عن طريق الخفاء قرب وفاته صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد أنه قال خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ” إنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بيْنَ أنْ يُؤْتِيَهُ مِن زَهْرَةِ الدُّنْيا ما شاءَ، وبيْنَ ما عِنْدَهُ، فاخْتارَ ما عِنْدَهُ. فَبَكى أبو بَكْرٍ وقالَ: فَدَيْناكَ بآبائِنا وأُمَّهاتِنا، فَعَجِبْنا له، وقالَ النّاسُ: انْظُرُوا إلى هذا الشَّيْخِ؛ يُخْبِرُ رَسولُ اللَّهِ صلّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن عَبْدٍ خَيَّرَهُ اللَّهُ بيْنَ أنْ يُؤْتِيَهُ مِن زَهْرَةِ الدُّنْيا، وبيْنَ ما عِنْدَهُ، وهو يقولُ: فَدَيْناكَ بآبائِنا وأُمَّهاتِنا!  }، فقال أبو سعيد: فَكانَ رَسولُ اللَّهِ صلّى اللهُ عليه وسلَّمَ هو المُخَيَّرَ، وكانَ أبو بَكْرٍ هو أعْلَمَنا به.

ولذا جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لما نزلت سورة {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} إلى آخرها، قال: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه إياه.

وتأتي الرؤى فإذا بعائشة رضي الله عنها كما عند الطبراني وفيه مقال لبعض أهل العلم لكن يؤيد بحديث أنس المرفوع كما قال البوصيري من أنها رأت أن ثلاثة أقمار سقطن في حجرتها، وفي رواية: ” في حجرها” فأخبرت أباها أبا بكر، وهذا يدل على أنه كان بارعا في تفسير الرؤى، فقال: ” يا عائشةُ إنْ صدَقَتْ رؤياكِ يُدفَنُ في بيتِكِ خيرُ أهلِ الأرضِ ثلاثةٌ”، وهذا يدل على أن السقوط هو الدفن، وهذا الحديث قال عنه الهيثمي في مجمع الزوائد رجاله ثقات، وعند الطبراني أيضا، وقال عنه الهيثمي في مجمع الزوائد رجاله ثقات.

وقد جاء أيضا عند الدارمي أن العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم قال: “رَأيتُ في المنامِ كأنَّ الأرضَ تَنزِعُ إلى السَّماءِ بأشطانٍ شِدادٍ، فقَصَصتُ على رسولِ اللهِ ﷺ فقال: ذلك وَفاةُ ابنِ أخيكَ”، وهو النبي صلى الله عليه وسلم لأن العباس عمه.

فأصاب النبي صلى الله عليه وسلم مرض، وكان هذا المرض أول ما أتاه في بيت ميمونة كما في صحيح مسلم، فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم زوجاته أن يمرض في بيت عائشة رضي الله عنها، وكان ذلك كما قال ابن حجر في الفتح قال هذا برأي رأته فاطمة كما عند ابن سعد بإسناد صححه ابن حجر في الفتح من أنها قالت إنه يشق عليه الاختلاف، فمرض النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة رضي الله عنها، فخرج علي رضي الله عنه من عند النبي صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري، فتبعه العباس بن عبد المطلب رضي الله عنها، فقال يا علي: إني لأرى الموت في وجه النبي صلى الله عليه وسلم، إني لأعرف وجوه بني عبد المطلب عند الموت، وإنك بعد ثلاث يعني بعد ثلاث ليال إنك عبد العصا يعني أنك مأمور، وليست بأمير، فلنذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإن كان هذا الأمر فينا علمناه، وإن لم يكن أمرناه أن يوصي بنا، فقال علي رضي الله عنه : ” إنّا واللَّهِ لَئِنْ سَأَلْناها رَسولَ اللَّهِ ﷺ فَمَنَعَناها، لا يُعْطِيناها النّاسُ بَعْدَهُ، وإنِّي واللَّهِ لا أسْأَلُها رَسولَ اللَّهِ ﷺ. “، وهذا يدل على فراسة من؟ فراسة العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه.

 فلما جاء يوم الخميس كما في الصحيحين، وكان الصحابة عنده، فقال: “ائْتُونِي بكَتِفٍ أكْتُبْ لَكُمْ كِتابًا لا تَضِلُّوا بَعْدَهُ أبَدًا” فاختلفوا وتنازعوا هل نحضر له ذلك أم لا؟، فقال عمر رضي الله عنه: ” حسبنا كتاب الله”، قال عمر: ” حسبنا كتاب الله” فلما كثر الاختلاف، قال: ” ذَرُونِي، فالَّذِي أنا فيه خَيْرٌ ممّا تَدْعُونَنِي إلَيْهِ ” يعني من التأهب للقيا ربه “فالَّذِي أنا فيه خَيْر”

وأما قول ابن عباس رضي الله عنهما: ” إن الرزية كل الرزية من منع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمنع ذلك الكتاب” فهذا اجتهاد منه، والذي يدل عليه السياق، وقد قال ذلك الشراح من أن رأي عمر رضي الله عنه هو الصواب، لم؟ لأن عمر خشي أن يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأشياء يعجز الناس عنها، وأيضا من باب الرفق بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك مما يدل على صواب رأي عمر من أنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر على عمر، فلا حجة للرافضة، ولأشباههم فيما يتعلق بهذا الحديث.

وما هو هذا الكتاب؟

هذا الكتاب الذي تدل عليه الأدلة على الصحيح من أنه أمر أن يكتب كتابا من أجل أن يتولى الخلافة من بعده أبو بكر رضي الله عنه، ولذا في المسند كما ثبت: أمر عائشة رضي الله عنها أن تدعو أباها وأخاها، ثم قال: حتى أكتب كتابا، قال حتى لا يتمنى متمن، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر، ولذلك في الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم: ” لا تبقى خوخة ـ وهو المكان الذي ينفذ منه الإنسن إلى المسجد ليصلي فيه ـ لا تبقى خوخة في المسجد إلا سدت إلا خوخة أبي بكر” قال ابن كثير في البداية يدل هذا على أنه هو الخليفة.

 

اشتد الألم بالنبي صلى الله عليه وسلم، فجاء في صحيح البخاري من أنه صلى الله عليه وسلم  قال:” صبوا علي من سبع لم تحلل أوقيتهن” يظهر من هذا من أنه أراد من أنها بالغة في القناء، لم يسمسها أحد فصب عليه الصلاة والسلام، ثم خرج فصلى بالناس، فخطبهم. قال ابن كثير كما في البداية قال: ” لعل هذه الخطبة عوضا عن ذلك الكتاب الذي أراد أن يكتبه”

ومضت الأيام، وإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يشتد عليه المرض ففي الصحيحين في ذات ليلة، والصحابة ينتظرونه لصلاة العشاء فقال: أصلى الناس؟ قالوا هم ينتظرونك يا رسول الله، فأمرصلى الله عليه وسلم بأن يصب عليه الماء؛ ليغتسل، فلما فعل أغمي عليه من شدة المرض، فأفاق، فقال أصلى الناس؟ قالوا هم ينتظرونك يا رسول الله، فقام فاغتسل، ثم أغمي عليه، فلما أفاق قال أصلى الناس؟ قالوا هم ينتظرونك يا رسول الله، فذهب، فاغتسل، فأغمي عليه، فأفاق فقال صلى الله عليه وسلم: ” مروا أبا بكر فليصل بالناس”، فقالت عائشة: يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق، لا يملك نفسه؛ لغلبة الخشوع عليه، فلما كرر عليه عليه الصلاة والسلام قال: مروا أبا بكر للصلاة، وفي رواية: ” مري أبا بكر في الصلاة، فإنكن صواحب يوسف” يعني من شدة إلحاحكن وطلبكن، وقال بعض الشراح من أن امرأة العزيز أرادت باستضافتها للنساء أن تري لم ترد الاستضافة، وإنما أرادت أن تري النساء جمال يوسف، فعائشة رضي الله عنها أرادت أن تبعد أباها عن الإمامة خيفة من أن يتشاءم الناس بأول رجل يقوم في مقام النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر لعمر صل بالناس، قال عمر لا، أنت أحق بذلك، فكان أبو بكر رضي الله عنه يصلي بالناس في تلك الأيام.

وجاء في الصحيحين في صلاة الظهر وجد النبي صلى الله عليه وسلم خفة من الألم، فقام صلى الله عليه وسلم  وأبو بكر يصلي بالناس فقام، وقد عضده العباس وعلي  رضي الله عنهما، حتى إن رجليه لتخطان في الأرض من شدة الألم، لكن به هذه الخفة، فأراد أبو بكر أن يرجع، فأشار إليه أن امكث، فأجلساه إلى جنب أبي بكر، وكان ذلك صلاة الظهر.

وبعدها: بأيام، ولعل ذلك في يوم الخميس انتظروه من أجل أن يصلي العصر، ذهب يوم الخميس ويوم الجمعة، ثم يوم السبت، ثم يوم الأحد،

والألم يشتد به صلى الله عليه وسلم، ولذا  قالت عائشة رضي الله عنها كما عند البزار قلت ولعله ليلة الاثنين، قالت كما عند البزار ورجاله رجال الصحيح كما قال الهيثمي في مجمع الزوائد، قالت: ما مرت علي ليلة مثل ليلة قال النبي عليه الصلاة والسلام يا عائشة هل طلع الفجر؟ فقلت: لا يا رسول الله، فمكث، فقال: هل طلع الفجر؟ فقلت: نعم يا رسول الله، فأذن بلال، فلما أتى بلال إلى بيته صلى الله عليه وسلم قال يا عائشة من هذا؟ فقلت: إنه بلال” لم يعرفه من شدة المرض عليه الصلاة والسلام، ولذا قالت عائشة رضي الله عنها كما في الصحيحين: ما رأيت أحدا اشتد به الوجع كرسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا لرفعة درجاته عليه الصلاة والسلام، ولذا في صحيح البخاري ماذا قالت؟ قالت: “لا أكره شدة الموت لأحد بعد النبي عليه الصلاة والسلام”

معناها: تقول كنت أظن أن شدة الموت بذنوب، لكن لما رأيت شدة الموت على النبي صلى الله عليه وسلم لرفعة درجاته علمت من أن شدة الموت لا تكون على كل حال لأي أحد أن يكون من أجل الذنوب، فلا أكره شدة الموت لأحد بعده.

قال أنس رضي الله عنه كما في الصحيحين: قلت ولعلها صلاة الفجر؛ لأن سياق الحديث يدل على ذلك لعلها صلاة الفجر في يوم الاثنين الذي مات فيه صلى الله عليه وسلم قال: بينما نحن نصلي إذا بالنبي صلى الله عليه وسلم كشف عن السترة عن سترة البيت، فيقول رضي الله عنه كأن وجهه ورقة مصحف، ويصح مصحف بضم الميم وبكسرها، يعني من شدة الرقة والنقاء والصفاء، قال وهو يضحك يبتسم، فيقول رضي الله عنه: حتى كدنا أن نفتتن، يعني أن ننصرف من صلاتنا، فأشار صلى الله عليه وسلم إليهم أن أتموا صلاتكم، وأرخى الستر، قال أنس رضي الله عنه: ” فمات من ليله”

اشتد به الوجع؛ لذلك في صحيح البخاري: كانت فاطمة كانت ابنته عنده، فلما رأت شدة ما أصابه صلى الله عليه وسلم قالت واكرباه، فقال: ” لا كرب على أبيك بعد اليوم” لأن الكروب إنما هي في الدنيا ” لا كرب على أبيك بعد اليوم” لأنه سينتقل إلى النعيم الأبدي ” لا كرب على أبيك بعد اليوم”

وهذا ليس من النياحة كما قال ابن حجر لو كان كذلك لنهاها صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على أنها لم ترفع صوتها، وإلا لنهاها، ومثل هذا التوجع كما قال يجوز.

وكان عنده عليه الصلاة والسلام كما عند البخاري كان عنده ماء، فكان يمسح وجهه بالماء، ويقول: ” لا إله إلا الله إن للموت لسكرات”

وكان صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين قبل أن يشتد به المرض أعظم الشدة كان يقرأ المعوذتين، ويمسح على جسمه، فلما اشتد به المرض قالت عائشة فكنت أقرأ المعوذتين، وأمسح بيده على جسمه” لأن يده بها بركة.

ومما يدل على جهده صلى الله عليه وسلم في آخر حياته، وهو زاهد في جميع أحواله وأحيانه وأيامه وحياته عليه الصلاة والسلام، جاء في المسند وعند ابن حبان كما ثبت وكان في بيته تسعة أو سبعة دنانير، فقال يا عائشة تصدقي بها، فلما مكث، قال يا عائشة ما حال الدنانير أتصدقتي بها؟ فقالت مرضك أشغلني يا رسول الله عن ذلك، فقال: لتأت بها، فأتت بها، فوضعها في كفه صلى الله عليه وسلم ثم قال: ” ما ظن محمد لو لقي الله وهذه في بيته”، ثم كررها: ” ما ظن محمد لو لقي الله وهذه الدنانير في بيته”

كما قلت: عائشة رضي الله عنها جعلت تقرأ المعوذتين، وتمسح بيده على جسده، فكان فيما قال صلى الله عليه وسلم قال: ” في الرفيق الأعلى”  الرفيق الأعلى يعني  مع الرفقاء الذين ذكرهم الله عز وجل في سورة النساء {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} فقالت عائشة: إذاً لا يختارنا، فعلمت، تقول فعلمت أنه ذلك الحديث الذي كان يحدثنا به، وهو ما جاء في صحيح البخاري قال صلى الله عليه وسلم : “ما قبض نبي حتى يرى مقعده من الجنة، ثم يخير بين الدنيا والآخرة”، فقالت رضي الله عنها وهذا جاء في الصحيحين قالت: فدخل عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه سواك فنظفته وطيبته قالت: ” فاستن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن استياك” ، ثم إذا به صلى الله عليه وسلم  بعد ذلك تخرج روحه؛ لأنه رفع أصبعه، ثم قال: ” في الرفيق الأعلى في الرفيق الأعلى”

ومات صلى الله عليه وسلم…..  قال السهيلي: ” إنما ختمت هذه الكلمات من حياة النبي عليه الصلاة والسلام “في الرفيق الأعلى” قال: لأنها تتضمن التوحيد، ولأنها تتضمن الذكر بالقلب، قال لأن بعضا من الناس قد لا يقول الشهادة عند سكرات الموت، فلا يضره ذلك إذا كان قلبه عامرا بذكر الله، ولذا لما مات وكانت فاطمة موجودة قالت كما في صحيح البخاري قالت: ” يا أبتاه أجاب ربا دعاه، يا أبتاه مَن جنة الفردوس مَن جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه، يا أبتاه أجاب ربا دعاه، “دعاه الله” فخيره فاختار النبي  صلى الله عليه وسلم ما عند الله “من جنة الفروس” يعني الذي مَن هنا موصولية، ويصح أيضا في ضبط مِن جنة يعني إلى جنة في كونها حرف جر، “من جنة الفردوس مأواه، إلى جبريل ننعاه” يخبر جبريل بموته صلى الله عليه وسلم، قال ابن حجر وهذا من ذكر صفاته الحقة وإلا لما جاز لها أن تقول ذلك، أما من ليس  متصفا بهذه الصفات، أو كان متصفا بها ظاهرا لا باطنا، فإنه لا يقال مثل هذا الكلام.

تقول عائشة رضي الله عنها كما في صحيح البخاري: ” مات رسول الله عليه الصلاة والسلام في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري” 

السحر الرئة، والنحر معروف، وفي رواية: ” بين حاقنتي وذاقنتي” يعني مجموع معنى هذه الجمل من أنه مات صلى الله عليه وسلم على صدرها عند حنكها، ولذا قالت كما عند البخاري قالت: ” لقد جمع الله بين ريقي وبين ريقه في آخر يوم من أيام الدنيا”، وهذا يدل على فضل عائشة رضي الله عنها، فكيف بأولئك الروافض الذين يقدحون في عائشة رضي الله عنها، فمات صلى الله عليه وسلم، وكان من وصاياه ومن أواخرها كما في المسند كما ثبت عنه: ” الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم” فأين أولئك الذين فرطوا في هذه الصلاة؟!

مات صلى الله عليه وسلم، وجاء في المسند كما قال ابن كثير بإسناد لا بأس به، وقال تفرد به مع أن فيه مقالا لكن قلت لعل ابن كثير كما في البداية مع أنه قال تفرد به مع أن ابن سعد رواه مرسلا لعله يعضده ذلك قال إنه قال صلى الله عليه وسلم : ” إنه ليهون علي أني رأيت بياض كف عائشة في الجنة ” قال ابن كثير معلقا هذا يدل على عظم المحبة إذ إنه صلى الله عليه وسلم هان عليه الأمر؛ لأنه رأى أمامه بياض كف عائشة في الجنة، ولذا قال هذا من أعظم المحبة، قال أما ما ينقل من معاني المحبة الكثيرة فيقول فإنها لا تبلغ ذلك، لم؟ قال: لأنه كلام لا حقيقة له، أما قوله صلى الله عليه وسلم فإنه كلام لا محالة من أنه حق، ومما يؤيد أيضا حتى لا يظن من أن هذا الحيدث لو قيل فيه ما قيل من أن عائشة كما عند البخاري قال عمار بن ياسر رضي الله عنه قال عن عائشة وإنها يعني عائشة لزوجته في الدنيا وفي الآخرة” وهذا يدل على عظيم فضل عائشة رضي الله عنها.

مات النبي صلى الله عليه وسلم قال أنس رضي الله عنه كما في الصحيحين وليس في شعر لحيته ورأسه عشرون شعرة بيضاء.

مات صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين عند الزوال يعني عند الظهر في السنة الحادية عشرة وبهذا سقط القمر الأول الذي مر معنا في الرؤيا لما رأت عائشة تلك الرؤيا إني رأيت ثلاثة أقمار سقطن في حجرتي، قال أبو بكر رضي الله عنه كما في رواية عند مالك قال هذا هو خير أقمارك الذي سقط في حجرتك.

الخلاصة:

لا أحد يغتر في هذه الدنيا، لا بمال ولا بمنصب ولا بجاه ولا بقوة، ولا بأي شيء من أمور هذه الدنيا.

مات صلى الله عليه وسلم {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} {أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ}

أسأل الله أن يحسن خاتمتي وخاتمتكم.