فوائد مجهولة وسنن مهجورة ــ الجزء الرابع

فوائد مجهولة وسنن مهجورة ــ الجزء الرابع

مشاهدات: 1050

فوائد مجهولة وسنن مهجورة ــ الجزء الرابع

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــ

( أما بعد فيا عباد الله )

ما زال الحديث يتبع بعضه بعضا في ذكر أحاديث تضمنت إما فوائد مجهولة أو سننا مهجورة

( فمن الفوائد )

أن من السنة :  إذا قدم المسلم من سفره أن أول من يتلقاه هم أطفال بيته

جاء في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن جعفر رضي الله عنه :

( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ تُلُقِّيَ بِصِبْيَانِ أَهْلِ بَيْتِهِ)

 

 ( ومن الفوائد )

أن من السنة :إذا أراد إنسان أن يسافر أن يُودَّع ، وإذا وُدِّع فإن المُودِّع لا ينزع يده من يد المودَّع حتى ينزعها المسافر ،  جاء عند الترمذي : ( كان النبي إذا ودع رجلا أخذ بيده، فلا يدعها حتى يكون الرجل هو الذي يدع يد النبي )

فلم يكن يجذبها صلوات ربي وسلامه عليه.

 

( ومن الفوائد )

أن من السنة في حق من أحب أن يمسك عصا بيده : أن يتخذها من العراجين التي هي غصون النخل التي ينبت عليها التمر ، لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في المسند وسنن أبي داود عن أبي سعيد رضي الله عنه :

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعْجِبُهُ الْعَرَاجِينُ أَنْ يُمْسِكَهَا بِيَدِهِ )

 

( ومن الفوائد )

وهي مناسبة في مثل هذا العصر لكثرة القراء الذين أعطوا حسناً في قراءة القرآن في الصلوات ، عليهم أن يحذروا من الرياء والنفاق ، فإنه أسرع إليهم من غيرهم ، ولذلك صح عنه عليه الصلاة والسلام كما في المسند من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما :

( أَكْثَرُ مُنَافِقِي أُمَّتِي قُرَّاؤُهَا )

 

( ومن الفوائد )

أن الناس تركوا سنة وهي : قتل الوزغ ويسمى عند بعض الناس الظاطور تُرِك قتله ، وهذا من الخطأ ومن المخالفة للسنة ، بل من قتله في أول قتلة فله أجر عظيم ، جاء عند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم :

( مَنْ قَتَلَ وَزَغًا فِي أَوَّلِ ضَرْبَةٍ كُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَفِي الثَّانِيَةِ دُونَ ذَلِكَ وَفِي الثَّالِثَةِ دُونَ ذَلِكَ )

 

( ومن الفوائد )

أن من يُحمِّل على البهائم ولاسيما الجمال لا يحمل على مؤخرتها ولا على مقدمتها ، هذا ليس من الإرفاق بالحيوان ، بل السنة الواردة أن يوضع الحَمْلُ على وسط ظهر البعير ، قال النبي صلى الله عليه وسلم كما عند البزار من حديث أبي هريرة رضي الله عنه :

( أَخِّروا الأحمالَ فإن الأيدى مُغْلقةٌ والأرجلَ مُوثقةٌ  )

يعني أن يدي الجمل موثقة وكذلك المؤخرة ، فعلى المسلم أن يرفق بهذا الحيوان وألا يضع حمله عليه إلا على وسط ظهره ، وهذا يدل على أن الإسلام سبق العالم الغربي الذي يدَّعي الرفق بالحيوان .

 

 

( ومن الفوائد )

أن من السنة : ألا يستقصي اللبن الموجود في ضرع البهيمة بل يدع شيئا منه ، لم ؟

 لأن هناك فائدة وهي أن هذه البقية من هذا اللبن تجذب وتجلب غيرها من هذه البهيمة ، ولذلك في المسند من حديث ضرار بن الأزور قال صلى الله عليه وسلم :

( دَعْ دَاعِيَ اللَّبَنِ  )

يعني اترك بقية من اللبن في ضرع البهيمة .

 

( ومن الفوائد )

أن من السنة : ألا يشرب الساقي للقوم من قهوة أو  من شاي أو من عصير لا يشرب أولهم ولا في ثناياهم ، بل يكون هو آخر واحد يشرب ، قال صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم من حديث أبي قتادة رضي الله عنه :

( إِنَّ سَاقِيَ الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا)

هناك حديث يمكن أن يشكل على بعض الناس لقربه من هذا  وهو  ( خَادِمُ الْقَوْمِ سَيِّدُهُمْ ) هذا الحديث ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم  .

 

( ومن الفوائد )

أن المسلم إذا شرب أي شراب من ماء أو عصير أو لبن أو نحوه عليه أنيشرب ثلاث مرات ” يقول بسم الله في الأولى وفي آخر شربته يقول الحمد لله ، هذه شربة أولى ، الشربة الثانية يقول ” بسم الله ثم يحمد الله عز وجل في آخرها ، ثم يشرب الشربة الثالثة من الإناء ويقول ” بسم الله ثم يحمد الله “

لما جاء عند ابن السني وغيره من حديث نوفل بن معاوية :

( كان رسول الله يشرب بثلاثة أنفاس، يسمي الله عز وجل في أوله، ويحمده في آخره. )

وقد صححه ابن حجر والألباني رحمهما الله وغيرهما .

 

( ومن الفوائد )

أن الإناء أو الفنجان أو القدح إذا انكسر : لا يسن أن يشرب من الثلمة ، جاء عند الطبراني من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه :

( أن النبي نهى أن ينفخ في الشراب وأن يشرب من ثلمة

القدح)

لم ؟

إما لأن هذه الثلمة قد تجرحه .

وإما وهو الأظهر أن الزهومة من الدسم تبقى في هذه الثلمة فلا يستطيع الماء حين غسل الإناء أن يزيلها ، وهذا يدل على أن الإسلام حريص على النظافة .

 

( ومن الفوائد )

وهي سنة مهجورة وهي :

إذا أعطاك المسلم وسادة وهي ما نسميه بـ ( المركاة ) السنة ألا تردها ، وإذا أعطاك لبناً لا ترده

قال النبي صلى الله عليه وسلم كما عند الترمذي :

(ثَلَاثٌ لَا تُرَدُّ : الْوَسَائِدُ، وَالدُّهْنُ ) وليس هو السمن أو الشحم – لا – وإنما الدهن هو الطيب .

( ثَلَاثٌ لَا تُرَدُّ : الْوَسَائِدُ، وَالدُّهْنُ، وَاللَّبَنُ  )

 

( ومن الفوائد )

أن من السنة أن نحرص على : الشراب الحلو البارد

النبي صلى الله عليه وسلم كما في المسند وسنن الترمذي من حديث عائشة رضي الله عنها قالت :

( كَانَ أَحَبَّ الشَّرَابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحُلْوُ الْبَارِدُ)

 

( ومن الفوائد )

وهي سنة تكاد أن تندثر في بيوتنا لاسيما في هذه السنوات القريبة وهي أن أهل البيت لا يجتمعون على الطعام ، كل يأكل بمفرده ” هذا يأخذ من البقالة وهذا يأخذ من البوفيه ، هذا شعار بيوت المسلمين في مجتمعنا السعودي الذي يكاد أن يكون عاماً ، وهذا مخالف للسنة ، في حديث وحشي بن حرب رضي الله عنه في المسند وسنن أبي داود ، قال صلى الله عليه وسلم

( اجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ  )

وعند ابن حبان من حديث جابر رضي الله عنه :

( أحَبُّ الطَّعامِ إِلَى الله مَا كَثُرَتْ عَلَيْهِ الأيدي )

 

( ومن الفوائد )

وهي سنة مهجورة :

أن البعض من الناس إذا فرغ من الطعام لا يلعق أصابعه ، وإنما يبادر بمسحها بالمنديل

والسنة أن يَلعقها أو يُلعقها غيره ممن لا تتكدر ولا تتقزز نفسه بذلك ، كالزوجة أو الولد أو نحو ذلك ، وهذا قد يكون بعيدا في مثل هذا العصر ، لكن قد يقبل مثل هذا زوجة الإنسان ، جاء في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال صلى الله عليه وسلم :

( إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ، فَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا أَوْ يُلْعِقَهَا  ) يعني يُلعقها غيره

 

( ومن الفوائد )

أن بعضا من الناس يترك سنة واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أنه يجهلها وهي أنه إذا أعطى أعطى بشماله ، وإذا أخذ أخذ بشماله هذا خطأ ، جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( لِيَأْكُلْ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ، وَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ، وَلْيَأْخُذْ بِيَمِينِهِ، وَلْيُعْطِ بِيَمِينِهِ ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ، وَيُعْطِي بِشِمَالِهِ، وَيَأْخُذُ بِشِمَالِهِ  ) صححه الألباني في الصحيحة

( ومن الفوائد )

أن بعض الناس يتركون سنة ولاسيما إذا كان متعبا مرهقا ، فإنه إذا أكل وجبة دسمة سواء كانت في القيلولة أو في الليل ولاسيما في القيلولة لا يغسل يده ، هذا ليس من السنة ، النبي صلى الله عليه وسلم قال كما عند ابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه :

( إِذَا نَامَ أَحَدُكُمْ، وَفِي يَدِهِ رِيحُ غَمَرٍ) يعني دسم ( وَفِي يَدِهِ رِيحُ غَمَرٍ فَلَمْ يَغْسِلْ يَدَهُ، فَأَصَابَهُ شَيْءٌ، فَلَا يَلُومَنَّ، إِلَّا نَفْسَهُ)

( ومن الفوائد )

أن بعضا من الناس يخالف السنة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في جلسته للأكل ، في صحيح البخاري قال صلى الله عليه وسلم من حديث أبي جحيفة :

( أما أنا، فلا آكلُ متكئًا )

ليس من السنة إذا أكلت شيئا أن تتكئ ، والاتكاء أنواع :

إما أن تتكئ بيدك اليسرى على متكأ وتأكل باليمنى .

وإما – كما هو فعل كثير من الناس – يضع يده اليسرى متكئا بها على الأرض ويأكل بيمينه .

هل التربع من الاتكاء أم لا ؟

الصواب من قولي العلماء : أن التربع ليس من الاتكاء المنهي عنه ، والتربع لا يدخل ضمن الاتكاء .

 

( ومن الفوائد )

وهي سنة مهجورة : أن بعضا من الناس إذا أكل طعاماً لا يأكل من جوانبها وإنما يأكل من أوسطها ولاسيما الأطفال ، ولابد أن نربي الأطفال ، النبي صلى الله عليه وسلم قال كما في المسند من حديث ابن عباس رضي الله عنهما :

( كُلُوا فِي الْقَصْعَةِ مِنْ جَوَانِبِهَا، وَلَا تَأْكُلُوا مِنْ وَسَطِهَا ؛ فَإِنَّ الْبَرَكَةَ تَنْزِلُ فِي وَسَطِهَا )

 

( ومن الفوائد )

وهي سنة تكاد أن تندثر عند الشباب :

أنهم لا يحبون التمر بل ترى أن التمر قد استعيض عنه بالحلويات في بيوتنا ، ولا ندري ماذا سيكون في المستقبل إذا استمر هذا الرخاء على بلادنا ما ندري ربما أن البيوت تخلو من التمور ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال كما في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها :

( بَيْتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ )

وأنا أعرف بعض الشباب من حين ما وُلد إلى الآن وعمره يصل إلى العشرين أو ما دونها لم يأكل تمرة في حياته .

 

( ومن الفوائد )

أن من السنة : إذا أكل الإنسان تمرا أن يفتشه لاسيما إذا كان قديما ، ولله الحمد الناس في سعة ، ولكن ربما يأتي على الناس ضيق في أي مكان آخر في غير بلادنا ، أو يحصل للإنسان حالة عارضة كأن يكون في البر أو ما شابه ذلك ، فيجد تمرا ، فالسنة أن يفتش هذا التمر وأن يخرج السوس والدود منه ، يدل على ذلك : حديث أنس رضي الله عنه كما عند أبي داود :

( أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرٍ عَتِيقٍ، فَجَعَلَ يُفَتِّشُهُ يُخْرِجُ السُّوسَ مِنْهُ )

وما ورد من حديث ( أن النبي نهى عن تفتيش التمرة ) هذا لا يصح .

 

( ومن الفوائد )

وهي ظاهرة ليست بطيبة ولاسيما عند بعض أهل ” مزاين الإبل أن الأطعمة تكثر كثرة تزيد عن حاجة المدعوين بآلاف المرات ، كل هذا ليس من أجل إطعامهم وإنما من أجل التعاظم بحيث لا يكون غيره مما يشاكله في هذا الأمر أن يكون هو أعلى منه ، وبالتالي فإن السنة في حقك إذا حضرت مثل هذه الأطعمة ألا تأكل منها شيئا ، جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما كما في سنن أبي داود :

( إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ طَعَامِ الْمُتَبَارِيَيْنِ أَنْ يُؤْكَلَ )

قال العلماء : هما المتعارضان بفعلها في الطعام لكي يمتاز أحدهما على الآخر  لكي يغلبه .

وللحديث تتمة إن شاء الله في الجمعة القادمة حول هذا الموضوع .

الخاتمة : ………………….