تفسير سورة ( الشمس )
الدرس (278 )
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــ
تفسر سورة الشمس..
{وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}
{ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا } أقسم الله بالشمس وضحاها يعني وضيائها نورها {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2)} يعني إذا تبع الشمس
{وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا } يعني جلى وأظهر الشمس؛ لأنها هي المذكورة، وقيل {وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا } يعني جلى الظلمة يعني بناء على شي ء غير مذكور لكن السياق عن الشمس.
{ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا } يعني يغطي ماذا؟ الشمس إذا جاء يغطي الشمس.
{ وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا } يعني والذي بناها، وهو الله إذا كانت هنا موصولية أو تكون مصدرية والسماء وبنيانها، { وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا } يعني بسطها { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا } { وَنَفْسٍ } يعني كل نفس {وَمَا سَوَّاهَا } وحسن خلقتها وأتم تسوية خلقها، وما هنا المذكورة في هذين الموضعين مثل ما ذكرنا في الموضع السابق.
{ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)} قال هنا {فَأَلْهَمَهَا} قال بعض المفسرين يعني بين لها فجورها وتقواها يعني طريق الفجور، وطريق التقوى، وقيل { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } يعني وفق هذا للتقوى، ووفق هذا للفجور، ولا تعارض بينهما؛ لأن الإنسان إذا اهتدى فإنما ذلك بتوفيق الله، وإذا ضل فإنما ذلك بأمر الله وبحكمة الله.
{ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا } بعض المفسرين يقول { مَنْ زَكَّاهَا } يعني من زكى الله هذه النفس، من زكاها الله، { وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا } يعني من أضلها الله، وقيل إنه راجع إلى المخلوق ذاته قد أفلح المخلوق الذي يزكي نفسه، { وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا } يعني أخفاها دل هذا على أن الضلال يجعل الإنسان في نزول في خفاء، وفي ستر، ولا تعارض بين القولين لأن ما يفعله العبد كما قال الله { لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)}
{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (11) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا (12) فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (13) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (14) وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (15)}
{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا} سبحان الله هنا تذكير لكفار قريش، وذكر ثمود باعتبار ما ذكرناه في أواخر سورة البروج لماذا نصَّ على ثمود {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا} قيل بسبب طغيانها، وقيل بالطاغية التي حصلت لهم كما قال تعالى { فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ }
{ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (11) إِذِ انْبَعَثَ } دل هذا على أنه أسرع هذا الرجل الشقي، { إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا } يعني أشقى القوم كما قال تعالى {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ }
{ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ } وهو صالح عليه السلام { نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا } يعني احذروا أن تسموا ناقة الله، واحذروا أيضا أن تتعدوا على اليوم الذي تشرب فيه { قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ }
{ فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا } فكذبوه يعني لم يؤمنوا به { فَعَقَرُوهَا } يعني فذبحوها { فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ } أطبق عليهم ربهم {بِذَنْبِهِمْ } بسبب ذنبهم { فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا } يعني فسواها على الكل، فلم ينج أحد من هؤلاء الكفار، { وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا } هو عز وجل القوي الملك ولا يخاف من أحد ماذا؟ أن يأخذ بثأرهم { وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا } وقيل ولا يخاف هذا العاقر لما أقدم عليها ما يخاف عاقبة هذا العقر، وإن كان هذا لا مانع من دخوله لكن الأول هو أظهر.