شروط من يلزمه الصوم ( 2 )

شروط من يلزمه الصوم ( 2 )

مشاهدات: 466

شروط من يلزمه الصوم ( 2 )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :

أما بعد :

أحبتنا في الله : قلنا إذا ثبت دخول الشهر فإن الصوم يلزم كل ( مسلم – بالغ – عاقل – قادر – مقيم – سالم من الموانع )

وتحدثنا عن نقائض هذه الجُمل مختصرا ، وتحدثنا عن الجملة الأولى مفصلا ألا وهي كلمة ( المسلم ) .

إذاً ممن يلزمه الصوم ( البالغ ) والبالغ ضده الصغير ، فالصغير إن كان تحت سن السابعة فليس بمميز وبالتالي لو صام لا يصح صومه ، أما إذا بلغ سبع سنين فإنه يؤمر بالصيام حتى يتعوَّد عليه ، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم ( يُصوِّمون أبناءهم ممن بلغ سبع سنين)  يعني أنهى سن السابعة ، أما من كان في سن السابعة ولم ينته منها ولم يدخل في السنة الثامنة فليس بمميز ، من بلغ سبع سنين يعني من أنهى سبع سنين ودخل في سن الثامنة ، فكانوا رضي الله عنهم ( يصوِّمون أبناءهم حتى يتعودوا على الصيام ، فكان الواحد منهم إذا  بكى أعطوه اللعبة من العِهْن )  يعني من الصوف ( يتلهى بها حتى يأتي الإفطار ) ومن هنا نعلم خطأ بعض النساء حيث يأمرن أبناءهن الصغار ممن يريد الصوم أن يفطروا ، وهذا  خطأ ، فالواجب على من له ولاية على الصغار أن يعودهم على الخير ، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال ( مروا أولادكم بالصلاة لسبع ) حتى يعتاد عليها .

           وينشئ ناشئ الفتيان منَّا

على ما كان عوَّده أبوه

 

أما كون بعض النساء أو بعض الأمهات يُشفقن على أولادهن هذه في الحقيقة ليست شفقة وإنما هذه تربية غير سليمة وغير صحيحة لهؤلاء الناشئة

 

إذاً ممن يجب عليه الصوم البالغ ، وضده الصغير ، فمن لم يميز لا يؤمر ، أما من ميز فبلغ سن السابعة فإنه يؤمر بالصيام تعويدا عليه .

كيف يحصل البلوغ ؟ كيف يعرف بأن هذا الشاب قد بلغ ؟

في اللغة العربية [ طفل – ومميز – ومراهق – وشاب – وكهل – وشيخ – وهرِم ]

الطفل : مَنْ لم يبلغ سبع سنين .

المميز : من بلغ سبع سنين .

المراهق : من قارب البلوغ ، بعض الناس يظن أن المراهق هو من بلغ ، هذا في عرفنا لكن في اللغة العربية المراهق من قارب البلوغ .

الشاب : من البلوغ إلى سن ثلاث وثلاثين ، وقيل إلى ثلاثين ، إذاً من تجاوز سن ثلاث وثلاثين فقد دخل في وصف الكهولة ، بعض الناس يظن أن الكهل هو من عُمِّر سنينا ، هذا خطأ .

الكهل : من بلغ ثلاثا وثلاثين سنة حتى الخمسين ، يسمى كهلا  .

الشيخ : من بلغ الخمسين إلى السبعين وقيل إلى الثمانين .

الهرم : من تجاوز السبعين أو الثمانين على قول ، وليس كما هو عند بعض الناس أن الهرم هو المُخرف – لا – المخرف لو أقل من سبعين سنة وزال عقله يعتبر مخرفا .

إذاً طفل : من لم يبلغ سبع سنين .

مميز : من بلغ سبع سنين .

مراهق : من قارب البلوغ .

الشاب :  من بلغ إلى سن ثلاث وثلاثين سنة .

الكهل  :  من ثلاث وثلاثين سنة إلى الخمسين .

الشيخ  :  من الخمسين إلى السبعين وقيل إلى الثمانين .

هرم    : من السبعين أو الثمانين فما فوق .

هذا من حيث اللغة العربية ، لكن من حيث أعرافنا فهي تختلف .

كيف تعرف أن هذا قد بلغ ؟

بثلاثة أمور : وهذه يشترك فيها الرجل والمرأة

العلامة الأولى : إنزال المني ، بأي طريقة سواء كانت طريقة جائزة أو محرمة ، فمتى ما أنزل المني بأي طريقة فقد بلغ ، وإن كانت الوسيلة محرمة فهو آثم ولكن يحكم ببلوغه إذا أنزل المني ولو لم يبلغ سن الخامسة عشرة .

العلامة الثانية : نبات شعر خشن حول القبل ولو لم يبلغ سن الخامسة عشرة .

إذاً  أول ما ننظر ، ننظر هل نزل منه المني أو نبت شعر خشن حول قبله فإن حصل شيء من ذلك حكمنا ببلوغه ، فإن لم يحصل شيء من ذلك ننتظر حتى يبلغ سن الخامسة عشرة فإذا بلغها حكمنا ببلوغه .

المرأة تزيد على الرجل بأمر رابع وهو ( الحيض ) فلو حاضت البنت وعمرها تسع سنين فقد بلغت فيلزمها ما يلزم البالغات المكلفات ويجري عليها القلم وتأثم على ما ترتكب من المحرمات وما تتركه من الواجبات ، ومن هنا يجب على الأمهات أن ينبهن بناتهن فإن البنت لو لم تبلغ خمس عشرة سنة متى ما نزل معها دم الحيض في أي سن فإنها تعتبر في عداد المكلفات البالغات يجري عليها ما يجري على الكبيرات

وممن يلزمه الصوم أيضا ( العاقل ) وضده المجنون ، فإن المجنون لو صام فلا يصح صومه لأنه لا عقل له .

ومثله ( المُخرِّف ) الذي زال عقله فهذا لا يصح منه الصوم .

بعض الناس يميز أياما وأياما يخرِّف ، فيُلزم بالصوم أيام التمييز وأما وقت التخريف فلا يلزمه شيء ، فلو كان مخرفا ليس معه عقل فهذا لا صيام عليه ولا إطعام قال عليه الصلاة والسلام ( رفع القلم عن ثلاثة ) ذكر منهم ( المجنون حتى يفيق ) فإذاً المخرَّف ، المهذري ، هذا لا يلزمه شيء لا صيام ولا إطعام رفع عنه القلم ، أما لو ميز أحيانا وخرَّف أحيانا أي في بعض الأيام يكون معه عقله وفي بعض الأحيان يزول عقله ، فيلزم بالصوم وقت التمييز ولا يلزم وقت التخريف .

أيضا تأتينا مسألة مهمة جدا في هذا الزمن عافانا الله وإياكم من كل بلاء ، وكثرت الأمراض وهذا مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم لما قال للصحابة كما ثبت في سنن ابن ماجة ( خمس أعوذ بالله أن تدركوهن ) ذكر منها ( ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بها إلا ظهرت فيهم الأوجاع والأمراض التي لم تكن في أسلافهم الذي مضوا) الآن عندنا أمراض – نسأل الله العافية متنوعة ومتعددة ولم يعرفها آباؤنا ولا أجدادنا مرض ( السرطان – الجلطة – الضغط – السكر ) أمراض متنوعة عافانا الله وإياكم منها ، بعض الناس تأتيه جلطة فيغيب عقله عشرة أيام وبعضهم يجلس شهورا ، فهذا لا صيام عليه ولا إطعام ، فلو أفاق لا يلزم بصلاة ولا بصيام لأنه مرفوع عنه القلم .

فإذاً  من أصابه مرض مثل مرض الجلطة – عافانا الله وإياكم – فتغيب عقله أياما فإنه إذا أفاق لا يلزم بصيام ولا بصلاة لأنه مرفوع عنه القلم فهو في حكم المجنون ، قال النبي عليه الصلاة والسلام كما في السنن ( رفع القلم عن ثلاثة ) ذكر منهم المجنون حتى يفيق .

إذاً : تحدثنا من يلزمه الصوم ( المسلم – البالغ – العاقل ) يبقى عندنا ( القادر – المقيم – السالم من الموانع ) وهذا ما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في الدروس القادمة ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .