فتاوى ( حديثية )  س ( 28 ) : ما صحة حديث: (من نام بعد العصر فاختُلس عقله  فلا يَلومنَّ إلا نفسَهُ) ؟ وقصة الليث لما نام بعد العصر

فتاوى ( حديثية )  س ( 28 ) : ما صحة حديث: (من نام بعد العصر فاختُلس عقله  فلا يَلومنَّ إلا نفسَهُ) ؟ وقصة الليث لما نام بعد العصر

مشاهدات: 450

( فتاوى حديثية )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

 س ( 28 ) :  ما صحة حديث: ( من نام بعد العصر فاختُلس عقله  فلا يَلومنَّ إلا نفسَهُ ) ؟ وقصة الليث لما نام بعد العصر

الجواب :

حديث: ( من نامَ بعد العصرِ فاختُلِسَ عقلُهُ فلا يَلومنَّ إلا نفسَهُ )

هذا الحديث أخرجه ابنُ حِبَّان في الضعفاء، وفيه خالد ابن القاسم: ضعيف جدا

وأيضا فيه ابن لهيعة، وابنُ لهيعة: سيءُ الحفظ ولا تثبُت روايتُه إلا ما يتعلق بالعبادلة، ولعله يأتي ما يتعلق بهذه الحيثية عن ابن لهيعة.

فالحديث لا يصح، وقد جاء عند البخاري في الأدب المفرد من قول خوَّات بن جُبير -رضي الله عنه- من قول هذا الصحابي وهذا ثابت عنه وصحيح- قال:

( النومُ أولَ النهار خَرَقٌ ) الخَرَق: يعني أنه لم يعرف مصلحةَ نفسِهِ لأن هذا الوقت وقت للسعي في الرزق في أول النهار.

( النومُ أولَ النهار خَرَقٌ، وأوسَطَهُ خُلُقٌ ) وهذا ما يدل على فضل القيلولة.

( وآخِرَهُ حمقٌ ) يعني النوم آخر النهار.

الحُمقُ هو: وضع الشيء في غيرِ موضِعِهِ، لكن بعض الناس ربما أنه لا يتسنى له أن ينام بعد الظهر لأعمالِهِ الرسمية أو الوظيفية أو لأيِّ غرضٍ من الأغراض، فيرى أنه يرتاح بعدَ العصر، فلا إشكالَ في ذلك لأن الحديث:

 ( من نامَ بعد العصرِ فاختُلِسَ عقلُهُ فلا يَلومنَّ إلا نفسَهُ ) هذا كما سلف/ ضعيف.

وقول هذا الصحابي -رضي الله عنه- يُبين فضيلة النوم في كلِّ وقت، لكن بعض الناس ما يتسنى له إلا النوم بعد العصر، ولذلك:

الليث بن سَعد المِصري لما روي أنه نام بعد العصر في شهرِ رمضان، قيل له:

لقد حدثنا ابنُ لهيعة..، فذكر الحديث؛ فقال الليث بن سعد:

(وكيف أدع ما ينفعني لحديث ابنِ لَهيعَة! )

لأنه يرى أن هذا الحديث حديثٌ ضعيف ولا يُحتجُّ به، إذ لو كان صحيحا لأخذ به الليث، والليث من الأئمة الثقات الأثبات، قال عنه الإمام أحمد: ( ثقةٌ ثَبْت ) بل قال عنه الإمام أحمد:

( ليس في شيءٍ من أحاديث أهل مصر أصح حديثا من الليث )

ولذلك هو إمام، بل يُعَد من أشباه ونُظراء الإمام مالك رحمةُ اللهِ عليهم.