ما صحة من يقول أتمنى لك النجاح والتوفيق دعاء عليك وإنما الصواب أرجو لك ؟

ما صحة من يقول أتمنى لك النجاح والتوفيق دعاء عليك وإنما الصواب أرجو لك ؟

مشاهدات: 454

ما صحة من يقول أتمنى لك النجاح والتوفيق دعاء عليك وإنما الصواب أرجو لك ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يمكن أن ينظر في مثل هذا ممن منع ذلك فقال لا تقل أتمنى لك النجاح لأنك تدعو عليه ربما المستند له فرق لغوي بين التمني والرجاء فالتمني يكون في المستحيل ، ويكون في الشيء العسير بينما في الرجاء يكون في الشيء الممكن فلعله أراد أنك إذا قلت أتمنى لك النجاح أو أمنياتي لك بالتوفيق كأنك تدعو عليه ، لم ؟

لأن التمني لا يكون إلا في الشيء المستحيل أو في شيء عسير وفي الحقيقة أن التمني يكون في الشيء المتسحيل كما قال الشاعر :

ألا ليت لأن ليت من أدوات التمني

ألا ليت الشباب يعود يوما       فأخبره بما فعل المشيب

هذا مستحيل أن يعود الشباب

أما الشيء الذي هو عسير يمكن أن يحصل لكنه عسير مثل ما قال أولئك  { يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ } لكن يمنع الناس من قول أتمنى لك النجاح أو أمنياتي لك بالتوفيق وإنما يقصر على قول أرجو لك النجاح فإن هذا فيه مخالفة من عدة وجوه :

الوجه الأول : أن أهل اللغة لم يتفقوا على ما ذكر من الفرق بين الرجاء والتمني ؛ لأن هناك من يرى أن التمني يكون رغبة من غير عمل بينما الرجاء يكون بعمل وذكر ذلك في قوله تعالى { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ } ذكر العمل ذكر على أنهم لا يعلمون بينما يتمنون ، بينما في الرجاء ذكر العمل { إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ } مع أنهم آمنو وهاجروا وجاهدوا مع ذلك عملوا يعملون ويرجون الله عز وجل

هذا من هذه الحيثية

الحيثية الثانية أنه ربما يأتي التمني في سياق الرجاء والرجاء في سياق التمني يعني مثل مجيء التمني في سياق الرجاء لأن ليت من أدوات التمني قول الشاعر :

 فيا ليت بيننا وبين أحبتي     من البعد ما بيني وبين المصائب

أتى بليت في سياق الرجاء مع أن ليت للتمني وقد يأتي الرجاء في سياق التمني لأن لعل للرجاء مثل ما قال الشاعر :

أسرب القطا هل من يعير  جناحه

 وضبط من يعير جناحه

          لعلي إلى من قد هويت أطير

أسرب القطا نوع من أنواع الطيور هل منكم من يعيرني جناحيه حتى أطير بهذين الجناحين إلى من أحببت

إذن قد يأتي الرجاء في سياق  التمني والعكس

الأمر الثالث : أن المقصود من الدعاء هو ما استحضره القلب ، ولذلك سئل ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى عن رجل قال لرجل لما دعا الله بدعاء فيه لحن يعني يرفع المنصوب وينصب المرفوع وجعل الفاعل منصوبا والمفعول مرفوعا يعني فيه لحن فقال هذا الرجل إن الله لا يقبل دعاء ملحونا فسئل شيخ الإسلام عن قول هذا الرجل من أن الله لا يقبل  دعاء به لحن ، قال هذا قائله آثم ومخالف لما جاء في الكتاب والسنة وما عليه السلف

بل إن المسلم عليه أن يدعو الله ويستحضر بقلبه ما يدعو الله  ؛ لأن الله يعلم مقصده ومراده ولذلك يقول من دعا الله وحرص على أن يأتي بهذا اللفظ باللغة العربية حتى لا يلحن يقول يشتغل بتقويم لسانه عن حضور قلبه يقول لأن الأصل في الدعاء أن يكون بالقلب واللسان تبع فإذا اشتغل في دعائه بتقويم لسانه اشتغل عن ما في قلبه ، ولذلك يقول إن المضطر يدعو الله بدعاء يفتحه عليه ما لم يكن يعلمه من قبل بل إن العلماء كما ذكر رحمه الله اختلفوا هل يجوز الدعاء بغير اللغة العربية أم لا ؟

 هناك خلاف وإن كان يرى بأن الدعاء بغير اللغة العربية جائز قال لأن الله يعلم ضجيج الأصوات بمختلف اللغات على تنوع الحاجات حينما أقول لك أتمنى لك التوفيق أو أمنياتي لك بالتقوفيق والسداد أنا لا أريد ان أدعو عليك أو أطلب من الله أن يحقق لك أمرا مستحيلا أو عسيرا ، لا ، هذا بخلاف ما عليه سلف هذه الأمة ولذلك لا يعول على هذا فلو قال الإنسان أتمنى لك التوفيق أو أميناتي لك بالتوفيق والنجاح فجائز ولا إشكال في ذلك ولو قال أرجو لك التوفيق والنجاح أيضا جائز .